شبهات النصارى المضحكة ضد القرآن
شبهات النصارى المضحكة ضد القرآن
ما في أيدي النصارى من كتب مقدسة قد دخله التحريف والتغيير والتبديل، بشهادة القرآن الكريم؛ قال تعالى: {مِنْ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمْ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلاَ يُؤْمِنُونَ إِلاَّ قَلِيلًا} [النساء: 46].
وقال سبحانه: {فَبِمَا نَقْضِهِمْ مِيثَاقَهُمْ لَعَنَّاهُمْ وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ وَلاَ تَزَالُ تَطَّلِعُ عَلَى خَائِنَةٍ مِنْهُمْ إِلاَّ قَلِيلًا مِنْهُمْ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [المائدة: 13].
وقال عز وجل: {وَمِنْ الَّذِينَ هَادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَوَاضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَمَنْ يُرِدْ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدْ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ} [المائدة: 41].
ولأن القوم قد حرفوا وبدلوا وغيروا في كتابهم المقدس، فإنه قد نتج عن ذلك أمران؛ الأول: أنه أصبح من السهل على المسلمين بل وغير المسلمين إثبات هذا التحريف، عن طريق تتبع المخطوطات والطبعات المختلفة للأناجيل، وقد قام علماء كثيرون بذلك، ومنهم علماء نصارى وأثبتوا التغيير والتبديل.
والثاني: أن المسلمين، بما أنهم يحملون الكتاب السماوي الخاتم والمهيمن على غيره من الكتب، والذي صانه الله عن أي تحريف أو تغيير أو تبديل؛ قال تعالى: {إنَّا نَحْنُ نَزَّلنَا الذِّكرَ وإنَّا له لَحَافِظُون} [الحجر: 9]، فمن السهل عليهم أن يثبتوا هذا التحريف في الكتب السابقة، خاصة وأن القرآن الكريم أثبت التحريف والتبديل والتغيير.
نتيجة لكل ذلك؛ افتقد النصارى الحجة عند مجادلتهم للمسلمين أو عند إثارتهم للشبهات في القرآن الكريم والسنَّة النبوية المشرفة، ولما انعدمت حجة القوم لم يجدوا إلا الكذب في نقدهم للإسلام، ومن ذلك ما قاله أحد كتابهم حين زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات انتظر المسلمون قيامه كما قام المسيح، فلما لم يقم ارتد المسلمون عن الإسلام.
وهذا جهل مركب؛ لأن القرآن صرح بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قال تعالى: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُم مَّيِّتُونَ} [الزمر: 30]، ولم يرد في القرآن الكريم أو السنَّة النبوية شيء يفيد قيامته صلى الله عليه وسلم من الموت، وقد روي عن عمر أنه قال مثل هذا القول لحظة ذهوله عند فاجعته برسول الله صلى الله عليه وسلم وسرعان ما أفاق منه.
وأما حركة الردة فقد بدأت إبَّان حياته صلى الله عليه وسلم بظهور الأسود العنسي، وفشت بعد وفاته، ولم يكن من دواعيها مثل هذا القول الذي ذكره النصراني.
ويلجأ النصارى إلى تحريف ألفاظ النصوص الإسلامية، ومن ذلك قول القس "شروش" لمستمعيه الإنجليز: (أنتم معشر المسلمين تعتقدون أن المسيح ما زال على قيد الحياة)، يقول ديدات: (نعم)، فأكمل القس "شروش": (لكننا إذا قارنا هذا بما جاء في القرآن فإننا سنجد تناقضًا، فإن القرآن يقول: {والسلام علي يوم ولدت ويوم أموت ويوم أبعث حيًّا})، قرأها في العربية صحيحة، ثم ترجمها: (وسلام علي يوم ولدت، ويوم مت، ويوم أبعث حيًّا).
فحول الأفعال المضارعة والتي يُراد منها المستقبل إلى أفعال ماضية مستغلًا جهل مستمعيه بلغة العرب، وظن أن حيلته وكذبه ينطلي على العلامة الأعجمي ديدات.
ومن التحريف أيضًا أن النصارى حين استشهادهم بالنصوص الإسلامية كانوا يختارون ما يعجبهم من النص ويدعون ما لا يوافق هواهم، ومن ذلك قول احتجاج أحد كتابهم بالبخاري في الجزء الثالث ص(107) قائلًا: (لا تقوم الساعة حتى ينزل فيكم ابن مريم حكمًا مقسطًا)، ويقول: (إن في هذا دليل قاطع على ألوهية السيد المسيح؛ لأن الدينونة لله وحده)، غاضًا الطرف عن بقية الحديث وفيه: (فيكسر الصليب، ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، ويفيض المال حتى لا يقبله أحد).
فالأمور المذكورة في تتمة الحديث تدل على بطلان النصرانية، وأن المسيح سيحطم رمزها "الصليب"، وأنه سيحكم بشريعة محمد صلى الله عليه وسلم، كما أن الحديث يتحدث عن أحداث قبل يوم القيامة، فالساعة لا تقوم حتى تحصل هذه الأمور، والدينونة الكبرى إنما تكون بعد قيام الساعة، ونصوص القرآن صريحة في أن الله هو الذي سيدين الخلائق كما قال تعالى: {ثم رُدُّوا إلى اللهِ مَولَاهُمُ الحق ألا له الحُكم وَهُو أَسْرَعُ الحَاسِبين} [الأنعام: 62].
كما يقع النصارى عند إثارتهم للشبهات في مغالطات في الاستدلال، ومن ذلك قول أحدهم: (فإذا كان الإسلام يشهد بأن الذي يحيي العظام وهي رميم هو الذي أنشأها أول مرة فقط، فمن يكون السيد المسيح الذي يشهد له الإسلام بأنه يحيي الموتى؟ أليس هو الله الحي القيوم المحيي المميت الذي أنشأها أول مرة؟).
والمغالطة تكمن في أن الآيات نصت في أن ذلك يكون بإذن الله، أي أنه تعالى هو الفاعل الحقيقي للإحياء والخلق، كما أن معجزات المسيح في سياق النصوص التي وردت فيها بينت أن المسيح إنما هو رسول الله فحسب.
كما يلجأ النصارى في شبهاتهم إلى محاكمة القرآن إلى كتبهم التي لا سند لها، ولا اعتداد ولا ثقة بها، فيعرضها النصارى وكأنها سندات ووثائق تاريخية لا خلاف على صحتها.
ومن ذلك تكذيبهم القرآن في قوله بأن اسم والد إبراهيم عليه السلام هو آزر؛ لأنه قد جاء في التوراة أنه: "تارح" [انظر التكوين، (11/27)]، وكذا تكذيبهم أن يكون الذبيح إسماعيل؛ لأن التوراة تقول بأنه إسحاق [انظر التكوين، (22/9-12)].
وكذا تكذيبهم أن تكون زوجة فرعون قد كفلت موسى، وقالوا بأن الذي كفله هي ابنة فرعون لما جاء في التوراة [انظر الخروج، (2/5-7)]، وكذبوا أن يكون لون بقرة بني إسرائيل صفراء فاقع، لأن التوراة تقول بأنها كانت حمراء اللون [انظر العدد، (19/1-4)]، ونسي القوم أن ما بأيديهم من أدلة لا تصلح أساسًا للاحتجاج؛ لأنها محرفة ومبدلة وتم الحذف والإضافة منها وإليها.
