الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري

آخـــر الــمــواضــيــع

الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري

النتائج 1 إلى 5 من 5

الموضوع: الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري

  1. #1
    إدارية سابقة
    الصورة الرمزية حفيدة عائش
    الحالة : حفيدة عائش غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 10353
    تاريخ التسجيل : Feb 2012
    الجنـس : مرأة
    المشاركات : 2,642
    المذهب : سنيه
    التقييم : 160

     

     

    1 58 الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري




    إمام النقاد، وأمير المؤمنين في الحديث
    أبو بسطام الواسطي، ثم البصري
    (82-160هـ)

    الحمد لله،والصلاة والسلام على رسول الله
    هذا تلخيص لترجمة عالم كبير، ونبذة يسيره من سيرة إمام جليل، وبيان مجمل لمنهج ناقد جبل، إنه الإمام الهمام، أبو بسطام، شعبة بن الحجاج رضي الله عنه بمنته، وجمعنا به في دار كرامته، برحمته.


    التعريف بالإمام شعبة، اسماً ونسباً ونشأة وموطناًً
    هو – كما قال الخطيب في أول ترجمته من (تاريخه) - شعبة بن الحجاج بن الورد أبو بسطام العتكي مولاهم واسطي الأصل بصري الدار.
    وقال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (1/126): (ومن العلماء الجهابذه النقاد بالبصره شعبة بن الحجاج أبو بسطام العتكي، هو ابن الحجاج بن الورد مولى العتيك، بصري، أصله واسطي).
    قال الخطيب: (قدم شعبة بغداد مرتين وحدث بها وكان قدومه إحدى المرتين بسبب أخ له حبس في دين كان عليه).
    وأخرج الخطيب عن قعنب بن المحرر الباهلي قال: (شعبة بن الحجاج مولى للجهضم بن العتيك).
    وأخرج عن القاضي إسماعيل بن إسحاق قال: (كان [أي شعبة] مولى للعتيك، وأصله بصري، ونشأ بواسط، وولد بواسط، وانتقل إلى البصرة).
    وأخرج عن صالح بن سليمان قال: (كان شعبة بصرياً، مولى الأزد، ومولده ومنشؤه واسط، وعلمه كوفي).
    وأما بداية طلبه للحديث، فقد روى الخطيب عن الأصمعي عن شعبة قال: (كنت ألزم الطرماح، أسأله عن الشعر، فمررت يوماً بالحكم بن عتيبة وهو يقول: حدثنا يحيى بن الجزار، وقال: حدثنا زيد بن وهب، وقال: حدثنا مقسم؛ فأعجبني، وقلت: هذا أحسن من الذي أطلب، أعني الشعر؛ قال: فمن يومئذ طلبت الحديث).
    أخرج الخطيب عن يحيى بن سعيد قال: (شعبة أكبر من سفيان الثوري بعشر سنين، والثوري أكبر من ابن عيينة بعشر سنين).

    أشهر من روى عنهم ورووا عنه

    رأى الحسن ومحمد بن سيرين؛ وسمع قتادة ويونس بن عبيد وأيوب وخالد الحذاء وعبد الملك بن عمير وأبا إسحاق السبيعي وطلحة بن مصرف وعمرو بن مرة ومنصور بن المعتمر وسلمة بن كهيل وإسماعيل بن أبي خالد وسليمان الأعمش وحبيب بن أبي ثابت والحكم بن عتيبة وعمرو بن دينار وسعد بن إبراهيم وسعيد المقبري ويحيى بن أبي كثير، وخلقاً كثيراً من طبقتهم.
    روى عنه أيوب السختياني والأعمش ومحمد بن إسحاق وإبراهيم بن سعد وسفيان الثوري وشريك بن عبد الله وسفيان بن عيينة ويحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن مهدى ومحمد بن جعفر غندر وعبد الله بن المبارك ويزيد بن زريع وخالد بن الحارث ومحمد بن أبي عدي وابن علية وبشر بن المفضل ومعاذ بن معاذ ووهب بن جرير ووكيع، وأبو داود وأبو الوليد الطيالسيان، ويزيد بن هارون وروح بن عبادة وبهز بن أسد وعفان وحجاج الأعور وآدم بن أبي إياس وشبابة بن سوار وأبو النضر والحسن بن موسى الأشيب وعلي بن الجعد وغيرهم.
    هذا ما ذكره الخطيب في (تاريخ بغداد)؛ ومن استزاد فليرجع إلى ترجمة شعبة من (تهذيب الكمال) للمزي، و(تاريخ الاسلام) لتلميذه الذهبي؛ قال الذهبي في (السير) في ترجمة شعبة: (ذكر شيخنا أبو الحجاج [هو المزي] في (تهذيبه) لشعبة ثلاث مئة شيخ، سماهم).

