قال خلف بن تميم : سمعت سفيان يقول : من أحب أفخاذ النساء ، لم يفلح .
وقال عبد الرحمن رسته : سمعت ابن مهدي يقول : بات سفيان عندي ، فجعل يبكي ، فقيل له . فقال : لذنوبي عندي أهون من ذا -ورفع شيئا من الأرض- إني أخاف أن أسلب الإيمان قبل أن أموت . وعن سفيان : السلامة في أن لا تحب أن تعرف . وروى رسته ، عن ابن مهدي قال : قدم سفيان البصرة ، والسلطان يطلبه ، فصار إلى بستان ، فأجر نفسه لحفظ ثماره فمر به بعض العشارين فقال : من أنت يا شيخ ؟ قال : من أهل الكوفة . قال : أرطب البصرة أحلى أم رطب الكوفة ؟ قال : لم أذق رطب البصرة . قال : ما أكذبك ! البر والفاجر والكلاب يأكلون الرطب الساعة . ورجع إلى العامل ، فأخبره ليعجبه ، فقال : ثكلتك أمك ! أدركه ، فإن كنت صادقا ، فإنه سفيان الثوري ، فخذه لنتقرب به إلى أمير المؤمنين ، فرجع في طلبه ، فما قدر عليه .
قال شجاع بن الوليد : كنت أحج مع سفيان ، فما يكاد لسانه يفتر من الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ذاهبا وراجعا . وعن سفيان : أنه ذهب إلى خراسان في حق له ، فأجر نفسه من جمالين .
وقال إبراهيم بن أعين : كنت مع سفيان والأوزاعي ، فدخل علينا عبد الصمد بن علي -وهو أمير مكة- وسفيان يتوضأ ، وأنا أصب عليه ، كأنه بطأه ، وهو يقول : لا تنظروا إلي ، أنا مبتلى . فجاء عبد الصمد ، فسلم ، فقال له سفيان : من أنت ؟ فقال : أنا عبد الصمد . فقال : كيف أنت ؟ اتق الله ، اتق الله ، وإذا كبرت ، فأسمع .
قال يحيى بن يمان : سمعت سفيان يقول : إني لأرى المنكر ، فلا أتكلم ، فأبول أكدم دما .
قلت : مع جلالة سفيان ، كان يبيح النبيذ الذي كثيره مسكر . أخبرنا أحمد بن سلامة كتابة ، عن اللبان ، أنبأنا الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا أحمد بن جعفر بن سلم ، حدثنا الأبار ، حدثنا عبد الملك الميموني : سمعت يعلى بن عبيد يقول : قال سفيان : إنى لآتي الدعوة ، وما أشتهي النبيذ ، فأشربه لكي يراني الناس .
المحاربي : سمعت الثوري يقول للغلام إذا رآه في الصف الأول : احتلمت ؟ فإن قال : لا . قال : تأخر .
يوسف بن أسباط : سمعت الثوري يقول : ليس شيء أقطع لظهر إبليس من قول : لا إله إلا الله .
عن سفيان : وسئل : ما الزهد ؟ قال : سقوط المنزلة . وعنه : قال : إني لألقى الرجل أبغضه ، فيقول : كيف أصبحت ؟ فيلين له قلبي . فكيف بمن آكل طعامهم ؟ .
وكيع : عن سفيان : لو أن اليقين ثبت في القلب ، لطار فرحا ، أو حزنا ، أو شوقا إلى الجنة ، أو خوفا من النار . قال قتيبة : لولا سفيان ، لمات الورع .
ابن المبارك : قال لي سفيان : إياك والشهرة ، فما أتيت أحدا إلا وقد نهى عن الشهرة .
وعن الفريابي قال : أتى سفيان بيت المقدس ، فأقام ثلاثة أيام ، ورابط بعسقلان أربعين يوما ، وصحبته إلى مكة . أحمد بن يونس : سمعت سفيان يقول : ما رأيت للإنسان خيرا من أن يدخل جحرا .
