( الرسول يستغفل رجل ويفقأ عينه )
صحيح البخارى باب الإستئذان الإستئذان من أجل البصر
صحيح البخارى باب الديات من اطلع فى بيت قوم ففقئوا عينه فلا دية له
صحيح مسلم باب الآداب تحريم المظر فى بيت غيره
حدثنا مسدد حدثنا حماد بن زيد عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك
أن رجلا اطلع من ((( بعض حجر النبي ))) صلى الله عليه وسلم فقام إليه ((( النبي ))) صلى الله عليه وسلم بمشقص أو بمشاقص فكأني أنظر إليه يختل الرجل ليطعنه
إن الخلق العظيم يأبى هذا التصرف من نبي الرّحمة الذي هو بالمؤمنين رؤوف رحيم، والمفروض أن يقوم النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لهذا الرّجل الذي اطّلع علي حجرة النّبي ويعلّمه الآداب الإسلامية ويفهمه بأن ما فعله حرامّ، لا أن يأخذّ مشقصاً ويختله ليطعنه ويفقأ عينه، على أنّ الرجل قد يكون على حسن نيّة لأن الحجرة لم تكن حجرة أزواجه والدّليل أنّ أنس بن مالك كان موجوداً فيها. فأي تهمة هذه توجّه إلى رسول الله وتصوّره بالفظ الغليظ الذي يختل أي يستغفل الرّجل ليفقأ عينه.
وناهيك أنّ شارح البخاري استفظعها وقال ما نصه: «يختله أي يستغفله ويأتيه من حيث لا يراه، كذا فسروه ـ والاستغفال مستبعد منه صلّى الله عليه وسلّم
( الرسول يشرب النبيذ )
روى البخاري في صحيحه كتاب النّكاح في باب قيام المرأة على الرّجال في العرس وخدمتهم بالنّفس وكذلك في باب النّقيع والشراب الذي لا يسكر في العرس.
عن أبي حازم عن سهل قال: لما عرس أبو أسيد الساعدي دعا النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه فما صنع لهم طعاماً ولا قرّبه إليهم إلاّ امرأته أم أسيدٍ بلّت تمراتٍ في تور من حجارة من اللّيل فلمّا فرغ النّبي صلّى الله عليه وسلّم من الطّعام أماثته له فسقته إيّاه تتحفه بذلك.
وممّا يدلّك على أنّهم يقصدون بهذه الرواية أنّ النّبي صلّى الله عليه وسلّم شرب النبيذ. لعل المراد هو غير النبيذ المعروف وإنما هي عادة كانت لدى العرب وهي وضع تمرات في الماء لتذهب رائحة الماء، فهو ليس النبيذ الحقيقي، وبعضهم يرى صحة استعمال. فقد أخرج مسلم هذه الرواية في صحيحه من كتاب الأشربة باب إباحة النّبيذ الذي لم يشدّد ولم يصر مسكراً. ومن هنا بدأ شرب النّبيذ وذهب الحكّام إلى إباحة الخمر بدعوة أنها حلال ما لم تسكر.
( الرسول يعاقب عقابا شنيعا ويمثل فى المسلمين )
فى صحيح البخارى باب الطب الدواء بأبوال الإبل
صحيح البخارى باب الحدود المحاربين من أهل الكفر والردة
حدثنا موسى بن إسماعيل حدثنا همام عن قتادة عن أنس رضي الله عنه
أن ناسا اجتووا في المدينة فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يلحقوا براعيه يعني ((( الإبل ))) فيشربوا من ألبانها وأبوالها فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم فقتلوا الراعي وساقوا ((( الإبل ))) فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فبعث في طلبهم فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم
قال قتادة فحدثني محمد بن سيرين
أن ذلك كان قبل أن تنزل الحدود
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الطبّ من جزئه السابع ص13 في باب الدّواء بألبان الإبل وفي باب الدّواء بأبوال الإبل. قال: حدثنا ثابت عن أنس أنّ ناساً كان بهم سقم قالوا: يا رسول الله آونا وأطعمنا فأمرهم النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يلحقوا براعيه يعني الإبل فيشربوا من ألبانها وأبوالها فلحقوا براعيه فشربوا من ألبانها وأبوالها حتى صلحت أبدانهم فقتلوا الرّاعي وساقوا الإبل فبلغ ذلك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبعث في طلبهم فجيء بهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم فرأيت الرّجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت».
هل يصدّق مسلم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي ينهى عن المثلة يقوم هو بنفسه فيمثّل بهؤلاء القوم فيقطع أيديهم وأرجلهم ويسمر أعينهم لأنهم قتلوا راعيه ولو قال الراوي بأنّ هؤلاء القوم مثّلوا بالرّاعي لكان للنّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عذر في المعاقبة بالمثل ولكن ذلك غير واردٍ وكيف يقتلهم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ويمثل بهم هذه المثلة بدون بحث وتحرّ منهم حتّى يتبين من القاتل منهم فيقتله به. ولعلّ البعض يقول بأنهم شاركوا جميعاً في قتله، أفلم يكن في وسع الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يعفو ويصفح عنهم لأنهم مسلمون بدليل قولهم: يا رسول الله، ألم يسمع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قول الله تعالى له: «وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصّابرين» [النحل: 126].
وإذا كانت هذه الآية نازلة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما احترق قلبه على عمّه سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب الذي بقروا بطنه وأكلوا كبده وقطعوا مذاكيره اغتاظ رسول الله عندما رأى عمّه على تلك الحال وقال لئن مكّنني الله منهم لأمثلنّ بسبعين فنزلت عليه الآية فقال «صبرت يا ربّ» وعفى عن وحشي قاتل عمّه وهند التي مثلت بجسده الطّاهر وأكلت كبده. وهذا هو خلق النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وممّا يدلّك على فظاعة الرواية وأن الرّاوي نفسه استفظعها فأردف يقول: قال قتادة فحدّثني محمد بن سيرين أنّ ذلك كان قبل أن تنزل الحدود ليبرّر فعل النّبي صلّى الله عليه وسلّم بذلك فحاشى رسول الله أن يحكم من عند نفسه قبل أن يبيّن له ربّه وإذا كان في المسائل الصغيرة لا يحكم حتى ينزل عليه الوحي فما بالك في الدّماء والحدود؟
وأنه لمن اليسير جداً على من يتأمل في ذلك ليعرف إنها روايات موضوعة من جهة الأموّيين وأتباعهم ليرضوا بها الحكّام الذين لا يتورّعون عن قتل الأبرياء على الظنّ والتهمة ويمثلون بهم أشنع التمثيل والدّليل على ذلك ما جاء في ذيل الرواية فى صحيح البخاري باب الطب الدواء بألبان الإبل
حدثنا مسلم بن إبراهيم حدثنا سلام بن مسكين حدثنا ثابت عن ((( أنس )))
أن ناسا كان بهم سقم قالوا يا رسول الله آونا وأطعمنا فلما صحوا قالوا إن المدينة وخمة فأنزلهم الحرة في ذود له فقال اشربوا ألبانها فلما صحوا قتلوا راعي النبي صلى الله عليه وسلم واستاقوا ذوده فبعث في آثارهم فقطع أيديهم وأرجلهم وسمر أعينهم فرأيت الرجل منهم يكدم الأرض بلسانه حتى يموت
قال سلام فبلغني أن ((( الحجاج ))) قال ((( لأنس ))) حدثني بأشد ((( عقوبة ))) عاقبه النبي صلى الله عليه وسلم فحدثه بهذا فبلغ الحسن فقال وددت أنه لم يحدثه بهذا.
