ياعلي اما علمت أن فاطمة بضعة
بسم الله الرحمن الرحيم
مما يؤسف له أن الشيعة من القديم ابتلوا بقوم يكذبون عليهم ولكن الكذب على الشيعة كان ينطلي على أجل الناس لعدم تيسر كتب الشيعة بأيديهم بعد الحصار الشديد على كتب الشيعة حيث قل ما تجد كتاب شيعياً في المكتبات العامة السنية على رغم من كثرة كتب الشيعة في شتى المجالات على عكس الشيعة حيث لم تخلوا مكتباتهم الخاصة البيتية فضلاً عن المكتبات العامة من ما يتيسر من كتب السنة وفي كل المواضيع العقائدية وغيرها .
اما اليوم فالكذبة سرعان ما ينكشف بعد توفر كتب الشيعة في الإنترنت و السيديات
فلا يحتاج الباحث إلا إلى متابعة بسيطة ليعرف الحقيقة لكن مع هذا و اخواننا مع الأسف يكذبون على الشيعة وكأنهم لا يهمهم أنكشاف كذبهم ولعل حسابهم ان اكثر القراء لا يتابعون ولا يرجعون للمصادر الشيعية ولا يهمهم أن تنكشف الكذبة لقلة من الناس مادامت تنطلي على أكثر الناس
و من هذا القبيل زميلنا فرقان حيث أقتطع جزء كبيراً من الرواية لتضيع الحقيقة
على القارئ وصرف نظره عن مرمى رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم ) من احضار ابي بكر و عمر و طلحة في قضية لا علاقة لهم فيها و لنذكر تتمت الروية من كتاب علل الشرائع ثم نعلق عليها لتوضيح مرمى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) من وراء ذلك فبعد أن قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) ياعلي اما علمت أن فاطمة بضعة مني و أنا منها فمن آذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد آذا الله ومن آذاها بعد موتي كان وهذه الرواية كاملة
أتى رجل أبا عبدالله " ع " فقال له: يرحمك الله هل تشيع الجنازة بنار ويمشي معها بمجمرة أو قنديل أوغير ذلك مما يضاء به؟ قال فتغير لون أبى عبدالله " ع " من ذلك واستوى جالسا ثم قال: انه جاء شقي من الاشقياء إلى فاطمة بنت رسول الله (ص) فقال لها: أما علمت ان عليا قد خطب بنت أبى جعل فقالت: حقاما تقول؟ فقال: حقا ما أقول ثلاث مرات فدخلها من الغيرة مالاتملك نفسها وذلك ان الله تبارك وتعالى كتب على النساء غيرة وكتب على الرجال جهادا وجعل للمحتسبة الصابرة منهن من الاجر ماجعل للمرابط المهاجر في سبيل الله، قال: فاشتد غم فاطمة من ذلك وبقيت متفكرة هى حتى أمست وجاء الليل حملت الحسن على عاتقها الايمن والحسين على عاتقها الايسرو أخذت بيد أم كلثوم اليسرى بيدها اليمنى ثم تحولت إلى حجرة أبيها فجاء علي فدخل حجرته فلم ير فاطمة فاشتد لذلك غمه وعظم عليه ولم يعلم القصة ماهي فاستحى ان يدعوها من منزل أبيها فخرج إلى المسجد يصلي فيه ماشاء الله ثم جمع شيئا من كثيب المسجد واتكى عليه، فلما رأى النبي صلى الله عليه وآله ما بفاطمة من الحزن أفاض عليها من الماء ثم لبس ثوبه ودخل المسجد فلم يزل يصلي بين راكع وساجد وكلما صلى ركعتين دعاالله ان يذهب مابفاطمة من الحزن
نها لا
يهنيها النوم وليس لها قرار قال لها قومي يا بنية فقامت فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحملت فاطمة الحسين واخذت بيد أم كلثوم فانتهى إلى علي " ع " وهو نايم فوضع النبي صلى الله عليه وآله رجله على رجل علي فغمزه وقال قم يا أبا تراب فكم ساكن ازعجته ادع لي أبا بكر مند اره وعمرمن مجلسه وطلحة فخرج علي فاستخرجهما من منزلهما واجتمعوا عند رسول الله صلى الله عليه وآله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله ياعلي أما علمت ان فاطمة بضعة منى وانا منها فمن آذاها فقد آذانى من آذانى فقد آذى الله ومن آذاها بعدموتى كان كمن آذاهافي حياتي ومن آذاها في حياتي كان كمن آذاها بعد موتى، قال: فقال علي بلى يارسول الله، قال فمادعاك إلى ماصنعت؟ فقال علي والذي بعثك بالحق نبيا ماكان منى مما بلعها شئ ولا حدثت بها نفسي، فقال النبي صدقت وصدقت ففرحت فاطمة عليها السلام بذلك وتبسمت حتى رئي ثغرها، فقال أحدهما لصاحبه انه لعجب لحينه مادعاه إلى مادعانا هذه الساعة قال: ثم أخذ النبي صلى الله عليه وآله بيدعلي فشبك أصابعه باصابعه فحمل النبي صلى الله عليه وآله الحسن وحمل الحسين علي وحملت فاطمة أمن كلثوم وادخلهم النبي بيتهم ووضع عليهم قطيفة واستودعهم الله ثم خرج وصلى بقية الليل فلما مرضت فاطمة مرضها الذى ماتت فيه اتياها عايدين واستاذنا عليها فابت ان تأذن لهما فلما رأى ذلك أبوبكر أعطى الله عهدا أن لايظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويتراضاها فبات ليلة في البقيع ما يظله شئ ثم ان عمرأتى عليا " ع " فقال له ان أبابكر شيخ رقيق القلب وقد كان مع رسول الله صلى الله عليه وآله في الغار فله صحبة وقد اتيناها غيرهذه المرة مرارا نريد الاذن عليها وهي تأبى ان تأذن لنا حتى ندخل عليها فنتراضى فإن رأيت ان تستأذن لنا عليها فافعل، قال: نعم فدخل علي على فاطمة عليها السلام فقال يابنت رسول الله صلى الله عليه وآله قد كان من هذين الرجلين
ما قد رأيت وقد تردد مرارا كثيرة ورددتهما ولم تأذنى لهما وقد سألاني أن استأذن لهما عليك؟ فقالت والله لا آذن لهما ولا اكلمهما كلمة من رأسي حتى ألقى أبى فاشكوهما اليه بماصنعاه وارتكباه مني
أقول بعد أن عرفنا الرواية ننبه إلى أمور
الأول : أن قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من آذاها فقد ومن أغضبها الخ . إنما يقصد النهي عن إن يتسبب أحد في إيذانها بعمل شيء يغضبها ومن تتمة الرواية يظهر ان علياً ( عليه السلام ) لم يفعل شيئاً يوجب غضبها إنما الذي تسبب في غضبها فعل الواشي الكاذب وعلي برئ منه ولا معنى لان يغضب الله على علي لانه وشي عليه كذباً فلا يقصد هذا من قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) من آذاها فقد ... )) قطعاً
الثاني : الملحوظ تلطف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) في الحديث مع علي حيث أنه على الرغم من حالة فاطمة ( عليها السلام ) التي لم يقر معها قرار لم ينسب غضب فاطمة ( عليها السلام ) إلى علي ( عليه السلام ) فلم يقل له
مثلاً لمّ تغضب فاطمة ان فاطمة بضعة ... بل طرحه بشكل السؤال قال أما علمت ان فاطمة ... )) مما يوحي أنه كان مبرءً لعلي من الأول .
الثالث أن قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) اما علمت يدل على أنه قال ذلك من قبل أو علمه لعلي لانه باب مدينة علمه
الرابع من الحكمة في مثل هذه الحال أن يسأل النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم )
وهم أسرة واحدة عن ذلك قبل ان يبعث وراء آخرين من خارج البيت الواحد فان لم تحل يتوسل عند ذلك بالآخرين فما هو الوجه في إرساله وراء أبي وعمر وطلحة في ذلك الوقت المتأخر من اليل كما يظهر من الرواية . وهم لا علاقة لهم بالموضوع أصلاً أذ لو كان قد دعا أحداً من أقاربأبي جهل لا مكن ان يتصور له وجه مما يوحي أنه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أراد إيضاح ما قاله في حق فاكمة لهما
الخامس تأكيد النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على انه آذاها بعد موته كمن آذاها قبل موته ومن آذاها في حياته كمن آذاها بعد موته ))
مع ان صدر الرواية كاف في إثبات حرمة آذاها قبل وبعده
مما يوحي ان رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) يرمي إلى إقامة الحجة عليهما بالخصوص من باب إياك أعني وسمعي يا جارة فكان ( صلى الله عليه واله وسلم )
استشف من وراء الغيب ما يصدر فيها بحق فاطمة فأراد تأكيد الحجة عليهما فخصهما بذلك خصوصاً وان الرواية يذكر ان الزهراء (ع ) ذكرتهما بهذا المجلس
ولعل إحضار طلحة ليكون شاهد على ذلك لئلا ترد شهادة علي والحسنين بحجة انه يجر النار على قرصه وصغر الحسنين كما فعلوا ذلك في أمر فدك
ولعله لهذا نرى ان ابا بكر قامت قيامته حتى أعطى الله عهداً ان لا يظله سقف بيت حتى يدخل على فاطمة ويترضاها
وبالجملة : كأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) استغل الفرصة ليقيم الحجة الدامغة عليهما ولا يترك مجالاً للتأويل والاعتذار فانه إذا كان غضب فاطمة لامر جائر شرعاً وهو تزوج علي من بنت أبي جهل يكون سبباً لغضب الرسول ثم الله تعالى فماظنك بغضبها على فدك وغيرها
أقول وهذا النحو من التعليم وإقامة الحجة ليس ببدع من النبي ( النبي صلى الله عليه وآله وسلم )
بل جرى عليه الباري عز وجل في قصة غراب أبني آدم وقصة الملائكة الذين تسوروا على داود المحراب وقصة الحسنين مع ذلك الشيخ ليوضحا له كيفية الوضوء وغيرها فراجع وتأمل