    إجمال أظهر وأهم خصائصه ومناقبه

    أهم فضائل هذا الإمام – بعد الإيمان والورع - أنه أمير المؤمنين في الحديث، ورأس علماء الرجال والعلل؛ وأول من توسع في نقد الرواة؛ وعنه أخذ الناس هذا العلم الشريف، فهو الذي شيد أركان مدرسة الجرح والتعديل، في العراق، بل في العالم كله؛ بعد أن استبانت له أصولها التي فهمها جيداً وأتقنها إتقاناً، واتضحت له أسسها التي ثبَّتها أسلافُه؛ فقام - بعزم وجد وثبات واحتياط - يشيّد من فن النقد أركانه، ويقيم على أسسه بنيانه، يفعل ذلك حسبة وديانة، وأداء لحق النصيحة والأمانة.
    أخرج الخطيب عن أبي زرعة قال: حدثنا مقاتل بن محمد قال سمعت وكيعاً يقول: إني لأرجو أن يرفع الله لشعبة في الجنة درجات بذبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
    وقال (1/126): في أول (باب ما ذكر من علم شعبة بن الحجاج رحمه الله وما فتح الله عز وجل عليه من المعرفة بصحيح الآثار وسقيمها وبناقلتها):
    (نا محمد بن مسلم قال سمعت أبا زياد حماد بن زاذان قال سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول شعبة إمام في الحديث).
    وقال (1/126): (نا أبي نا أبو بكر بن أبى الأسود نا عبد الرحمن بن مهدى قال كان سفيان يقول شعبة أمير المؤمنين في الحديث)؛ قال أبو محمد [ابن أبي حاتم]: (يعنى فوق العلماء في زمانه).
    وقال (1/126-127): (ذكره أبى نا محمد بن يحيى الذهلي النيسابوري نا أبو قتيبة سلم بن قتيبة قال: (قدمت الكوفة فأتيت سفيان الثوري فقال لي: من أين أنت؟ قلت: من أهل البصرة؛ قال: ما فعل أستاذنا شعبة).
    وقال (1/127): (نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي، يعني ابن المديني، قال سمعت يحيى بن سعيد يقول: كان شعبة أعلم الناس بالرجال، وكان سفيان صاحب أبواب).
    وقال (1/127): (نا صالح بن احمد بن حنبل نا على بن المديني قال سمعت بهز بن أسد قال حدثني عبد الله بن المبارك قال حدثني معمر أن قتادة كان يسأل شعبة عن حديثه يعنى حديث نفسه).
    قال أبو محمد: (وكان قتادة بارع العلم نسيج وحده في الحفظ في زمانه لا يتقدمه كبير أحد، فحلَّ شعبة من نفسه محلا يرجع إليه في حديث نفسه).
    وقال (1/128): (نا على بن الحسن ثنا أحمد، يعني ابن حنبل، ثنا أبو داود قال قال شعبة: كنت أعرف إذا جاء، يعني إذا حدث، قتادة ما سمع مما لم يسمع).
    وقال (1/128): ( محمد بن حمويه بن الحسن قال: سمعت أبا طالب يعني أحمد بن حميد قال: قال أحمد بن حنبل: شعبة أعلم بحديث الحكم، ولولا شعبة ذهب حديث الحكم، ولم يكن في زمن شعبة مثله في الحديث، ولا أحسن حديثاً منه؛ كان قسم له من هذا حظ؛ وروى عن ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة لم يرو عنهم سفيان).
    وقال (1/175): (ذكره عبد الله بن بشر البكري الطالقاني سمعت عبد الملك بن عبد الحميد الميموني قال سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول سمعت عفان يقول سمعت يحيى بن سعيد، يعني القطان، يقول: ما لقيت أحداً أحسن حديثاً من شعبة؛ وقال أحمد بن حنبل: روى شعبة عن نحو من ثلاثين شيخاً لا يروى عنهم سفيان الثوري؛ لو لم يكن إلا الحكم بن عتيبة؛ ولولا شعبة من كان يروي عن الحكم؛ وشعبة حسن الحديث عن أبي إسحاق، وعن كل من يحدث عنه).
    [قلت: كلمة حسن هنا تؤدي معناها اللغوي لا الاصطلاحي؛ إلا إذا أريد بالحسن التفرد بالحديث أو بإتقانه، فهذا بعض المعاني الاصطلاحية لحسن الحديث].
    وقال (1/128): (سمعت أبى يقول إذا رأيت شعبة يحدث عن رجل فاعلم أنه ثقة إلا نفراً بأعيانهم قيل لأبي: ألم يكن للثوري بصر بالحديث كبصر شعبة؟ قال: كان الثوري قد غلب عليه شهوة الحديث وحفظه؛ وكان شعبة أبصر بالحديث وبالرجال؛ وكان الثوري أحفظ؛ وكان شعبة بصيراً بالحديث جداً، فهماً له، كأنه خُلق لهذا الشأن).
    وقال (1/128): (نا محمد بن أحمد بن البراء قال: قال علي، يعني ابن المديني: نظرت فإذا الإسناد يدور على ستة: الزهري وعمرو بن دينار وقتادة ويحيى بن أبى كثير وأبي إسحاق والأعمش؛ ثم صار علم هؤلاء الستة إلى أصحاب الأصناف ممن صنف؛ فمن أهل البصرة شعبة بن الحجاج وابن أبي عروبة وحماد بن سلمة ومعمر وأبو عوانة).
    وأخرج الخطيب عن أحمد بن خلف أخبرنا محمد بن القاسم قال ذكر شعبة بن الحجاج عند أبي زيد سعيد بن أوس الأنصاري فقال أبو زيد هل العلماء الا شعبة من شعبة.
    وأخرج عن ابن المبارك قال: كنت عند سفيان فأتاه موت شعبة فقال: اليوم مات الحديث.
    وروى الخطيب وغيره تلقيبه بأمير المؤمنين من قِبل سفيان الثوري وسفيان بن عيينة وعبد الرحمن بن مهدي وغيرهم.
    وعند ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/175) باب عنوانه (باب ما ذكر من تبجيل العلماء لشعبة)؛ وذكر الذهبي في (السير) وغيره من كتبه، طائفة من ذلك التبجيل.
    روى ابن أبي حاتم عن أبي داود [الطيالسي] عن شعبة قال: كان أيوب، يعنى بن أبى تميمة السختياني، يمشي معي إلى مسجد بني ضبيعة يسألني عن الحديث).
    وروى عن يحيى قال: (رأيت عبد الوارث عند شعبة بين يديه جالساً ذليلاً).
    وروى عن بقية قال: سمعت شعبة يقول: (ما شفاني من الحديث إلا الأعمش)؛ قلت: إنما ساق ابن أبي حاتم هذا الأثر في هذا الباب، لأن الأعمش كان عسراً في الرواية، ومع ذلك كان يتساهل على شعبة استثناء لمثله من بين الرواة.
    وثناء العلماء على شعبة كثير جداً، ولا حاجة لاستيفائه هنا، أو لمزيد من التطويل بها، لأن مناقب هذا الإمام شهيرة، ولا خلاف فيها بحمد الله.

    تثبته وتحريه

    قال ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/161): (حدثني أبي رضي الله عنه نا علي بن محمد الطنافسي نا وكيع نا شعبة، وكان معنياً بالحديث، قال: (أتيت يعلى بن عطاء فقال لي: يا هذا خذ حديثي واذهب، فقلت: لا، حتى أحفظه من فيك؛ فاختلفت إليه حتى قرع رأسي).
    قال ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/162): (نا محمد بن يحيى قال أخبرني يوسف بن موسى يعنى التستري قال سمعت أبا داود يقول سمعت شعبة يقول: ليس شيء أحدثكموه الا شيئاً حفظته أنا، لم يعنّي عليه أحد).
    وقال (1/161): (نا أبي قال: سمعت أبا الوليد الطيالسي قال: سمعت حماد بن زيد يقول: إذا خالفني شعبة في شيء تركته، لأنه كان يكرر؛ ما أبالي من خالفني إذا وافقني شعبة، لأن شعبة كان لا يرضى أن يسمع الحديث مرة).
    وأخرج الخطيب عن محمد بن أحمد بن يعقوب حدثنا جدي قال: يقال إن شعبة كان إذا لم يسمع الحديث مرتين لم يعتد به ضبطا منه له وإتقانا وصحة أخذ.
    قال: وحدثنا جدي قال سمعت أحمد بن أبي الطيب أو غيره قال: قال سفيان الثوري: ما رأيت أحداً أورع في الحديث من شعبة يشك في الحديث الجيد فيتركه.
    وقال الترمذي في (علله) (ص748): (حدثنا عبد بن حميد حدثنا أبو داود قال شعبة ما رويت عن رجل حديثا واحدا إلا أتيته أكثر من مرة والذي رويت عنه عشرة أحاديث أتيته أكثر من عشر مرار، والذي رويت عنه خمسين حديثا أتيته أكثر من خمسين مرة والذي رويت عنه مئة أتيته أكثر من مئة مرة إلا حيان البارقي فإني سمعت منه هذه الأحاديث ثم عدت إليه فوجدته قد مات).
    وقال ابن حجر في ترجمة شعبة من (تهذيب التهذيب) (وفي تاريخ بن أبي خيثمة: قال شعبة: ما رويت عن رجل حديثا إلا أتيته أكثر من مرة والذي رويت عنه عشرة أتيته أكثر من عشر مرار).
    قلت: هذه الحكاية – ولا سيما في روايتها التي أخرجها الترمذي - لا تخلو من غرابة، ولا أدري الآن أتصح أو لا.
    وقد عقد ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/163-170) باباً بإسم (باب ما ذكر من مراجعة شعبة لناقلة الحديث وإيقافهم على ما يتخالج في نفسه):
    ومما أورده فيه ما يلي:
    (نا يونس بن حبيب نا أبو داود نا شعبة قال: سألت طلحة بن مصرف عن هذا الحديث أكثر من عشرين مرة؛ ولو كان غيري قال: ثلاثين مرة. (1/164).
    نا على بن الحسين بن الجنيد قال: قال على بن المديني نا بشر بن المفضل قال: قدم علينا إسرائيل، فحدثنا عن أبى إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة بن عامر بحديثين؛ فذهبت إلى شعبة، فقلت: ما تصنع شيئاً! حدثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن عبد الله بن عطاء عن عقبة، بكذا؛ فقال: يا مجنون هذا حدثنا به أبو إسحاق، فقلت لأبي إسحاق: من عبد الله بن عطاء؟ قال: شاب من أهل البصرة قدم علينا؛ فقدمتُ البصرة فسألت عنه فإذا هو جليس فلان، وإذا هو غائب في موضع؛ فقدم فسألته فحدثني به؛ فقلت: من حدثك؟ قال: حدثني زياد بن مخراق؛ فأحالنى على صاحب حديث؛ فلقيت زياد بن مخراق فسألته، فحدثني به؛ قال: حدثني بعض أصحابنا عن شهر بن حوشب).

    كونه أول من تكلم في الرجال

    قال صالح بن محمد الحافظ كما في (شرح علل الترمذي) لابن رجب (1/172-173): (أول من تكلم في الرجال شعبة بن الحجاج ثم تبعه يحيى بن سعيد القطان ثم تبعه احمد بن حنبل ويحيى بن معين).
    قال ابن الصلاح (ص350): (يعني أنه أول من تصدى لذلك وعني به؛ وإلا فالكلام فيه [فيهم] جرحاً وتعديلاً متقدم ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عن كثير من الصحابة والتابعين فمن بعدهم).
    وقال أبو بكر بن مَنْجويه: (وكان من سادات أهل زمانه حفظاً وإتقاناً وورعاً وفَضلاً، وهو أول من فتش بالعراق عن أمْرِ المحدّثين، وجانبَ الضّعفاء والمتروكين، وصارَ عَلَماً يُقْتَدَى به، وتَبِعَهُ عليه بعدَهُ أهلُ العراق).
    تنبيه: قال ابن حجر عقبه: (قلت: هذا بعينه كلام ابن حبان في «الثقات» نقله ابن منجويه منه ولم يعزه إليه، لكن عند ابن حبان أن مولده سنة (38)---).

    تكميل وتذييل:
    قال الذهبي في (ذكر من يعتمد قوله في الجرح والتعديل) (ص159-162): (فأول من زكى وجرح عند انقراض عصر الصحابة وابن سيرين ونحوهما، حفظ عنهم توثيق أناس وتضعيف آخرين، وسبب قلة الضعفاء في ذلك الزمان قلة متبوعيهم من الضعفاء، إذ أكثر المتبوعين صحابة عدول، وأكثرهم من غير الصحابة، بل عامتهم ثقات صادقون يعون ما يروون وهم كبار التابعين، فيوجد فيهم الواحد بعد الواحد فيه مقال، كالحارث الأعور وعاصم بن ضمرة ونحوهما، نعم فيهم عدة من رؤوس أهل البدع من الخوارج والشيعة والقدرية، نسأل الله العافية كعبد الرحمن بن ملجم والمختار بن أبي عبيد الكذاب ومعبد الجهني؛ ثم كان في المئة الثانية في أوائلها جماعة من الضعفاء من أوساط التابعين وصغارهم ممن تكلم فيهم من قبل حفظهم أو لبدعة فيهم، كعطية العوفي وفرقد السبخي وجابر الجعفي وأبي هارون العبدي، فلما كان عند انقراض عامة التابعين في حدود الخمسين ومئة تكلم طائفة من الجهابذة في التوثيق والتضعيف، فقال أبو حنيفة: ما رأيت أكذب من جابر الجعفي، وضعف الاعمش جماعة ووثق آخرين وانتقد الرجال شعبة ومالك----). انتهى.
    هذا، وقد عقد ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/132-156) باباً أسماه (ما ذكر من علم شعبة بناقلة الآثار وكلامه فيهم على حروف الهجاء)؛ فأورد فيه جملة طيبة من كلام هذا الإمام في الرواة؛ وهو دال على ما اشتهر من إمامته في هذا الفن، وسبقِه العلماء إلى التبحر فيه.

    اشتهاره بأنه لا يروي إلا عن ثقة

    كان شعبة عالماً بالحديث وكان ينتقي الرجال، وكان متفوقاً بهذه المسألة على الإمام الكبير سفيان الثوري رحمه الله تعالى.
    قال الخطيب: قرأت في أصل كتاب محمد بن أحمد بن رزق حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل إجازة قال سمعت أبي يقول كان شعبة امة وحده في هذا الشأن، يعني في الرجال، وبصره بالحديث، وتثبته، وتنقيته للرجال.
    وأخرج الخطيب من طريق يعقوب بن سفيان: حدثنا الفضل يعنى بن زياد قال: سئل أحمد بن محمد بن حنبل شعبة أحب إليك حديثاً أو سفيان؟ فقال: شعبة أنبل رجالاً وأنسق حديثاً.
    وأخرج الخطيب عن حماد بن مسعدة قال: قيل لابن عون: مالك لا تحدث عن فلان؟ قال: لأن أبا بسطام شعبة تركه.
    وقال المزي في ترجمته من (تهذيب الكمال): (قال أبو طالب، عن أحمد بن حنبل: شُعبة أثبتُ في الحَكَم من الأعمش وأعلم بحديث الحَكَم، ولولا شُعبة ذَهب حديث الحَكَم، وشُعبةُ أحسنُ حديثاً من الثّوريّ، لم يكن في زمن شُعبة مثله في الحديث، ولا أحسنَ حديثاً منه قُسِمَ له من هذا حظٌ؛ وروَى عن ثلاثين رجلاً من أهل الكوفةِ لم يرو عنهم سُفيان).
    قال المزي: (قال عبد الله بن أحمد بن حنبل، عن أبيه: كان شُعبة أُمةً وحده في هذا الشأن، يعني في الرّجال وبصره بالحديث وتَثَبّته وتنقيته للرجال).
    وقال ابن أبي حاتم (1/172): (نا صالح بن أحمد بن حنبل نا علي، يعنى بن المديني، قال: سمعت يحيى، يعني ابن سعيد القطان، يقول: أتى شعبةُ المنهالَ بن عمرو فسمع صوتاً فتركه؛ سمعت أبى يقول: يعني قراءة بألحان، فترك الكتابة عنه لأجل ذلك).

    انتقاؤه للأحاديث فضلاً عن الرجال

    لم يكن شعبة ينتقي الرجال فقط، بل كان ينتقي أحاديثهم أيضاً، قال ابن حجر في (فتح الباري) (11/197) في معرض كلامه على بعض الأحاديث:
    (وأشار الإسماعيلي إلى أن في السند علة أخرى فقال: سمعت بعض الحفاظ يقول: إن أبا إسحاق لم يسمع هذا الحديث من أبي بردة؛ وإنما سمعه من سعيد بن أبي بردة عن أبيه.
    قلت: وهذا تعليل غير قادح، فإن شعبة كان لا يروي عن أحد من المدلسين إلا ما يتحقق انه سمعه من شيخه)؛ وذكر نحو هذا في بضعة مواضع من (الفتح).

