القصيدة الوضاحية في مدح السيدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها
قِفْ واستمع قولًا عظيم الشان **** في مدح زوج المصطفى العدنان
إذ قال عنها مثبتُ البرهان **** (ما شأن أُمّ المؤمنين وشاني)
(هُدِيَ المحبُّ لها وضَلَّ الشاني)
فاقت على كل النساء بنُبلها **** ولدَى العلوم بدت معالمُ طَوْلها
وإذا أردتَ بيانَ عِزَّةِ نيلها **** (إني أَقول مبينًا عن فضلها)
(ومترجِمًا عن قولها بلساني)
يا مدَّعي حُبّ المشفع أحمد **** خذ حُبّ حِبَّتِه شفيعك في غد
فإذا أبيتَ أقولُ قولَ مسدّد **** (يا مبغضي لا تأتِ قبر محمَّد)
(فالبيت بيتي والمكان مكاني)
أتظنّ تحظى مع قِلاكَ بمقصد **** حاشا فأنتَ إذًن بشرٍّ مُغْتدٍ
أوما ترى ما حزتُهُ بتأيُّدِ **** (إني خُصصتُ على نساء محمَّد)
(بصفاتِ بِرٍّ تحتهن معاني)
سَبقتْ خديجةُ واعترفتُ بفضلها **** وخصائصي في الذكر منبَعُ جَزلها
ونساءُ أحمدَ فقتُهن بجُلّها **** (وسبقتُهن إلى الفضائل كلِّها)
(فالسبق سبقي والعِنان عناني)
من ذا الذي قد حاز مثلَ مناقبي **** إذ كنتُ حِبَّةَ من أشاد مراتبي
فالسعدُ وافاني ونِلتُ مآربي **** (مرض النبيُّ ومات بين ترائبي)
(واليومُ يومي والزمان زماني)
من سار مثليَ في الخليقة سيرَه **** والسعد أنطقَ باعتلائيَ طَيْرَه
ما زلتُ أشكر للمهيمن خيرَه **** (زوجي رسولُ الله لم أر غيرَه)
(الله زوَّجني بِهِ وحباني)
قد زانني ربي بحسن سريرتي **** ولدى ذوي الإيمان حسَّنَ سيرتي
وأعزَّني الهادي ففقْتُ عشيرتي **** (وأتاهُ جبريلُ الأمينُ بصورتي)
(فأحبَّني المختارُ حين رآني)
فأنا الكريمة من غشاني برُّه **** قد زادني شرفًا وعزًّا فخرُه
من ذا يفاخرني وبيتي قبرُه **** (أنا بكرهُ العذراءُ عندي سرُّه)
(وضجيعُه في منزلي قمران)
فليَ الهنا أعلى المهيمنُ رُتبتي **** إذ بالحبيب بلغتُ غايةَ بُغيتي
وبسورة النور البهيَّة قِصَّتي **** (وتكلَّمَ اللهُ العظيمُ بحجَّتي)
(وبراءَتي في محكم القرآن)
وكذاكَ أوْعد من أراد مَذَلَّتي **** بالخزي والبلوى وأحسنَ نشأتي
وأعزَّني رغمًا لحُسن محَجّتي **** (واللهُ عظَّمني وعظَّم حرمتي)
(وعلى لسانِ نبيّهِ بَرَّاني)
تَبًّا لمن لخلاف ذلك يتذِي **** حسبي إلهي والمهيمنُ منقذي
فبِهِ نصرتُ على المنافق والبَذِي **** (واللهُ في القرآن قد لعنَ الذي)
(بعدَ البراءة بالقبيح رماني)
سبحان ربِّي إذْ قضى بتخَلّصي **** وأذلَّ أعدائي ودمَّر مُرْهصي
وأزال همِّي فاستحال تنغُّصي **** (والله وبَّخ مَنْ أراد تنقُّصي)
(إفكًا وسبح نفسَه في شأني)
فمعيشتي من بعد ذاك هنيئةٌ **** وحياةُ إخوان النفاقِ رديئةٌ
ولوامعُ البشرى عليَّ مضيئة **** (إني لمُحصَنَةُ الإِزار بريئةٌ)
(ودليلُ حُسنِ براءَتي إحصانِي)
هو كيف لا وعليَّ جادَ بنيله **** رَبِّي وأكرمني بأجزل طَوْله
ولحسن ظنِّي في الكريم وفضله **** (الله خصَّصني بخاتم رسله)
(وأذلَّ أهل الكفر والطغيان)
كيف التجاهُلُ عن مقام أوحد **** قد فقتُ أمثالي بغير تَردُّد
حَفَّت عنايته ففزت بسؤدد **** (وسمعتُ وَحْيَ الله عند محمَّد)
(من جبرئيل ونورُه يغشاني)
مَنْ ذا لهُ الإذلالُ عند جنابه **** مثلي ومَن قد حدثتْ بخطابه
ومنِ استقرتْ والأمينُ ببابه **** (أُوحِي إليه وكنت تحتَ ثيابه)
(فحنا عليَّ بثوبِهِ وحباني)
فالله نوَّر بالعلوم بصيرتي **** وقُصِدتُ بالفتوى ففقتُ بفَتْوَتي
زَمَنَ الأُلى فازوا بأعظم رتبةِ **** (مَنْ ذا يُفاخرني ويُنكر صحبتي)
(ومحمدٌ في حِجْره ربَّاني)
فأنا بعائشة سُمِّيتُ لِمَقْصِدٍ **** وأنا الحظيةُ قد حُظيتُ بسيِّد
وأنا النسيبَةُ قد سَمَوْتُ بمَحْتَدٍ **** (وأنا ابنةُ الصدِّيقِ صاحبِ أحمد)
(وحبيبهِ في السرِّ والإِعلان)
أبوايَ قد سبَقَا لديْن ممجَّدٍ **** وإلى المدينة هاجرا بتَوَدُّدٍ
فنشئتُ في الإِسلام نشأة مُسعدٍ **** (وأخذت عن أبويّ دينَ محمدٍ)
(وهما على الإِسلام مصطحِبان)
فالمجدُ مجدِي والسعادةُ مَنْصِبِي **** والعزُّ عزَّي والنجابةُ مَرْكَبي
والسعد سعدي والشهامة مَشْربي **** (والفخر فخري والخلافة في أبي)
(حسبي بهذا مَفخَرًا وكفاني)
وبأمرِ طَهَ قدَّموه بِسُجَّدٍ **** فَرَضُوا خلافتَه برأي مرْشِدٍ
فمشى على سَنَنِ المفضَّل أحمدٍ **** (وأبي أقامَ الدينَ بعد محمدٍ)
(فالنَّصل نَصلي والسِّنان سِناني)
مَنْ مِثْله أرضى النبيَّ بأُنسه **** وقَضى الأنامُ على محاسنِ حَدْسه
وأعَدَّ كلَّ الصالحاتِ لرمسه **** (نَصَف النبيّ بماله وبنفسه)
(وخروجِهِ معهُ من الأوطانِ)
يومَ النبيُّ إلى المدينة قد نوى **** ما سار إلَّا والدِي مَعهُ سوا
وَمَعِيَّةُ المولى بنصرٍ فاستوى **** (ثانيهِ في الغار الذي سدَّ الكُوَى)
(بِرِدائِهِ أكرِمْ به مِنْ ثان)
مُذْ حَلَّ مع طه تكامل مَغْنَما **** وبقولِ "لا تحزنْ" تشجَّعَ واحتما
فَعَلَتْهُ بعدُ سكينةٌ ممن سما **** (وتجلَّلتْ معه ملائكةُ السما)
(وأتتهُ بشرى الله بالرضوان)
ما زال يقْفُو فعلَ طه المجتبى **** ويسيرُ مهما سار مَعْهُ تحبُّبَا
فهو الذي في الله حَبَّ تقرُّبا **** (وجفا الغِنَى حتى تَجَلْبَبَ بالْعبا)
(زهدًا وأظعنَ أيَّمَا إظعان)
أمضَى لواءً للنبي بِنُبْلِهِ **** لتزولَ آثارُ الغُوَاة بطَوْله
وتدومَ أعلامُ الهداة بفضله**** (قَتَلَ الذي منع الزكاةَ بجهله)
(وأذَلَّ أهلَ البغي والعدوان)
فاق الصحابةَ كلَّهم بمكارمٍ **** إذ كان بحرَ معارفٍ ومراحمٍ
وأبا هدىً ونَدىً وصدقِ عزائمٍ **** (وهو الذي لم يخشَ لومةَ لائمٍ)
(في قتل أهل الكفر والطغيان)
أفتى الردى بشجاعةٍ بَذَلَ النَّدا **** أجلى الصدا بشهامةٍ قمع العدا
حَازَ المفاخرَ كم لذلك أرشدا **** (سبق الصحابةَ والقرابةَ للهدى)
(هو شيخهم في العدل والإِحسان)
حاوى فضائلَ في الأنامِ جزيلةٍ **** وخصالِ بِرٍّ خامرته جليلةٍ