قال عطاء بن مسلم : قال لي الثوري : إذا كنت بالشام ، فاذكر مناقب علي ، وإذا كنت بالكوفة ، فاذكر مناقب أبي بكر وعمر . وعنه : من أصغى بسمعه إلى صاحب بدعة -وهو يعلم- خرج من عصمة الله ، ووكل إلى نفسه . وعنه : من سمع ببدعة فلا يحكها لجلسائه ، لا يلقها في قلوبهم .
قلت : أكثر أئمة السلف على هذا التحذير ، يرون أن القلوب ضعيفة ، والشبه خطافة .
قال محمد بن مسلم الطائفي : إذا رأيت عراقيا ، فتعوذ من شره ، وإذا رأيت سفيان ، فسل الله الجنة . وعن الأصمعي : أن الثوري أوصى أن تدفن كتبه ، وكان ندم على أشياء كتبها عن قوم .
عبد الله بن خبيق : حدثنا الهيثم بن جميل ، عن مفضل مهلهل ، قال : حججت مع سفيان ، فوافينا بمكة الأوزاعي ، فاجتمعنا في دار ، وكان على الموسم عبد الصمد بن علي ، فدق داق الباب ، قلنا : من ذا ؟ قال : الأمير . فقام الثوري ، فدخل المخرج ، وقام الأوزاعي فتلقاه ، فقال له : من أنت أيها الشيخ ؟ قال : أنا الأوزاعي . قال : حياك الله بالسلام ، أما إن كتبك كانت تأتينا فنقضي حوائجك ، ما فعل سفيان ؟ قال : فقلت : دخل المخرج . قال : فدخل الأوزاعي في إثره ، فقال : إن هذا الرجل ما قصد إلا قصدك . فخرج سفيان مقطبا ، فقال : سلام عليكم ، كيف أنتم ؟ فقال له عبد الصمد : أتيت أكتب عنك هذه المناسك ، قال : أَوَلَا أدلك على ما هو أنفع لك منها ؟ قال : وما هو ؟ قال : تدع ما أنت فيه ، قال : وكيف أصنع بأمير المؤمنين ؟ قال : إن أردت كفاك الله أبا جعفر . فقال له الأوزاعي : يا أبا عبد الله ! إن هؤلاء ليس يرضون منك إلا بالإعظام لهم . فقال : يا أبا عمرو ! إنا لسنا نقدر أن نضربهم ، وإنما نؤدبهم بمثل هذا الذي ترى . قال مفضل : فالتفت إلى الأوزاعي ، فقال لي : قم بنا من ها هنا ، فإني لا آمن أن يبعث هذا من يضع في رقابنا حبالا ، وإن هذا ما يبالي .
يوسف بن أسباط : سمعت سفيان يقول : ما رأيت الزهد في شيء أقل منه في الرئاسة ، ترى الرجل يزهد في المطعم والمشرب والمال الثياب ، فإن نوزع الرئاسة ، حامى عليها ، وعادى . عبد الله بن خبيق : حدثنا عبيد بن جناد ، حدثنا عطاء بن مسلم ، قال : لما استخلف المهدي ، بعث إلى سفيان ، فلما دخل عليه ، خلع خاتمه ، فرمى به إليه ، وقال : يا أبا عبد الله ! هذا خاتمي ، فاعمل في هذه الأمة بالكتاب والسنة . فأخذ الخاتم بيده ، وقال : تأذن في الكلام يا أمير المؤمنين ؟ -قلت لعطاء : قال له : يا أمير المؤمنين ؟ قال : نعم- قال : أتكلم على أني آمن ؟ قال : نعم . قال : لا تبعث إلي حتى آتيك ، ولا تعطني حتى أسألك . قال : فغضب ، وهم به ، فقال له كاتبه : أليس قد آمنته ؟ قال : بلى . فلما خرج ، حف به أصحابه ، فقالوا : ما منعك ، وقد أمرك ، أن تعمل في الأمة بالكتاب والسنة ؟ فاستصغر عقولهم ، وخرج هاربا إلى البصرة .
وعن سفيان قال : ليس أخاف إهانتهم ، إنما أخاف كرامتهم ، فلا أرى سيئتهم سيئة لم أر للسلطان مثلا إلا مثلا ضرب على لسان الثعلب ، قال : عرفت للكلب نيفا وسبعين دستانا ليس منها دستان خيرا من أن لا أرى الكلب ولا يراني . محمد بن يوسف الفريابي : سمعت سفيان يقول : أدخلت على أبي جعفر بمنى ، فقلت له : اتق الله ، فإنما أنزلت في هذه المنزلة ، وصرت في هذا الموضع ، بسيوف المهاجرين والأنصار ، وأبناؤهم يموتون جوعا . حج عمر فما أنفق إلا خمسة عشر دينارا ، وكان ينزل تحت الشجر . فقال : أتريد أن أكون مثلك ؟ قلت : لا ، ولكن دون ما أنت فيه ، وفوق ما أنا فيه . قال : اخرج .
قال عصام بن يزيد : لما أراد سفيان أن يوجهني إلى المهدي ، قلت له : إني غلام جبلي ، لعلي أسقط بشيء ، فأفضحك . قال : يا ناعس ! ترى هؤلاء الذين يجيئوني ؟ لو قلت لأحدهم ، لظن أني قد أسديت إليه معروقا ، ولكن قد رضيت بك ، قل ما تعلم ، ولا تقل ما لا تعلم . قال : فلما رجعت ،
قلت : لأي شيء تهرب منه ، وهو يقول : لو جاء ، لخرجت معه إلى السوق فأمرنا ونهينا ؟ فقال : يا ناعس ! حتى يعمل بما يعلم ، فإذا فعل ، لم يسعنا إلا أن نذهب ، فنعلمه ما لا يعلم . قال عصام : فكتب معي سفيان إلى المهدي ، وإلى وزيره أبي عبيد الله ، قال : وأدخلت عليه ، فجرى كلامي ، فقال : لو جاءنا أبو عبد الله ، لوضعنا أيدينا في يده ، وارتدينا بردا ، واتزرنا بآخر ، وخرجنا إلى السوق ، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر ، فإذا توارى عنا مثل أبي عبد الله ، لقد جاءني قراؤكم الذين هم قراؤكم ، فأمروني ونهوني ووعظوني ، وبكوا -والله- لي ، وتباكيت لهم ، ثم لم يفجأني من أحدهم إلا أن أخرج من كمه رقعة : أن افعل بي كذا ، وافعل بي كذا ، ففعلت ، ومقتهم .
قال : وإنما كتب إليه ؛ لأنه طال مهربه ، أن يعطيه الأمان ، فأتيته فقدمت عليه البصرة بالأمان ثم مرض ومات .
أبو نعيم : حدثنا الطبراني ، حدثنا عبد الله بن أحمد ، حدثني عمرو بن علي : سمعت يحيى بن سعيد يقول : أملى علي سفيان كتابه إلى المهدي ، فقال : اكتب : من سفيان بن سعيد إلى محمد بن عبد الله . فقلت : إذا كتبت هذا لم يقرأه . قال : اكتب كما تريد . فكتبت . ثم قال : اكتب : فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو ، تبارك وتعالى ، وهو للحمد أهل ، وهو على كل شيء قدير . فقلت : من كان يكتب هذا الصدر ؟ قال : حدثني منصور عن إبراهيم ، أنه كان يكتبه .
وعن إبراهيم الفراء ، قال : كتب سفيان إلى المهدي مع عصام جبر طردتني . وشردتني وخوفتني ، والله بيني وبينك ، وأرجو أن يخير الله لي قبل مرجوع الكتاب . فرجع الكتاب وقد مات .
