رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ...جعفر بن ابي طالب
سلسله رجال حول الرسول صلى الله عليه وسلم ....
من ضحوا بأنفسهم فداء لرسول الله عليه السلام ودفاعاً عن دين الله ورفع كلمة الحق عالياً ودحر الظلم والظغيان هم رجال ولكن اي رجال , هم أبطال التاريخ ....!!؟؟
جعفر بن أبي طالب
أشبهت خَلقِي, وخُلقي
انظروا جلال شبابه..
انظروا نضارة اهابه..
انظروا أناته وحلمه, برّه, وتواضعه وتقاه..
انظروا شجاعته التي لا تعرف الخوف.. وجوده الذي لايخاف الفقر..
انظروا طهره وعفته..
انظروا صدقه وأمانته...
انظروا فيه كل رائعة من روائع الحسن, والفضيلة, والعظمة, ثم لا تعجبوا, فأنتم أمام أشبه الناس بالرسول خلقا, وخلقا..
أنتم أمام من كنّاه الرسول بـ أبي المساكين..
أنت تجاه من لقبه الرسول بـ ذي الجناحين..
أنتم تلقاء طائر الجنة الغريد, جعفر بن أبي طالب..!! عظيم من عظماء الرعيل الأول الذين أسهموا أعظم اسهام في صوغ ضمير الحياة..!!
**
أقبل على الرسول صلى الله عليه وسلم مسلماً, آخذاً مكانه العالي بين المؤمنين المبكرين..
وأسلمت معه في نفس اليوم زوجته أسماء بنت عميس..
وحملا نصيبهما من الأذى ومن الاضطهاد في شجاعة وغبطة..
فلما اختار الرسول لأصحابه الهجرة الى الحبشة, خرج جعفر وزوجه حيث بقيا بها سنين عدداً, رزقاً خلالها بأولادهما الثلاثة محمد, وعبد الله, وعوف...
**
وفي الحبشة كان جعفر بن أبي طالب المتحدث اللبق, الموفق باسم الاسلام ورسوله..
ذلك أن الله أنعم عليه فيما أنعم, بذكاء القلب, واشراق العقل, وفطنة النفس, وفصاحة اللسان..
ولئن كان يوم مؤتة الذي سيقاتل فيه فيما بعد حتى يستشهد.. أروع أيامه وأمجاده وأخلدها..
فان يوم المحاورة التي أجراها أمام النجاشي بالحبشة, لن يقلّ روعةً ولا بهاءً, ولا مجداً..
لقد كان يوما فذّاً, ومشهداً عجباً...
**
وذلك أن قريشاً لم يهدئ من ثورتها, ولم يذهب من غيظها, ولم يطامن كم أحقادها, هجرة المسلمين الى الحبشة, بل خشيت أن يقوى هناك بأسهم, ويتكاثر طمعهم.. وحتى اذا لم تواتهم فرصة التكاثر والقوّة, فقد عز على كبريائها أن ينجو هؤلاء من نقمتها, ويفلتوا من قبضتها.. يظلوا هناك في مهاجرهم أملاً رحباً تهتز له نفس الرسول, وينشرح له صدر الاسلام..
هنالك قرر ساداتها ارسال مبعوثين الى النجاشي يحملان هدايا قريش النفيسة, ويحملان رجاءهما في أن يخرج هؤلاء الذين جاؤوا اليها لائذين ومستجيرين...
وكان هذان المبعوثان: عبدالله بن أبي ربيعة, وعمرو بن العاص, وكانا لم يسلما بعد...
**
كان النجاشي الذي كان يجلس أيامئذ على عرش الحبشة, رجلاً يحمل ايماناً مستنيراً.. وكان في قرارة نفسه يعتنق مسيحية صافية واعية, بعيدة عن الانحراف, نائية عن التعصب والانغلاق...
وكان ذكره يسبقه.. وسيرته العادلة, تنشر غبيرها في كل مكان تبلغه..
من أجل هذا, اختار الرسول صلى الله عليه وسلم بلاده دار هجرة لأصحابه..
ومن أجل هذا, خافت قريش ألا تبلغ لديه ما تريد فحمّلت مبعوثيها هدايا ضخمة للأساقفة, وكبار رجال الكنيسة هناك, وأوصى زعماء قريش مبعوثيها ألا يقابلا النجاشي حتى يعطيا الهدايا للبطارقة أولاً, وحتى يقنعاهم بوجهة نظرهما, ليكونوا لهم عونا عند النجاشي.
وحطّ الرسولان رحالهما بالحبشة, وقابلا بها الزعماء الروحانيين كافة, ونثرا بين أيديهم الهدايا التي حملاها اليهم.. ثم أرسلا للنجاشي هداياه..
ومضيا يوغران صدور القسس والأساقفة ضد المسلمين المهاجرين, ويستنجدان بهم لحمل النجاشي, ويواجهان بين يديه خصوم قريش الذين تلاحقهم بكيدها وأذاها.