الرد على الشبهة الرابعة
رد شبهة قولهم أن معاوية كان يأمر بأكل الأموال بالباطل وقتل النفس
-واستدلوا بما أخرجه الامام مسلم في صحيحه من طريق جرير بن حازم عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن ابن عبد رب الكعبة قال: دخلت المسجد فإذا عبدالله بن عمرو بن العاص جالس في ظل الكعبة . والناس مجتمعون عليه . فأتيتهم . فجلست إليه . فقال : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر . فنزلنا منزلا . فمنا من يصلح خباءه . ومنا من ينتضل ، ومنا من هو في جشره . إذ نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : الصلاة جامعة . فاجتمعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . فقال ( إنه لم يكن نبي قبلي إلا كان حقا عليه أن يدل أمته على خير ما يعلمه لهم ، وينذرهم شر ما يعلمه لهم . وإن أمتكم هذه جعل عافيتها في أولها . وسيصيب آخرها بلاء وأمور تنكرونها . وتجيء فتنة فيرقق بعضها بعضها . وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه مهلكتي . ثم تنكشف . وتجيء الفتنة فيقول المؤمن : هذه هذه . فمن أحب أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة ، فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر . وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه . ومن بايع إماما ، فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه ، فليطعه إن استطاع . فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر ) . فدنوت منه فقلت : أنشدك الله ! آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فأهوى إلى أذنيه وقلبه بيديه . وقال : سمعته أذناي ووعاه قلبي . فقلت له : هذا ابن عمك معاوية يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل . ونقتل أنفسنا . والله يقول : { يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيما } [ 4 / النساء / 29 ] . قال : فسكت ساعة ثم قال : أطعه في طاعة الله . واعصه في معصية الله . كتاب الامارة باب11 باب الأمر بالوفاء ببيعة الخلفاء الأول فالأول ح 1844
وعلى عادة الإمام مسلم فإنه يستقصي طرق الحديث وبمختلف الأسانيد حتى يبن للقارئ الزيادة المقبولة الصحيحة والزيادة المردودة التي جاءت من طريق ضعيف اعتمادا على القاعدة التي ذكرها في مقدمته رحمه الله واعتمادا على ما اتفق عليه علماء الحديث في شروط قبول الزيادة و الحديث صحيح سوى زيادة(يأمرنا أن نأكل أموالنا بيننا بالباطل . ونقتل أنفسنا )وإليك التفصيل فقد ذكر مسلم بعد هذه الرواية مباشرة من طريق وكيع الحافظ عن الأعمش بهذا الاسناد نحوه وطريقا آخر من طرق عبد الله بن أبي السفر عن عامر الشعبي عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة الصائدي قال رايت جماعة عند الكعبة فذكر نحو حديث الأعمش ولم يذكرمسلم نص الروايتين الثانية والثالثة وانما اكتفى بقوله نحوه ومما لا شك فيه ان لفظ نحوه يعنى وجود اختلاف في النص أكثر من قولهم مثله ومع ذلك لم يترك لنا أئمة الحديث مجالا كي نجول بخيالنا في النصوص التي لم يذكرها مسلم من هذين الطريقين فقد اخرج الامام أحمد نص الحديث من هذين الطريقين وليس فيهما على الاطلاق عبارة( يأمرنا أن نأكل اموالنا بالباطل ونقتل أنفسنا) وإنما العبارة كالآتي( فإن ابن عمك معاوية يأمرنا؟ فوضع جمعه على جبهته ثم نكس ثم رفع رأسه فقال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله قلت له أنت سمعت هذا من رسول الله قال نعم سمعته أذناي ووعاه قلبي مسند أحمد 2؟191 ح 6793 وح 6794.
وكذلك رواه أبو داود في سننه كتاب الفتن والملاحم ح 4248 من طريق مسدد حدثنا حدثنا عيسى بن يونس (ثقة مأمون من رجال الصحيحين وقال الذهبي احد الأعلام في الحفظ.( تقريب 5340مع الكاشف )عيسى بن يونس عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة عن عبد الله بن عمرو مرفوعا بلفظ :من بايع إماما ، فأعطاه صفقة يده ، وثمرة قلبه ، فليطعه ما استطاع ، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا رقبة الآخر قلت : أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ قال : سمعته أذناي ، ووعاه قلبي . قلت : هذا ابن عمك معاوية ، يأمرنا أن نفعل ونفعل ، قال : أطعه في طاعة الله ، واعصه في معصية الله . وليس فيه ذكر لهذه الزيادة المنكرة أبدا)
وهذا يعني ان جبال الحفظ الأعلام رووا الحديث بدون هذه الزيادة التي رواها جرير بن حازم عن الأعمش وجرير هذا مدلس من المرتبة الاولى وقد عنن هنا ولم يصرح بالتحديث وقد تكلم احمد في روايته عن الأعمش فقال جرير لم يكن بالضابط عن الأعمش وقال ابن حجر له أوهام إذا حدث من حفظه تقريب 911.و 2615.وقال ابن حبان في الثقات كان يخطيء لأن أكثر ما كان يحدث من حفظه يهم في الشيء وقال الأزدي جرير صدوق ولم يكن بالحافظ. تهذيب طبعة دار الكتاب الاسلامي 2/ 112)وقال الساجي صدوق حدث بأحاديث وهم فيها وكذلك اخرجه ابن ماجة( كتاب الفتن ح 3952 من طريقين :من طريق أبي معاوية وعبد الرحمن المحاربي عن الأعمش به وليس فيه ذكر هذه الزيادة التي هي من اوهام جرير وبالمناسبة فإن أبا معاوية من أحفظ تلاميذ الأعمش فقد قال يعقوب بن شيبة الثوري وأبو معاوية مقدمان في الأعمش على جميع جميع من روى عن الأعمش وقال ابن المديني كان أبو معاوية حافظا عن الأعمش وقال جرير بن عبد الحميد أبومعاوية حفظ حديث الأعمش ونحن اخذناها من الرقاع( تقريب ترجمة الأعمش 2615.. والامام النسائي المعروف روى هذا الحديث في سننه دون هذه الزيادة الغير صحيحة انظر سنن النسائي كتاب البيعة ح 4191 )قلت( البرزنجي)خلاصة القول: الجمع الكثير من الحفاظ (وكيع وأبو معاوية وعيسى بن يونس وعبد الرحمن المحاربي)رووه عن الأعمش دون هذه الزيادة التي انفرد بها جرير بن حازم وهو أقل منهم حفظا بكثير فيما يتعلق باحاديث الأعمش وهو مدلس وقد عنن وقد خالف الحفاظ الثقات الذين منهم من هو من جبال الحفظ وبالتحديد في روايتهم عن الأعمش كأبي معاوية وعيسى بن يونس وإمام الحديث وكيع الحافظ فهي زيادة في صحتها نظر .وجزى الله عنا علماء الجرح والتعديل خير الجزاء وجزى الله الامام مسلم الذي نبه إلى الطريقين الاخرين الذي أخرجهما احمد وغيره كما ذكرنا آنفا أضف إلى كل ذلك فإن عامر الشعبي وهو التابعي الجليل قد تابع الأعمش حين رواه من طريق عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة دون هذه الزيادة .