    محاولته منع الضعفاء من الرواة من التحديث

    لم يكن شعبة رحمه الله ليقنع بالنقد النظري للرواة وأحاديثهم، وحده، ولا بالاقتصار على الرواية عن الثقات عنده، [أو بالاقتصار على رواية ما صح عنده من أحاديث الثقات ومن قاربهم]، وحده، ولا بمجموع هذين الأمرين وحدهما؛ بل كان ناقداً يباشر النقد عملياً، كان يجيءُ إلى الرجلِ الذي لا يصلح للتحديث، فيمنعه، ويقول له: لا تحدّث وإلا استعديتُ عليك السلطانَ.
    قال ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (1/127): (حدثني أبي نا حرملة بن يحيى قال سمعت الشافعي يقول: لولا شعبة ما عرف الحديث بالعراق كان يجئ إلى الرجل [قال الذهبي في "السير" موضحاً المراد: (يعني الذي ليس أهلاً للحديث) ] فيقول: لا تحدث، وإلا استعديت عليك السلطان).
    قلت: كان السلطان فيه بقية من خير؛ ولو تم هذا الأمر لشعبة ومُنع أكثر الضعفاء عن التحديث لحصل خير كثير وقطع شر مستطير.

    تجرده للحق وعدم محاباته لأحد

    مما عرف به الإمام شعبة رحمه الله تجرده للحق وقوته في هذا الشأن وعدم محاباته فيه أحداً من الناس كائناً من يكون، قال الآجري في (سؤالات أبي داود) (487):
    (وسمعت أبا داود يقول : قال شعبة: لو حابيت أحداً حابيت هشاماً بن حسان، وكان قريبَه)؛ وانظر ترجمة هشام في الميزان.
    وقال ابن حبان في (المجروحين) (1/96): (أخبرنا الحسن بن سفيان قال سمعت معاذ بن شعبة يقول قال أبو داود: جاء عباد بن صهيب إلى شعبة فقال: إن لي إليك حاجة، فقال: ما هي؟ قال: تكف عن أبان بن أبي عياش، فقال: أنظرني ثلاثة أيام، ثم جاء بعد الثالث فقال: نظرت فيما قلتَ فرأيت أنه لا يحل السكوت عنه.
    سمعت محمد بن عبد الرحمن يقول سمعت الحسين بن الفرج يقول عن سليمان بن حرب عن حماد بن زيد قال: جاءني أبان بن أبي عياش، فقال: أحب أن تكلم شعبة أن يكف عني قال: فكلمته فكف عنه أياماً، فأتاني في بعض الليل فقال: إنك سألتني أن أكف عن أبان، وإنه لا يحل الكف عنه، فإنه يكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم----).

    مناقشة اشتهاره بالتشدد

    لقد اشتهر شعبة بتشدده في النقد، ولا سيما عند المتأخرين: روى أبو زرعة في (الضعفاء) (ص618) عن ابن المبارك قال: (ما رأيت رجلاً أطعن في الرجال من شعبة).
    وكان شعبة قد ترك جملة من الرواة في عصره فلم يرو عنهم شيئاً لأمور قد يكونون معذورين فيها عند غيره من النقاد، قال المعلمي: (وكانوا كثيراً ما يبالغون في الاحتياط، حتى قيل لشعبة: لم تركتَ حديث فلان؟ قال: رأيته يركض على برذون؛ وقال جرير: رأيت سماك بن حرب يبول قائماً، فلم أكتب عنه؛ وقيل للحكم بن عتيبة: لِم لم تروِ عن زاذان؟ قال: كان كثير الكلام).
    ونقل الذهبي في (السير) عن ورقاء قال: (قلت لشعبة: لمَ تركت حديث ابي الزبير؟ قال: رأيته يزن، فاسترجح في الميزان، فتركته).
    وروى الخطيب في (الجامع) (2/295) عن أبي العباس المبرد قال: أخبرنا يزيد بن محمد بن المهلب المهلبي قال: حدثني الأصمعي قال: سمعت شعبة يقول: (ما أعلم أحداً فتش الحديث كتفتيشي؛ وقفت على أن ثلاثة أرباعه كذب).
    قال أبو العباس: فحدثت به إسماعيل بن إسحاق القاضي فقال: لا ينبغي أن يكون في الحلال والحرام، فقلت: أجل، لأن الله تعالى يقول: (وإنه لكتاب عزيز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه) [سورة فصلت – الآية 42]. انتهى.
    قلت: هذه الحكاية قد توهم أن شعبة كان غاية في الشدة في نقد الرواة وأحاديثهم، ولكني لا أرى فيها دلالة على تشدد كثير أو قليل، بل معناها التمكن التام من نقد الأحاديث واستقصاء الروايات والمعرفة الدقيقة بها وكثرةُ ما كان شائعاً في ذلك الزمن من الطرق والأسانيد التالفة الساقطة؛ وانظر (تهذيب الكمال) (26/407).
    وقال ابن الصلاح في (المقدمة) (ص39-40): (حكى أبو عبد الله الحافظ أنه سمع محمد بن سعد الباوردي بمصر يقول: كان من مذهب أبي عبد الرحمن النسائي أن يخرج عن كل من لم يجمع على تركه----).
    فقال العراقي فيما نقله عنه السيوطي في (زهر الربى) (1/10): (هذا مذهب متسع)؛ وقال ابن حجر في (النكت) (1/482): (وما حكاه ابن الصلاح عن الباوردي أن النسائي يخرج أحاديث من لم يجمع على تركه فإنما أراد بذلك إجماعاً خاصاً، وذلك أن كل طبقة من نقاد الرجال لا تخلو من متشدد ومتوسط، فمن الأولى شعبة وسفيان الثوري، وشعبة أشد منه؛ ومن الثانية يحيى القطان وعبد الرحمن بن مهدي، ويحيى أشد من عبد الرحمن؛ ومن الثالثة يحيى بن معين وأحمد، ويحيى أشد من أحمد؛ ومن الرابعة أبو حاتم والبخاري، وأبو حاتم أشد من البخاري، وقال النسائي: "لا يترك الرجل عندي حتى يجتمع الجميع على تركه"؛ فأما إذا وثقه ابن مهدي وضعفه يحيى القطان مثلاً فإنه لا يترك لما عرف من تشديد يحيى ومن هو مثله في النقد).
    ومما قد يعُدّ تشدداً من شعبة ما رواه الخطيب في (الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع) (2/90) عن الأصمعي قال: كان رجل يتهم في الحديث، فقيل لشعبة: ألا تحدث عن فلان؟ فقال: لأن أزني أحب إلي من أن أحدث عن فلان؛ قال شعبة: من حدث عن رجل وهو يرى أنه يكذب فهو أحد الكاذبين)؛ ولكني لا أرى هذا تشدداً، بل هو عين الاعتدال وأكمله، يدل على ذلك مطابقته لمعنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح (من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين).