ويضيف فتح البارى فى شرح صحيح البخارى ( فقال : وددت أنه لم يحدثه )
زاد الكشميهني " بهذا " وفي رواية بهز " فوالله ما انتهى الحجاج حتى قام بها على المنبر فقال : حدثنا أنس " فذكره وقال " قطع النبي صلى الله عليه وسلم الأيدي والأرجل وسمل الأعين في معصية الله , أفلا نفعل نحن ذلك في معصية الله " ؟ وساق الإسماعيلي من وجه آخر عن ثابت " حدثني أنس قال : ما ندمت على شيء ما ندمت على حديث حدثت به الحجاج " فذكره , وإنما ندم أنس على ذلك لأن الحجاج كان مسرفا في العقوبة , وكان يتعلق بأدنى شبهة . ولا حجة له في قصة العرنيين لأنه وقع التصريح في بعض طرقه أنهم ارتدوا , وكان ذلك أيضا قبل أن تنزل الحدود كما في الذي بعده , وقبل النهي عن المثلة كما تقدم في المغازي , وقد حضر أبو هريرة الأمر بالتعذيب بالنار ثم حضر نسخه والنهي عن التعذيب بالنار كما مر في كتاب الجهاد , وكان إسلام أبي هريرة متأخرا عن قصة العرنيين , وقد تقدم بسط القول في ذلك في " باب الإبل والدواب " في كتاب الطهارة , وإنما أشرت إلى اليسير منه لبعد العهد به .
ويشمّ من الرواية رائحة الوضع لإرضاء الحجاج الثّقفي الذي عاث في الأرض فساداً وقتل من شيعة أهل البيت آلاف الأبرياء ومثّل بهم فكان يقطع الأيدي والأرجل ويسمل الأعين ويخرج الألسن من القفا ويصلب الأحياء حتى يحترقوا بالشمس، ومثل هذا الرواية تبرّر أعماله فهو إنّما يقتدي برسول الله ولكم في رسول الله أسوة حسنة ـ فلا حول ولا قوّة إلا بالله.
ولذلك تفنّن معاوية في التّنكيل والتمثيل بالمسلمين الذين كانوا شيعة لعلي فكم أحرق بالنار وكم دفن أحياء وكم صلب على جذوع النخل ومن الفنون التي ابتكرها وزيره عمرو بن العاص أنّه مثل بمحمد بن أبي بكر واُلبسه جلد حمار وقذف به في النار.
( النبى يتنازل فى أحكام الله حسبما يريد )
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الصّوم باب اغتسال الصائم وأخرج مسلم في صحيحه في كتاب الصّيام باب تغليظ تحريم الجماع في نهار رمضان على الصائم، ووجوب الكفارة الكبرى فيه. وأنها تجب على الموسر والمعسر.
«عن أبي هريرة قال: بينما نحن جلوس عند النّبي صلّى الله عليه وسلّم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت! قال: مالك؟ قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم. فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: هل تجد رقبة تعتقها؟ قال: لا. قال: فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال: لا. فقال: فهل تجد إطعام ستّين مسكيناً؟ قال: لا. قال فمكث عند النبيّ صلّى الله عليه وسلّم فبينما نحن على ذلك أتي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بعرق فيه تمر، والعرق المكتل قال: أين السّائل؟ فقال: أنا، قال: خذه فتصدّق به، فقال الرّجل: أعلى أفقر منّي يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها يريد الحرّتين أهل بيتٍ أفقر من أهل بيتي. فضحك النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم حتّى بدت أنيابه ثم قال أطعمه أهلك.
أنظر كيف تصبح أحكام الله وحدود الله التي رسمها لعباده من تحرير رقبة على الموسرين والذين لا يقدرون على تحرير رقبة فما عليهم إلاّ إطعام ستين مسكينا وإذا تعذّر وكان فقيراً فما عليه إلاّ بالصوم وهو كفارة الفقراء الذين لا يجدون أموالاً كافية لتحرير أو لإطعام المساكين ولكن هذه الرواية تتعدّى حدود الله التي رسمها لعباده ويكفي أن يقول هذا الجاني كلمة يضحك لها الرّسول حتّى تبدو أنيابه فيتساهل في حكم الله ويبيح له أن يأخذ الصدقة لأهل بيته.
وهل هناك أكبر من هذه الفرية على الله ورسوله صلّى الله عليه وسلّم فيصبح الجاني مجازاً على ذنبه الذي تعمّده بدلاً من العقوبة وهل هناك تشجيعاً أكبر من هذا لأهل المعاصي والفسقة الذين سيتشبثون بمثل هذه الروايات المكذوبة ويرقصون لها.
وبمثل هذه الرّوايات أصبح دين الله وأحكامه لعباً وهزؤاً وأصبح الزاني يفتخر بارتكابه الفاحشة ويتغنّى باسم الزّاني في الأعراس والمحافل كما أصبح المفطر في شهر الصيام يتحدّى الصائمين.
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأيمان والنذور باب إذا حنث ناسياً.
عن عطاء عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: قال رجل للنبي صلّى الله عليه وسلّم زرت قبل أن أرمي (أي طفتّ بالبيت طواف الزيارة) قال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا حرج قال آخر: حلقت قبل أن أذبح قال: لا حرج، قال آخر ذبحت قبل أن أرمي قال: لا حرج.
وعن عبدالله بن عمرو بن العاص أنّ النبيّ صلّى الله عليه وسلّم بينما هو يخطب يوم النّحر إذ قام إليه رجل فقال: كنت أحسب يا رسول الله كذا وكذا قبل كذا وكذا، ثم قام آخر: فقال: يا رسول الله كنت أحسب كذا وكذا لهؤلاء الثلاث (الحلق والنحر والرمي) فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: افعل ولا حرج لهنّ كلّهنّ يومئذٍ، فما سئل يومئذٍ عن شيءٍ إلاّ قال افعل افعل ولا حرج.
والغريب أنّك عندما تقرأ هذه الروايات مستنكراً لها يجابهك بعض المعاندين بأنّ دين الله يسر وليس عسراً. وأنّ الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: يسّروا ولا تعسّروا.
وإنها كلمة حق يراد بها باطلاً، لأنّه ليس هناك شكاً في أنّ الله يريد بنا اليسر ولا يريد بنا العسر وما جعل علينا في الدّين من حرج ـ ولكن فيما سطره ورسمه لنا من أحكام وحدود عن طريق القرآن الكريم والسنّة النبويّة المطهّرة وأعطانا الرخّص اللاّزمة عند اقتضاء الحال كالتيمّم عند فقدان الماء أو الخوف من الماء البارد، وكالصّلاة جالساً عند الاقتضاء وكالإفطار وتقصير الصّلاة في السّفر، كل هذا صحيح ولكن أن نخالف أوامره سبحانه بأنّ نجعل مثلاً ترتيب الوضوء أو التيمّم كما نريد فنغسل اليدين قبل الوجه مثلاً أو نمسح الرجلين قبل الرأس فهذا لا يجوز.
ولكن الوضّاعين أرادوا أن يتنازل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عن كلّ شيء ليجدوا منفذاً وكما يقول كثير من النّاس اليوم (عندما تجادلهم في الأمور الفقهية) لا عليك يا خي، المهم صلّ فقد، صلّ كما يحلو لك!.
والغريب أنّ البخاري نفسه يخرج في نفس الصفحة التي بها قول الرّسول (افعل افعل ولا حرج) واقعةً يظهر فيها النبي متشدّداً إلى أبعد الحدود. قال عن أبي هريرة أنّ رجلاً دخل المسجد يصلّي ورسول الله صلّى الله عليه وسلّم في ناحية المسجد فجاء فسلّم عليه فقال له: إرجع فصلّ فإنّك لم تصلّ فرجع فصلّى ثم سلّم فقال وعليك، ارجع فصلّ فإنك لم تصلّ، وكرّر الرجل الصّلاة ثلاث مرّات وفي كل مرة يقول له الرّسول ارجع فصل فإنك لم تصلّ، فقال الرجل للرسول علّمني يا رسول الله فعلّمه الاطمئنان في الركوع والاطمئنان في السجود قال ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع رأسك حتى تعتدل قائماً ثم اسجد حتى تطمئنّ ساجداً ثم ارفع حتّى تستوي وتطمئنّ جالساً ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً ثم ارفع حتى تستوي قائماً ثم افعل ذلك في صلاتك كلها.
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد باب قول الله عز وجلّ فاقرؤوا ما تيسّر من القرآن.
عن عمر بن الخطاب يقول سمعت هشام بن حكيم يقرأ سورة الفرقان في حياة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فاستمعت لقرائته فإذا هو يقرأ على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فكدت أساوره في الصلاة فتصبرت حتى سلّم فلبيته بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي سمعتك تقرأ قال: اقرأنيها رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلت: كذبت أقرأنيها علي غير ما قرأت.
فانطلقت به أقوده إليى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت إنّي سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروفٍ لم تقرئنيها، فقال أرسله إقرأ يا هشام فقرأ القراءة التي سمعته، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم كذلك أنزلت، ثم قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم إقرأ يا عمر فقرأت التي أقراني فقال: كذلك أنزلت، إنّ هذا القرآن أنزل على سبعة أحرفٍ فاقرؤوا ما تيسر منه.
فهل يبق بعد هذه الرواية شكّ في أنّ الوضاعين تطاولوا على قداسة الرّسول صلّى الله عليه وسلّم حتى من خلال القرآن الكريم وأنه علّم الصحابة بقراءات مختلفة ويقول لكلّ منهم كذلك أنزل ولو لم تكن القراءة فيها اختلاف كبير ما كان عمر يكاد يقطع على هشام الصّلاة ويتهدّده
كما أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الاستقراض وأداء الدّين في باب الخصومات من جزئه الثالث صفحة 88.
عن عبدالملك بن ميسرة أخبرني قال سمعت النزّال، سمعت عبدالله يقول سمعت رجلاً قرأ آيةً سمعت من النّبي صلّى الله عليه وسلّم خلافها، فأخذت بيده فأتيت به رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقال: كلاكما محسن.
قال شعبة أظنّه قال: لا تختلفوا، فإنّ من كان قبلكم اختلفوا فهلكوا.
سبحان الله وبحمده، كيف يقرّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم اختلافهم بقوله كلاكما محسن؟ ولا يرجع بهم إلى قراءة موحّدة تقطع دابر الاختلاف.
ثم بعد ذلك يقول لهم: لا تختلفوا فتهلكوا، أليس هذا هو التناقض؟ يا عباد الله افتونا يرحمكم الله. وهل اختلفوا إلاّ فإقراره هو ومباركته وتشجيعه. كلاّ وحاش رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من هذا التناقض والاختلاف الذي تنفر منه العقول.
ـ أفلا يتدبّرون القرآن الذي يقول:
«ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً » [ النساء: 82]. وهل وقع اختلاف أكبر وأخطر على الأمّة الإسلامية من القراءات المتعدّدة التي غيّرت معاني القرآن إلى تفاسير وآراء مختلفة فأصبحت آية الوضوء الواضحة مختلفاً فيها
( النبى يتصرف كالصبيان ويعاقب من لا يستحق العقوبة )
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب المغازي باب مرض النّبي صلّى الله عليه وسلّم ووفاته.
ومسلم في صحيحه في كتاب السّلام باب كراهة التداوي باللّدود. «عن عائشة قالت لددنا (1) رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في مرضه، فجعل يشير إلينا أن لا تلدّوني. فقلنا: كراهية المريض للدّواء، فلمّا افاق، قال: ألم أنهكم أن تلدّوني؟ قلنا: كراهية المريض للدّواء، فقال: لا يبقى أحد في البيت إلاّ لدّ وأنا أنظر، إلاّ العبّاس فإنّه لم يشهدكم».
عجيب أمر هذا النبي المفترى عليه، الذي جعل المفترون كالصّبي الذي يغرغروه الدّواء المرّ الذي لا يقبله، فيشير إليهم أن لا يلدوه، ولكنّهم يغصبونه على ذلك رغم أنفه.
ولمّا يفيق يقول لهم: ألم أنهكم أن تلدّوني؟ فيعتذرون له بأنهم طنّوا بأن النهي هو كراهية المريض للدّواء، فيحكم عليهم جميعاً بأن يلدّوا وهو ينظر ليشفي غليله منهم ولا يستثني منهم إلاّ عمّه العبّاس لأنه لم يكن حاضراً عملية اللّدود.
ولم تكمل السيّدة عائشة نهاية القصة وهل نفّذ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلذم حكمه فيهم أم لا، وعلى طريق من وكيف تمت عملية اللّدود بين النّساء والرّجال الحاضرين
( النّبي يحلف ويحنث )
روى البخاري في صحيحه في كتاب المغازي قصّة عمان والبحرين باب قدوم الأشعريّين وأهل اليمن.
عن أبي قلابة عن زهدمٍ قال: لمّا قدم أبو موسى أكرم هذا الحيّ من جرمٍ وإنّا لجلوس عنده وهو يتغدى دجاجاً وفي القوم رجل جالس فدعاه إلى الغداء فقال: إنّي رأيته يأكل شيئا فقذرته، فقال: هلمّ فإنّي رأيت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يأكله، فقال: إنّي حلفت لا أكله، فقال: هلمّ أخبرك عن يمينك، إنّا أتينا النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم نفر من الأشعريين فاستحملناه فأبى أن يحملنا فاستحملناه فحلف أن لا يحملنا ثم لم يلبث النبيّ صلّى الله عليه وسلّم أن أُتي بنهب إبل فأمر لنا بخمس ذودٍ فلمّا قبضناها، قلنا تغفّلنا النبي صلّى الله عليه وسلّم يمينه لا نفلح بعدها أبداً، فأتيته فقلت: يا رسول الله إنّك حلفت أن لا تحملنا وقد حملتنا، قال: أجل ولكن لا أحلف على يمينٍ فأرى غيرها خيراً منها إلاّ أتيت الذي هو خير منها.
أنظر إلى هذا النبيّ الذي بعثه الله سبحانه ليعلّم النّاس الحفاظ على الأيمان ولا ينقضوها إلاّ بكفّارة ولكنّه هو يأمر بالشيء ولا يأتيه قال تعالى: «لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقّدتم الأيمان فكفّارته إطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم أو كسوتهم أو تحرير رقبةٍ فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيّام ذلك كفّارة أيمانكم إذا حلفتم واحفظوا أيمانكم كذلك يبيّن الله لكم آياته لعلكم تشكرون » [ المائدة: 89].
وقال أيضاً: (ولا تنقضوا الأيمان بعد توكيدها» [النحل: 91]. ولكنّ هؤلاء لم يتركوا لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فضلاً ولا فضيلة.
(( فضائل عمر ))
( الشيطان يخاف من عمر )
صحيح البخارى باب بدء الخلق صفة إبليس وجنوده
وصحيح مسلم باب فضائل الصحابة من فضائل عمر
حدثنا علي بن عبد الله حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن صالح عن ابن شهاب قال أخبرني عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد أن محمد بن سعد بن أبي وقاص أخبره أن أباه سعد بن أبي وقاص قال
استأذن ((( عمر ))) على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فلما استأذن ((( عمر ))) قمن يبتدرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال ((( عمر ))) أضحك الله سنك يا رسول الله قال عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب قال ((( عمر ))) فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن ثم قال أي عدوات أنفسهن أتهبنني ولا تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلن نعم أنت أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما لقيك ((( الشيطان ))) قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك
( الرسول يخطىء وعمر يصحح له ويجتهد )
حدثني زهير بن حرب حدثنا ((( عمر ))) بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار قال حدثني أبو كثير قال حدثني أبو هريرة قال
كنا قعودا حول رسول الله صلى الله عليه وسلم معنا أبو بكر ((( وعمر ))) في نفر فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين أظهرنا ((( فأبطأ ))) علينا وخشينا أن يقتطع دوننا وفزعنا فقمنا فكنت أول من فزع فخرجت أبتغي رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتيت حائطا للأنصار لبني النجار فدرت به هل أجد له بابا فلم أجد فإذا ربيع يدخل في جوف حائط من بئر خارجة والربيع الجدول فاحتفزت كما يحتفز الثعلب فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو هريرة فقلت نعم يا رسول الله قال ما شأنك قلت كنت بين أظهرنا فقمت ((( فأبطأت ))) علينا فخشينا أن تقتطع دوننا ففزعنا فكنت أول من فزع فأتيت هذا الحائط فاحتفزت كما يحتفز الثعلب وهؤلاء الناس ورائي فقال يا أبا هريرة وأعطاني نعليه قال اذهب بنعلي هاتين فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة فكان أول من لقيت ((( عمر ))) فقال ما هاتان النعلان يا أبا هريرة فقلت هاتان نعلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثني بهما من لقيت يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشرته بالجنة فضرب ((( عمر ))) بيده بين ثديي فخررت لاستي فقال ارجع يا أبا هريرة فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجهشت بكاء وركبني ((( عمر ))) فإذا هو على أثري فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لك يا أبا هريرة قلت لقيت ((( عمر ))) فأخبرته بالذي بعثتني به فضرب بين ثديي ضربة خررت لاستي قال ارجع فقال له رسول الله يا ((( عمر ))) ما حملك على ما فعلت قال يا رسول الله بأبي أنت وأمي أبعثت أبا هريرة بنعليك من لقي يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه بشره بالجنة قال نعم قال فلا تفعل فإني أخشى أن يتكل الناس عليها فخلهم يعملون قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلهم
( عمر يصحح للرسول والرسول يبكى لمخالفته رأى عمر )
حدثنا هناد بن السري حدثنا ابن المبارك عن عكرمة بن عمار حدثني سماك الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول حدثني ((( عمر ))) بن الخطاب قال لما كان يوم بدر ح و حدثنا زهير بن حرب واللفظ له حدثنا ((( عمر ))) بن يونس الحنفي حدثنا عكرمة بن عمار حدثني أبو زميل هو سماك الحنفي حدثني عبد الله بن عباس قال حدثني ((( عمر ))) بن الخطاب قال
لما كان يوم بدر نظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المشركين وهم ألف وأصحابه ثلاث مائة وتسعة عشر رجلا فاستقبل نبي الله صلى الله عليه وسلم القبلة ثم مد يديه فجعل يهتف بربه اللهم أنجز لي ما وعدتني اللهم آت ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام لا تعبد في الأرض فما زال يهتف بربه مادا يديه مستقبل القبلة حتى سقط رداؤه عن منكبيه فأتاه أبو بكر فأخذ رداءه فألقاه على منكبيه ثم التزمه من ورائه وقال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك فأنزل الله عز وجل ( إذ تستغيثون ربكم فأستجاب لكم أنى ممدكم بألف من الملائكة مردفين )
فأمده الله بالملائكة قال أبو زميل فحدثني ابن عباس قال بينما رجل من المسلمين يومئذ يشتد في أثر رجل من المشركين أمامه إذ سمع ضربة بالسوط فوقه وصوت الفارس يقول أقدم حيزوم فنظر إلى المشرك أمامه ((( فخر ))) مستلقيا فنظر إليه فإذا هو قد خطم أنفه وشق وجهه كضربة السوط فاخضر ذلك أجمع فجاء الأنصاري فحدث بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقت ذلك من مدد السماء الثالثة فقتلوا يومئذ سبعين وأسروا سبعين قال أبو زميل قال ابن عباس فلما أسروا الأسارى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر ((( وعمر ))) ما ترون في هؤلاء الأسارى فقال أبو بكر يا نبي الله هم بنو العم والعشيرة أرى أن تأخذ منهم فدية فتكون لنا قوة على الكفار فعسى الله أن يهديهم للإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى يا ابن الخطاب قلت لا والله يا رسول الله ما أرى الذي رأى أبو بكر ولكني أرى أن تمكنا فنضرب أعناقهم فتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكني من فلان نسيبا ((( لعمر ))) فأضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر وصناديدها فهوي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فلما كان من الغد جئت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر قاعدين يبكيان قلت يا رسول الله أخبرني من أي شيء تبكي أنت وصاحبك فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبكي للذي عرض علي أصحابك من أخذهم الفداء لقد عرض علي عذابهم أدنى من هذه الشجرة شجرة قريبة من نبي الله صلى الله عليه وسلم وأنزل الله عز وجل ( ما كان لنبى أن يكون له أسرى حتى يثخن فى الأرض الى قوله فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا )
فأحل الله الغنيمة لهم
(( ما قبل النبوة والنبوة ))
( الرسول يقدم ذبائح الأنصاب الى غيره وغيره يفقه بمسألة الأنصاب )
: أخرج البخاري في صحيحه ، وأحمد في المسند وغيرهما عن سالم أنه سمع عبد الله يحدّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لقي زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بَلْدَح ، وذاك قبل أن يُنَزَّل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي ، فقدَّم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة فيها لحم، فأبى أن يأكل منها ، وقال : إني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم ، ولا آكل إلا مما ذُكر اسم الله عليه
صحيح البخاري 7|118 الذبائح والصيد ، باب ما ذبح على النصب والأصنام ، 3|1170 ح3826 ، 4|1770 ح5499. مسند أحمد بن حنبل 7|196 ح5369. 8|27 ، 234 ح5631 ، 6111.
( الرسول يشك فى نبوته ويحاول الإنتحار )
فى صحيح البخارى باب التعبير أول ما بدىء به الرسول صلى الله عليه وآله وسلم من الوحى
حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب ح و حدثني عبد الله بن محمد حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر قال الزهري فأخبرني عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت
أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي الرؤيا الصادقة في النوم فكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل فلق الصبح فكان يأتي حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه الملك فيه فقال اقرأ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال ( اقرأ باسم ربك الذى خلق )
حتى بلغ ( علم الإنسان مالم يعلم ) فرجع بها ترجف بوادره حتى دخل على خديجة فقال زملوني زملوني فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال يا خديجة ما لي وأخبرها الخبر وقال قد خشيت على نفسي فقالت له كلا أبشر فوالله لا يخزيك الله أبدا إنك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقري الضيف وتعين على نوائب الحق ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي وهو ابن عم خديجة أخو أبيها وكان امرأ تنصر في الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربي فيكتب بالعربية من الإنجيل ما شاء الله أن يكتب وكان شيخا كبيرا قد عمي فقالت له خديجة أي ابن عم اسمع من ابن أخيك فقال ورقة ابن أخي ماذا ترى فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم ما رأى فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى يا ليتني فيها جذعا أكون حيا حين يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أومخرجي هم فقال ورقة نعم لم يأت رجل قط بمثل ما جئت به إلا عودي وإن يدركني يومك أنصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي وفتر الوحي فترة حتى حزن النبي صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كي يتردى من رءوس شواهق الجبال فكلما أوفى ((( بذروة جبل ))) لكي يلقي منه نفسه تبدى له ((( جبريل ))) فقال يا محمد إنك رسول الله حقا فيسكن لذلك جأشه وتقر نفسه فيرجع فإذا طالت عليه فترة الوحي غدا لمثل ذلك فإذا أوفى ((( بذروة جبل ))) تبدى له ((( جبريل ))) فقال له مثل ذلك
( اليهود والنصارى مع الرسول )
صحيح مسلم باب صفة القيامة والجنة والنار نزل أهل الجنة
حدثنا عبد الملك ((( بن ))) شعيب ((( بن ))) الليث حدثني أبي عن جدي حدثني خالد ((( بن يزيد ))) عن سعيد ((( بن ))) أبي هلال عن زيد ((( بن ))) أسلم عن عطاء ((( بن ))) يسار عن أبي سعيد الخدري
عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تكون الأرض يوم القيامة خبزة واحدة يكفؤها الجبار بيده كما يكفأ أحدكم خبزته في السفر نزلا لأهل الجنة قال فأتى رجل من اليهود فقال بارك الرحمن عليك أبا القاسم ألا أخبرك بنزل أهل الجنة يوم القيامة قال بلى قال تكون الأرض خبزة واحدة كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فنظر إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ضحك حتى بدت نواجذه قال ألا أخبرك بإدامهم قال بلى قال إدامهم بالام ونون قالوا وما هذا قال ((( ثور ))) ونون يأكل من زائدة كبدهما سبعون ألفا
( الرسول يهجر )
صحيح مسلم باب الوصية ترك الوصية لمن ليس له شىء يوصى فيه
حدثنا إسحق بن إبراهيم أخبرنا وكيع عن مالك بن مغول عن طلحة بن مصرف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال
يوم الخميس وما يوم الخميس ثم جعل تسيل دموعه حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((( يهجر )))
دعنى نرى التخبطات والتى أراد القوم تبرأت ساحة عمر لأعماله :-
صحيح مسلم بشرح النووي
( قوله صلى الله عليه وسلم حين اشتد وجعه : ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا , فقالوا : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر )
, وفي رواية : ( فقال عمر - رضي الله عنه - : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلب عليه الوجع , وعندكم القرآن , حسبنا كتاب الله , فاختلف أهل البيت فاختصموا , ثم ذكر أن بعضهم أراد الكتاب , وبعضهم وافق عمر , وأنه لما أكثروا اللغو والاختلاف , قال النبي صلى الله عليه وسلم : قوموا ) . اعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الكذب , ومن تغيير شيء من الأحكام الشرعية في حال صحته وحال مرضه , ومعصوم من ترك بيان ما أمر بيانه , وتبليغ ما أوجب الله عليه تبليغه , وليس معصوما من الأمراض والأسقام العارضة للأجسام ونحوها مما لا نقص فيه لمنزلته , ولا فساد لما تمهد من شريعته . وقد سحر صلى الله عليه وسلم حتى صار يخيل إليه أنه فعل الشيء ولم يكن فعله ولم يصدر منه صلى الله عليه وسلم وفي هذا الحال كلام في الأحكام مخالف لما سبق من الأحكام التي قررها . فإذا علمت ما ذكرناه فقد اختلف العلماء في الكتاب الذي هم النبي صلى الله عليه وسلم به , فقيل : أراد أن ينص على الخلافة في إنسان معين لئلا يقع نزاع وفتن , وقيل : أراد كتابا يبين فيه مهمات الأحكام ملخصة ; ليرتفع النزاع فيها , ويحصل الاتفاق على المنصوص عليه , وكان النبي صلى الله عليه وسلم هم بالكتاب حين ظهر له أنه مصلحة أو أوحي إليه بذلك , ثم ظهر أن المصلحة تركه , أو أوحي إليه بذلك , ونسخ ذلك الأمر الأول , وأما كلام عمر - رضي الله عنه - فقد اتفق العلماء المتكلمون في شرح الحديث على أنه من دلائل فقه عمر وفضائله , ودقيق نظره ; لأنه خشي أن يكتب صلى الله عليه وسلم أمورا ربما عجزوا عنها ; واستحقوا العقوبة عليها لأنها منصوصة لا مجال للاجتهاد فيها , فقال عمر : حسبنا كتاب الله ; لقوله تعالى ( ما فرطنا في الكتاب من شيء } وقوله { اليوم أكملت لكم دينكم } فعلم أن الله تعالى أكمل دينه فأمن الضلال على الأمة , وأراد الترفيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم , فكان عمر أفقه من ابن عباس وموافقيه . قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في أواخر كتابه دلائل النبوة : إنما قصد عمر التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم حين غلبه الوجع , ولو كان مراده صلى الله عليه وسلم أن يكتب ما لا يستغنون عنه لم يتركه لاختلافهم ولا لغيره ; لقوله تعالى : { بلغ ما أنزل إليك } كما لم يترك تبليغ غير ذلك لمخالفة من خالفه , ومعاداة من عاداه , وكما أمر في ذلك الحال بإخراج اليهود من جزيرة العرب وغير ذلك مما ذكره في الحديث . قال البيهقي : وقد حكى سفيان بن عيينة عن أهل العلم قبله أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يكتب استخلاف أبي بكر - رضي الله عنه - , ثم ترك ذلك اعتمادا على ما علمه من تقدير الله تعالى ذلك , كما هم بالكتاب في أول مرضه حين قال : " وارأساه " ثم ترك الكتاب وقال : يأبى الله والمؤمنون إلا أبا بكر , ثم نبه أمته على استخلاف أبي بكر بتقديمه إياه في الصلاة , قال البيهقي : وإن كان المراد بيان أحكام الدين ورفع الخلاف فيها . فقد علم عمر حصول ذلك ; لقوله تعالى : { اليوم أكملت لكم دينكم } وعلم أنه لا تقع واقعة إلى يوم القيامة إلا وفي الكتاب أو السنة بيانها نصا أو دلالة , وفي تكلف النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه مع شدة وجعه كتابه ذلك مشقة , ورأى عمر الاقتصار على ما سبق بيانه إياه نصا أو دلالة تخفيفا عليه ; ولئلا ينسد باب الاجتهاد على أهل العلم والاستنباط وإلحاق الفروع بالأصول , وقد كان سبق قوله صلى الله عليه وسلم : " إذا اجتهد الحاكم فأصاب فله أجران , وإذا اجتهد فأخطأ فله أجر " , وهذا دليل على أنه وكل بعض الأحكام إلى اجتهاد العلماء , وجعل لهم الأجر على الاجتهاد , فرأى عمر الصواب تركهم على هذه الجملة ; لما فيه من فضيلة العلماء بالاجتهاد , مع التخفيف عن النبي صلى الله عليه وسلم , وفي تركه صلى الله عليه وسلم الإنكار على عمر دليل على استصوابه , قال الخطابي : ولا يجوز أن يحمل قول عمر على أنه توهم الغلط على رسول الله صلى الله عليه وسلم , أو ظن به غير ذلك مما لا يليق به بحال , لكنه لما رأى ما غلب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوجع , وقرب الوفاة مع ما اعتراه من الكرب خاف أن يكون ذلك القول مما يقوله المريض مما لا عزيمة له فيه , فتجد المنافقون بذلك سبيلا إلى الكلام في الدين , وقد كان أصحابه صلى الله عليه وسلم يراجعونه في بعض الأمور قبل أن يجزم فيها بتحتيم , كما راجعوه يوم الحديبية في الخلاف , وفي كتاب الصلح بينه وبين قريش . فأما إذا أمر بالشيء أمر عزيمة فلا يراجعه فيه أحد منهم . قال : وأكثر العلماء على أنه يجوز عليه الخطأ فيما لم ينزل عليه , وقد أجمعوا كلهم على أنه لا يقر عليه . قال : ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم وإن كان الله تعالى قد رفع درجته فوق الخلق كلهم فلم ينزهه عن سمات الحدث والعوارض البشرية , وقد سهى في الصلاة , فلا ينكر أن يظن به حدوث بعض هذه الأمور في مرضه , فيتوقف في مثل هذا الحال حتى تتبين حقيقته , فلهذه المعاني وشبهها راجعه عمر - رضي الله عنه - , قال الخطابي : وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " اختلاف أمتي رحمة " فاستصوب عمر ما قاله , وقد اعترض على حديث : اختلاف أمتي رحمة " رجلان : أحدهما مغموض عليه في دينه , وهو عمر بن بحر الجاحظ , والآخر معروف بالسخف والخلاعة , وهو إسحاق بن إبراهيم الموصلي ; فإنه لما وضع كتابه في الأغاني , وأمكن في تلك الأباطيل لم يرض بما تزود من إثمها حتى صدر كتابه بذم أصحاب الحديث , وزعم أنهم يروون ما لا يدرون , وقال هو والجاحظ : لو كان الاختلاف رحمة لكان الاتفاق عذابا , ثم زعم أنه إنما كان اختلاف الأمة رحمة في زمن النبي صلى الله عليه وسلم خاصة ; فإذا اختلفوا سألوه , فبين لهم .
والجواب عن هذا الاعتراض الفاسد : أنه لا يلزم من كون الشيء رحمة أن يكون ضده عذابا , ولا يلتزم هذا ويذكره إلا جاهل أو متجاهل . وقد قال الله تعالى : { ومن رحمته جعل لكم الليل والنهار لتسكنوا فيه } فسمى الليل رحمة , ولم يلزم من ذلك أن يكون النهار عذابا , وهو ظاهر لا شك فيه . قال الخطابي : والاختلاف في الدين ثلاثة أقسام : أحدها : في إثبات الصانع ووحدانيته , وإنكار ذلك كفر .
والثاني : في صفاته ومشيئته , وإنكارها بدعة .
والثالث في أحكام الفروع المحتملة وجوها , فهذا جعله الله تعالى رحمة وكرامة للعلماء , وهو المراد بحديث : اختلاف أمتي رحمة , هذا آخر كلام الخطابي - رحمه الله - , وقال المازري : إن قيل : كيف جاز للصحابة الاختلاف في هذا الكتاب مع قوله صلى الله عليه وسلم : ( ائتوني أكتب ) وكيف عصوه في أمره ؟ فالجواب أنه لا خلاف أن الأوامر تقارنها قرائن تنقلها من الندب إلى الوجوب عند من قال : أصلها للندب , ومن الوجوب إلى الندب عند من قال : أصلها للوجوب , وتنقل قريش أيضا صيغة أفعل إلى الإباحة وإلى التخيير وإلى غير ذلك من ضروب المعاني , فلعله ظهر منه صلى الله عليه وسلم من القرائن ما دل على أنه لم يوجب عليهم , بل جعله إلى اختيارهم , فاختلف اختيارهم بحسب اجتهادهم , وهو دليل على رجوعهم إلى الاجتهاد في الشرعيات , فأدى عمر - رضي الله عنه - اجتهاده إلى الامتناع من هذا , ولعله اعتقد أن ذلك صدر منه صلى الله عليه وسلم من غير قصد جازم , وهو المراد بقولهم : هجر وبقول عمر : غلب عليه الوجع , وما قارنه من القرائن الدالة على ذلك على نحو ما يعهدونه من أصوله صلى الله عليه وسلم في تبليغ الشريعة , وأنه يجري مجرى غيره من طرق التبليغ المعتادة منه صلى الله عليه وسلم , فظهر ذلك لعمر دون غيره , فخالفوه , ولعل عمر خاف أن المنافقين قد يتطرقون إلى القدح فيما اشتهر من قواعد الإسلام , وبلغه صلى الله عليه وسلم الناس بكتاب يكتب في خلوة , وآحاد , ويضيفون إليه شيئا ليشبهوا به على الذين في قلوبهم مرض , ولهذا قال : عندكم القرآن حسبنا كتاب الله , وقال القاضي عياض : أو قوله : ( أهجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ) هكذا هو في صحيح مسلم وغيره ( أهجر ) على الاستفهام وهو أصح من رواية : هجر ويهجر ; لأن هذا كله لا يصح منه صلى الله عليه وسلم ; لأن معنى هجر : هذى , وإنما جاء هذا من قائله استفهاما للإنكار على من قال : لا تكتبوا , أي لا تتركوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجعلوه كأمر من هجر في كلامه ; لأنه صلى الله عليه وسلم لا يهجر . وإن صحت الروايات الأخرى , كانت خطأ من قائلها قالها بغير تحقيق , بل لما أصابه من الحيرة والدهشة ; لعظيم ما شاهده من النبي صلى الله عليه وسلم من هذه الحالة الدالة على وفاته وعظيم المصاب به , وخوف الفتن والضلال بعده , وأجرى الهجر مجرى شدة الوجع , وقول عمر - رضي الله عنه - : حسبنا كتاب الله رد على من نازعه لا على أمر النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم
( بعض الأنبياء أفضل من الرسول والإسرائيليات )
ومن الأحاديث المتناقضة التي تجدها في الصّحاح هو تفضيل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على كل الأنبياء والمرسلين، وأحاديث أخرى ترفع من شأن موسى درجة أعلى من درجته، وأعتقد بأنّ اليهود الذين أسلموا في عهد عمر وعثمان أمثال كعب الأحبار وتميم الدّاري ووهب بن منّبه هم الذين وضعوا تلك الأحاديث على لسان بعض الصّحابة الذين كانوا معجبين بهم أمثال أبي هريرة وأنس بن مالك وغيرهم. فقد أخرج البخاري في صحيحه في كتاب التوحيد باب قوله تعالى: «وكلّم الله موسى تكليما» .
عن أنس بن مالك حكاية طويلة تحكي إسراء النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ثم عروجه إلى السماوات السّبع ثم إلى سدرة المنتهى وقصّة فرض الصّلوات الخمسين التي فرض على محمد وأمّته وبفضل موسى ردت إلى خمس عمليّة وما فيها من الكذب الصريح والكفر الشنيع من أن الجبّار ربّ العزّة دنا فتدلّى حتّى كان من النّبي قاب قوسين أو أدنى، وغيرها من التخريف ولكن ما يهمّنا في هذه الرواية هو أنّ محمّداً لمّا استفتح السّماء السّابعة وكان فيها موسى وأنّ الله رفعه في السابعة بتفضيل كلام الله فقال موسى: ربّ لم أظنّ أن يرفع عليّ أحدٌ. وأخرج مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب بدء الوحي إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
وأخرج البخاري في صحيحه كتاب بدء الخلق باب ذكر الملائكة صلوات الله عليهم قصّة أخرى تشبه الأولى وتحكي الإسراء والمعراج ولكن تقول بأنّ موسى كان في السّماء السادسة وإبراهيم في السابعة والذي يهمّنا منها هو هذا المقطع.
قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: فأتينا على السّماء السّادسة، قيل من هذا؟ قيل جبرئيل، قيل من معك؟ قال محمد صلّى الله عليه وسلّم، قيل وقد أرسل إليه؟ قال: نعم، قيل مرحباً به ولنعم المجيء جاء. فأتيت على موسى فسلّمت عليه، فقال: مرحباً بك من أخ ونبيّ، فلمّا جاوزت بكى، فقيل ما أبكاك؟ فقال: يا ربّ هذا الغلام الذي بعث بعدي يدخل الجنّة من أُمّته أفضل ممّا يدخل من أُمّتي.
كما أخرج مسلم في صحيحه في كتاب الإيمان باب أدنى أهل الجنة منزلة فيها عن أبي هريرة قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أنا سيّد الناس يوم القيامة وهل تدرون ممّ ذلك؟ يجمع النّاس الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الدّاعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشمس فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون ولا يحتملون، فيقول النّاس ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟ فيقول بعض النّاس لبعض، عليكم بآدم، فيأتون آدم عليه السّلام، فيقولون له: أنت أبو البشر، خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول آدم: إنّ ربّي غضب اليوم غضباً لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله وإنّه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي، نفسي، نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوحٍ، وتمضي الرواية وهي طويلة جدّاً (ونحن دائماً نريد الاختصار) إلى أن يطوف النّاس على نوح ثم على إبراهيم ثم على موسى ثم على عيسي وكلّهم يقول نفسي، نفسي نفسي، ويذكر خطيئته أو ذنبه، عدا عيسى لم يذكر ذنباً ولكنّه قال نفسي! نفسي! نفسي! اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى محمّد. قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فيأتوني، فأنطلق فآتي تحت العرش فأقع ساجداً لربّي عزّ وجلّ، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثّناء عليه شيئاً لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك، سل تعطه، واشفع تشفع، فأرفع رأسي، فأقول: أمّتي يا ربّ أمتي ياربّ، فيقال: يا محمّد أدخل من أمتك من لا حساب عليهم من الباب الأيمن من أبواب الجنة، وهم شركاء النّاس فيما سوى ذلك من الأبواب، ثم قال: والذي نفسي بيده إنّ ما بين المصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكّة وحمير، أو كما بين مكّة وبصرى».
وفي هذه الأحاديث يقول رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّه سيد النّاس يوم القيامة! ويقول بأنّ موسى قال: يارب ما كنت أظنّ أن يرفع علي أحدٌ. ويقول بأنّ موسى بكى وقال: يا ربّ هذا الغلام الذي بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أفضل مما يدخل من أمتي.
- ترى هل هناك غيرة بين الأنبياء ؟
- وهل كان موسى يجهل فضل محمد عليه عند الله وهو الذى بشر بقدومة فى كتب الإنجيل .
- وهل هناك بكاء فى السماوات السبع ؟
- هل كان موسى يحتقر الرسول محمد عندما كناه بالغلام ( وهى بمعنى التحقير والتصغير وتقليل المنزلة )
ونفهم من خلال هذه الأحاديث بأنّ كلّ الأنبياء والمرسلين من آدم حتى عيسى مروراً بنوح وإبراهيم وموسى (عليهم وعلى نبينا أفضل الصّلاة وأزكى التسليم) لن يشفعوا عند الله يوم القيامة وخص الله بها محمّداً صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن نؤمن بكلّ ذلك ونقول بتفضيله صلّى الله عليه وآله وسلّم على سائر البشر ولكنّ الإسرائيليين وأعوانهم من بني أميّة لم يتحمّلوا هذا الفضل والفضيلة لمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى اختلقوا رواياتٌ تقول بتفضيل موسى عليه،
ففى صحيح البخارى باب المناقب المعارج
حدثنا هدبة بن خالد حدثنا همام بن يحيى حدثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما
أن نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثهم عن ليلة أسري به بينما أنا في الحطيم وربما قال في الحجر مضطجعا إذ أتاني آت فقد قال وسمعته يقول فشق ما بين هذه إلى هذه فقلت للجارود وهو إلى جنبي ما يعني به قال من ثغرة نحره إلى شعرته وسمعته يقول من قصه إلى شعرته فاستخرج قلبي ثم أتيت بطست من ذهب مملوءة إيمانا فغسل قلبي ثم حشي ثم أعيد ثم أتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض فقال له الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال أنس نعم يضع خطوه عند أقصى طرفه فحملت عليه فانطلق بي جبريل حتى أتى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت فإذا فيها آدم فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الثانية فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة قال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما فسلمت فردا ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي إلى السماء الثالثة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إذا يوسف قال هذا يوسف فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل أوقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء ففتح فلما خلصت إلى إدريس قال هذا إدريس فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قيل مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا هارون قال هذا هارون فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح ثم صعد بي حتى أتى السماء السادسة فاستفتح قيل من هذا قال جبريل قيل من معك قال محمد قيل وقد أرسل إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا ((( موسى ))) قال هذا ((( موسى ))) فسلم عليه فسلمت عليه فرد ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبي الصالح فلما تجاوزت بكى قيل له ما يبكيك قال أبكي لأن غلاما بعث بعدي يدخل الجنة من أمته أكثر ممن يدخلها من أمتي ثم صعد بي إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل قيل من هذا قال جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد بعث إليه قال نعم قال مرحبا به فنعم المجيء جاء فلما خلصت فإذا إبراهيم قال هذا أبوك فسلم عليه قال فسلمت عليه فرد السلام قال مرحبا بالابن الصالح والنبي الصالح ثم رفعت إلي سدرة المنتهى فإذا نبقها مثل قلال هجر وإذا ورقها مثل آذان الفيلة قال هذه سدرة المنتهى وإذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران فقلت ما هذان يا جبريل قال أما الباطنان فنهران في الجنة وأما الظاهران فالنيل والفرات ثم رفع لي البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل فأخذت اللبن فقال هي الفطرة التي أنت عليها وأمتك ثم فرضت علي الصلوات ((( خمسين ))) صلاة كل يوم فرجعت فمررت على ((( موسى ))) فقال بما أمرت قال أمرت ((( بخمسين ))) صلاة كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع ((( خمسين ))) صلاة كل يوم وإني والله قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى ((( موسى ))) فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى ((( موسى ))) فقال مثله فرجعت فوضع عني عشرا فرجعت إلى ((( موسى ))) فقال مثله فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم فرجعت فقال مثله فرجعت فأمرت ((( بخمس ))) صلوات كل يوم فرجعت إلى ((( موسى ))) فقال بم أمرت قلت أمرت ((( بخمس ))) صلوات كل يوم قال إن أمتك لا تستطيع ((( خمس ))) صلوات كل يوم وإني قد جربت الناس قبلك وعالجت بني إسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك قال سألت ربي حتى استحييت ولكني أرضى وأسلم قال فلما جاوزت نادى مناد أمضيت فريضتي وخففت عن عبادي
وهذا لم يكف فاختلقوا روايات أخرى تقول بتفضيله (أي موسى على محمد) على لسان محمد نفسه فإليك بعض هذه الروايات.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب التوحيد باب في المشيئة والإرادة وما تشاؤون إلا أن يشاء الله.