الرد على الشبهة الخامسة
شبهة شرب معاوية للخمر وقصة أبو بريدة :المنكرة
أما هذه الشبهة ففيها زيادة تلفيق على الرواية المنكرة أصلا و الموجودة في مسند الإمام أحمد كما نشرته بعض المواقع محرفا اي انهم لم يكتفوا بنكارة النص الأصلي بل زادوا عليه وحرفوه وكالآتي (عن عبد الله بن بريدة الصحابي قال: دخلت أنا وأبي على معاوية بن أبي سفيان ، أي في دمشق ، ثم أتينا بالطعام، فأصبنا منه، أو قال:أكلنا ، ثم أتينا بالشراب،الخمر،فشرب معاوية، وناول أبي، فقال:أي أبوه: ما شربته منذ حرّمه رسول الله.). وعند مراجعة أصل النص عند احمد تجد ان كلمة (الخمر) لم ترد في النص أبداً ، فيتبين أن بعض المعاصرين دسَّها في الرواية وزاد بعض الكذابين على بعض المواقع من الشبكة العنكبوتية فقالوا معاوية يتاجر بالخمور والأصنام ولا وجود لكل هذه الأكاذيب في الرواية المنكرة أصلا.
والنص كالأتي:قال الإمام أحمد : ثنا زيد بن الحباب عن حسين بن واقد حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْنُ بُرَيْدَةَ قَالَ: دَخَلْتُ أَنَا وَأَبِي عَلَى مُعَاوِيَةَ فَأَجْلَسَنَا عَلَى الْفُرُشِ، ثُمَّ أُتِينَا بِالطَّعَامِ فَأَكَلْنَا، ثُمَّ ” أُتِينَا بِالشَّرَابِ فَشَرِبَ مُعَاوِيَةُ، ثُمَّ نَاوَلَ أَبِي، ثُمَّ قَالَ: مَا شَرِبْتُهُ مُنْذُ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ” ثُمَّ قَالَ مُعَاوِيَةُ: كُنْتُ أَجْمَلَ شَبَابِ قُرَيْشٍ وَأَجْوَدَهُ ثَغْرًا، وَمَا شَيْءٌ كُنْتُ أَجِدُ لَهُ لَذَّةً كَمَا كُنْتُ أَجِدُهُ وَأَنَا شَابٌّ غَيْرُ اللَّبَنِ، أَوْ إِنْسَانٍ حَسَنِ الْحَدِيثِ يُحَدِّثُنِي وهي] رواية منكرة كما حكم عليها بذلك الإمام أحمد نفسه « وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه قال وكيع يقولون سليمان أصحهما حديثا قال عبد الله قال أبي عبد الله بن بريدة الذي روى عنه حسين بن واقد ما أنكرها وأبو المنيب أيضا يقول كأنها من قبل هؤلاء» (تهذيب الكمال14/331)بالاضافة إلى ذلك فان الإمام أحمد شكك في روايته عن أبيه وضعفه وأما ابراهيم الحربي فقد حكم بعدم سماع عبد الله من أبيه بريدة لذلك لم يرو له البخاري عن أبيه سوى رواية واحدة وكذلك وافقه مسلم في ذلك.تقريب 3227قال العلامة شعيب الأرناؤوط : .. وأخرجه ابن أبي شيبة 11/94-95 عن زيد بن الحُباب، به. ولفظه: دخلتُ أَنا وأَبي على معاوية، فأَجْلسَ أَبي على السَّرير، وأُتِيَ بالطعام فأطْعَمَنا، وأُتِيَ بشرابٍ فشربَ، فقال معاوية: ما شيءٌ كنت أَستلِذُّه وأنا شابٌّ فآخُذه اليومَ إلا اللَّبَنَ، فإني آخذه كما كنت آخذه قبل اليوم، والحديثَ الحسَنَ. وهذا يعني ان الرواية الصحيحة التي يتغافلون عن ذكرها تؤكد ان معاوية كان يكره شرب الخمر حتى في جاهليته بل كان محبا لشرب اللبن منذ شبابه وامارواية شربه لشراب محرم فخبر غير صحيح حكم عليه بالنكارة اول من اخرجه وهو الامام احمد فلا اعتبار لمن صححه من المعاصرين على جلالة قدرهم لان احمدا صاحب هذه الرواية وقد أنكرها بنفسه.
