هل يعبد المسلمون صنما ويعبد النصارى الاله الحق ؟

يقول المسيحيون أن الاله المثلث الاقانيم ضرورة ليكون الاله كامل فى صفاته , حيث أن الثالوث الذى يتكون من الله الاب ( الذات) والابن (العقل) والروح القدس (الروح) لا يمكن ان يفترق احدهما عن الاخر وإلا كان الله (الذات) ناقصا , فيكون بلا عقل أو بلا روح وبالطبع لا يمكن للاله ان يكون بلا عقل وبلا روح والا كيف يستطيع تدبير الكون واحكامه (اذا كان بلا عقل) وكيف يكون حى وموهب الحياة (اذا كان بلا روح) ولهذا يزعم المسيحيون أن المسلمين الذين يؤمنون بوحدانية الله وينكرون عن الله صفة الابن (العقل) وصفة الروح القدس (الروح) وينكرون انهما اقنومين من اقانيم الله الواحد إنما يعبدون صنما بلا عقل ولا روح .
ذكرت فى هذه المقدمه معتقد النصارى من ضرورة وجود الاقانيم وما يعيبونه على المسلمين فى معتقدهم لنعلم كيف يتم تلبيس الحق بالباطل وكيف يتم خداع القوم بكلام لا اساس له من الصحة ولا يوافق العقل , وقبل الخوض فى هذا الموضوع سوف اضرب مثالا بأنك اذا ناديت على انسان ولم يستجب لندائك وأردت ان تستفسر عن عدم استجابته لندائك تسأله هل تسمع ؟؟ ولا تقول له هل لك أذن ؟! وكذلك اذا رأيت انسان يسير ويتخبط فيما حوله من اشياء تسأله , ألا ترى ؟؟ ولا تقول له هل لك عين ؟! فالسؤال عن الوظيفه هو الاساس من السؤال عن الاداة لان الكثيرين يكون لديهم الاداة ولكن قد تكون الوظيفه معطله , وبالتالى اذا سألت شخص هل تسمع ؟ وقال لك نعم , فليس من المنطقى ان تسأله هل لك أذن ؟ لأن العبرة بالقيام بالوظيفه وبالتالى , واذا تكلمنا على الله سبحانه وتعالى , هل الله يسمع ؟ بالطبع الاجابه نعم , واذا سألنا جدلا هل لله أذن ؟؟ نقول ان هذا السؤال ليس له وجاهه ولا يعتبر لان الله يسمع ولكن ليس سمعه كسمعنا , إذ أن الله يسمع السر والعلانيه ويسمع حتى دبيب النملة السوداء على الصخرة الصماء فى الليلة الظلماء , كما أن الاذن التى هى اداة السمع بالنسبه للانسان والوسيلة التى تعينه على السمع , أما بالنسبه لله فهو سبحانه وتعالى لا يحتاج الى وسيلة او سبب حتى ينال ما يريد سبحانه وتعالى .
يقول الكتاب المقدس : الغارس الأذن ألا يسمع ؟ الصانع العين ألا يبصر (مز 94 : 9)
ويقول القرآن الكريم : .( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى 11
والآن نتكلم عن الاقانيم فى المسيحية والتى يؤمن النصارى بضرورة وجودها فى الاله والا كان الاله ناقصا او صنما كما يدعون .
الصفه الاولى وهى العقل :
انا العقل هو اداة التفكير والتدبير والحكمه , وهناك من عرف الحكمة على أنها قول أو عمل ما ينبغي كما ينبغي في الوقت الذي ينبغي , و منهم من قال ان الحكمة في حقيقتها : وضع الأشياء في مواضعها فالحكيم هو الذي لا يفعل القبيح ولا يخل بواجب , وبالتالى فإن السؤال عن العقل لمن اتصف بالحكمة فى القول والفعل انما هو سؤال ليس فى موضعه وانما من سأل عن الحكيم صاحب التدبير والتصريف فى الامور كلها هل له عقل ام لا يتصف صاحب هذا السؤال انه ربما ليس له عقل , وإذا أردنا أن نعرف هل إله النصارى له عقل أم لا وهل اله المسلمين بالوصف الذى وصفه له النصارى فلنرجع الى كتاب كل من الطائفتين لنعرف بما يتصف اله كل منهما . ففى القرآن يتصف اله المسلمين بالاتى .
أنه أحكم الحاكمين
وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ [هود 45]
(ونادى نوح ربه فقال رب إن ابني) كنعان (من أهلي) وقد وعدتني بنجاتهم (وإن وعدك الحق) الذي لاخلف فيه (وأنت أحكم الحاكمين) أعلمهم وأعدلهم
2-أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ [التين 8]
(أليس الله بأحكم الحاكمين) هو أقضى القاضين
أنه مدبر الامور كلها منذ خلق الكون الى قيام الساعه
اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لأَجَلٍ مُّسَمًّى يُدَبِّرُ الأَمْرَ يُفَصِّلُ الآيَاتِ لَعَلَّكُم بِلِقَاء رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ ) الرعد 2
يُدَبِّرُ الأَمْرَ مِنَ السَّمَاءِ إِلَى الأَرْضِ ثُمَّ يَعْرُجُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ أَلْفَ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ [السجدة:5].