مَنْ مثلُهُ يسمو بكلِّ جميلةٍ **** (واللهِ ما سبقوا لمثل فضيلةٍ)
(مثلَ استباق الخيل يوم رهان)
إلَّا أبي فيها كشمس سمائها **** أو مثلَ جوهرة زهت بضيائها
وكذاك ما راموا محلَّ سنائها **** (إلَّا وصار أبي إلى علْيَائها)
(فمكانُهُ منهم أجلُّ مكان)
فاللهُ أكرمه بأفضلِ رِفده **** إذ فاز بالهادي ففاق بسعدِهِ
فسما الذُّرَى مَنْ ذا يقولُ بردِّهِ **** (وإذا أراد الله نُصرَةَ عبده)
(مَنْ ذا يُطِيْقُ له على خِذلان)
واللهُ خَصّ أبي بخيرٍ نائبِ **** وأبادَ أعداهُ بسهمٍ صائبِ
خَلَفَ النبيَّ فكان أفضلَ نائبِ **** (جمع الإِلهُ المؤمنين على أبي)
(فاستبدلوا من خوفهم بأمان)
ذَا مَحْتَدِي مَنْ رامه فَلْيقْتني **** ليرى المقامَ فبالمحبةِ يعتني
فإذًا أقول لمن صَفَى وأحبَّني **** (مَنْ حبَّنِي فَلْيَجْتنِبْ مَنْ سبَّنِي)
(إن كان صانَ محبَّتي ورعاني)
جانِبْ مودَّةَ من ألمَّ بمبغض **** فالزَّينُ تسري فيه وَصمةُ مُمْرضِ
تَعِسَتْ محبةُ من يُلِمُّ بمعرضِ **** (فإذا مُحِبي قد ألمَّ بمبغِضي)
(فكلاهما في بغضنا سيَّان)
من ودَّني يحظى بعز مطرِبٍ **** والله يُسعفهُ بخيرٍ صيِّبٍ
أوَليس يعلمُ حِظْوَتي بمُطَيِّبٍ **** (إِني لَطَيِّبّةَ خُلِقتُ لطيّبٍ)
(ونساءُ أحمدَ أطيبُ النسوان)
فأنا التي مما يُشين سليمةٌ **** محفوظة قد زيَّنتني شيمة
وخصالُ برٍّ في الأنام وسيمة **** (إني لَصادقةُ المقال كريمة)
(إِيْ والذي ذلَّتْ له الثقلان)
وقد اصطفاني خالقي لصفيّهِ **** فحُمِيتُ من سوء الزمان وغيِّهِ
وكُسيتُ من فخر البها بسنيِّهِ **** (واللَّهُ حبَّبني لقلب نبيِّه)
(وإلى الصراط المستقيم هداني)
سعدٌ لمن قد وَدَّني وتأدّبا **** وبحبِّهِ الإِيمانُ فيه قد رَبا
قد بَشَّرَ المولى المحبَّ تقرُّبا **** (إِني لأُمُّ المؤمنين فمن أبَى)
(حُبِّي فسوف يَبوءُ بالخسران)
فأحِبَّنِي تحظى بكل كرامةِ **** واجزمْ بحسن براءَتي وسلامتي
وبطيبِ أصلي في الورى وشهامتي **** (والله يكرم من يُريد كرامتي)
(ويُهين ربي من أراد هواني)
واللهُ أتحفني بمِنَّة نَيْلِه **** وحبَا أحِبَّائي مواهبَ طَوْلِهِ
وأذلَّ أعدائي بسطوةِ عدلِهِ **** (والله أسألهُ زيادةَ فضلِهِ)
وحمدتُهُ شكرًا لما أولاني)
فاقبَلْ دعائي يا كريم بمقصدٍ **** وَاخْزِ العدا واجْزِ المحبَّ بسؤددٍ
هذا وذا نصحي لكل مؤيَّدٍ **** (يا من يلوذ بأهل بيت محمدٍ)
(يرجو بذلك رحمةَ الرحمن)
امْزُجْ محبَّتَهم بحبِّ هُدَى السُّبُلْ **** تنجو ففز بسنا محبَّتهم وصُلْ
وإذا أردتَ العزَّ من سَنَدِ الرسل **** (صِلْ أُمهاتِ المؤمنين ولا تحُلْ)
(عَنِّي فتُسْلَبَ حلَّةَ الإِيمان)
طوبَى لمن قد حَبَّ خِيْرَةَ أمجدٍ **** مِنْ صحبِهِ والآلِ صفوةِ منجدٍ
وجميعِ أزواجِ المشفعِ أحمدٍ **** (ويلٌ لعبدٍ خانَ آلَ محمدٍ)
(بعداوة الأزواجِ والأختان)