الرد على الشبهة السادسة :
قتل سبعون ألف من الصحابة من الطرفين في معركة صفين
وهذا غير صحيح لا سندا ولا متنا فجيش سيدنا علي لم يصل إلى عشرة آلاف بمجموعه عند معركة الجمل هذا لو فرضنا أن أحدا لم يقتل في معركة الجمل وبقي جميع أفراده سالمين حتى دخلوا معركة صفين لبقي العدد قريبا مما ذكرنا فقد أخرج الطبري بإسناد حسن عن إمام من أئمة أهل البيت وهو محمد بن سيدنا علي المعروف بمحمد بن الحنفية أنه قال( أقبلنا من المدينة بسبعمائة رجل وخرج إلينا من الكوفة سبعة آلاف وانضم إلينا من حولنا ألفان وأكثرهم بكر بن وائل) 4\506 والصحيح 3/383) ولم ترد رواية مسندة صحيحة ولا حسنة ولا ضعيفة ولا شديدة الضعف تؤكد الأعداد المبالغ فيها وإنما ذكر المؤرخون المتقدمون ذلك من دون إسناد بينما الرواية التاريخية الصحيحة وهي رواية واحدة مسندة موصولة وبسند حسن وهي تبين مدى مبالغة الوضاعين وكذبهم في ذكر أرقام خيالية لا يصدقها واقع ذلك العصر فقد اخرج خليفة بن خياط في تأريخه196 وغيره عن الصحابي الجليل عبد الرحمن بن أبزى وكان يقاتل تحت راية سيدنا أمير المؤمنين علي فهو اعرف بعدد الصحابة ولا حجة بعد كلامه إذ قال رضي الله عنه( شهدنا مع علي ثمانمائة ممن شهدوا بيعة الرضوان قتل منا ثلاثة وستون منهم عمار بن ياسر) .
الرد على الشبهة السابعة
شبهة قتل معاوية للحسن بن علي رضي الله عنهما بالسم.
ذكرت بعض الروايات أن الحسن بن علي توفي متأثراً بالسم وقد اتهم بعض الرواة زوجة الحسن جعدة بنت الأشعث بن قيس كما ورد عن أم موسى سرية علي انها كانت تتهم جعدة بأنها دست السم للحسن، ، في رواية لا يصح إسنادها ، ففي سندها يزيد بن عياض بن جعدية، كذبه مالك وغيره ، وقد وردت هذه الروايات في كتب أهل السنة بدون تمحيص،قال ابن العربي: فإن قيل: دس على الحسن من تسمَّه، قلنا هذا محال من وجهين: أحدهما: أنه ما كان ليتقي من الحسن بأساً وقد سلَّم الأمر، ـ وقال الذهبي: قلت هذا شئ لا يصح.وقال ابن كثير: روي بعضهم أن يزيد بن معاوية بعث إلى جعدة بنت الأشعث أن سُمَّي الحسن وأنا أتزوجك بعده ففعلت، فلما مات الحسن بعثت إليه فقال: إنا والله لم نرضك للحسن، أفنرضاك لأنفسنا؟ وعندي أن هذا ليس بصحيح، وقال ابن خلدون: وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث، حاشا لمعاوية من ذلك .
الرد على الشبهة الثامنة شبهة أكل معاوية للربا
زعم البعض زورا وبهتانا أن معاوية رضي الله عنه كان يتعامل بالربا مخالفا بذلك النصوص الصريحة في التحريم واستدلوا بالرواية ونصها : عن أبي قلابة، قال: كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث، قال: قالوا: أبو الأشعث، أبو الأشعث، فجلس، فقلت له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت، قال: نعم، غزونا غزاة وعلى الناس معاوية، فغنمنا غنائم كثيرة، فكان فيما غنمنا آنية من فضة، فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك، فبلغ عبادة بن الصامت، فقام، فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينهى عن بيع الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد، أو ازداد، فقد أربى» ، فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا، فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة، ثم قال: ” لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن كره معاوية – أو قال: وإن رغم – ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء “، قال حماد هذا أو نحوه. ] صحيح مسلم حديث رقم 1587) يتبين لنا من خلال قرائتنا لهذه الرواية أنه لا توجد فيه عبارة: (قال –أي معاوية-: نتاجر ونربح) كما ذكر البعض!! ولم أجد هذه العبارة في أي من الروايات الأخرى لا في صحيح مسلم ولا في غيره ! وهذا تلفيق واضح !وهذا نص رواية أخرى في الموطأ: عن عطاء بن يسار، أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها، فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ينهى عن مثل هذا إلا مثلا بمثل» ، فقال له معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا. فقال أبو الدرداء: من يعذرني من معاوية؟ أنا أخبره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويخبرني عن رأيه، لا أساكنك بأرض أنت بها ” ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له، فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية: أن لا تبيع ذلك إلا مثلا بمثل وزنا بوزن موطأ الإمام مالك (2/634) حديث رقم: 33قال الإمام الزرقاني في شرحه على الموطأ : (فقال معاوية: ما أرى بمثل هذا بأسا) إما لأنه حمل النهي على المسبوك الذي به التعامل وقيم المتلفات أو كان لا يرى ربا الفضل كابن عباس شرح الزرقاني على الموطأ (3/419 وقال الإمام أبو الوليد الباجي القرطبي الأندلسي في شرحه المنتقى على الموطأ وشرحه لحديث أبي الدرداء ، قال: ما ذهب إليه معاوية من بيع سقاية الذهب بأكثر من وزنها يحتمل أن يرى في ذلك ما رآه ابن عباس من تجويز التفاضل في الذهب نقدا ؛ لأن معاوية من أهل الفقه والاجتهاد فليس لأبي الدرداء صرفه عن رأيه الذي روي إلا بدليل وحجة بينة.وقد روى ابن أبي مليكة قيل لابن عباس هل لك في أمير المؤمنين معاوية ما أوتر إلا بواحدة قال أصاب إنه فقيه. ولقد تراجع عبد الله ابن عباس عن موقفه بعد أن وصله حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رحم الله عمر وعبد الله بن عمر فقد أصاباوحفظا عن رسول الله ما لم أحفظ وكذلك رجع معاوية عن قوله بعد سماعه لحديث رسول الله ولا ضير فلم يسمع كل صحابي جميع ما قاله عليه الصلاة والسلام. فما العيب في ذلك.