هو العليم الخبير :
العليم : فهو المحيط علمه بكلّ شيء، فلا يخفى عليه شيء، يعلم الموجودات كلّها، والمعدومات لو كانت كيف تكون.
الخبير : هو:” العالم بما كان وما سيكون ” , ” هو العالم بكنه الشّيء، المطّلع على حقيقته “
” الفرق بين العلم والخُبر: أنّ الخبر هو العلم بكنه المعلومات على حقائقها، ففيه معنى زائد على العلم “.
” إِنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَاذَا تَكْسِبُ غَدًا وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ “[ لقمان:34] .
وبالتالى مع صفات الله فى الاسلام من العلم والخبرة والحكمة والتدبير فلا محل لسؤال هل لله عقل لانه حينها يعد السؤال فى غير محله وكأنك تسأل عن من يسمع هل له اذن ومن يرى هل له عين لان الاذن محل السمع والعين محل الابصار وهما موجودان ومعلومان .
وأما بالنسبة لاله النصارى فنجد وصفه فى الكتاب المدعو مقدس بالاتى :
ـ{ الخروج 32} { 14 فندم الرب على الشر الذي قال انه يفعله بشعبه. }ـ
ـ{ القضاة 2} { 18 وحينما أقام الرب لهم قضاة كان الرب مع القاضي, وخلصهم من يد أعدائهم كل أيام القاضي, لأن الرب ندم من أجل أنينهم بسبب مضايقيهم وزاحميهم. }ـ
ـ{ صموئيل الأول 15} { 35 ولم يعد صموئيل لرؤية شاول إلى يوم موته, لأن صموئيل ناح على شاول, والرب ندم لأنه ملك شاول على إسرائيل. }ـ
ـ{ صموئيل الثاني 24} { 16 وبسط الملاك يده على أورشليم ليهلكها، فندم الرب عن الشر وقال للملاك المهلك الشعب: «كفى! الآن رد يدك». وكان ملاك الرب عند بيدر أرونة اليبوسي.
{ التكوين 6} { 6 فحزن الرب انه عمل الانسان في الارض وتاسف في قلبه. }
نجد أن اله الكتاب المقدس ومعبود النصارى موصوف بأنه يندم ويتأسف لفعل اشياء ويحزن لفعل اشياء وقد تم تعريف الندم على انه (الندم هو شعور سلبي وهو درجات يشعر به الانسان عند قيامه بعمل يدرك فيمابعد انه ليس صواب ولا طائل من وراءه او عندما يدرك انه اهمل شيئا كان في متناوله الا انه اهمله وبعد اهماله له شعر بقيمته الكبيرة … )
أى أن اله النصارى يفعل الاشياء ويندم عليها لانه فعلها فى غير موضعها أو يفعل الامر ويقدر المقادير ثم يكتشف اه اخطأ فيما قدر وفعل وهذا مخالف للحكمة والعقل والحسن التدبير , وبالتالى فمن يستحق ان يوصف انه بدون عقل انما هو اله النصارى بما اتصف به فى كتابهم وليس من عند المسلمين , كما أن النصارى يعترفون ان التثليث انما هو امر فوق العقل والفهم وبالتالى يكون اله النصارى يأمر الناس بشيء يفوق قدراتهم وهذا الأمر يتعارض مع حكمة الرب وحسن تدبيره .
وأما عن صفة الروح أو ان الاله عنده روح أم لا , فإن وجود الروح تعنى الحياة وبالتالى بالرجوع الى كتاب المسلمين ومعتقدهم فى الههم والرجوع الى كتاب النصارى ومعتقدهم فى الههم نرى اي الالهين من يتصف بصفة الحياة وايهما لا يتصف بهذه الصفة .
ففى القرآن بالنسبة لصفات الله فى الاسلام :
( اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لا تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلا نَوْمٌ ) البقرة 255
وقال تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ إِنَّ الْإِنْسَانَ لَكَفُورٌ)
والايات التى تصف الله سبحانه وتعالى فى القرآن انه الحي وانه المحيي (واهب الحياة) كثيرة وبالطبع فاقد الشيء لا يعطيه , بل ونجد ان الله فى القرآن الحي الذى لا ينام بل ولا تأخذه سِنة (أى غفوة أو نعاس) فضلا عن ان يتصف بالموت الذى هو نقيض الحياة .
وأما النصارى فلا يتم ايمانهم بربهم الا اذا اعتقدوا ان الههم تجسد ليموت على الصليب وأن موت الاله على الصليب هو الاساس لتكفير خطايا البشر من لدن آدم الى سائر ابنائه وبالتالى فلا نحتاج الى نصوص او اقوال لانها كثيرة جدا فى معتقد النصارى والتى تدل على ان الله مات على الصليب ليحمل ويكفر عن الخطيه الاصليه لادم وخطايا الانسان .
وعلى هذا , فبالرغم من اعتقاد النصارى بالثالوث وأن الاله لابد أن يكون مثلث الاقانيم (الاب والابن –العقل- والروح القدس) حتى يكون اله كامل ’ فإن هذا لم يغنى عن الههم شيئا , فكان معه العقل وندم وتأسف وحزن على افعاله , وكان معه الروح ومات مصلوبا ومهانا على الخشبه .
{قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيرًا وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} (77) سورة المائدة
سبحان الله وتعالى عما يقول النصارى علوا كبيرا وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .