هذا بحث شا في وكافي {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}
مواقف الصحابة وأعلام السلف من المتعة
ينسب الشيعة الإمامية تحليل المتعة إلى كثيرٍ من الصحابة والتابعين، بعد نهي عمر. وهذا كذبٌ صريحٌ كما سنرى عند التحقيق.
ابن عباس
لا يعرف عن صحابي بقي على المتعة بعد نهي عمر، إلا ابن عباس. ولم يظهر رأيه إلا في عهد متأخر كذلك. ومن الواضح أن ابن عباس لم يتابعه أحد من الصحابة، وإنما تفرد برأيه من بينهم. وإلا لما سار الركبان بفتوى ابن عباس، ورويت فيها الأشعار، وتندر بها الظرفاء.
فعن سالم بن عمر: قيل لابن عمر: «إن ابن عباس يرخِّص في متعة النساء». فقال: «ما أظن ابن عباس يقول هذا». قالوا: «بلى، والله إنه ليقوله». قال: «أما والله ما كان ليقول هذا في زمن عمر. وإن كان عمر ليُنَكّلَكُم عن مِثْلِ هذا. وما أعلمه إلا السِّفاح». وهذا غاية في الصحة. فانظر كيف يستبعد ابن عمر أن يقول ابن عباس مثل هذا. ولو كان قولاً شائعاً والخلاف فيه سائغاً، لما أنكر ذلك. وقد روي كذلك عن سالم: أتى ابن عمر فقيل له: «إن ابن عباس يأمر بنكاح المتعة». فقال: «معاذ الله! ما أظن ابن عباس يفعل هذا». فقيل: «بلى». قال: «وهل كان ابن عباس على عهد رسول الله إلا غلاماً صغيراً؟». ثم قال ابن عمر: «نهانا عنها رسول الله. وما كُنَا مُسافِحين».
فهذا دليلٌ على أن ابن عباس لم يجرئ على البوح بمذهبه على عهد عمر. ولو كان عنده دليلٌ عليه لتكلم. وإنما أظهر مذهبه على عهد عليّ فأنكر عليه ذلك وعنّفه وقال له: «إنك امرؤٌ تائه» (كما في الصحيح)، ولم يستطع ابن عباس أن يجيبه. وكذلك قال له ابن الزبير: «إن ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة». ولم يكن كل هذا التعنيف من الصحابة والإنكار من التابعين عليه، لولا أنه تفرد بهذا الرأي.
على أن ابن عباس لم يكن يجيز المتعة بإطلاقها، بل قيدها بالجهاد والحال الشديد وطول العزبة وقلة النساء. قال البخاري في «صحيحه»: حدثنا محمد بن بشار: حدثنا غندر: حدثنا شعبة، عن أبي جمرة قال: سمعت ابن عباس: سُئِلَ عن متعة النساء فرَخَّص، فقال له مولى له (لعله عكرمة): «إنما ذلك في الحال الشديد وفي النساء قلة؟». - أو نحوه-. فقال ابن عباس: «نعم». قال أبو بكر الإسماعيلي في «مستخرجه»: أنبأ يوسف القاضي: ثنا عمرو بن مرزوق: أنبأ شعبة، عن أبي جمرة، عن ابن عباس: أنه سُئِلَ عن متعة النساء، فقال مولى له: «إنما كان ذلك في الجهاد والنساء قليل؟!». قال: فقال ابن عباس: «صدق». ورواية الاسماعيلي أقوى، لأن الراوي لم يشك في اللفظ.
قال الجصاص: «وأيضاً قد قال ابن عباس (عن المتعة): «إنها ليست بنكاح ولا سفاح». فإذا كان ابن عباس قد نفى عنها اسم النكاح، وجب أن لا تكون نكاحاً. لأن ابن عباس لم يكن ممن يخفى عليه أحكام الأسماء في الشرع واللغة. فإذا كان هو القائل بالمتعة من الصحابة، ولم يرها نكاحاً ونفى عنها الاسم، ثبت أنها ليست بنكاح».
وقد أجمع العلماء على أن المتعة ليست زواجاً، وأنها لا تحصن الرجل أو المرأة، وأن المتمتعة ليست زوجة ولا ملك يمين. قال الشافعي: «قد أجمعوا أنها ليست زوجة ولا ملك يمين». وهذا مروي عن ابن عباس كذلك. إذ أخرج ابن المنذر من طريق عمار مولى الشريد (وثقه العجلي) قال: «سألت ابن عباس عن المتعة: أسِفاحٌ هيَ أم نِكاح؟». فقال: «لا سفاح ولا نكاح». قلت: «فما هي؟!». قال: «هي المتعة كما قال الله». قلت: «هل لها من عدة؟». قال: «نعم. عدتها حيضة». قلت: «هل يتوارثان؟» قال: «لا».
ومن البعيد جداً أن يأتي تشريع علاقة حلال بين الرجل والمرأة ليس بزواج ولا بملك يمين، ثم لا نجد ما يبين أحكام هذا التشريع من قرآن أو حديث صحيح أو حتى حديث موضوع! فلا نجد ذكراً لبعض أحكامه، إلا في النقل السابق الموقوف على ابن عباس. إلا إن كان ذلك الحكم منسوخاً، فلا غرابة أن لا يصلنا أي حديث في تفصيله، إذ لا جدوى من ذلك بعد ثبات التحريم.
جابر بن عبد الله
أخرج مسلم: حدثنا حامد بن عمر البكراوي: حدثنا عبد الواحد –يعني ابن زياد–، عن عاصم، عن أبي نضرة قال: كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آت فقال: «ابن عباس وابن الزبير اختلفا في المتعتين». فقال جابر: «فعلناهما مع رسول الله (ص)، ثم نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما».
قال النووي: «هذا محمول على أن الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ. وقوله «حين نهانا عنه عمر» يعني حين بلغه النسخ». قال ابن حجر: «فإن كان قوله «فعلنا» يعم جميع الصحابة، فقوله «ثم لم نعد» يعم جميع الصحابة، فيكون إجماعاً! وقد ظهر أن مستنده الأحاديث الصحيحة التي بيناها... وإنما قال جابر «فعلناها» وذلك لا يقتضي تعميم جميع الصحابة، بل يصدق على فعل نفسه وحده».
فإن قيل: هل يمكن تغيب سنة عن جابر وهو صحابي؟ أقول: نعم. لقد غاب عن علم عمر حكم الاستيذان، ووعاه أبو موسى وأبو سعيد وأبي. وكان حكم تحريم المتعة عند عمر وعلي وغيرهما، وغاب عن ابن عباس. وكان حكم الإجلاء عند ابن عباس، نسيه عمر سنتين فلما ذكر أجلى أهل الذمة. وكان حكم الجدة عند المغيرة بن شعبة ومحمد بن مسلمة، ولم يعلمه أبو بكر وعمر. وكان حكم ميراث الجد عند معقل بن سنان، وغفل عنه عمر. وابن عمر لم يلتفت إلى رواية إجارة كلب الزرع، وكان ذلك عند أبي هريرة محفوظاً. ولذلك قال الشافعي: «ما منا من أحد إلا وتعزب (أي تغيب) عنه سُنّة».
وقد سبق النقل أن عمر بن الخطاب إنما نهى عنها بسبب تحريم رسول الله (ص) لها. فقال: «والله لا أعلم أحداً يتمتّع وهو محصنٌ إلا رجمته بالحجارة، إلا أن يأتيني بأربعة يشهدون أن رسول الله أحلّها بعد إذ حرّمها». قال الطحاوي: «خطب عمر فنهى عن المتعة، ونقل ذلك عن النبي (ص)، فلم ينكر عليه ذلك منكر. وفي هذا دليل على متابعتهم له على ما نهى عنه».
عبد الله بن الزبير
أخرج مسلم من طريق ابن شهاب قال: أخبرني عروة بن الزبير، أن عبد الله بن الزبير قام بمكة فقال: «إن ناساً أعمى الله قلوبهم كما أعمى أبصارهم يفتون بالمتعة»، يعرض برجل (يعني ابن عباس). فناداه (يعني ابن عباس) فقال: «إنك لجلف جاف. فلعمري لقد كانت المتعة تفعل على عهد إمام المتقين»، يريد رسول الله (ص). فقال له ابن الزبير: «فجرب بنفسك، فوالله لئن فعلتها لأرجمنك بأحجارك».
معاوية بن أبي سفيان
أخرج عبد الرزاق (7|499): عن ابن جريج قال: أخبرني أبو الزبير قال: سمعت جابر بن عبد الله يقول: «استمتع معاوية ابن أبي سفيان مقدمة من الطائف على ثقيف بمولاة ابن الحضرمي يقال لها «معانة». قال جابر: «أدركَتْ معناة خلافة معاوية حَيّة».
قلت: فهذا صريحٌ أن استمتاع معاوية كان قبل التحريم، وليس في عهد عمر (وهو من أسمع الناس له) وليس في عهد خلافته.
أسماء بنت أبي بكر
إباحة التمتع بالنساءكانت فيغزاة الفتح على الصحيح أو في غزوة خيبرعلى قول ، ثم حرمت تحريماً أبدياً ، وأسماء رضي الله عنها كانت مزوجة إذ ذاك بالزبير بن العوام ، فإنها كانت أكبر من عائشة رضي الله عنها ،لأن إباحة المتعة إنما كانت في غزوة الفتح ، ولم يغادر النبي (ص) مكة حتى حرمهاإلى يوم القيامة ، ولم تكن أسماء رضي الله عنها قدكانت من ضمن الجيش في غزوة الفتح ،فلم تشهد الفترةالتي أبيحت فيها المتعة ولم تكن أصلاً لتسافر من غير محرم!
الحجة فيما ثبت عن رسول الله (ص) لا فيما فعله فرد من الأفراد
مع ملا حظة أما عن أن بن عباس رضي الله عنه ابن عم الرسول عليهما الصلاة والسلام قد توفي الرسول عليه وأله الصلاة والسلام وبن عباس فتي صغير قيل لديه عشر سنوات و قيل ثلاثة عشر وقيل خمسة عشر فكيف تظنه يعلم كل ما أحل الرسول عليه الصلاة والسلام أو كل ما حرم خاصة ان أمور النكاح ليس من المناسب ان يعلمها ما دون الحلم أو من شارف البلوغ وقد رأيت أن كبار الصحابة مع طول ملازمتهم للرسول عليه وأله الصلا ة والسلام؟