ببساطة ، هذا هو مسند الإباضية
ببساطة ، هذا هو مسند الإباضية
يزعم شارح مسند الربيع بن حبيب الفراهيدي البصري (١) والذي سمي على طريقة يسمونها بغير اسمها "الجامع الصحيح" أنه أصح كتاب بعد كتاب الله حيث قال شارحه الشيخ عبد الله بن حميد السالمي :
( التنبيه الأول : اعلم أن هذا المسند الشريف أصح كتب الحديث رواية وأعلاها سندا وجميع رجاله مشهورون بالعلم والورع والضبط والأمانة والعدل والصيانة كلهم أئمة في الدين وقادة للمهتدين ) ا.هـ
ثم قال السالمي بعد ذلك : (وأما المنقطع بإرسال أو بلاغ فانه في حكم الصحيح لتثبت راويه ولأنه قد ثبت وصله من طرق أخر لها حكم الصحة فجميع ما تضمنه الكتاب صحيح باتفاق أهل الدعوة )
وأسأل علماء الإباضية منذ متى أصبح المنقطع متصلا ؟
وأي عقل يقبل هذا ؟
وأين هي الطرق الأخرى التي ثبت بها المنقطع في هذا المسند ؟
إنه سراب من يتبعه يجد الضياع !
السالمي يدرك أن المسند واه وفيه من الطوام الشيء الكثير وإنما قال ما قال بدافع الغيرة على مذهبه ، ورغبة في أن يكون للمذهب مسندا يفاخرون به ولو كان من سراب .
فأقول للإباضية إن الحق لايحتاج للكذب والمداراة ، فالدين محفوظ وجاء منسجما مع الفطر السليمة ، ولسنا كالنصارى الذين يسمعون من قساوسة الكنيسة أمورا لايقبلها العقل ولكنه مجبر على قبولها وعلى مضض ، فالقس يقول اسمع وأطع وعطل عقلك ولهذا لدى النصارى أسئلة لايجدون جوابها عند القساوسة وإنما وجدوها في كتاب الله حين بحثوا عنها بصدق .
و أسأل الإباضية هل بحثتم عن مدى صدق الشيخ السالمي في ثناءه ومدحه لرجال المسند وأنهم فعلا مشهورون بالورع والضبط والأمانة والعدل والصيانة وأنهم أئمة في الدين وقادة للمهتدين ؟
لا شك أن أسماء بعض الصحابة وخيار التابعين قد أقحموا في هذا المسند عنوة لإيهام القاريء بعلوه، ولكن هيهات لهم ذلك وسأعرض حديثا واحدا يبين أن السالمي لايعي ما يقول أو أنه كذاب أشر !
844- وأخبرنا بشر المريسي عن محمد بن يعلى قال : أخبرنا الحسن بن دينار عن خصيب بن جحدر عن اسحق بن عبدالله أن الحارث بن نوفل قال : قلت لابن عباس : سمعت أبا هريرة يقول : خلق الله آدم على صورته وهو ستون ذراعا.... الحديث ).
الربيع يروي عن بشر المريسي الذي ولد عام 138 هـ (2) !
قال الإمام الذهبي في السير بشر المريسي من أئمة الضلال و (انسلخ من الورع والتقوى)
قال الحافظ إبن حجر رحمه الله في كتابه (لسان الميزان) في ترجمة بشر المريسي :
(مبتدعٌ ضال، لاينبغي أن يروى عنه ولاكرامة، له تفقه على أبي يوسف فبرع وأتقن علم الكلام ثم جرد القول بخلق القرآن وناظرعليه ولم يدرك الجهم بن صفوان إنما أخذ مقالته واحتج بها ودعا إليها وسمع من حمَّاد بن سلمة وغيره. )
قال عباد بن العوام محدث واسط كلمت بشرا المريسي وأصحابه فرأيت آخر كلامهم ينتهي إلى أن يقولوا ليس في السماء شيء أرى أن لا يناكحوا ولا يوارثوا .(3)
قال عبدالله ابن الإمام أحمد : سمعت سوار بن عبدالله القاضي ، سمعت أخي عبدالرحمن بن عبدالله بن سوار قال :
كنت عند سفيان بن عيينة فوثب الناس على بشر المريسي حتى ضربوه ، وقالوا : جهمي
فقال له سفيان : يادويبة ! يادويبه ! ألم تسمع الله يقول ( ألا له الخلق والأمر )؟ فأخبر الله أن الخلق غير الأمر .
قيل لسوار : فأيش قال بشر ؟ قال : سكت ، لم يكن عنده حجة . (4)
هذه هي حال بشر المريسي ، فهل يرتضيه الإباضية أن يكون إماما من أئمة الهدى ؟
ذكر الإمام الذهبي أن بشر المريسي لم يدرك الجهم بن صفوان وإنما أدرك تلاميذ جهم فتلاميذ جهم نقلوا التجهم إلى بشر فتلقفه بشر وكان الجهم بن صفوان مرذولاً مخذولاً وقتل بسبب مذهبه.
وإليكم بعضا مما يكشف الوجه الكالح للجهم بن صفوان إمام وشيخ بشر المريسي :
قال ابن أبي حاتم حدثنا عبد الله بن محمد بن الفضل الأسدي حدثنا يحيى بن أيوب حدثنا أبو نعيم البلخي وكان قد أدرك جهما قال كان لجهم صاحب يكرمه ويقدمه على غيره فإذا هو قد صيح به ونذر به ووقع فيه فقلت له لقد كان يكرمك فقال إنه قد جاء منه ما لا يحتمل بينا هو يقرأ طه والمصحف في حجره فلما أتى على هذه الآية (الرحمن على العرش استوى ) قال لو وجدت السبيل إلى أن أحكها من المصاحف لفعلت فاحتملت هذه ، ثم إنه بينا هو يقرأ آية إذ قال ما أظرف محمدا حين قالها ثم إنه بينا هو يقرأ طسم القصص والمصحف في حجره إذ مر بذكر موسى فرفع المصحف بيده ورجليه وقال أي شيء هذا ذكره هنا فلم يتم ذكره .