    وقوع الوهم منه في الأسماء أحياناً رغم إمامته وحفظه وتثبته

    اشتهر عند أهل الحديث أن شعبة كان يخطئ في الأسماء؛
    وأخرج الخطيب عن الآجري قال: سمعت أبا داود قال: لما مات شعبة قال سفيان: مات الحديث؛ قلت له: هو أحسن حديثاً من سفيان؟ فقال: ليس في الدنيا أحسن حديثاً من شعبة، ومالك على القلة، والزهري أحسن الناس حديثاً؛ وشعبة يخطئ فيما لا يضره ولا يعاب عليه يعني في الأسماء.
    وقال العجلي في الثقات – كما في ترتيبها 728 - : (شعبة بن الحجاج يكنى أبا بسطام واسطي سكن البصرة ثقة في الحديث تقي، وكان يخطىء في بعض الأسماء)؛ وفي موضع: (ثبت نقي الحديث كان يخطىء في أسماء الرجال قليلاً).
    وروى الخطيب عن أبي بكر الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله يقول: كان شعبة يحفظ، لم يكتب إلا شيئاً قليلاً، وربما وهم في الشيء.
    وقال الذهبي في (السير): (قال أحمد بن حنبل: كان غلط شعبة في الأسماء).
    ونقل المزي في (تهذيب الكمال) في ترجمة عبد الله بن يزيد النخعي الكوفي - وهو من شيوخ شعبة - عن عبد الله بن أحمد عن أبيه أن شعبة يخطئ في هذا، يقول: عبد الله بن يزيد؛ وإنما هو سلم [تصحفت في بعض الكتب إلى مسلم] بن عبد الرحمن النخعي).
    وبين الخطيب في (موضح أوهام الجمع والتفريق) (2/59- 60) في ترجمة خالد بن علقمة الهمداني الكوفي أن شعبة كان يخطئ في اسمه ونسبه، فيسميه مالك بن عرفطة، وهو من شيوخ شعبة.
    وقال ابن حجر في (التهذيب): (وأما ما تقدم من أنه كان يخطىء في الأسماء فقد قال الدارقطني في «العلل» : كان شعبة يخطىء في أسماء الرجال كثيراً لتشاغله بحفظ المتون).

    قلت: في قول الدارقطني (كثيراً) نظر، كما لا يخفى عند التأمل، بل كان يخطئ قليلاً، كما قال العجلي وأبو داود؛ بل الذي أظنه هو أن شعبة أخطأ في أسماء قليلة صحفها، لم يهم في تعيين راو، ولا سمى راوياً بإسم راو آخر، بل صحف تصحيفاً قريباً في أسماء عدد قليل من المقلين من الرواة، وأكثر ذلك في أصحاب الأسماء الغريبة أو القليلة الشيوع؛ وذلك لشدة وثوقه بحافظته وعدم الكتابة من جهة، ولكثرة مبالغته في الاعتناء بضبط السند عموماً، وضبط تفاصيل المتن، من جهة أخرى، والمبالغة في النظر إلى أحوال الرواة، من جهة ثالثة؛ يضاف إلى ذلك كله قلةُ أسماء الرواة الذين ارتضاهم فروى عنهم، فهذه القلة جعلته مطمئناً إلى حفظه للأسماء، ولم تؤدِّ به إلى الشعور بالحاجة إلى الاحتياط التام والمبالغة في تحفظ الأسماء، فوقع شيء من أوهام؛ وذلك بخلاف من خشي الوهم بسبب نقص حفظه وكثرة الأسماء التي أخرج لها، كما في عصر الإمام أحمد ومن جاء بعده؛ والرواة لم يزالوا في ازدياد.
    وأنا أرى أن هذا الأمر إنما اشتهر وبولغ فيه، لأنه من مثل شعبة غريب بل عجيب، فذكره أولاً بعض النقاد، ثم تتابع جماعة منهم على ذكره، فظن بعض من لا يعنى بتحقيق المسائل أن شعبة يكثر منه ذلك؛ وهذه الكثرة المدعاة خلاف مقتضى إمامة شعبة وكمال تثبته وإتقانه.
    ولعل الدارقطني أراد بالكثرة التعبير عن كون الخطأ ليس من القدر النادر الذي يقع فيه كل ثقة، بل هو أكثر من ذلك، وأنه – على قلته - يُستكثر من شعبة وأمثاله من الأئمة الحفاظ الأثبات؛ كتلميذ شعبة وخِرّيجه عبد الرحمن بن مهدي.
    وقال أحد فضلاء الملتقى، ويكتب فيه بإسم (يحيى القطان) تحت هذا العنوان: (أثر التَّشابه بين الخطأ والصواب في الرسم) ما نصه:
    (يُعدّ التشابه في رسم الخطأ والصواب من أعْقَد الأمور، ولا يكاد يقف عليه إلا الأفذاذ؛ ومع هذا فالخطأ في مثله مما يُحْتَمل من صاحبه؛ للاشتباه المشار إليه؛ ولذا احتملوا أخطاء مثل شعبة الإمام رحمة الله عليه في أسماء الرواة، ولم يسقط شعبة بأخطائه، ولا نزلتْ منزلته بما جرى له.
    بل ولم يُشَنَّع عليه ويُهَوَّل به في مثل هذا؛ لأنَّه مما لا يكاد يسلم منه أحد إلا من عصمهم الله عز وجل؛ للاشتباه فيه بين الخطأ والصواب.
    وتتجسَّد قضيتنا مشروحة واضحة في هذا السياق البديع الذي رصدَهُ لنا البرذعيُّ حين قال في (سؤالاته لأبي زرعة الرازي رحمه الله تعالى) (2/326 – أبو زرعة وجهوده للهاشمي): (وشهدتُ أبا زرعة ذكر عبد الرحمن بن مهدي ومدحه، وأطنبَ في مَدْحِه، وقال: وَهِمَ في غير شيء، قال: عن شهاب بن شريفة، وإنما هو: شهاب بن شُرْنُفة؛ وقال: عن سماك عن عبد الله بن ظالم، وإنما هو: مالك بن ظالم؛ وقال: عن هشام عن الحجاج عن عائد بن بطة، وإنما هو: ابن نضلة عن عليٍّ في الحدود؛ وقال: عن قيس بن جبير، وإنما هو: قيس بن حبتر----). ا.هـ.
    فأنت ترى ما ذكره أبو زرعة رحمة الله عليه من أوهام ابن مهدي في مثل هذه الحروف المتشابهة في الرسم، عدا (عبد الله بن ظالم) و(مالك بن ظالم)؛ ومع هذا فهذا المثال قد يكون مما اختلف فيه قول ابن مهدي مع أبي زرعة، فقد اختلف الناس في الصواب فيه، وصوَّب الفلاس الوجهين: (عبد الله) و(مالك)، وقيل: بل هو (مالك بن عبد الله بن ظالم).
    فهذا مما اختلف الناس فيه، فيخرج عن صراطنا الذي قصدنا له من بيان الأخطاء الناتجة عن تشابه الرسم.
    ومع اعتراف أبي زرعة رحمة الله عليه بخطأِ ابن مهدي في هذه الأمثلة المذكورة، وتغييره: (حبتر) إلى (جبير) و(نضلة) إلى (بطة) و(شرنفة) إلى (شريفة)؛ إلا أن أبا زرعة رحمة الله عليه قد مدح ابن مهدي، بل وأطنب في مدحه رحمه الله) .
    انتهى ما أردت نقله هنا، وقد لا يوافق الكاتب الفاضل على ما قد يفهم من كلامه بأن سبب خطأ شعبة في الأسماء أحياناً هو الكتابة.

