في تفسير (سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض)
الحمد لله رب العالمين الملك القدوس العزيز الحكيم
والصلاة والسلام على رسولنا الكريم وعلى آله وصحبه
أما بعد ..
لقد استهلمتني آية في كتاب الله ، قال تعالى (146-سَأَصْرِفُ عَنْ آيَاتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِن يَرَوْاْ كُلَّ آيَةٍ لاَّ يُؤْمِنُواْ بِهَا وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ) سورة الأعراف
قال ابن كثير "أي سأمنع فهم الحجج والأدلة الدالة على عظمتي وشريعتي وأحكامي قلوب المتكبرين عن طاعتي ويتكبرون على الناس بغير حق كما استكبروا بغير حق أذلهم الله بالجهل كما قال تعالى « ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة » وقال تعالى « فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم »
وقال بعض السلف لا ينال العلم حيي ولامستكبر وقال آخر من لم يصبر على ذل التعلم ساعة بقى في ذل الجهل أبدا وقال سفيان بن عيينة في قوله « سأصرف عن آياتي الذين يتكبرون في الأرض بغير الحق » قال أنزع عنهم فهم القرآن وأصرفهم عن آياتي قال ابن جرير وهذا خطاب لهذه الأمة" انتهى
ولقد رأينا اليوم من سفهاء هذه الأمة من يفسِّر القرآن على هواه، وكذلك السنة النبوية، لكن لا يستطيع هؤلاء الجهلة الحديث في العقيدة ولا التجويد لأن هذه العلوم هي أصل الإسلام والقرآن وغير قابلة للتحريف فهي علوم جامدة – أي ليس فيها جديد بل هي محفوظة قرنًا عن قرنٍ ، وبسند الرجال الصحيح المتصل إلى الرسول الكريم وصحبه الأفاضل.
فهؤلاء السفهاء يتحدثون في الفقه وكأنهم فقهاء، وفي التفسير كأنهم ابن جرير، وفي الحديث كأنهم البخاري فلا حول ولا قوة إلا بالله
فتجد هؤلاء قلوبهم مصروفة عن فهم كتاب الله وآياته وسننه في خلقه.
وتجد هؤلاء لا يستطيعون فهم القرآن كما قال تعالى (ذلك بأنهم كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم) سورة محمد صلى الله عليه وسلم وقال كذلك في ذات السورة (ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخطَ اللهَ وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم)
(وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الرُّشْدِ لاَ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِن يَرَوْاْ سَبِيلَ الْغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَذَّبُواْ بِآيَاتِنَا وَكَانُواْ عَنْهَا غَافِلِينَ) فتراهم يُسارعون في الضلالة وتحريف النصوص والكذب على الرسول، وإذا رأوا طريق الهداية والخير والرشاد لم يسلكوه ولم يرضَوْا به بل استهزئوا بأهله وسخروا منهم ووصفوهم بالجهل والتأخر.
وتجد هؤلاء الرويبضة يتكلمون في لغة العرب ويقولون لغة قديمة ولغة سقيمة ، وصدق أبو الطيب "المتنبي"
وكم من عائبٍ قولًا صحيحًا وآفته من الفهم السقيمِ
وليس يصحُّ في الأذهانِ شيءٌ إذا احتاج النهار إلى دليلِ
ومن يكُ ذا فم عيٍّ مريضٍ يَجِدْ به مُرًّا الماءَ الزُلالا
وتجد من المصروفين عن فهم آيات الله أصنافًا منهم :
1- اليهود والنصارى والمشركين فهم منهم العلماء والدكاترة ، والمهندسون ، وباحثوا في الفلك والرياضيات لكن لم يعرفوا رب العالمين فهم لا يعقلون قدرته ولا يبصرون أفعاله في الوجود من خلق وتقدير وتدبير وتيسير للأمور.
وإذا قرأ النصراني كتاب الله فهو لا يفقهه بل يبحث فيه عمَّا يوافق مذهبه! فلا هو وجد ما أراد ولا من كتاب الله استفاد.
2- المنافقون الذين أظهروا الإسلام ظاهرًا واعتقدوا الكفر باطنًا ، فهم مع المسلمين يصلون يصومون يزكون ، ومع المشركين قلبًا في نصرتهم وإعانتهم وإعلامهم بعورات المسلمين.
3- المنغمسون في المعاصي ، المتساهلون في الذنوب، المجترئون على حدود الله كسفك الدماء والزنا وأخذ أموال الناس بالباطل.
هذا والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم
كتبه: محمد بن جهاد أبو شقرة - الكويت