الرد على الشبهة التاسعة
أن معاوية غير دية المعاهد وجعلها إلى النصف من دية المسلم بعد أن كانت على السواء من دية المسلم :
اختلف رأي العلماء في هذه المسألة قديما وحديثا ولم يعب بعضهم على البعض الآخر فالإمام أبو جنيفة النعمان والثوري والزهري والإمام زيد بن علي يرون ان دية الذمي مساوية لدية المسلم بينما يرى آخرون كأحمد ومالك وغيرهما انه على النصف ولقد ذكر الشوكاني في كتبه نيل الأوطار والسيل الجرار وغيرهما اختلاف العلماء في ذلك فأبوحنيفة وزيد بن علي والثوري والزهري قالوا بدية كاملة ولهم في ذلك حجج منها قوله تعالى ( وإن كان من قوم بينكم وبينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهلها ) وما رواه الزهري حين قال( دية اليهودي والنصراني وكل ذمي مثل دية المسلم وكانت كذلك على عهد رسول الله وابي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم حتى كان معاوية فجعل في بيت المال نصفها واعطى اهل المقتول نصفها ثم قضى عمر بن عبد العزيز بنصف الدية وألغى الذي جعله معاوية لبيت المال فلم يقض لي أن أذكر بذلك عمر بن عبد العزيز) ولكن الشوكاني وهو إمام مجتهد رجح قول الذين قالوا بالنصف كأحمد ومالك وعمر بن عبد العزيز وقال الشوكاني ردا على احتجاجهم بالاية قائلا الآية مطلقة مقيدة غيره من العلماء الذين سبقوه كابن قدامة المقدسي وغيره ادلة الذين قالوا بالنصف إذ يقول ابن قدامة في المغني وهو يحتج لشيوخ السادة الحنابلة(: ولنا، ما روى عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي – صلى الله عليه وسلم – قال: «دية المعاهد نصف دية المسلم» . وفي لفظ، «أن النبي – صلى الله عليه وسلم – قضى أن عقل الكتابي نصف عقل المسلم» . رواه الإمام أحمد.ح 6691 والترمذي 1413 وحسنه. وفي لفظ: «دية المعاهد نصف دية الحر» . قال الخطابي: ليس في دية أهل الكتاب شيء أثبت من هذا، ولا بأس بإسناده. وقد قال به أحمد، (المغني لابن قدامة (8/399.( فاذا اختلف االعلماء في مسألة فقهية فما العيب إذا كان معاوية مع طرف منهم وقد ثبت كما ذكرنا أن حبر الامة وترجمان القرآن ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم ابن عباس قد وصف معاوية بالفقيه؟كما في صحيح البخاري أنه قيل لابن عباس : هل لك في أمير معاوية فإنه ما أوتر إلا بواحدة ، قال : إنه فقيه ح ( 3765 ).
الرد على الشبهة العاشرة:
استصفاء معاوية جزء من الغنائم لنفسه :
زعم البعض أن معاوية طلب من الحكم بن عمرو الغفاري أن يستصفي الغنائم لنفسه ويخرج منها كل صفراء وبيضاء. واستدلوا بما ذكره الحافظ ابن كثيرفي البداية والنهاية ثم زادوا عليه وحرفوا ،
قال ابن كثير:وفي هذه السنة غزا الحكم بن عمرو نائب زياد على خراسان جبل الأسل عن أمر زياد فقتل منهم خلقا كثيرا وغنم أموالا جمة، فكتب إليه زياد: إن أمير المؤمنين قد جاء كتابه أن يصطفى له كل صفراء وبيضاء- يعني الذهب والفضة- يجمع كله من هذه الغنيمة لبيت المال. فكتب الحكم بن عمرو: إن كتاب الله مقدم على كتاب أمير المؤمنين، وإنه والله لو كانت السموات والأرض على عدو فاتقى الله يجعل له مخرجا، ثم نادى في الناس: أن اغدوا على قسم غنيمتكم، فقسمها بينهم وخالف زيادا فيما كتب إليه عن معاوية، وعزل الخمس كما أمر الله ورسوله، ثم قال الحكم: إن كان لي عندك خير فاقبضني إليك، فمات بمرو من خراسان رضي الله عنه.] البداية والنهاية (8/29) والواضح في نص هذه الرواية أن استصفاء هذه الغنائم كان لوضعها في بيت المال كما ذكر في ابن كثير في هذه الرواية ، ولقد وردت روايات أخرى بدون عبارة (لبيت المال) ،وهذا من مناقب سيدنا معاوية ومن مفاخر التأريخ الاسلامي لان الخليفة معاوية هنا لم يستبد برأيه بل كان وقافا عند الحق فرجع اليه عند التذكير من قبل بعض ولاته من اهل الصلاح فقد أخرج ابن عساكر عن قتادة: لما انتهى الحكم بن عمر إلى معاوية وجعل كتاب الحكم في جوب كتابه .. الخبر) وفي آخره قال معاوية : ( أتأمروني أن أعمد إلى رجل آثر كتاب الله على كتابي وسنة رسول الله – صلى الله عليه وسلم – على سنتي فأقطع يديه ورجليه؟ بل أحسن وأجمل وأصاب فكانت هذه مما يعد من مناقب معاوية،تاريخ دمشق لابن عساكر (59/170).وانظر ..صحيح تاريخ الطبري (4/28).
الرد على الشبهة 11:
قتل حجر بن عدي-رضي الله عنه- .
حجر بن عدي وكما تذكر الروايات التاريخية أنه جمع الجموع على أمير المؤمنين معاوية وحاول السيطرة على الكوفة وأظهر العصيان على الخليفة( الذي أجمعت الأمة على بيعته وفي مقدمتهم سيدنا الحسن ) فعن ابن أبي مليكه: إن معاوية جاء يستأذن على عائشة، فأبت أن تأذن له، فخرج غلام لها يقال له: ذكوان ، قال: ويحك أدخلني على عائشة فإنها قد غضبت علي، فلم يزل بها غلامها حتى أذنت له، وكان أطوع مني عندها، فلما دخل عليها قال: أمتاه فيما وجدت عليَّ يرحمك الله؟ قالت: .. وجدت عليك في شأن حجر وأصحابه إنك قتلتهم فقال لها: … وأما حجر وأصحابه فإني تخوفت أمراً، وخشيت فتنة تكون، تهراق فيها الدماء، تستحل فيها المحارم، وأنت تخافيني، دعيني والله يفعل ما يشاء قالت: تركتك والله، تركتك والله، تركتك والله ، وجاء في رواية أخرى: لما قدم معاوية دخل على عائشة، فقالت: أقتلت حجراً؟ قال: يا أم المؤمنين، إني وجدت قتل رجلٍ في صلاح الناس، خير من استحيائه في فسادهم صحيح تاريخ الطبري (4/53( وقد فصل أخي الفاضل الأستاذ خالد الغيث في هذه المسألة وغيرها من حياة الخليفة الصحابي الجليل معاوية رضي الله عنه .