    الإشارة إلى شدة بغضه للتدليس ونفرته منه
    وبيان كيفية تحمله من المدلسين من شيوخه


    كان شعبة شديد الكراهية للتدليس بعيد النفرة منه، وله في ذلك كلمات مأثورة وأخبار مشهورة؛ وقد أفرد ابن أبي حاتم لهذه المسألة في (التقدمة) (1/173) باباً سماه (باب ما ذكر من شدة قول شعبة في التدليس وكراهيته له)؛ وذكر تحته طائفة من الآثار الداخلة في معناه.
    وكان شعبة من تلك الطائفة القليلة من الأئمة الذين لا يحدثون – أو في الأقل لا يكادون يحدثون - عن شيوخهم إلا بما تحققوا سماعه لأولئك الشيوخ ممن فوقهم؛ ولا يكتبون من أحاديث المدلسين من شيوخهم إلا ما صرحوا فيه بالسماع.
    قال ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/162): (نا صالح بن أحمد نا علي قال: سمعت يحيى يقول: كل شيء يحدث به شعبة عن رجل فلا تحتاج أن تقول عن ذاك الرجل إنه سمع فلاناً؛ قد كفاك أمرَه).
    وانظر في هذا الباب المبحث النفيس الذي كتبه الفاضل أخونا العاصمي حفظه الله، وترى بحثه هذا في رابط وضعته بذيل هذه المقالة.

    زهده وورعه واجتهاده في العبادة

    كان شعبة – مع كثرة علمه وكثرة انشغاله بالنقد الحديثي - عابداً مجتهداً زاهداً ورعاً متقشفاً.
    وقد عقد ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/172) باباً أسماه (ما ذكر من عبادة شعبة وزهده وورعه) قال فيه:
    (حدثني أبى نا أبو المظفر عبد السلام بن مطهر قال: ما رأيت في الفقهاء مثل شعبة ايبس ولا امعن في العبادة منه.
    حدثني محمد بن يحيى نا حفص بن عمر المهرقانى قال: سمعت عفان يقول: كان شعبة من العباد.
    حدثني أبي نا علي بن ميسرة نا يحيى بن أبي الخصيب عن سفيان بن عيينة قال: كتب إليَّ شعبة بن الحجاج: أما بعد فقد ذهب الأسنان والأشكال.
    نا محمد بن يحيى أنا مسدد قال سمعت يحيى يعنى بن سعيد يقول: ما رأيت أشكر من شعبة).
    وأخرج الخطيب عن أبي سعيد السكري قال: سمعت يحيى بن معين يقول مراراً: شعبة إمام المتقين.
    وأخرج الخطيب عن مسلم بن إبراهيم قال: ما دخلت على شعبة في وقت صلاة قط إلا رايته قائماً يصلي.
    وأخرج عن عَمْرو بنُ عليّ الفلاس قال: سمِعتُ أبا بحر البَكْراوي يقول: ما رأيتُ أعبدَ للّهِ من شُعبة، لقد عبدَ الله حتى جَفّ جِلْدُه على ظهره ليسَ بينهما لحمٌ.
    وأخرج الخطيب عن عبد الرحمن بن مهدي قال: ما رأيتُ أعقلَ من مالك بن أنس، ولا أشدّ تَقَشّفاً من شُعبة، ولا أنصحَ للأُمة من عبد الله بن المبارك.
    وقال الذهبي في ترجمة شعبة من (السير): (ابن مهدي: سمعت شعبة يقول: إن هذا الحديث يصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة وعن صلة الرحم فهل أنتم منتهون.
    قال أبو قطن: سمعت شعبة بن الحجاج يقول: ما شيء أخوف عندي من أن يدخلني النار، من الحديث.
    وعنه قال: وددت أني وقاد حمام، وأني لم أعرف الحديث.
    قلت: كل من حاقق نفسه في صحة نيته في طلب العلم يخاف من مثل هذا، ويود أن ينجو كفافاً.
    قال عفان: كان شعبة من العباد.
    قال سعد بن شعبة: أوصى أبي إذا مات أن أغسل كتبه فغسلتها.
    قلت: وهذا قد فعله غير واحد، بالغسل، وبالحرق، وبالدفن، خوفاً من أن تقع في يد إنسان واه، يزيد فيها، أو يغيّرها). انتهى كلام الذهبي.
    وقال الذهبي في (السير) أيضاً: (قال أبو قَطن: كانت ثياب شعبة كالتراب، وكان كثير الصلاة سخياً).
    ومن استزاد في هذا الباب، بل وغيره من أبواب بحثنا هذا، فليرجع إلى ترجمة الإمام شعبة من (حلية الأولياء) (7/144-209).
    عظم شفقته ورحمته بالضعفة والمساكين

