رد الشبهات عن يزيد بن معاوية
هذا الموضوع لرد الشبهات التي يطلقها الرافضة عن يزيد رضي الله عنه بأنه كان يشرب الخمر وانه قتل الحسين
بسم الله الرحمن الرحيم
نضع اقوال اهل العلم في يزيد
روايات موثوقة تدحض ما نُسِبَ إلى يزيد من منكر وفجور:وبالإضافة إلى ما سبق أن أوردناه عن الجهود التي بذلها معاوية في تنشئة وتأديب يزيد ، نجد روايات في مصادرنا التاريخيةتساعدنا على دحض الروايات الساقطة التي نَسَبت كذبا وافتراءً إلى يزيد ما نسبت ،زاعمة ً أن يزيد بن معاوية كان شاباً لاهياً عابثاً ، مغرماً بالصيد و شرب الخمر ،و تربية الفهود والقرود ، و الكلاب … الخ !!تلك الروايات التي اختلقها أعداء بنيأمية وخاصة منهم الرافضة المجوس الزنادقة ، وتسرّب كثير منها مع ما تسرَّب منروايات ساقطة وقصص منحطة وحكايات تافهة إلى كتب التاريخ والتفسير،مثل :
[نسب قريش لمصعب الزبيري ؛ (ص127)] و [كتاب الإمامة والسياسة المنحول! لابن قتيبة ؛ (1/163)] و [ تاريخ اليعقوبي ؛ (2/220)] و [ كتاب الفتوح لابن أعثمالكوفي ؛ (5/17)]
و [ مروج الذهب للمسعودي ؛ (3/77)] .
ومن أراد أن يطلععلى المزيد من تلك الافتراءات الخبيثة ، فليرجع إلى كتاب: [ صورة يزيد بن معاوية فيالروايات الأدبية ـ فريال بنت عبد الله ؛ (ص 86- 122 )] .
ـشهادة محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية ـفيروي البلاذري أن محمد بن علي بن أبي طالب - المعروف بابن الحنفية - دخل يوماً على يزيد بن معاوية بدمشق ليودعه بعد أن قضى عنده فترة من الوقت ، فقال له يزيد ، و كان له مُكرماً : يا أباالقاسم ، إن كنتَ رأيتَ مني خُلُقاً تنكره نَزَعت عنه ، و أتيت الذي تُشير به علي ؟فقال : والله لو رأيت منكراً ما وسعني إلاّ أن أنهاك عنه ، وأخبرك بالحق لله فيه ،لِما أخذ الله على أهل العلم عن أن يبينوه للناس ولا يكتموه ، وما رأيت منك إلاّخيراً . [أنساب الأشراف للبلاذري ؛ (5/17)] .
ويروي ابن كثير أن عبد الله بن مطيع - كان داعية لابن الزبير - مشى من المدينة هووأصحابه إلى محمد ابن الحنفية فأرادوه على خلع يزيد فأبى عليهم ، فقال ابن مطيع : إنَّ يزيد يشرب الخمر و يترك الصلاة و يتعدى حكم الكتاب ، فقال محمد: ما رأيتُ منه ما تذكرون ، قد حضرته وأقمت عنده ، فرأيته مواظباً على الصلاة ، متحرياً للخير ، يسأل عن الفقه ، ملازماً للسنة، قالوا: ذلك كانمنه تصنعاً لك ، قال: وما الذي خاف مني أو رجا حتى يُظهر لي الخشوع ؟! ثم أفأطلعكمعلى ما تذكرون من شرب الخمر ؟ فلئن كان أطلعكم على ذلك فإنكم لشركاؤه ، و إن لم يكنأطلعكم فما يحل لكم أن تشهدوا بما لم تعلموا ، قالوا : إنه عندنا لحق وإن لم نكنرأيناه! فقال لهم : أبى الله ذلك على أهل الشهادة ، و لست من أمركم في شيء . [البداية و النهاية ؛ (8/233) ] و [ تاريخ الإسلام – حوادثسنة 61-80هـ – (ص274) ] . و قد حسّن الأخ محمد الشيباني إسناده ، انظر: [مواقفالمعارضة من خلافة يزيد بن معاوية (ص384)].وقيمة شهادة ابن الحنفية هذه لا تكمن فقط في أنها شهادة عدل صدرت عنتابعي جليل ، بل تنبع كذلك من كونها صدرت ممن قاتل معاوية َ مع أبيه أي مع علي رضيالله عن الجميع ، فأحرى به أن يكون عدواً له كارهاً لملكه وولده . ولا يتهمهبالتحيّز في هذا إلى يزيد ومحاباتِه إلا ّ جاهل ضالّ ، أو زنديق لئيم حاقد.فشهادة ابن الحنفيةهي لاريب شهادة عدل قويةتكذّب ما افترَوهوا على يزيد من تناول للمسكر ،ومباشرة للمنكرات ، وغير ذلك مما يقدح بمروءة الإنسان مما رواه أبو مخنف وأمثاله منالرواة الكذابين الغالين ممن ينطبق عليهم لفظ الفاسق ، فهذا وأمثاله من الفسّاق لاُيقبَل لهم قول خاصة إذا كان فيه طعن في أحد من المسلمين ، فما بالك إذا كان هذاالمطعون فيه وفي دينه هو خليفة المسلمين وإمامهم ؟!وقد رأينافيما مضى نماذج من هذا الطعن والإفتراء !