رد الشبهة 12:
شبهة استلحاق زياد بن أبيه.
زياد هذا كان من شيعة علي بن أبي طالب قبل أن يكون مع معاوية بل قد ولاه علي بن أبي طالب ولاية فارس ، وهذا ما ذكره الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية ،
من ناحية السند لا توجد رواية تأريخية لا صحيحة ولا حسنة ولا من مظان الحسن ولا ضعيفة خفيفة الضعف بل كلها روايات ضعيفة جدا ومنكرة لا أصل لها من الصحة... وسواء كان زياد كذا أم لا فقد حصل ذلك وأبوه مشرك في الجاهلية والاسلام حرم أنواع الأنكحة التي كانت سائدة في الجاهلية ولكنه أقر ما ترتب عليها من مواليد وأنساب فالإسلام يجب ما قبله ولقد بحث العلماء بالتفصيل في هذه المسألة ومنهم فضيلة الأستاذ خالد الغيث والدكتور الصلابي والعبد الفقير وكثير من الباحثين وكانت النتيجة كالآتي : ان ابن زياد هو الذي استلحق نسبه وليس سيدنا معاوية وأما من ناحية المتن والمعنى فمتون تلك الروايات منكرة هشة لا تقاوم أدنى نقد فلماذا أثيرت هذه القصة سنة 44 للهجرة ولم تثر في عهد رسول الله كمثيلاتها كما في قصة نسب ابن أم زمعة بنت قيس كما في صحيح البخاري ولماذا لم تثر في حياة أبي سفيان ولماذا لم يستغل معاوية هذه المسألة ولم يثرها في عهد سيدنا علي عندها كان يكسب زيادا الى صفه لأن زياد كان من شيعة علي وقد ولاه بلاد فارس فهل فاتت سيدنا معاوية هذه المسألة وهو السياسي البارع؟هذه المسائل تكشف مواطن الضعيف في هذه الروايات المحبوكة والموضوعة.ثم إن سيدنا معاوية هو احد رواة حديث الولد للفراش وللعاهر الحجر فعدالته وعلمه وتدينه كل ذلك يمنعه من مخالفة الحديث وهو احد رواته.
وكل ما روي في الباب من ان معاوية هو الذي استلحق نسب زياد بابي سفيان فإما مكذوب أو ضعيف جدا وأقل الروايات ضعفا في هذه المسألة ما رواه الطبري من طريق مسلسل بالضعفاء فهو من طريق عبد الرحمن بن صالح وهو معروف بكذبه ووضعه في مثالب الصحابة ثم فيه عمر بن بشير وهو ضعيف ثم عمرو بن هشام وقد ضعفه غير واحد من أئمة الحديث فالسند مسلسل بكذاب وضاع عن ضعيف عن ضعيف جدا (5\215 وانظر ضعيف تأريخ الطبري 8\54). .
رد الشبهة 13
شبهة التوقف عن ملاحقة قتلة عثمان في عهد معاوية :
الاتفاق الذي أبرم بين الحسن ومعاوية كان من بين بنوده عدم الأخذ بالدماء التي سفكت قبل الصلح بين المسلمين ، أي بمصطلح العصر إصدار قرار للعفو العام وهذا ما جعل معاوية يكف عن متابعة قتلة عثمان حقناً لدماء المسلمين ودرءاً للفتنة ، وهذا ما جاء في صريح كلام الإمام الحسن بن علي – رضي الله عنه – في أمر الصلح.وهذه رواية الإمام البخاري في صحيحه لقصة الصلح: استقبل والله الحسن بن علي معاوية بكتائب أمثال الجبال، فقال عمرو بن العاص: إني لأرى كتائب لا تولي حتى تقتل أقرانها، فقال له معاوية وكان والله خير الرجلين: أي عمرو إن قتل هؤلاء هؤلاء، وهؤلاء هؤلاء من لي بأمور الناس من لي بنسائهم من لي بضيعتهم، فبعث إليه رجلين من قريش من بني عبد شمس: عبد الرحمن بن سمرة، وعبد الله بن عامر بن كريز، فقال: اذهبا إلى هذا الرجل، فاعرضا عليه، وقولا له: واطلبا إليه، فأتياه، فدخلا عليه فتكلما، وقالا له: فطلبا إليه، فقال لهما الحسن بن علي: إنا بنو عبد المطلب، قد أصبنا من هذا المال، وإن هذه الأمة قد عاثت في دمائها، قالا: فإنه يعرض عليك كذا وكذا، ويطلب إليك ويسألك قال: فمن لي بهذا، قالا: نحن لك به، فما سألهما شيئا إلا قالا: نحن لك به، فصالحه، فقال الحسن: ولقد سمعت أبا بكرة يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر والحسن بن علي إلى جنبه، وهو يقبل على الناس مرة، وعليه أخرى ويقول: «إن ابني هذا سيد ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» ، قال أبو عبد الله: ” قال لي علي بن عبد الله: إنما ثبت لنا سماع الحسن من أبي بكرة، بهذا الحديث “و المتأمل في هذه الحقبة يجد أن معظم قتلة عثمان قد قتلوا إما في معركة الجمل أو صفين ومن تبقى منهم هلك في معركة النهروان عندما نصر الله سيدنا عليا على بقية الخوارج. ، وفي بعض الروايات التاريخية أن من أواخر من قتل من قتلة عثمان هو عمير بن ضابئ التميمي قتله الحجاج في الكوفة سنة 75هـ. تاريخ الطبري (6/20).
