السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بلا تعليق
http://bnyzid.com/uploads/c4230d9997.jpg
عرض للطباعة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بلا تعليق
http://bnyzid.com/uploads/c4230d9997.jpg
وعلاوة على إنكار جل الشيعة لذلك، فإن لأهل البيت موقفًا صريحًا حاسمًا في هذا الأمر. وهو من البراهين الواضحة على بطلان هذه الدعوى، حيث جاء في تاريخ الطبري في حوادث سنة 302ه أن رجلاً ادعى – في زمن الخليفة المقتدر – أنه محمد بن الحسن بن علي بن موسى بن جعفر، فأمر الخليفة بإحضار مشايخ آل أبي طالب وعلى رأسهم نقيب الطالبيين أحمد بن عبد الصمد المعروف بان طومار.
فقال له ابن طومار: لم يعقب الحسن. وقد ضج بنو هاشم من دعوى هذا المدعي وقالوا: يجب أن يشهر هذا بين الناس، ويعاقب أشد عقوبة. فحمل على جمل وشهر يوم التروية ويوم عرفة، ثم حبس في حبس المصريين بالجانب الغربي [تاريخ الطبري: 13/26-27، المطبعة الحسينية ط: الأولى، أو ج11 ص49-50 من طبعة دار المعارف، تحقيق: أبو الفضل إبراهيم.].
وهذه الشهادة من بني هاشم، وعلى رأسهم نقيب الطالبيين مهمة لأنها من نقيب العلويين الذي كان عظيم العناية بتسجيل أسماء مواليد هذه الأسرة في سجل رسمي [محب الدين الخطيب في تعليقه على المنتقى: ص173.]، ولقدم فترتها الزمنية حيث إنها واقع في زمن الغيبة الصغرى التي كثر فيها ادعاء هذا الولد وادعاء بابيته من العديد من الرموز الشيعية.
وعلاوة على شهادة نقيب الطالبيين وبني هاشم، فإن أقرب الناس إلى الحسن العسكري وهو أخوه جعفر يؤكد أن أخاه مات ولا نسل له ولا عقب [انظر: الصواعق المحرقة: ص168.].
والشيعة يعترفون بذلك، بل ينقلون أنه حبس جواري أخيه وحلائله حتى ثبت له براءتهن من الحمل [انظر: الغيبة للطوسي: ص75.]، وأنه شنع على من ادعى ذلك وأبلغ دولة الخلافة الإسلامية [سفينة البحار: ص162.] بتآمره، ولكن الطوسي يقول: إن هذا الإنكار من جعفر "ليس بشبهة يعتمد على مثلها أحد من المحصلين لاتفاق الكل على أن جعفرًا لم يكن له عصمة كعصمة الأنبياء فيمتنع عليه لذلك إنكار حق ودعوى باطل، والغلط غير ممتنع منه" [الغيبة: ص75.].
فالطوسي لا يقبل الإنكار من جعفر، لأنه غير معصوم، ولكن الطوسي ومعه طائفة الاثني عشرية يقبلون دعوى عثمان بن سعيد في إثبات الولد ودعوى بابيته وهو غير معصوم، أليس هذا تناقضًا؟!.
كيف يكذب جعفر وهو أخو الحسن العسكري ومن سلالة أهل البيت، وعميد الأسرة بعد وفاة الحسن، ويصدق رجل أجنبي عن أهل البيت، وهو متهم في دعواه، لأنه يجر المصلحة لنفسه من المال والجاه باسم البابية، ومن هذا شأنه ألا يشك في قوله وترد شهادته؟!
ولموقف جعفر المتميز ضد محاولات الرموز الشيعية اختراع ولد لأخيه، ضاق الشيعة ذرعًا بأمره، حتى لقبوه "بجعفر الكذاب" [انظر: ابن بابويه/ إكمال الدين: ص312، سفينة البحار: 1/162، أصول الكافي: 1/504 (هامش2)، مقتبس الأثر: 14/314، قالوا: إنه يلقب جعفر بن محمد بالصادق في مقابل جعفر هذا الذي يلقبونه بالكاذب أو الكذاب (مقتبس الأثر: 14/314) فقد يكون شيوع إطلاق لقب «الصادق» على جعفر، وتمييزه بذلك بين آبائه وأقرانه مصدره الشيعة، نكاية بحفيدة جعفر.] ووضعوا روايات نسبوها لأوائل أهل البيت تتنبأ بالغيب فتتحدث بما سيقع من جعفر، وتندد به.
فنسبوا للسجاد أنه قال: "كأني بجعفر الكذاب قد حمل طاغية زمانه، على تفتيش أمر ولي الله المغيب في حفظ الله جهلاً منه بولادته، وحرصًا على قتله إن ظفر به طمعًا في ميراث أبيه حتى يأخذه بغير حقه" [إكمال الدين: ص312، سفينة البحار: 1/162.].
نلاحظ في هذه الرواية أنهم اتهموا جعفرًا بأنه أنكر ولادته طمعًا في الميراث، على حد المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت، ذلك أن صانعي هذه الروايات هم الذين ادعوا الولد وقالوا ببابيته حرصًا على الأموال – كما سلف – كذلك فإن الرواية تتناقض حينما تقول بأن جعفرًا يجهل ولادته، ثم تقول بأنه يحرص على قتله، فإذا كان يجهل أنه ولد له ولد فكيف يحرص على قتل مجهول وجوده؟! ثم انظر كيف يدافعون عن عثمان بن سعيد، ويتهمون جعفرًا وهم يدعون التشيع للآل.
وليس جعفر هو وحده من أسرة الرضا الذي ينكر هذه الدعوى. بل يظهر من روايات الشيعة أن الإنكار كان من بيت الولد المزعوم ومن بني عمه، يدل على ذلك ما جاء في كتب الشيعة "عن إسحاق بن يعقوب [لاحظ الأسماء يهودية.] قال: سألت محمد بن عثمان العمري [الباب الثاني لمهدي الاثني عشرية.] أن يوصل لي كتابًا قد سألت فيه مسائل أشكلت علي، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان [وما يدريهم أنه خط صاحب الزمان – على فرض وجوده – والخطوط تتشابه، والرجل الذي خرجت على يده "الرقعة" غير معصوم، ومشكوك في أمره لأنه يجر المصلحة لنفسه، وناقل هذا التوقيع عن محمد بن عثمان أحد الأسماء اليهودية.] صلى الله عليه: أما ما سألت عنه أرشدك الله من أمر المنكرين لي من أهل بيتنا وبني عمنا. فاعلم أنه ليس بين الله عز وجل وبين أحد قرابة، ومن أنكرني فليس مني وسبيله سبيل ابن نوح، وأما سبيل عمي جعفر وولده فسبيل أخوة يوسف.." [إكمال الدين: ص451، الاحتجاج: 2/283 ط: النجف 1386ه، وص 469-470 ط: بيروت 1401ه، سفينة البحار: 1/163، مقتبس الأثر: 14/316.].
فيدل هذا على أن إنكار وجود الولد صدر من أهل بيته وعمومته، والدعوى جاءت من الخارج.. فأيهما أقرب للتصديق؛ أيكذب أشراف أهل البيت، ويصدق سمان لا يعرف له شأن في دين ولا علم ولا نسب ولا مقام ولا أصل؟!.
وقد يقال بأن أهل بيته وعمومته يتسترون عليه صيانة له، لكن التوقيع الصادر عن المنتظر المزعوم يدل على أن الإنكار حقيقي لأنه يحكم عليهم بأنهم كابن نوح في الكفر، إذ ليس بين الله وبين أحد قرابة، مع أن مذهبهم قائم على أن قرابة أئمتهم من الرسول صلى الله عليه وسلم هي التي خولتهم تلك المكانة..
كذلك حملتهم على جعفر ووصفه "بالكذاب" ورميه بكل عيب ونقيصة [انظر: مراجع هذه المسألة في ص(903) هامش رقم (1).] يدل على أن الإنكار من أسرة الحسن حقيقي، ولذلك صنع أصحاب هذه الدعوة تلك الروايات التي تهاجم جعفرًا، وأهل بيت المنتظر وبني عمه وتندد بإنكارهم وتفيض بالحقد عليهم. وقد كان لموقفهم أثره في ذلك الوقت، حيث شك جميع الشيعة في هذه الدعوى إلا القليل، كما شهد بذلك شيخهم النعماني وغيره.
وعلاوة على ذلك كله فإن الحسن العسكري نفسه المنسوب له هذا الولد قد نفى ذلك وأنكره حيث أسند وصيته في مرضه الذي توفي فيه إلى والدته، وأوكل لها النظر في أوقافه وصدقاته وأشهد على ذلك وجوه الدولة وشهود القضاء، كما يروي ذلك الكليني في الكافي [أصول الكافي: 1/505.]، وابن بابويه في إكمال الدين [إكمال الدين: ص42.] وغيرهما [انظر: الغيبة للطوسي: ص75.]، ولو كان له ولد هو إمام المسلمين، يحمل تلك الأوصاف الكاملة والخارقة لما وسعه إلا توكيله، فمن هو وكيل ورئيس على الأمة، ومن هو أمان للكون والناس لا يعجزه مع غيبته أن يقوم بأعباء النظر على أوقاف أبيه وصدقاته.. فلمّا لم يفعل دل على أنه لا ولد له أصلاً.
وليس ينال من هذه الشهادة العملية للحسن العسكري قول الطوسي: إن الحسن فعل ذلك قصدًا إلى إخفاء ولادة ابنه وسترًا له عن سلطان الوقت [الغيبة: ص75.]، لأن هذا القول دعوى بلا برهان.
وبهذا يثبت بطلان وجوده، وبطلان ما ترتب على ذلك.
فهذه شهادة أهل السنة، وأكثر فرق الشيعة، ونقابة آل أبي طالب، وأسرة آل أبي طالب وأخيه جعفر، والحسن العسكري، وكل هذه الشهادات والبينات تنفي دعوى الولد، وهي ترد دعوى الأجانب البعداء في نواياهم مم ادعى البابية والمشاهدة. فكيف إذا أضيف إلى ذلك استبعاد بقائه – على فرض وجوده – مئات السنين ولو مدّ الله في عمر أحد من خلقه لحاجة الناس إليه لمد في عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال أبو الحسن الرضا، وهو مع طول هذه المدة لا يعرف أحد مكانه، ولا يعلم مستقره ومقامه، ولا يأتي بخبره من يوثق بقوله.
وكل من اتفق له الاستتار عن ظالم لخوف منه على نفسه أو لغير ذلك من الأغراض يكون مدة استتاره قريبة، ولا يخفى على الكل.
وكيف يغيب المسؤول الأول عن الأمة هذه الغيبة الطويلة؟ أليس هذا كله دليلاً واضحًا جليًا على أن حكاية الغيبة أسطورة من الأساطير التي صنعها المرتزقة والزنادقة والحاقدون؟!.
ويبدو أن هذه المقالة كان الدافع وراءها ماديًا وسياسيًا، فالرغبة في الاستئثار بالأموال، ومحاولة الإطاحة بدولة الخلافة كانا هدفين أساسيين في اختراع هذه الفكرة، والدليل على ذلك أن لغة المال تسود توجيهات الفرق الشيعية، وهي مصدر نزاعهم واختلافهم، كما حفظت نصوص ذلك كتب الاثني عشرية – كما مر -.
كذلك فإن قضية "الإمامة والخلافة" هي حديث هذه الخلايا الشيعية وهم في فلكها يسيرون.. وابتداع فكرة الإمام الخفي يخلصهم من أهل البيت، ويجعل الزعامة في أيديهم.
ولم يتكلفوا شيئًا من عناء التفكير والبحث والتأمل للوصول إلى هذه الغاية، إذ إنهم وجدوا هذه الفكرة في الديانة المجوسية، ذلك أن "المجوس" تدعي أن لهم منتظرًا حيًا باقيًا مهديًا.. – كما مر -.