ـشهادة ابن العباس في يزيدوهناك قول مشابه لابن عباس رضيالله عنه ، يثبت فيه أن يزيد براء مما افترى ولا يزال يفتري عليه المفترون ، وهوأنه لما قدم ابن عباس وافداً على معاوية رضي الله عنه ، أمر معاوية ابنه يزيد أنيأتيه – أي أن يأتي ابن عباس - ، فأتاه في منزله ، فرحب به ابن عباس وحدثه ، فلماخرج ، قال ابن عباس : " إذا ذهب بنو حرب ذهبعلماء الناس".
[البداية والنهاية ؛ (8/228-229) ] و [ تاريخ دمشق؛ (65/403-404) ].
ـشهادة الليث بن سعد فييزيدثم إنّ نسبة ما نُسِبَ من منكر إلى يزيد لا يحل إلا بشاهدين، فمن شهد بذلك ؟ وقد شهد العدل بعدالته ، روى يحيى بن بكير عن الليث بن سعد ( توفي 147هـ ) قال ، قال الليث : "توفي أمير المؤمنينيزيد في تاريخ كذا" ،فسماه الليثُ أمير المؤمنينبعد ذهاب ملك بني أمية وانقراض دولتهم ، ولولا كونه عنده كذلك لما قال إلا : " توفييزيد " .
[العواصم من القواصم (ص232-234) ].
ـشاهد آخر قوي على عدالة يزيدكما إنّمجرد موافقة عدد من كبار الشخصيات الإسلامية ، من أمثال عبد الله بن الزبير ، وعبدالله ابن عباس ، وابن عمر ، وأبو أيوب الأنصاري ، على مصاحبة جيش يزيد في سيره نحوالقسطنطينية ، فيهاخير دليل على أنَّ يزيد كانيتميز بالاستقامة ، و تتوفر فيه كثير من الصفات الحميدة ، ويتمتع بالكفاءة والمقدرةلتأدية ما يوكل إليه من مهمات ؛ وإلا لما وافق أمثال هؤلاء الأفاضل من الصحابة أنيتولى قيادتهم شخص مثل يزيد .ـمنقَبة ليزيد بن معاوية :أخرج البخاري عن خالد بنمَعْدان أن عُمَير بن الأسود العَـنَسي حدثه أنه أتى عُبادة بن الصامت و هو نازل فيساحة حِمص وهو في بناء له ومعه أم حَرام ، قال عُمير : فحدثتنا أم حَرام أنها سمعتالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : "أول جيش منأمتي يغزُونَ البحرَ قد أَوجَبوا" ، فقالت أمُّ حرام : قلت يا رسولالله أنا فيهم ؟ قال : أنت فيهم . ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم "أول جيش من أمتي يغزُون مدينة قَيْصرَمغفورٌ لهم" ، فقلت : أنا فيهم قال : لا .
وَقَدْ حَدَّثَ عن أمِّ حرام أَنَس رضي الله عنهما هَذَا الْحَدِيث أَتَمَّمِنْ هَذَا السِّيَاقِ ، وَأَخْرَجَ الْحَسَنُ بْن سُفْيَان هَذَا الْحَدِيثَ فِيمُسْنَدِهِ عَنْ هِشَام بْن عَمَّار عَنْ يَحْيَى بْن حَمْزَة بِسَنَدِالْبُخَارِيّ وَزَادَ فِي آخِرِهِ " قَالَ هِشَام رَأَيْت قَبْرَهَا بِالسَّاحِلِ " .
وقَوْله : ( يَغْزُونَ مَدِينَةَ قَيْصَر ) يَعْنِيالْقُسْطَنْطِينِيَّة .
وَقَوْله : ( قَدْ أَوْجَبُوا) أَيْ فَعَلُوا فِعْلًاوَجَبَتْ لَهُمْ بِهِ الْجَنَّة .
قَالَ الْمُهَلَّب :فِيهَذَا الْحَدِيثِمَنْقَبَة لِمُعَاوِيَة لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْغَزَا الْبَحْرَ ، وَمَنْقَبَةٌ لِوَلَدِهِ يَزِيد لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ غَزَامَدِينَةَ قَيْصَرَ .[البخاري مع الفتح ] .
فتحرك الجيش نحوالقسطنطينية بقيادة بسر بن أرطأ رضي الله عنه عام خمسين من الهجرة ، فاشتد الأمرعلى المسلمين فأرسل بسر يطلب المَدد من معاوية فجهز معاويةجيشاً بقيادة ولده يزيد ، فكان في هذا الجيش كلٌ من أبو أيوب الأنصاري ،وعبد الله بن عمر ، وابن الزبير ، وابن عباس ، وجمعٌ غفير من الصحابة، رضي الله عنهم أجمعين .
وقد علّق على هذا الحديث ِ الشيخُابو اليسر عابدين رحمه الله ، مفتي سوريا السابق ، عام 1954 في كتابه (أغاليطالمؤرخين) فقال: اما يكفيه ( أي يزيد ) فخرا ماذكره في الجامع الصغير برمز البخاري عن ام حرام بنت ملحان ان رسول الله صلى اللهعليه وسلم قال اول جيش من امتي يركبون البحر فقد اوجبوا وأول جيش يغزون مدينة قيصرمغفور لهم. و كلا الوصفين ثبتا ليزبد بن معاوية رضي الله عنه.
[ أغاليط المؤرخين ؛ ص 124]
على ضوء ما سبقبيانه من حال يزيد الحقيقية نستطيع أن نرد جميع الروايات الساقطة والأقوال المريبةالتي لم تثبت صحتها وإن وجدت في امهات كتب التفسير والتاريخ ، فهذه فيها الغث وفيهاالسمين ، وكذلك نرد ما قاله الذهبي في [ سير أعلام النبلاء ؛ (4/36)] عن يزيد بأنه " كان ناصبياً فظاً غليظاً جلفاً متناول المسكر و يفعل المنكر" . فقد أخطأ الذهبيهنا لاريب خطأ كبيرا، وعلى كلٍّ فهذا قول ، و كلٌ يؤخذ من كلامه و يرد إلا رسولالله صلى الله عليه وسلم .
**********************
قول ابن الصلاح
و قد سئل ابن الصلاح عن يزيد فقال : " لم يصح عندنا أنه أمر بقتل الحسين رضي الله عنه .... وأما سب يزيد ولعنه فليس ذلك من شأن المؤمنين ... وقد ورد في الحديث عند البخاري: " إن لعن المؤمن كقتاله" و قاتل الحسين لا يكفر بذلك ، و إنما ارتكب إثماً ، وإنما يكفر بالقتل قاتل نبي من الأنبياء عليهم الصلاة و السلام .
[ قيد الشريد ؛ (ص59-60) ].
مكانة يزيد عند الإمام أحمد بن حنبل
وهذا الإمام أحمد بن حنبل على تقشفه وعظم منزلته في الدين وورعه قد أدخل عن يزيد بن معاوية في كتابه الزهد أنه كان يقول في خطبته : " إذا مرض أحدكم مرضاً فأشقى ثم تماثل ، فلينظر إلى أفضل عمل عنده فليلزمه و لينظر إلى أسوأ عمل عنده فليدعه ". أنظر: [العواصم من القواصم ؛ (ص245) ].
ويعلِّق ابن العربي على هذا فيقول:
وهذا دليل على عظم منزلته – أي يزيد بن معاوية - عنده ( أي عند أحمد بن حنبل ) حتى يُدخله في جُملة الزهاد من الصحابة والتابعين الذين يُقتَدى بقولهم و يُرعوى من وعظهم ، و ما أدخله إلا َّ في جملة الصحابة قبل أن يَخرُج إلى ذكر التابعين ، فأين هذا من ذكر المؤرخين له في الخمر و أنواع الفجور ، ألا يستحيون ؟! وإذا سلبهم الله المروءة والحياء ، ألا ترعوون أنتم وتزدجرون و تقتدون بفضلاء الأمة ، و ترفضون الملحِدة و المُجّان من المنتمين إلى الملة .
[العواصم من القواصم (ص246) ].