رد الشبهة 14: (قصة بسر بن أرطأة) وهي قصة ملفقة
قال ابن كثير نقلا عن ابن جرير: فمما كان في هذه السنة من الأمور الجليلة توجيه معاوية بسر بن أبي أرطاة في ثلاثة آلاف من المقاتلة إلى الحجاز، فذكر عن زياد بن عبد الله البكائي عن عوانة قال: أرسل معاوية بعد تحكيم الحكمين بسر بن أبي أرطاة..ثم مضى بسر إلى اليمن وعليها عبيد الله بن عباس ففر إلى الكوفة حتى لحق بعلي، واستخلف على اليمن عبد الله بن عبد الله بن المدان الحاوي، فلما دخل بسر اليمن قتله وقتل ابنه، ولقي بسر ثقل عبيد الله بن عباس وفيه ابنان صغيران له فقتلهما وهما عبد الرحمن وقثم، ويقال إن بسرا قتل خلقا من شيعة على في مسيره هذا وهذا الخبر مشهور عند أصحاب المغازي والسير، وفي صحته عندي نظر والله تعالى أعلم] البداية والنهاية لابن كثير (7/322)
قلت (البرزنجي)وأصل الرواية عند الطبري عن الحكم بن عوانة منقطعا وعوانة ذكرها بلاغا .(ضعيف تأريخ الطبري 8\874 وتأريخ الطبري 5\140).فليس بخبر صحيح البتة ولا أدري كيف يصح إثبات تهمة القتل من طريق مهلهل كهذا.
رد الشبهة 15
قالوا ثبت من السنة النبوية ان رجلا من بني امية سيغير مجرى اتباع السنة النبوية في المجتمع الإسلامي
واستدلوا بروايات غير صحيحة لعل اقلها ضعفا ما أخرجه أبو يعلى: حدثنا عثمان بن أبي شيبة، ثنا معاوية بن هشام، عن سفيان، عن عوف عن خالد بن أبي المهاجر، عن أبي العالية.قال: كنا مع أبي ذر بالشام فقال أبو ذر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

أول من يغير سنتي رجل من بني أمية)
ثم نقلوا تعليق العلامة االألباني فقد قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 4 / 329 :ح 1749أخرجه ابن أبي عاصم في " الأوائل " ( 7 / 2 ) : حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنابي حدثنا عوف عن المهاجر أبي مخلد عن أبي العالية عن أبي ذر أنه قال ليزيد ابن أبي سفيان : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فذكره .
قلت : و هذا إسناد حسن ، رجاله ثقات رجال الشيخين غير المهاجر و هو ابن مخلد
أبو مخلد ، قال ابن معين : " صالح " . و ذكره ابن حبان في " الثقات " . و قال
الساجي : " صدوق " . و قال أبو حاتم : " لين الحديث ليس بذاك و ليس بالمتقن ،
يكتب حديثه " .قلت : فمثله لا ينزل حديثه عن مرتبة الحسن . و الله أعلم . و لعل المراد
بالحديث تغيير نظام اختيار الخليفة ، و جعله وراثة . و الله أعلم
قلت (البر زنجي)العلامة الألباني على جلالة قدره رحمه الله فاتته علة أخرى ذكرها البخاري وابن معين في هذا الحديث فقد قال ابن معين لم يسمع أبو العالية من أبي ذر وقال البخاري: والحديث معلول ولا نعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب وقال بانقطاعه كذلك ابن كثير في البداية والنهاية 6/229 ابن أي عاصم في الأوائل 1/77 ونقل صاحب ذخيرة الحفاظ ذخيرة الحفاظ 1/540 عن هوذة بن خليفة انه استنكره
ورواه ابن خزيمة عن بندار عن عبد الوهاب بن عبد المجيد عن عوف: حدثنا مهاجر بن أبي مخلد حدثني أبو العالية حدثني أبو مسلم(مجهول)عن أبي ذر فذكر نحوه، وفيه قصة وهي أن أبا ذر كان في غزاة عليهم يزيد بن أبي سفيان فاغتصب يزيد من رجل جارية، فاستعان الرجل بأبي ذر على يزيد أن يردها عليه، فأمره أبو ذر أن يردها عليه، فتلكأ فذكر أبو ذر له الحديث فردها، وقال يزيد لابي ذر: نشدتك بالله أهو أنا ؟ قال: لا .وكذا رواه البخاري في التاريخ وأبو يعلى عن محمد بن المثنى عن عبد الوهاب.
ثم قال البخاري: والحديث معلول ولا نعرف أن أبا ذر قدم الشام زمن عمر بن الخطاب.
قال: وقد مات يزيد بن أبي سفيان زمن عمر فولى مكانه أخاه معاوية.
وقال عباس الدوري: سألت ابن معين: أسمع أبو العالية من أبي ذر ؟ قال: لا إنما يروي عن أبي مسلم عنه، قلت: فمن أبو مسلم هذا ؟ قال: لا أدري (أي انه مجهول) قلت (البرزنجي) خلاصة القول فالحديث غير صحيح.