أخبرنا إسحاق الأسدي ، أنبأنا ابن خليل ، أنبأنا أبو المكارم التيمي ، أنبأنا أبو علي الحداد ، أنبأنا أبو نعيم ، حدثنا ابن حيان ، حدثنا الحسن بن هارون ، حدثنا الحسن بن شاذان النيسابوري ، حدثني محمد بن مسعود ، عن سفيان قال : أُدخلت على المهدي بمنى ، فسلمت عليه بالإمرة ، فقال : أيها الرجل ! طلبناك ، فأعجزتنا ، فالحمد لله الذي جاء بك ، فارفع إلينا حاجتك . فقلت : قد ملأت الأرض ظلما وجورا ، فاتق الله ، وليكن منك في ذلك عبرة . فطأطأ رأسه ، ثم قال : أرأيت إن لم أستطع دفعه ؟ قال : تخليه وغيرك . فطأطأ رأسه ، ثم قال : ارفع إلينا حاجتك . قلت : أبناء المهاجرين والأنصار ومن تبعهم بإحسان بالباب ، فاتق الله ، وأوصل إليهم حقوقهم . فطأطأ رأسه ، فقال أبو عبيد الله : أيها الرجل ! ارفع إلينا حاجتك . قلت : وما أرفع ؟ حدثني إسماعيل بن أبي خالد ، قال : حج عمر ، فقال لخازنه : كم أنفقت ؟ قال : بضعة عشر درهما . وإني أرى هاهنا أمورا لا تطيقها الجبال .
وبه : قال أبو نعيم : حدثنا سعد بن محمد الناقد ، حدثنا محمد بن عثمان ، حدثنا ابن نمير ، حدثنا أبي : لقيني الثوري بمكة فأخذ بيدي ، وسلم علي ، ثم انطلق إلى منزله ، فإذا عبد الصمد قاعد على بابه ينتظره ، وكان والي مكة ، فلما رآه ، قال : ما أعلم في المسلمين أحدا أغش لهم منك . فقال سفيان : كنت فيما هو أوجب علي من إتيانك ، إنه كان يتهيأ للصلاة ، فأخبره عبد الصمد أنه قد جاءه قوم ، فأخبروه أنهم قد رأوا الهلال -هلال ذي الحجة- فأمره أن يأمر من يصعد الجبال ، ثم يؤذن الناس بذلك ، ويده في يدي ، وترك عبد الصمد قاعدا على الباب ، فأخرج إلي سفرة ، فيها فضلة من طعام : خبز مكسر وجبن ، فأكلنا . قال : فأخذه عبد الصمد ، فذهب به إلى المهدي وهو بمنى ، فلما رآه ، صاح بأعلى صوته : ما هذه الفساطيط ؟ ما هذه السرادقات ؟ .
قال عطاء الخفاف : ما لقيت سفيان إلا باكيا ، فقلت : ما شأنك ؟ قال : أتخوف أن أكون في أم الكتاب شقيا
قال ابن مهدي : جرَّ أميرُ المؤمنين سفيانَ إلى القضاء ، فتحامق عليه ليخلص نفسه منه ، فلما علم أنه يتحامق ، أرسله ، وهرب هو . . . ، وذكر الحكاية . رواها محمد بن إسحاق بن الوليد ، عن عبد الله أخي رسته ، عنه . ابن المبارك : عن سفيان ، قال : ليس بفقيه من لم يعد البلاء نعمة ، والرخاء مصيبة .
قال ابن وهب : رأيت الثوري في الحرم بعد المغرب ، صلى ثم سجد سجدة ، فلم يرفع حتى نودي بالعشاء . وبه : قال أبو نعيم : حدثنا الطبراني ، حدثنا علي بن عبد العزيز ، حدثنا عارم ، قال : أتيت أبا منصور أعوده ، فقال لي : بات سفيان في هذا البيت ، وكان هنا بلبل لابني ، فقال : ما بال هذا محبوسا ؟ لو خلي عنه . قلت : هو لابني ، وهو يهبه لك . قال : لا ، ولكن أعطيه دينارا . قال : فأخذه ، فخلى عنه ، فكان يذهب ويرعى ، فيجيء بالعشي ، فيكون في ناحية البيت ، فلما مات سفيان ، تبع جنازته ، فكان يضطرب على قبره ، ثم اختلف بعد ذلك ليالي إلى قبره ، فكان ربما بات عليه ، وربما رجع إلى البيت ، ثم وجدوه ميتا عند قبره ، فدفن عنده .
