مقدمة:
ما فتئ النصارى ينقبون و ينقرون عن كل ما يمكن أن يريحوا به أنفسهم من جهة يطفئ لهيب عطشهم و تعطشهم إلى الإساءة إلى الإسلام و المسلمين و من جهة أخرى يهزون به ثقة المسلمين و يشككهم في دينهم.وهذه اعترافاتهم في الظلام تتسلل إلى النور كاشفة عن وجوهه القبيحة و نواياهم الخبيثة.
إنهم لا يتورعون، في سبيل الإساءة إلى الإسلام و المسلمين ،من الإساءة إلى كتابهم و ربهم .و أقصد : أن أقصى ما يريدون تشنيعه علينا يوجد أضعاف ذلك في كتابهم الذي يقدسون مع فارق عظيم جدا و هو ثبوته اليقيني عندهم و انتفاؤه اليقيني عندنا.
قال أحد مؤسسي الإرسالية الأمريكية العربية المنصر المشهور صموئيل زويمير فيمؤتمر القدس التنصيري عام 1935م:
"… لكن مهمة التبشير التي ندبتكم لها الدول المسيحية في البلاد الإسلامية ليست في إدخال المسلمين في المسيحية فإن في هذا هداية لهم وتكريماً، وإنما مهمتكم هي أن تخرجوا المسلم من الإسلام ليصبح مخلوقاً لا صلة له بالله وبالتالي لا صلة له بالأخلاق التي تعتمد عليها الأمم في حياتها".
"… إنكم أعددتم نَشْئاً لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها، وأخرجتم المسلم من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية، وبالتالي فقد جاء النشء طبقاً لما أراده الاستعمار لا يهتم بعظائم الأمور ويحب الراحة والكسل، فإذا تعلم فللشهرة وإذا تبوأ أسمى المراكز ففي سبيل الشهرة يجود بكل شيء ..باركتكم النصرانية". نقلا من مجلة البيان العدد266 الخاص بالتنصير.
هم عندما يشنعون علينا شرك نبي من الأنبياء و هم كاذبون مفترون إنما يريدون أن نزهد في ديننا و ندعه إما إلى دينهم كما يفعل المنصرون أو إلى غير دين كما أرد زويمر و غيره.
و سنرى أن النصراني المسكين لم يحالفه الحظ و لم يوفق إلى ما يريم و يريد .و إني لأتعجب من تركهم شركا محققا بالقول و الفعل في أنبياء كتابهم الذي يقدسون و يفترون على رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي لم يسجد لصنم قط.فهل من العدل و الإنصاف أن نهاجمه و ننسى شرك
الوثنيين الحقيقيين.نطرح هذا السؤال:
.لماذا الهجمة الوثنية على رسول الله صلى الله عليه و سلم؟
إن مقولة النــ.ـصارى ومعتقدهم من أشد المقولات فرية على الله و أشدها سبا له فإذا كان هذا قولهم في الخالق فماذا عساهم يقولون في المخلوق؟محمد عليه السلام موحد. و الجِرَاءُ الأجْرِئاءُ وثنيون : ماذا نتنظر من وثني غير الكراهية و البغض ؟ إنه لا ير تاح إلا للوثتيين أمثال :
1-هارون:في سفر الخروج (35:32)" فضرب الرب الشعب لأنهم صنعوا العجل الذي صنعه هارون."الرب يضرب الأبرياء و يدع النحات البارع هارون الوثني قدوس الرب !!!كما في المزمور ( 16:106)الذي صور العجل بالإزميل و صنعه في الأخير عجلا مسبوكا يروق لعين كل و ثني و هذا.
سليمان محطم الأرقام القياسية في النساء اللائي ارتبط بهن و حطم الرقم القياسي في الأصنام التي ذبح و قرَّب إليها و العجيب أن الأمر تم في آخر حياته و دون توبة تذكر فبنى المعابد للأصنام بشهادة كتاب النصارى الذي يقدسون!!! دعنا نلق نظرة.