رد الشبهة 16
شبهة أن معاوية رضي الله عنه كان يخالف السنة
أخرج الإمام النسائي قال : أخبرنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي ، قال حدثنا خالد بن مخلد ، قال حدثنا علي بن صالح عن ميسرة بن حبيب عن ، المنهال بن عمرو( صدوق يهم) عن سعيد بن جبير قال : كنت مع بن عباس بعرفات فقال ما لي لا أسمع الناس يلبون قلت يخافون من معاوية فخرج بن عباس من فسطاطه فقال : لبيك اللهم لبيك لبيك فإنهم قد تركوا السنة من بغض علي وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه .وقال الشيخ الألباني : صحيح الإسناد. سنن النسائي .3006
وقد نوزع العلامة الألباني على جلالة قدره في هذا التصحيح ففي إسناده كما ترى خالد بن مخلد القطواني وإليك موقف الحفاظ من رواياته أما الإمام البخاري ومسلم ففحصوا رواياته ودققوها واستخرجوامنها ماكان صحيحا عندهم وتركوا مناكيره فانتقوا من روايتهِ الصحيح , وهذه الرواية من مناكير خالد بن مخلد القطواني
وهذه اقوال علماء الجرح والتعديل في خالد بن مخلد هذا : قال أبو الهيثم البَجَليّ مولاهم، الكوفي، (ت213هـ (قال في التقريب صدوق وله أفراد.. قال ابن سعد: كان منكر الحديث، ، وكتبوا عنه ضرورة. الطبقات (6: 406(وقال أحمد: له أحاديث مناكير. (العلل رواية عبد الله 2: 18 /رقم 1403).وقال الأَزْدِيّ: „في حديثه بعض المناكير،. الميزان (1/ 460). وقال إبن أبي حاتم في العلل (2/18) : " سألت أبي عن خالد بن مخلد فقال له أحاديث مناكير تقريب 1677. علي بن صالح المكي قال أبو حاتم لا أعرفه مجهول 4749.و الأمر الآخر أن ألحفاظ لم يصححوا رواياته إلا ما جاء من روايته عن أهل المدينة (كما ذكر الحافظ ابن رجب في العلل )وهذه الرواية التي نحن بصددها رواها عن أهل الكوفة وأعني علي بن صالح الكوفي الهمداني
قلت (البرزنجي) خلاصة القول :هذه الرواية من مناكير خالد بن مخلد والله اعلم. والروايات الصحيحة في المسانيد والسنن تؤكد حرص سيدنا معاوية على أتباع السنة النبوية الشريفة.
هذه ردود مقتضبة على شبهات أثيرت حول شخصية سيدنا معاوية فإن كان ما قلت صوابا فمن الله التوفيق وإن كان خطأ فمني واستغفر الله.
مواقف لسيدنا معاوية في باب السياية الشرعية
أولا شعرة معاوية أم نصيحة رسول الله الذهبية لمعاوية في باب السياسة الشرعية وتربيةأفراد المجتمع؟
جاء في الخبر المرفوع يا معاوية : إنك إن تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت تفسدهم .
قال الحافظ العراقي في: تخريج أحاديث الإحياء - الصفحة أو الرقم: 2/250
إسناده صحيح وكان ابو الدرداء يرى ان معاوية قد انتفع بهذه النصيحة النبوية الشريفة كثيرا كما لفظ أبو نعيم في الحلية إنك إذا تتبعت عورات الناس أفسدتهم أو كدت أن تفسدهم . قال : فقال أبو الدرداء : كلمة سمعها معاوية من رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعه الله بها (
وعن ابن عباس أنه قال ما رأيت رجلا أخلق بالملك من معاوية كان الناس يردون منه أرجاء واد رحب.(المصنف ح20985)و إسناده صحيح .
من أجل ما سبق من النصوص النبوية الشريفة ومن اجل قوله تعالى( وقل اعملوافسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون) كان معاوية رضي الله عنه يؤكد عمليا على ديمومة التفاعل بين الحاكم والمحكوم كمفردة من مفردات الثقافة الإسلامية السائدة منذ عهد الراشدين فقد اخرج البغوي وغيره بالسند الموصول أن معاوية رضي الله عنه صعد المنبر يوم القمامة فقال عند خطبته إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن شئنا أعطيناه ومن شئنا منعناه فلم يجبه أحد فلما كان في الجمعة الثانية قال مثل ذلك فلم يجبه أحد فلما كان في الجمعة الثالثة قال مثل مقالته فقام إليه رجل ممن حضر المسجد فقال كلا إنما المال مالنا والفيء فيئنا فمن حال بيننا وبينه حاكمتاه إلى الله بأسيافنا فنزل معاوية فأرسل إلى الرجل فأدخله فقال القوم هلك الرجل ثم دخل الناس فوجدوا الرجل معه على السرير فقال معاوية للناس إن هذا أحياني أحياه الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون بعدي أمراء يقولون ولا يرد عليهم يتقاحمون في النار كما تتقاحم القردة وإني تكلمت أول جمعة فلم يرد علي أحد فخشيت أن أكون منهم ثم تكلمت في الجمعة الثانية فلم يرد علي أحد فقلت في نفسي إني من القوم ثم تكلمت في الجمعة الثالث فقام هذا الرجل فرد علي فأحياني أحياه الله قال الهيثمي في مجمع الزوائد- 5/239رجاله ثقات) وقال الذهبي هذا حديث حسن. كتاب تأريخ الاسلام عهد معاوية الصفحة 314).
وكان معاوية رضي الله عنه طوال حكمه متفاعلا مع الناس وهم متفاعلون معه سوى تسميته لابنه يزيد فقد شاورهم ولكن لم ينزل عند رأي عدد من كبار الصحابة وما عدا ذلك فكان رضي الله عنه في شورى واخذ ورد وتفاعل حقيقي بين الحاكم والمحكوم فعن ابي مريم الأزدي قال دخلت على معاوية فقال ما أنعمنا بك أبا فلان وهي كلمة تقولها العرب فقلت حديثا سمعته أخبرك به سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولاه الله عز وجل شيئا من أمر المسلمين فاحتجب دون حاجتهم وخلتهم وفقرهم احتجب الله عنه دون حاجته وخلته وفقره قال فجعل رجلا على حوائج الناس) سنن أبي داود ح 2948 . وقال الحافظ في الفتح 13/143 إسناده جيد وخبر الصحابي الجليل مسور بن مخرمة الذي أخرجه عبد الرزاق وغيره معروف إذ كان المسور ينتقد سياسات معاوية بن أبي سفيان فلما دخل عليه لكي يستلم عطائه السنوي خاطبه معاوية يا مسور مافعل طعنك في الأئمة فقال مسوريا أمير المؤمنين دع عنك هذا وأحسن فأقسم عليه أن يخبره بما يدور في نفسه من انتقادات غير الذي يذكره في المجالس وكما قال المسور( فلم أدع شيئا أعيبه عليه إلا أخبرته به فقال يا مسور لا تبرأ من الذنوب فهل لك من ذنوب تخاف أن تهلك إن لم يغفرها الله لك قال نعم قال فما الذي يجعلك أحق بأن ترجو أنت المغفرة مني فو الله لما إلي من إصلاح الرعايا وإقامة الحدود والإصلاح بين الناس والجهاد في سبيل الله والأمور العظام لايحصيها إلا الله ولا نحصيها أكثر مما ذكرت من العيوب والذنوب وإني لعلى دين يقبل الله فيه الحسنات ويعفو عن السيئات ...ففكرت حين قال لي ما قال فعرفت أنه قد خصمني فكان المسور إذا ذكره بعد ذلك دعا له بخير) أخرجه عبد الرزاق في المصنف ورجاله رجال رجال الصحيح.(وانظر البداية والنهاية 8/136). و يستغرب المرء من جرأة بعض الكتاب على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن لا يتقون الله في أعراض الصحب والآل فتراه يزعم أن سيدنا معاوية هو الذي أسس للنفاق السياسي ثم يستشهد برواية موضوعة مكذوبة في إسنادها من هو منكر الحديث . وينشر ما يقول في مقالة على المواقع المعروفة على الشبكة وهو لا يدري انه بذلك يتحمل آثام كل من قرأ مقالته تلك وصدقها.غفرانك اللهم.. والسيرة الصحيحة لسيدنا معاوية تثبت خلاف ما قاله تماما. ولا أدري لمصلحة من نظل نشوه تأريخنا الإسلامي بدون علم !!!