أبو منصور -هو بسر بن منصور السليمي- : كان سفيان مختفيا عنده بالبصرة بعد أن خرج من دار عبد الرحمن بن مهدي ، قاله الطبراني . وفي غير حكاية : أن سفيان كان يقبل هدية بعض الناس ، ويثيب عليها . وعن ابن مهدي ، قال : ما كنت أقدر أن أنظر إلى سفيان استحياء وهيبة منه
وقال إسحاق بن إبراهيم الحنيني : قال لنا الثوري -وسئل- قال : لها عندي أول نومة تنام ما شاءت ، لا أمنعها ، فإذا استيقظتْ ، فلا أقيلها والله .
الحسين بن عون : سمعت يحيى القطان يقول : ما رأيت رجلا أفضل من سفيان ، لولا الحديث كان يصلي ما بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، فإذا سمع مذاكرة الحديث ، ترك الصلاة ، وجاء .
وقال خلف بن إسماعيل : قلت لسفيان : إذا أخذت في الحديث نشطت وأنكرتك ، وإذا كنت في غير الحديث كأنك ميت ! فقال : أما علمت أن الكلام فتنة ؟
قال مهران الرازي : رأيت الثوري إذا خلع ثيابه طواها ، وقال : إذا طويت ، رجعت إليها نفسها .
وقيل : التقى سفيان والفضيل فتذاكرا ، فبكيا ، فقال سفيان : إني لأرجو أن يكون مجلسنا هذا أعظم مجلس جلسناه بركة . فقال له فضيل : لكني أخاف أن يكون أعظم مجلس جلسناه شؤما ، أليس نظرت إلى أحسن ما عندك ، فتزينت به لي ، وتزينت لك ، فعبدتني وعبدتك ؟ فبكى سفيان حتى علا نحيبه ، ثم قال : أحييتني أحياك الله .
أبو سعيد الأشج : سمعت أبا عبد الرحمن الحارثي يقول : دفن سفيان كتبه ، فكنت أعينه عليها فقلت : يا أبا عبد الله ! و في الركاز الخمس فقال : خذ ما شئت . فعزلت منها شيئا ، كان يحدثني منه . عن يعلى بن عبيد : قال سفيان : لو كان معكم من يرفع حديثكم إلى السلطان ، أكنتم تتكلمون بشيء ؟ قلنا : لا . قال : فإن معكم من يرفع الحديث . وعن سفيان : الزهد في الدنيا هو الزهد في الناس ، وأول ذلك زهدك في نفسك .
عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش : حدثنا زيد بن أبي الزرقاء ، سمعت الثوري يقول : خرجت حاجا أنا وشيبان الراعي مشاة ، فلما صرنا ببعض الطريق ، إذا نحن بأسد قد عارضنا ، فصاح به شيبان ، فبصبص وضرب بذنبه مثل الكلب ، فأخذ شيبان بأذنه ، فعركها ، فقلت : ما هذه الشهرة لي ؟ قال : وأي شهرة ترى يا ثوري ؟ لولا كراهية الشهرة ، ما حملت زادي إلى مكة إلا على ظهره .
الحسن بن علي الحلواني : سألت محمد بن عبيد : أكان لسفيان امرأة ؟
قال : نعم ، رأيت ابنا له ، بعثت به أمه إليه ، فجاء ، فجلس بين يديه ، فقال سفيان : ليت أني دعيت لجنازتك . قلت لمحمد : فما لبث حتى دفنه ؟ قال : نعم .