جاء في سفر الملوك الأول الإصحاح الحادي عشر من الجملة الأولى حتى الجملة الثالثة عشرة :
و كان في زمان شيخوخة سليمان أن نساءه أملن قلبه وراء آلهة أخرى و لم يكن قلبه كاملا مع الرب إلهه كقلب داود أبيه . فذهب سليمان وراء عشتروت إلهة الصيدونيين و ملكوم رجس العمونيين .....
ما النتيجة ؟
لقد غضب الرب على هذا الوثني :" فغضب الرب على سليمان لأن قلبه مال عن الرب إله إسرائيل الذي تراءى له مرتين و أوصاه بهذا الأمر أن لا يتبع إلهة أخرى فلم يحفظ ما أوصى به الرب."الملوك الأول 11( 10:9)
هل يُقارن هذا الوثني ــ بالله عليكم ــ مع من أثنى عليه ربه قائلا:
وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا (19) قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا (20)
سورة الجن الآيتان 19 و20.
لا و الله لا قياس مع وجود الفارق
هل بان لكم الفرق ؟
هل رأيتم الوثنيين الحقيقيين؟
رسول الله صلى الله عليه و سلم مُكسِّر الأصنام و هارونُ ناحِتُها و سليمانُ مهندسُ بناءِ معابدها .و الله إني أفخر بحُبِّ رسول الله صلى الله عليه و سلم الذي كسر الأصنام في القلوب و الواقع فأول ما دخل مكة طهر المسجد من الأصنام و الأرجاس .وإني أخجل من صنيع الوثنيين و المدافعين عن الوثننين . لكن لا عجب فالأرواح جنود مجندة تعارفت أرواح الوثنيين و تآلفت .
قال رحمة الله بن خليل الرحمان في كتابه الماتع :إظهار الحق:
"فانظروا إلى ديانة المسيحيين إنهم لأجل صيانة أصولهم الفاسدة كيف يتهمون الأنبياء، وينسبون القبائح إليهم."
1 _ هل الحديث الذي اعتمده النصارى صحيح؟
قال ابن حجر في كتابه الحافل :فتح الباري بشرح البخاري :
قوله والله في رواية إسماعيل بن جعفر فقال والذي أكرمك وفيه جواز الحلف في الأمر المهم وقد تقدم قوله أفلح إن صدق وقع عند مسلم من رواية إسماعيل بن جعفر المذكورة أفلح وأبيه أن صدق أو دخل الجنة وأبيه إن صدق ولأبي داود مثله لكن بحذف أو فإن قيل ما الجامع بين هذا وبين النهى عن الحلف بالآباء أجيب بأن ذلك كان قبل النهي أو بأنها كلمة جارية على اللسان لا يقصد بها الحلف كما جرى على لسانهم عقري حلقي وما أشبه ذلك أو فيه إضمار اسم الرب كأنه قال ورب أبيه وقيل هو خاص ويحتاج إلى دليل و حكى السهيلي عن بعض مشايخه أنه قال هو تصحيف وإنما كان والله فقصرت اللامان واستنكر القرطبي هذا وقال إنه يجزم الثقة بالروايات الصحيحة وغفل القرافي فادعى أن الرواية بلفظ وأبيه لم تصح لأنها ليست في الموطأ وكأنه لم يرتض الجواب فعدل إلى رد الخبر وهو صحيح لا مرية فيه وأقوى الأجوبة الأولان.انتهى قول الحافظ بنصه و الله يرحمه و يجزل مثوبته.و هو ما أورده محمد بن عبد الباقي بن يوسف الزرقاني في شرحه على الموطإ .
2 _ أقوال بعض العلماء في شرحه؟
قال ابن العربي الحاتمي رحمه الله في تفسيره الوسوم: الجامع لأحكام القرآن:
فإن قيل : فلم منع النبي صلى الله عليه وسلم من القسم بغير الله ؟ قلنا : لا تعلل العبادات .