    أخرج الخطيب عن يحيى بن سعيد قال: ما رأيت أحداً أشد حباً للمساكين من شعبة؛ وكان يقول: إذا كان في بيتي دقيق وقصب، فلا أبالي ما فاتنى.
    وأخرج عن يحيى بن معين قال: قال يحيى بن سعيد: كان شعبة من أرق الناس كان ربما مر به السائل فيدخل في بيته فيعطيه ما أمكنه.
    وأخرج عن عباس بن محمد [الدوري] قال: قال يحيى بن معين: كان شعبة رجل صدق، وكان رحيماً.
    وأخرج عن النضر بن شميل قال: ما رأيت أرحم بمسكين من شعبة؛ وكان إذا رأى المسكين لا يزال ينظر إليه حتى يغيب عن وجهه.
    وأخرج عن مسلم بن إبراهيم قال: كان شعبة إذا قام في مجلسه سائل لا يحدِّث حتى يُعطَى؛ فقام يوماً سائل ثم جلس! فقال: ما شأنه؟ فقالوا: ضمن عبد الرحمن بن مهدي أن يُعطيَه درهماً.
    وأخرج عن مسلم بن إبراهيم قال: كان [يعني شعبة] أبا الفقراء وأمهم؛ وسمعته يقول: والله لولا الفقراء ما جلست لكم.
    [قلت: يعني أن الفقراء يأتون إلى المجلس فيعطيهم الحاضرون بعض حاجاتهم؛ أو أنه يحدث لأجل الفقراء من الطلبة؛ والأول هو الأقرب].
    ثم وجدت هذا المعنى مصرحاً به في الأثرين التاليين:
    عن مسلم بن إبراهيم قال: سمعت شعبة يقول: (لولا المساكين ما حدثت؛ فاني أحدث ليعطوا).
    وعن عفان قال: (كان شعبة كثيراً ما يقول: لولا حوائج لي ما حدثتكم؛ وكان يسأل لنسوة ضعاف).
    أخرجهما أبو نعيم في (الحلية) (7/157).
    وقال البغوي – فيما نقله عنه الذهبي في (السير): (حدثنا علي بن سهل حدثنا عفان سمعت شعبة يقول: لولا حوائج لنا إليكم، ما جلست لكم؛ قال عفان: كان حوائجه: يسأل لجيرانه الفقراء).
    وأخرج عن عمرو بن حَكّام قال: أتى شعبةَ شيخٌ من جيرانه محتاجٌ، فسأله فقال له شعبة: لم سألتنى؟! عندي شيء؟! قال: فذهب الشيخ لينصرف؛ فقال له شعبة: اذهب فخذ حماري فهو لك؛ فقال: لا أريد حمارك؛ قال: اذهب فخذه؛ قال: فذهب فأخذه، فمر به على مجالس أصحابنا بني جَبَلةَ فاشتراه بعضهم بخمسة دراهم فأهداه إلى شعبة.
    وأخرج عن حجاج قال: ركب شعبة يوماً حماراً له، فلقيه سليمان بن المغيرة، فشكا له الفقر والحاجة، فقال: والله ما أملك غير هذا الحمار؛ ثم نزل عنه ودفعه إليه.
    وأخرج عن يعقوب بن سفيان قال: سمعت سليمان بن حرب يقول: لو نظرت إلى ثياب شعبة لم تكن تسوى عشرة دراهم، إزاره ورداءه وقمصيه؛ وكان شيخاً كثير الصدقة.
    وأخرج عن عمرو بن حكام وعبد الله بن عثمان قالا: بيع حمار شعبة بعد موته وسرجه ولجامه وثياب بدنه وخفه ونعله بستة عشر درهماً.
    وقال الخطيب: أخبرنا السراج أخبرنا أبو منصور الضبعي حدثنا أبو عمرو أحمد بن محمد يعنى الحيري حدثنا أبي قال: سمعت محمد بن معاوية، وسليمان بن حرب إلى جنبه يقول: خرج الليث بن سعد يوماً، فقوَّموا ثيابه ودابته وخاتمه وما كان عليه، ثمانية عشر ألف درهم، إلى عشرين ألفاً؛ فقال سليمان بن حرب: خرج شعبة يوماً فقوَّموا حماره وسرجه ولجامه ثمانية عشر درهماً إلى عشرين درهماً.
    وأخرج عن قُراد أبي نوح قال: رأى عليَّ شعبةُ قميصاً، فقال: بكم أخذت هذا؟ قلت: بثمانية دراهم؛ قال لي: ويحك أما تتقي الله تلبس قميصاً بثمانية دراهم؟! ألا اشتريت قميصاً بأربعة دراهم وتصدقت بأربعة [قلت: إنا مع قومٍ نَتَجَمّل لهم؛ قالَ: أيش تتجمل لهم]؟! {{هذه الزيادة من (تهذيب الكمال) }}.
    تنبيه: إنما أسهبت بعض الشيء في ذكر هذه المناقب لأن فيها دلالة بينة على ورع صاحبها وبرهاناً على أن شعبة وتلامذته وهؤلاء الأئمة إنما تكلموا في الرواة إرادة لوجه الله وذباً عن دينه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

    علمه بالشعر والنحو

    كان شعبة صاحب شعر وعالماً بالعربية؛ وكان يحث على تعلم العربية.
    قال أبو نعيم في (الحلية) (7/154): (حدثنا سليمان بن أحمد [هو الطبراني] ثنا عبدالله بن أحمد بن حنبل حدثني نصر بن علي قال: أخبرني أبي ثنا شعبة قال: كان قتادة يسألني عن الشعر، فقلت: أنشدك بيتاً وتحدثني حديثاً).
    ثم أخرج عن أبي داود [الطيالسي] قال: سمعت شعبة يقول: لولا الشعر لجئتكم بالشعبي.
    قال الذهبي في (السير): يعني أنه كان في حياة الشعبي مقبلاً على طلب الشعر).
    وقال ابن حجر في (تهذيب التهذيب): (قال ابن معين: كان شعبة صاحب نحو وشعر).
    وقال ابن حجر: (قال بدل بن المحبر سمعت شعبة يقول: تعلموا العربية فإنها تزيد في العقل).
    وروى الخطيب عن نصر بن علي قال: قال الأصمعي: (لم نر أحداً قط أعلم بالشعر من شعبة).
    قلت: مثل هذه الشهادة من مثل الأصمعي راوِيَةِ اللغة والشعر والأدب، شهادة عجيبة لا ينالها إلا رجل ذو حفظ عجيب وذكاءٍ يتوقد وتعب تام وتدقيق كامل؛ فالحمد لله الذي صرف شعبة إلى الحديث ففاز به أهل الحديث دون سواهم!

    قوة وسعة علمه بالأسانيد من حيث اتصالها وانقطاعها

    اشتهر شعبة بأنه يحقق، ويدقق، في مسائل التدليس؛ ولكن اعتناءه في باب الاتصال والانقطاع لم يكن مقصوراً على هذا الجانب، بل كان يحرص على تمييز متصل الروايات من مرسلها؛ وقد ورد له في ذلك كلام غير قليل، منه ما هو في تأصيل هذه المسألة، وهو الأقل، ومنه ما هو في فروعها، وهو الأكثر؛ وقد عقد ابن أبي حاتم في ترجمة شعبة في (التقدمة) (1/129-131) باباً أسماه (باب ما ذكر من معرفة شعبة بمراسيل الآثار)؛ وأورد تحته جملة من أحكامه على الأسانيد من حيث الاتصال والانقطاع.
    وقال ابن أبي حاتم (1/127): (نا صالح بن احمد نا على قال سمعت يحيى يعنى بن سعيد القطان قال: قال شعبة: لم يسمع قتادة من أبى العالية إلا ثلاثة أشياء، قلت: ليحيى: عدها؛ قال: قول علي رضي الله عنه "القضاه ثلاثة "، وحديث "لا صلاه بعد العصر"، وحديث يونس بن متى).
    قال ابن أبي حاتم عقبه: (بلغ من علم شعبة بقتادة أن عرف ما سمع من أبى العالية وما لم يسمع).

    علمه بعلل الأحاديث، وقوة تمييزه لصحيحها من سقيمها

    عقد ابن أبي حاتم في (الجرح والتعديل) (1/157-158) باباً سمّاه (باب ما ذكر من معرفة شعبة بعلل الحديث صحيحه وسقيمه)، فذكر أمثلة من ذلك؛ وهذا أمر لا يحتاج إلى برهان ولا تذكير؛ ولكنني أحببت أن أذْكره إكمالاً لجوانب البحث.