وعن سفيان : من سر بالدنيا ، نزع خوف الآخرة من قلبه . وعنه : وَمُلْكًا كَبِيرًا قال : استئذان الملائكة عليهم . الفريابي : سمعت الأوزاعي وسفيان يقولان : لما ألقي دانيال في الجب مع السباع ، قال : إلهي ! بالعار والخزي الذي أصبنا سلطت علينا من لا يعرفك .
وقال الخريبي : جلست إلى إبراهيم بن أدهم فكأنه عاب على سفيان ترك الغزو ، وقال : هذا الأوزاعي يغزو وهو أسن منه . فقلت لبهيم : ما كان يعني سفيان في ترك الغزو ؟ قال : كان يقول : إنهم يضيعون الفرائض .
قال حفص بن غياث : كنا نتعزى عن الدنيا بمجلس سفيان .
خلف بن تميم : سمعت سفيان يقول : وجدت قلبي يصلح بين مكة والمدينة ، مع قوم غرباء ، أصحاب صوف وعباء .
وعن وكيع قال : قالت أم سفيان لسفيان : اذهب ، فاطلب العلم حتى أعولك بمغزلي ، فإذا كتبت عدة عشرة أحاديث ، فانظر هل تجد في نفسك زيادة ، فاتبعه ، وإلا فلا تتعنَّ .
قال الأوزاعي : لم يبق من يجتمع عليه العامة بالرضى والصحة ، إلا ما كان من رجل واحد بالكوفة -يعني سفيان- . قال وكيع : كان سفيان بحرا .
وقال ابن أبي ذئب : ما رأيت رجلا بالعراق يشبه ثوريكم هذا .
وقال ابن إدريس : ما رأيت بالكوفة من أود أني في مسلاخه إلا سفيان.
قال الفريابي : زارني ابن المبارك ، فقال : أخرج إلي حديث الثوري ، فأخرجته إليه ، فجعل يبكي حتى أخضل لحيته ، وقال : رحمه الله ، ما أرى أني أرى مثله أبدا .
وقال زائدة : سفيان أفقه أهل الدنيا .
قال زيد بن أبي الزرقاء : كان المعافى يعظ الثوري ، يقول : يا أبا عبد الله ! ما هذا المزاح ؟ ليس هذا من فعل العلماء . وسفيان يقبل منه .
روى ضمرة ، عن سفيان قال : يثغر الغلام لسبع ، ويحتلم بعد سبع ، ثم ينتهي طوله بغد سبع ، ثم يتكامل عقله بعد سبع ، ثم هي التجارب .
قال أبو أسامة : مرض سفيان ، فذهبت بمائه إلى الطبيب ، فقال : هذا بول راهب ، هذا رجل قد فتت الحزن كبده ، ما له دواء .
قال ضمرة : سمعت مالكا يقول : إنما كانت العراق تجيش علينا بالدراهم والثياب ، ثم صارت تجيش علينا بسفيان الثوري . وكان سفيان يقول : مالك ليس له حفظ .
قلت : هذا يقوله سفيان لقوة حافظته بكثرة حديثه ورحلته إلى الآفاق ، وأما مالك ، فله إتقان وفقهٌ ، لا يدرك شأوه فيه ، وله حفظ تام ، فرضي الله عنهما .
وقال أبو حاتم الرازي : سفيان فقيه حافظ زاهد إمام ، هو أحفظ من شعبة .
وقال أبو زرعة : سفيان أحفظ من شعبة في الإسناد والمتن .
قال عبد المؤمن النسفي : سألت صالح بن محمد جزرة عن سفيان ومالك ، فقال : سفيان ليس يتقدمه عندي أحد ، وهو أحفظ وأكثر حديثا ، ولكن كان مالك ينتقي الرجال ، وسفيان أحفظ من شعبة ، وأكثر حديثا ، يبلغ حديثه ثلاثين ألفا ، وشعبة نحو عشرة آلاف .