بسم الله الرحمن الرحيم
ما أطول ما حاولت ان تبعد الآية عن هدفها
أولاً قولك: (فقد رويت أسباب نزول غيره في الآية منها ماهو أكثر
مناسبة لنص الآيات ) ولا أدري من الذي اعتبرها أكثر مناسبة من غيرها أما الشيعة فإجماعهم على انها نزلت بحق علي أثناء تصدقه بالخاتم وأما السنة فأكثر علمائكم ومفسيركم تدل على نزولها بعلي (ع) ولا يخفى ان هناك من حاول صرفها عن هدفها الذي نزلت فيه وهذا أولاً:
وثانياً: أن أدل دليل على بطلان كل ما قلته من أوله إلى آخره بل وهو نسف لقولك من الجذور أن هذه الآيات كانت في سورة المائدة وهي آخر ما نزل على النبي حتى أن بعض آياتها نزلت في حجة الوداع أي قبل وفاة النبي بثلاثة أشهر وفي هذا أكبر حجة على أن اليهود قد طردهم النبي من المدينة وأن عبد الله بن أبي ابن سلول كان قد توفي وقبل فترة كبيرة من نزول هذه السورة فكيف تريد أن تربط بين وقائع بعيدة عن نزول سورة المائدة.
أما دليلك الثاني فهو أيضاً باطل لأنك عندما ذكرت أن سبب نزولها كان في عبادة بن الصامت فعبادة أيضاً مفرد ولم يكن عبادة عدده عشرة أو مائة وإنما هو واحد فقط وما ينطبق على قولنا ينطبق عليك أيضاً ومع هذا فنحن لا نقول بأنها تخص الإمام علي (ع) وحده وإنما إشترك معه أئمة أهل البيت (ع) وإن كان سبب نزولها في واحد وهو أمير المؤمنين (ع).
ودليلك الثالث حيث قلت (وفي هذا تكلف ظاهر في حمل كلمة " ولي " على الأولى والأحق بدون قرينة) وها أنت تعترف بأن الآية ليست فيها قرينة وبما أن الحمل بدون قرينة فنحن نحمل الآية على الولاية العامة وذلك لأن ولاية الله تعالى عامة وولاية الرسول عامة وولاية المؤمنين أيضاً أصبحت عامة لعدم وجود قرينة على تخصيص معنى الولي خصوصاً وأن هذه الآيات نزلت قبيل وفاة النبي فلا بد أن يكون معناها الولاية العامة التي تمهد لخلافة النبي (ص) ولو كانت بمعنى النصرة لما كانت فيها فائدة ولكان قوله تعالى إنما ناصركم الله ورسوله والذين آمنوا. ولذلك فيكون قولك ظاهر البطلان والحجة.
وأما دليلك الرابع فلا حجة فيه فالسياق لا يفيد بقدر إفادة نص الآية نفسها فولاية الله تعالى تعني الطاعة والولاية العامة على الناس وكذلك ولاية الرسول ويكفي دليلاً على ذلك قوله تعالى (الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لا تحتاج إلى النصرة والغلبة وإنما تفيد ان الولاية عامة على الأمة. ثم أن تتمة الآية ومن يتولى الله ورسوله والذين آمنوا فإن حزب الله هم الغالبون وهذا يدل على ان الولاية عامة لأن من يتولى الله ورسوله والذين آمنوا سواء كانوا من الصحابة أو التابعين أو المؤمنين والمسلمين ينصره الله تعالى ويجعل له الغلبة. فولاية الذين آمنوا مخصصة بمجموعة من الناس وليست عامة في كل المؤمنين بدلالة ان من يتولى الله ورسوله والذين آمنوا وبالطبع فإن من يتولى الله ورسوله والذين آمنوا هم المؤمنين والمسلمين ممن ليست لهم ولاية عامة. وقولك: (فيكون معنى " إنما وليكم " هو " إنما من تتولونه " وليس " إنما من يتولى أمركم " ) وهو اجتهاد شخصي منك وليس فيه دليل بل إنما وليكم من يتولى أمركم بدلالة ولاية الله والرسول وهي تعني من يتولى أمركم طبعاً ولا تستطيع أن تدفعها وتقول بأن ولاية الله تعالى والرسول ليست تولي أمر الناس والأمة!!!!!
ودليلك الخامس جهل فإن هناك الكثير من الآيات كانت تنزل بسبب شخص واحد ومع هذا فإن الله تعالى يذكره بالجمع وأما قوله فإن الله تعالى عندما يخصص شخصاً معيناً فإنه يفرده حتماً كما في قوله تعالى والذي ذكرته آنفاً (فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ النَّبِيِّ الْأُمِّيِّ الَّذِي يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَكَلِمَاتِهِ وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ ) فإن الله تعالى ذكر النبي وليس النبي متعدد ليجمعه أما الآية التي وردت فإنها لم تخصص فقالت والذين آمنوا وإن كانت نزلت في واحد كما هو رأينا أنها نزلت في علي (ع) أو كما هو قولكم أنها نزلت في عبادة بن الصامت ففي كلا الحالين أنها نزلت في واحد وشملت معه مجموعة قليلة من الناس وهم أئمة أهل البيت (ع) وهم الذين نزل فيهم قوله تعالى (إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً).
ودليلك الخامس بلا عنوان فقولك (لم يؤكد الله تعالى على وجوب ولاية الأمر في القرآن قدر ما أكد على وجوب الموالاة والنصرة بين المؤمنين ) بل أن الله تعالى أكد في الكثير من الآيات على ولاية الأمر بقوله تعالى النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وقوله تعالى يا داوود إنا جعلناك خليفة في الأرض وقوله تعالى للملائكة: إني جاعل ف الأرض خليفة وقول تعالى لإبراهيم: قال إني جاعلك للناس إماماً. وهناك الكثير من أمثال هذه الآيات التي تفيد في ولاية الأمة والأمر الآخر وهو دائماً ما نؤكد عليه وهو أن الآيات نزلت في أواخر حياة النبي والناس في تلك الفترة بحاجة لمعرفة من سيكون ولياً للأمة من بعد النبي وليس من يكون ناصراً للأمة بعد النبي فالأمة تحتاج إلى الحكم والخلافة لا النصرة في تلك الفترة الحرجة والتي ستجعل المسلمين في موقف حرج جداً مما يحيط بها من أخطار. فقولك هذا قولك شخص جالس في بيته وينظر ولا يحاول أن يتداخل مع الموضوع بكل حيثياته
إلى أقف عند هذا الحد وسوف أكمل أدلتك في وقت قريب إن شا الله تعالى والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.