ولله أن يشرع ما شاء ، ويمنع ما شاء [ ويبيح ما شاء ] ، وينوع المباح والمباح له ، ويغاير بين المشتركين ، ويماثل بين المختلفين ، ولا اعتراض عليه فيما كلف من ذلك ، وحمل فإنه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون .
فإن قيل .
فلم قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح للأعرابي الذي قص عليه دعائم الإسلام وفرائض الإيمان ، فقال : والله لا أزيد على هذا ولا أنقص : أفلح وأبيه إن صدق .
[ قلت : قد رأيته في نسخة مشرقية في الإسكندرية : أفلح والله إن صدق ، ويمكن ] أن يتصحف قوله : والله بقوله : وأبيه .
جواب آخر بأن هذا منسوخ بقوله : { إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم } .
جواب آخر إن النبي صلى الله عليه وسلم إنما نهى عنه عبادة ، فإذا جرى ذلك على الألسن عادة فلا يمنع ، فقد كانت العرب تقسم في ذلك بمن تكره ، فكيف بمن تعظم ؛ قال ابن ميادة : أظنت سفاها من سفاهة رأيها لأهجوها لما هجتني محارب فلا وأبيها إنني بعشيرتي ونفسي عن هذا المقام لراغب وقال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أحد فقهاء المدينة السبعة : لعمر أبي الواشين أيان نلتقي لما لا تلاقيها من الدهر أكثر يعدون يوما واحدا إن لقيتها وينسون أياما على النأي تهجر وقال آخر : لعمر أبي الواشين لا عمر غيرهم لقد كلفتني خطة لا أريدها وقال آخر : فلا وأبي أعدائها لا أزورها وإذا كان هذا شائعا كان من هذا الوجه سائغا . انتهى كلام ابن العربي بنصه .
في إيقاظ الأفهام في شرح عمدة الأحكام لسليمان بن محمد اللهيميد:
- إشكال : جاء في حديث طلحة بن عبيد الله في قصة الرجل الذي جاء إلى الرسول ( يسأله عن الإسلام ، فأخبره الرسول ( ، ثم قال الرجل : لا أزيد على هذا ولا أنقص ، فقال رسول الله ( : أفلح وأبيه إن صدق .
فهنا قال النبي ( ( أفلح وأبيه ) وقد أجاب العلماء عن هذا بأجوبة :
قيل : هي كلمة جرت عادة العرب أن تدخلها في كلامها غير قاصدة حقيقة الحلف .
وقيل : أن هذا قبل النهي عن الحلف بغير الله ، ورجحه البيهقي والنووي .
وهذان القولان أقوى الأجوبة .
وقيل : إن ذلك خاص بالشارع دون غيره من أمته ، وهذا ضعيف لأن الخصائص لا تثبت بالاحتمال .
وقيل : إن بعض الرواة صحف قوله ( وأبيه ) من قوله ( والله ) ، قال الحافظ : " وهذا محتمل ، ولكن مثل ذلك لا يثبت بالاحتمال " .
وقال ابن عبد البر في التمهيد :
والحلف بالمخلوقات كلها في حكم الحلف بالآباء لا يجوز شيء من ذلك فإن احتج محتج بحديث يروى عن إسماعيل بن جعفر عن أبي سهيل نافع بن مالك بن ابن أبي عامر عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله في قصة الأعرابي النجدي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أفلح وأبيه إن صدق" قيل له هذه لفظة غير محفوظة في هذا الحديث من حديث من يحتج به وقد روى هذا الحديث مالك وغيره عن أبي سهيل لم يقولوا ذلك فيه وقد روي عن إسماعيل بن جعفر هذا الحديث وفيه أفلح والله إن صدق أو دخل الجنة والله إن صدق وهذا أولى من رواية من روى وأبيه لأنها لفظة منكرة تردها الآثار الصحاح وبالله التوفيق.
و قال أيضا:
وقال في آخره أفلح وأبيه إن صدق أو دخل الجنة وأبيه إن صدق وهذه لفظة إن صحت فهي منسوخة لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف بالآباء وبغير الله.
يتبع بحول الله و قوته..