ثانيا:
عرف سيدنا معاوية بحرصه على تطبيق السنة النبوية الشريفة في تفاصيل الحياة اليومية للمجتمع الإسلامي حتى انه كان ينهى الناس عن القيام له مهابة واحتراما خشية أن يخالف بذلك السنة النبوية كما اخرج احمد( 4 / 93) وابوداود وغيرهما عن أبي مجلز انه (قال: خرج معاوية على ابن الزبير وابن عامر، فقام ابن عامر، وجلس ابن الزبير، فقال معاوية
لابن عامر:اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من أحب أن يمثل له الرجال قياماً فليتبوأ مقعده من النار) والحديث صححه من المعاصرين العلامة الألباني رحمه صحيح - صحيح أبي داود 4357-وقال العلامة الوادعي رحمه الله تعالى رجاله رجال الصحيح .
ثالثا: كان سيدنا معاوية حريصا على الانجاز الحضاري الذي ورثه ممن سبقه
فقد وضع الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم اللبنة الأولى لنظام اقتصادي عادل شيد صرحه فيما بعد سيدنا عمر رضي الله عنه و كان يذكر في المجالس هدفه من التنظيمات الاقتصادية وهو أن يصل بالمجتمع إلى مرحلة يكون فيها لكل فرد ذكرا كان أم أنثى حصة معلومة من الثروة العامة كما في صحيح البخاري ( لأن سلمني الله لأدعن أرامل العراق لا يحتجن لرجل بعدي أبدا) الفتح 7/74 ح 3700) ذلك الانجاز الاقتصادي المبارك بلغ القمة في التأثير والإثمار في عهد الخليفة الراشد الثالث كما صح عن عروة بن الزبير (قوله أدركت عهد عثمان وما من امرء إلا وله حق في بيت المال). و على دربهم سار سيدنا أمير المؤمنين علي رضي الله عنه وكذا الحسن الهاشمي ثم جاء معاوية رضي الله عنه فاستمر في تطبيق مبدأ العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروات توزيعا عادلا وذلك من خلال تثبيت وتوسيع نظام العطاء السنوي فقد أخرج البغوي في معجم الصحابة ح 2197: بإسناد حسن عن أبي قبيل: كان معاوية قد جعل في كل قبيلة رجلا وكان رجلا منا يكنى أبا الحسن يصبح كل يوم فيدور على المجالس هل ولد فيكم الليلة مولود ؟ فإذا فرغ من القبيلة كلها أتى الديوان فأوقع أسمائهم في الديوان) يعني ليجري الرزق) البداية والنهاية8/137) .
وأقول أخيرا (عن حملة الانتقاص الجديدة للنيل من الصحب الكرام )لن تتوقف حملة البغضاء هذه عند سيدنا معاوية بل ستتعداها إلى بقية الصحب الكرام حتى لا يبقى لنا صحب ولا آل إلا وقد طعن في عدالته وقد حصل ذلك بالفعل ولن أنسى مرة في شهر رمضان الفائت حين شاركت في مداخلة على الهواء مباشرة من خلال إحدى الفضائيات فقال بعضهم إن الصحابة ارتدوا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يبق منهم إلا ثلاثة على دين الإسلام وان الخلفاء الراشدين من سكنة نار جهنم والعياذ بالله فماذا بقي لنا من حملة الشريعة الغراء؟!! وما ذا بقي من خير القرون وممن قال سبحانه فيهم ( لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) صدق الله سبحانه وصدق رسوله الأمين إذ قال عليه الصلاة والسلام (حب الأنصار آية الإيمان وبغضهم آية النفاق) البخاري ومسلم واللفظ له ,ولأهمية هذه الأحاديث فقد
ذكرها الأئمة الحفاظ في كتاب الإيمان وبوب لها مسلم قائلا( باب : الدليل على أن حب الأنصار وعلي رضي الله عنه من الإيمان وعلاماته وبغضهم من علامات النفاق) .
لقد أيقنت أن سيدنا معاوية سد منيع للذب عن أصحاب رسول الله ومن قصده أراد أن يكسر هذا السد وهيهات هيهات فقد خاب وخسر فلقد أثرت تلك الحملات المغرضة بالسلب على أصحابها فكشفتهم على حقيقتهم التي طالما أنكروها وأثرت بالإيجاب على شباب الأمة الذي اخذ يرجع إلى أقوال العلماء وتحقيقاتهم وبدأ يدرس سيرة الصحب والآل الكرام ويتعرف على فضائلهم ورد الله كيد المبغضين الحاقدين إلى نحورهم فالحمد لله أولا وآخرا .
وكتبه محمد بن طاهر البرزنجي
المفضلات