فأبِي معَ الفاروقِ عصمةُ ديننا **** وشهيدُهم عثمانُ مُذْهِبُ رَيننا
وعليٌّ الكرَّارُ نورُ يقيننا **** (أكرِمْ بأربعةٍ أئمةِ شرعنا)
(فهمُ لبيت الدين كالأركان)
حُبُّ الصحابةِ والقرابةِ تحفةٌ**** يا سعدَ من وافتهُ منها صُدْفة
عَطَفت عليه من المهيمن عطفة **** (بين الصحابة والقرابةِ أُلفةٌ)
(لا تستحيل بنزغة الشيطان)
مَن شامَ طه نال أبهى مُنيةِ**** فالصحب قد سُعِدُوا بتلك الحُظْوَةِ
فهمُ الكرامُ وهم قُصارَى بغيتي **** (نَسَجَتْ محبَّتَهم سَدَى في لُحْمتي)
(بنيانها من أثبت البنيان)
للهِ دَرُّهُم زكى إنفاقُهم **** في المُكْرَمات كما نما إرفاقهم
باعوا النفوسَ لمن لهُ أشواقُهم **** (رُحَمَاءُ بينهمُ صفت أخلاقهم)
(وَخَلَتْ قلوبُهُم من الشَّنَآن)
آلُ الرسول وصحبُهُ بلغوا العلا **** فمُحِبُّهم طُرًّا أصاب وفُضِّلَا
ومحِبُّ بعضٍ مخطئٌ سَنَنَ الملا **** (هم كالأصابع في اليدين تَوَصُّلَا)
(هل تستوي كفٌّ بغير بنان)
طوبى لهم في سَلْمهم وحروبهم **** فالله راضٍ عنهمُ لوُثوبهم
لله مَن أجلَى جميعَ كروبهم **** (واللهُ ألَّفَ بين وُدِّ قلوبهم)
(في بُغْض كل منافق طعَّان)
نالوا العلا إذ زيَّنتهم رأفَةٌ **** فلهم بجناتٍ أُعِدَّت غرفةٌ
فَمنِ الأُلى بهمُ تُفَرَّقُ أُلفةٌ **** (فدخولهم بين الأحبَّة كلفةٌ)
(وسِبابُهم سبب إلى الحرمان)
قد أكرم المولى الصحابَ بقربه **** لصفا طويَّتِهم بأفضلِ حزبه
طه المرجَّى في المعاد وكَربه**** (طوبى لمن وإلى جماعةَ صحبه)
(ويكون من أحبابه الحَسنَان)
هذي المعالي إنما هي فيضةٌ **** استنهضتْها للمكارم نهضةٌ
جمعت أوابدَ ما حوتها غيضة **** (خذها إليك فإنما هي روضةٌ)
(محفوفة بالرَّوح والريحان)
إنَّما رُباها بالمحامد مُفْعمٌ **** قد حف منشيها بسعدٍ مُكرمٌ
وحبا مخمِّسَها نجاحًا منعمٌ **** (تجلي النفوسَ إذا تلاها مسلمٌ)
(وعلى الروافض لعنةُ الرحمن)
يا رب أنجز بالمشفعِ قصدَنا **** واكْبِتْ أعادينا وجد بغنائنا
عمن سواك فأنت أنفعُ مقتنَى **** (هذَا ويا ربَّاه جد ليَ بالمنى)
(واغفر لناظمها أبي عمران)
وعُبَيْدَك القدسيَّ زدْ في أجرهِ **** واحرُس بنيه من الزمان وشره
واحمِ الجميعَ وكن لهُ في دهره **** (واجعل مكيدةَ مَنْ طغا في نحره)
(والْطُفْ بنا في السر والإعلان)
وامنن علينا بالقبول وبالرضا **** وبحسن يُسْرٍ واحْمِ من سوءِ القضا
واسبِلْ علينا السَّتْرَ واغفر ما مضى**** (واعْطِفْ علينا بالنبيّ المرتضى)
(واختمْ لنا بشهادة الإِيمان)
وامْنُنْ على كلٍّ بحسن مآلهِ **** والأهلِ والأحبابِ مع أنجالِهِ
والمسلمين ومَن سما بمقاله**** (صلَّى الإِلهُ على النبيِّ وآلهِ)
(فَبِهِمْ تتمُّ أزاهرُ البستان)
ما دِيمةٌ فوق الخمائل قد همت **** وكذا السلامُ على الجميع ومَن هدت
أنوارُهم للمكرمات وكَمَّلَتْ **** (والتابعين وتابعيهم ما شَدَتْ)
(في دَوْحةٍ وُرْقٌ على الأغصان)