السلام عليكم و رحمة الله تعالى و بركاته .
نعم النفس مأمورة بالسجود .بمعنى الإنصياع للشرع و العقل .
و بالمقابل , هل يسجد إبليس ؟ .
و ما دام لا يسجد .فلماذا كل هذه القصة ؟.
ثم إن، أحدا منكم لم يحاول الإجابة أيها العقلاء .
كيف لإبليس أن يدخل الجنة ؟.
كيف حاز إبليس كل هذه المكانة ؟. كلمه الله مباشرة و في الجنة . أيعقل أن ينال أكثر مما ناله الأنبياء و المرسلون ؟.
أما إستدلالك عن خلق إبليس من نار , بآية تقرر أن الجان خلق من نار .فيفتقر إلى الدقة . إلا أن تكون قد اهتديت للحق .
من الجن , تعني بكل بساطة , كائنا خفيا عن الأنظار .فالنفس لا ترى .يا سيد الأزرق .
و لو صح تصوركم الخرافي لإبليس و للجان , لكان في ذلك نسبة الظلم إلى الله و العياذ بالله . فكيف يسلط الله عليك كائنا عاقلا مكلفا مثلك لا تراه فيفعل فيك ما يفعل ثم يحاسبك الله ؟.
و لم يحاول أيضا أحد منكم تبرير هذا التصور السطحي المسيء لله عز و جل .
أمام هذه التناقضات الرهيبة و التعارض الصريح مع كتاب الله , وجب عليكم إعادة بحث الموضوع و لا حرج .فالجن ليس من أركان الإيمان . و الجن الشبحي الذي يأكل و يشرب ليس من الغيب .فلا مانع من البحث عن فهم مستقيم .
عن الحادثة المذكورة في سورة الأحقاف , لقد قدمت التفسير البديل , و المعقول جدا جدا , و المنسجم مع كتاب الله .
ذلك أن جميع المخاطبين بالقرآن أنشأهم الله من نفس واحدة .فكان لزاما أن يكون أولئك النفر من الجن بشرا مثلك و مثلي . جاءوا خفية عن أعين الناس , خوفا من قريش و من أقوامهم .فالتقوا بالنبي في الليل و بالصحراء .و لو كانوا أشباحا لجاءوا إليه في وضح النهار . فاتقوا الله في كتاب الله .
إستدلالك بالآية الكريمة : أُولَئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْأِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ - الاحقاف:18.
و كذلك الآية : لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ - هود: من الآية119.
ينبغي عليك لكي لا تخطئ الطريق أن تفهمها مع باقي كتاب الله كله .لأنك ستكون مثل من يقرأ : (( ويل للمصلين )) ثم يسكت .
يقول الله تعالى : {إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّمَنْ خَافَ عَذَابَ الآخِرَةِ ذَلِكَ يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ النَّاسُ وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ} (103) سورة هود.
ترى جيدا أن الآية لا تذكر جمع الجن أبدا . فهل يمكنك إضافة كلمة الجن في الآية ؟.
فكيف تضيف معنى لا تحتمله الآية الكريمة ؟.
لذلك يجب عليك أن تحاول فهم التعريف المستقيم للجن .بحيث أن الجن إسم وصفي و ليس إسما لنوع معين من الكائنات الحية العاقلة كما تتوهم .
فالإنس تطلق على من ترى من الناس . و الجن تطلق على من لم أو لا أو لن ترى منهم .
كما أن الجنة بكسر الجيم , تعني أكابر الناس , من ملوك و رؤساء و غيرهم ممن يعيشون في معزل عن عامة الناس .الذين تشير إليهم كلمة الناس . و هم أمم بالطبع تعاقبت على هذه المعمورة .
و لسنا بحاجة إلى افتراض وجود أمة عاقلة مكلفة إلى جانب الخليفة الأوحد في الأرض .إذ أننا سنتعارض صراحة مع كتاب الله الحكيم .
و قد سبق بيان كل هذه المعاني إلا أن الصدمة من هذا الفهم المنسجم الجديد على المسلمين نوعا ما , تؤثر على أصحاب الفهم السطحي الموروث , فلا يستطيعون استيعاب مختلف مقاصيد كلمة الجن و الجان .و الحقيقة أنهم لا يستطيعون التخلص من الراسخ الخاطئ المألوف .
فما رسخته القرون لا تزيله اللحظات و لا السنون .