عن أبي هريرة قال: استبّ رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم: والذي اصطفى محمّداً على العاملين في قسمٍ يقسم به فقال اليهودي: والذي اصطفى موسى على العالمين، فرفع المسلم يده عند ذلك فلطم اليهوديُّ فذهب اليهوديُّ إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخبره بالذي كان من أمره وأمر المسلم فقال النبي صلّى الله عليه وسلّم: لا تخيّروني على موسى فإنّ النّاس يصعقون يوم القيامة فأكون أوّل من يفيق فإذا موسى باطش بجانب العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق فأفاق قبلي أو كان ممن استثنى الله.
وفي رواية أخرى للبخاري قال: جاء رجل من اليهود إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم قد لطم وجهه وقال: يا محمد إن رجلاً من أصحابك من الأنصار لطم في وجهي، قال: ادعوه فدعوه قال: لما لطمت وجهه؟ قال: يا رسول الله إني مررت باليهود فسمعته يقول: والذي اصطفى موسى على البشر فقلت: وعلى محمد وأخذتني غضبة فلطمته.
قال: لا تخيّروني من بين الأنبياء فإنّ النّاس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يفيق فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدري أفاق قبلي أم جزي بصعقة الطّور.
كما أخرج البخاري في صحيحه في كتاب تفسير القرآن سورة يوسف عليه الصلاة والسلام باب قوله فلما جاءه الرسول:
عن أبي هريرة: قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: يرحم الله لوطاً لقد كان يأوي إلى ركن شديد، ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت الدّاعي ونحن أحقّ من إبراهيم إذا قال له أو لم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبي.
ولم يكفهم كل ذلك حتّى جعلوا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من الشاكين حتّى في مصيره عند ربّه فلا الشفاعة ولا المقام المحمود ولا تفضيله على الأنبياء والمرسلين ولا تبشير بالجنة لأصحابه إذا كان هو نفسه لا يعرف مصيره يوم القيامة. إقرأ معي هذه الرواية التي أخرجها البخاري وأعجب أو لا تعجب.
أخرج البخاري في صحيحه باب في الجنائز من كتاب الكسوف من جزئه الثاني الصفحة 71.
عن خارجة بن زيد بن ثابت أنّ أمّ العلاء أمرأةً من الأنصار بايعت النّبي صلّى الله عليه وسلّم أخبرته أنه اقتسم المهاجرون قرعةً فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه في أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلمّا توفّي وغسّل وكفّن في أثوابه دخل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فقلت: رحمة الله عليك أبا السّائب فشهادتي عليك لقد أكرمك الله، فقال النّبي صلّى الله عليه وسلّم: وما يدريك أنّ الله أكرمه؟ فقلت: بأبي أنت يا رسول الله فمن يكرمه الله، فقال عليه السلام: أمّا هو فقد جاءه اليقين والله إنّي لأرجو له الخير، والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي.
قالت: فوالله لا أزكي أحداً بعده أبداً.
إن هذا لشيء عجاب والله! فإذا كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقسم بالله أنّه لا يدري ما يفعل به، فماذا يبقى بعد هذا.
وإذا كان الله سبحانه يقول «بل الإنسان على نفسه بصيرة» وإذا كان الله يقول لنبيه: «إنا فتحنا لك فتحاً مبيناً ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك صراطاً مستقيماً وينصرك الله نصراً عزيزاً» [ الفتح: 1].
وإذا كان دخول الجنة للمسلمين موقوفاً على اتباعه وإطاعته والتصديق به، فكيف نصدّق هذا الحديث الذي لا أقبح منه نعوذ بالله من عقيدة بني أمية الذين ما كانوا يؤمنون يوماً بأنّ محمّداً هو رسول الله حقّاً وإنّما كانوا يعتقدون بأنّه ملك تغلب علي النّاس بذكائه ودهائه. وهذا ما صرّح به أبو سفيان ومعاوية ويزيد وغيرهم من خلفائهم وحكّامهم
( عبس وتولى )
: ( عبس وتولى : كلح وأعرض )
أما تفسير عبس فهو لأبي عبيدة , وأما تفسير تولى فهو في حديث عائشة الذي سأذكره بعد , ولم يختلف السلف في أن فاعل عبس هو النبي صلى الله عليه وسلم . وأغرب الداودي فقال . هو الكافر . وأخرج الترمذي والحاكم من طريق يحيى بن سعيد الأموي وابن حبان من طريق عبد الرحيم بن سليمان كلاهما عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت " نزلت في ابن أم مكتوم الأعمى فقال : يا رسول الله أرشدني - وعند النبي صلى الله عليه وسلم رجل من عظماء المشركين - فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعرض عنه ويقبل على الآخر فيقول له : أترى بما أقول بأسا ؟ فيقول : لا . فنزلت عبس وتولى " قال الترمذي : حسن غريب , وقد أرسله بعضهم عن عروة لم يذكر عائشة . وذكر عبد الرزاق عن معمر عن قتادة أن الذي كان يكلمه أبي بن خلف . وروى سعيد بن منصور من طريق أبي مالك أنه أمية بن خلف . وروى ابن مردويه من حديث عائشة أنه كان يخاطب عتبة وشيبة ابني ربيعة . ومن طريق العوفي عن ابن عباس قال : عتبة وأبو جهل وعياش . ومن وجه آخر عن عائشة : كان في مجلس فيه ناس من وجوه المشركين منهم أبو جهل وعتبة , فهذا يجمع الأقوال .
«يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرّأه الله ممّا قالوا وكان عند الله وجيهاً يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد
فاز فوزاً عظيماً» [الأحزاب: 71].
المفضلات