    ذكر بعض الآثار الدالة على أنه كان يتكلم في الرواة وأحاديثهم تديناً واحتساباً

    عقد ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/171 وما بعدها) باباً اسمه (ما ذكر في كلام شعبة في ناقلة الآثار أن ذلك كان حسبة منه)؛ أورد فيه جملة من تلك الآثار؛ وهذا بعضها:
    قال (1/171): (نا صالح بن أحمد نا علي يعني ابن المديني قال: سمعت عبد الرحمن بن مهدى نا حماد بن زيد قال: كلمنا شعبة أنا وعباد بن عباد وجرير بن حازم في رجل، قلنا: لو كففتَ عنه؛ قال: فكأنه لان وأجابنا؛ قال: فذهبت يوماً أريد الجعة، فإذا شعبة ينادينى من خلفى، فقال: ذاك الذي قلتم لي فيه يسعني).
    وقال ابن أبي حاتم (1/171): (نا صالح بن أحمد نا علي قال سمعت عبد الرحمن [هو ابن مهدي] يقول: كان شعبة يتكلم في هذا حسبة).
    وهذا الأثر أخرجه ابن أبي حاتم أيضاً (2/21)؛ وأخرجه أيضاً ابن عدي في (الكامل) (2/284-285)، في ترجمة الحسن بن عمارة، من غير أن يصرح بتعيين المراد بالأثر؛ ولكن الباجي ذكر في (التعديل والتجريح) (1/182) أن المراد بهذه القصة هو أبان بن أبي عياش!
    وأبان ورد ذكره في كتاب ابن أبي حاتم (1/171) في الرواية التالية:
    (نا محمد بن مسلم قال: حدثني بعض أصحاب حماد بن زيد عن حماد بن زيد قال: أتيت أنا وعباد بن عباد إلى شعبة بن الحجاج، فسألناه أن يكف عن أبان بن أبى عياش ويسكت عنه، فلما كان من الغد خرجنا إلى مسجد الجامع، فبصر بنا فنادانا، فقال: يا أبا معاوية نظرت فيما كلمتموني، فوجدت لا يسعني السكوت.
    قال حماد: وكان شعبة يتكلم في هذا حسبة).
    وقال ابن أبي حاتم (1/171): (نا أحمد بن سنان قال: سمعت يزيد بن هارون يقول: لولا أن شعبة أراد الله عز وجل ما ارتفع هكذا).
    ثم قال ابن أبي حاتم: (يعنى بكلامه في رواة العلم).
    وقال (1/171): (نا أحمد بن سنان الواسطي قال: قلت لعبد الرحمن بن مهدي: لم تركت حديث حكيم بن جبير؟ فقال: حدثني يحيى القطان قال: سألت شعبة عن حديث من حديث حكيم بن جبير، فقال: أخاف النار).
    قال ابن أبي حاتم: (فقد دل أن كلام شعبة في الرجال حسبة يتدين به، وأن صورة حكيم بن جبير عنده صورة من لا يسع قبولُ خبره ولا حمْلُ العلم عنه، فيلحق برسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقله).

    باب ما ذكر من طهارة خلق شعبة وسخائه
    عقد ابن أبي حاتم في (تقدمة الجرح والتعديل) (1/173) باباً بهذا العنوان قال تحته:
    (نا أبي نا أحمد بن إبراهيم الدورقي نا أبو النضر قال: كان شعبة إذا ركب مع قوم في زورق دفع كرى الزورق عن كلهم).
    وقال يحيى بن سعيد، كما في (السير): (قال لي شعبة: (كل من كتبت عنه حديثاً فأنا له عبد).

    باب ما ذكر من حرص شعبة على طلب العلم

    عقد ابن أبي حاتم في (التقدمة) (1/174) باباً هذا عنوانه، قال فيه:
    (نا أحمد بن سنان قال سمعت يزيد بن هارون يقول: لما حدثنا شعبة بحديث المقدام أبى كريمة في حق الضيف، قال: أحد سمعه من حريز بن عثمان؟ قلت: أنا؛ قال: حدثني به؛ قلت: لا أحفظه؛ قال: صحفيون! فضحك يزيد)؛ [أي عند تحديثه بهذا الأثر، وليس عند سماعه لكلمة شعبة].
    نا أبي نا محمود بن غيلان عن عبد الصمد بن عبد الوارث أو غيره قال سمعت شعبة يقول أتيت طلحة بن مصرف مئة مرة أو خمسين مرة فإن بلغكم أني حدثت هذا الحديث إني كذاب؛ والحديث هو حديث طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء عن النبي صلى الله عليه وسلم في الذكر.
    ذكره أبى رحمه الله نا القاسم بن محمد المروزي نا عبدان يعنى عبد الله بن عثمان بن جبلة بن أبى رواد قال أخبرني أبي قال: سمعت شعبة يقول: وأي شيء ألذ من أن تخلو بشيخ قد لقي الناس فأنت تستثيره وتستخرج منه علماً؟!).
    "








    «« توقيع حفيدة عائش »»

  2. #2
    عضو
    الصورة الرمزية محمد السباعى
    الحالة : محمد السباعى غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 9108
    تاريخ التسجيل : Apr 2011
    الجنـس : رجل
    المشاركات : 7,862
    المذهب : سني
    التقييم : 120

     

     

    افتراضي


    رحم الله علماء الاسلام وجزاكم الله خيرا





    «« توقيع محمد السباعى »»

  3. #3
    إدارية سابقة
    الصورة الرمزية حفيدة عائش
    الحالة : حفيدة عائش غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 10353
    تاريخ التسجيل : Feb 2012
    الجنـس : مرأة
    المشاركات : 2,642
    المذهب : سنيه
    التقييم : 160

     

     

    افتراضي


    اللهم امين
    بارك الله فيكم وفي مروركم القيم ...





    «« توقيع حفيدة عائش »»

  4. #4
    عضو
    الصورة الرمزية إبن ليبيا الحرة
    الحالة : إبن ليبيا الحرة غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 10090
    تاريخ التسجيل : Dec 2011
    المشاركات : 867
    المذهب : سني
    التقييم : 30

     

     

    افتراضي


    5 نجوم بلا كلام لأجل موضوعكم القيّم أخيتي الكريمة بارك الله فيكِ وفي مجهودكِ ونقلكِ الطيب...
    جزاااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااااا ااكِ الله خيرًا ^_^ ^_^ ^_^ :) :) :) أعجبني ما قرأت.





    «« توقيع إبن ليبيا الحرة »»

    فكأنما آل النبي وصحبه*****روح يضم جميعها جسدان


  5. #5
    إدارية سابقة
    الصورة الرمزية حفيدة عائش
    الحالة : حفيدة عائش غير متواجد حالياً
    رقم العضوية : 10353
    تاريخ التسجيل : Feb 2012
    الجنـس : مرأة
    المشاركات : 2,642
    المذهب : سنيه
    التقييم : 160

     

     

    افتراضي


    جزآك الله خير أخي الكريم
    وبارك الله فيك على 5 النجوم التي منحتها لموضوعي
    يعطيكم العافيه ..






    «« توقيع حفيدة عائش »»

الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وبالهامش رواية شعبة مصحف بصيغة Pdf .
    بواسطة ابو عادل في المنتدى قسم المكتبة الإسلاميـــــــــة
    مشاركات: 5
    آخر مشاركة: 08-14-2021, 02:36 PM
  2. البشرى العاجلة
    بواسطة أم معاوية في المنتدى قسم لعقيدة أهل السنة والجماعة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 08-27-2018, 02:31 PM
  3. صور جنود الإمام الخميني الذين قاموا بقتل الحجاج في مكة وبتفجير شركة صدف بالجبيل ...
    بواسطة سلالة الصحابه في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
    مشاركات: 20
    آخر مشاركة: 12-02-2010, 10:50 PM
  4. صور جنود الإمام الخميني الذين قاموا بقتل الحجاج في مكة وبتفجير شركة صدف بالجبي
    بواسطة جزائر المحبة في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
    مشاركات: 6
    آخر مشاركة: 11-20-2008, 08:56 PM
  5. هل الحسن البصرى شيعيا ؟
    بواسطة حفيدة الحميراء في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-05-2008, 01:41 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  

الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري

الإمام شعبة بن الحجاج الواسطي ثم البصري