وفي لفظ البخاري لهذه الرواية " فلما انتهى إلى ذكر قصة موسى قال : ماهذا ؟ ذكر قصته في موضع ، ثم ذكر ههنا فلم يتمها ، ثم رمى بالمصحف من حجره برجليه !!! فوثبت عليه "
قال ابن أبي حاتم حدثنا زكرياء بن داود بن بكر سمعت أبا قدامة السرخسي سمعت أبا معاذ خالد بن سليمان بفرغانة يقول: ( كان جهم على معبر ترمذ وكان فصيح اللسان لم يكن له علم ولا مجالسة لأهل العلم فكلم السمنية فقالوا له صف لنا ربك عزوجل الذي تعبده فدخل البيت لا يخرج منه ثم خرج إليهم بعد أيام فقال هو هذا الهوا مع كل شيء وفي كل شيء ولا يخلو منه شيء فقال أبو معاذ كذب عدو الله بل الله جل جلاله على العرش كما وصف نفسه ) (5)
يا إباضية ، هل صدق عبدالله بن حميد السالمي في كلامه حين وصف رواة المسند بالعدالة والضبط والعدل والصيانة ، كلهم أئمة في الدين وقادة للمهتدين !
متى أصبح هذا الضال المضل بشر المريسي قدوة في الدين وهو يعتقد اعتقادات فاسدة وباطلة في حق رب العالمين ؟
كيف يقبل من لديه ذرة عقل أحاديث يرويها أمثال هذا الساقط وغيره دون خطام ولازمام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟
وإنك لتعجب أشد العجب حين ننقل لأحد أتباع هذا المذهب كلاما لأحد علمائه يزبد ويرعد ويطلب الإثباتات حتى يصل به التوثق أن يرى بعينه أو يسمع بأذنه ؛ بينما في جناب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا بأس أن يقبل الروايات المرسلة والمنقطعه والمكذوبة ولابأس أن يكون ضمن سلسلة الرواة أمثال بشر المريسي الضال المضل وغيره من أئمة الضلال !
وإني أذكرهم الله ، فإن كل امرئ منهم موقوف أمام الله وسائله ، حين (يود المجرم لو يفتدي من عذاب يومئذ ببنيه وصاحبته وأخيه وفصيلته التي تؤويه ومن في الأرض جميعا ثم ينجيه )
عن ابن سيرين قال إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم . رواه مسلم
وعن سفيان بن عيينة قال مسعر : سمعت سعد بن ابراهيم يقول لا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا الثقات
وفي الأثر : دينك دينك إنما هو لحمك و دمك فانظر عمن تأخذ خذ عن الذين استقاموا و لاتأخذ عن الذين مالوا.
و قال الخطيب : كتب مالك بن أنس إلى محمد بن مطرف : سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو أما بعد فإني أوصيك بتقوى الله فذكره بطولة... خذه يعني العلم من أهله الذين و رثوه ممن كان قبلهم يقينا بذلك و لاتأخذ كلما تسمع قائلا بقوله فإنه ليس ينبغي أن يؤخذ من كل محدث و لا من كل من قال و قد كان بعض من يرضى من أهل العلم يقول إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخدون دينكم . ا.هـ
وإنكم لو رفضتم هذا المسند بدعوى عدم ثبوت نسبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم لكان عذرا مقبولا عند الله ، فإنه سبحانه أمرنا بالتثبت والتيقن والتفكر والبحث والتقصي ونهانا عن التقليد والمتابعة العمياء ، وعليه فإن مسندا لايعرف من ألفه أو شيخه أو من جمعه لايستحق أن نقرأه ، ناهيك على أن نأخذ ولو حديثا واحدا منه ، فما هو العذر أمام الله ؟
لن تنفع العصبية المذهبية أو غيرها ، فدين الله ليس فيه أسرار ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم قال " تركتكم على البيضاء ليلها كنهارها" أي لا لبس فيها, واضحة جلية لسالكها ومن يزعم أن هناك أسرارا في دين الله فهو ضال مبتدع ، حتى أن أحد الذين حاورتهم حول المسند وبعد أن أغلق عليه قال " أهل مكة أدرى بشعابها"
بالتأكيد هو يردد مقولة سمعها من مشائخه حين يسألهم عن الإشكالات في المسند ، ولهذا يسكتونه بها ، لأنهم مفلسون من الحجة .
دين الله واضح وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم بين أيدينا وصلت إلينا بطريق صحيح يشهد بذلك القاصي والداني على مر العصور ، فما حاجتنا إلى مسندٍ واه وصل بطريق مجهولة ومن ألفه لايعرف حتى زمن ولادته أو وفاته ولا مكان قبره وكذلك شيخه ومرتبه ، ومن يملك عقلا صحيحا صريحا سيدرك الحقيقة دون عناء يذكر .
كتبه اسامة
-----------
1- مجهول حيث لم يذكر في أي من كتب الرجال ولم تعرف له سيرة صحيحة وقد قال بعض علماء الحديث أنه لم تلده أرحام النساء .
2- لاحظ أن الربيع مختلف في سنة ولادته وذكر أنها سنة 75 ، فكيف التقى ببشر ؟
3- أخرجه عبدالله في السنة (ص 13 -32 ) من طريق يحيى بن إسماعيل الواسطي
4- كتاب السنة صفحة 31
5- صحح اسناده الإمام الألباني ، راجع مختصر العلو صفحة 164
المصدر