بسم الله الرحمن الرحيم
السورة الكاملة قصَّة مُتكاملة
الحمد لله فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة العزيز الحكيم له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير
والصلاة والسلام على خير البشر والرحمة المرسلة للعالمين محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
أما بعد......
اعلم رحمك الله أنَّ العلم والهدى نورٌ يقذفه الله في قلب العبد إذا اتبع الهدى ونهج النبي صلى الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وصفاته ، وخاف الله في أفعاله وأحواله ولم يتبع الهوى فيضل عن السبيل .
قال الله في كتابه عن الخضر مع موسى عليهما الصلاة والسلام (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما)
فأثبت الله الرحمة من عنده للعبد الصالح ، وتعليمه علما من لدن الله العليم الحكيم.
وهذا العلم لا يناله الإنسان إلَّا باتباع سنن الرسول الكريم وكتاب الله العزيز في نهجه وحياته وأقواله وأفعاله ، وكما قال بعض أهل العلم من عمل بما يعلم وفقه الله لما لا يعلم..
والواقع أنَّ كل سورة في القرآن الكريم هي موضوع كامل مستقل بذاته من بدايته إلى نهايته ، لكل سورة هدف وقصة وموضوع وأحوال وأحكام تتميز بها عن غيره وإن تشابهت مع غيرها في بعض الآيات أو الألفاظ.
بمعنى أنَّ السورة الواحدة فيها موضوع واحد وهدف أو قُل أهداف متعددة ترتكز جميعها على التوحيد والأوامر والنواهي وإيصال المؤمنين إلى النعيم الدائم وإيصال الكافرين إلى المستقر اللازم وهو الجحيم ، وتدور محاور القرآن الكريم في موضوعات مشتركة ، تكاد تعلم أنَّ السورة المقروءة تختصُّ بموضوع كاملٍ.
أعني إذا سمعت آيات من وسط سورة علمت أنَّ السورة تتحدث عن هذه المعاني التي ذكرتها الآيات، لا أنَّ القرآن تكرار بلا معنى كما قال بعض الزنادقة ، ولا أنَّ ألفاظه عشوائية كما تقول النصارى.
مثال ذلك سورة النساء ذكرت الكثير من أحكام النساء والميراث والطلاق ، وسورة المائدة ذكرت أحكام أهل الكتاب
وسورة الأعراف شملت قصص أنبياءَ كُثُرٍ وركَّزت على بني إسرائيل خصوصًا مع نبيهم موسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام.
وسورة يوسف تختص بذكر قصة يوسف عليه السلام
وسورة هود فيها ذكر قصص الأنبياء وجدالهم مع قومهم وعاقبة المؤمنين وعذاب الكافرين
وتمتاز بعض السور بسجع في أواخر الآيات ، والسجع هو توافق آخر حرف أو حرفين من الكلمة ، فسورتا الإسراء والكهف جميع آواخر السورة فيها مدٌّ بالألف (تنوين بالفتحة).
الإسراء: أول آية فقط تُخالف هذا.
وسورة طه والنجم تجد السجع فيها على الألف المقصورة أو التنوين بالألف.
وسورة القمر والمدثر والكوثر والعصر آواخر الآيات حرف الراء.
وتجد سورة قاف تمتاز بكثرة حرف القاف فيها مثل رقيب – تنقصُ – فوقهم – ألقينا – باسقات وغيرها ، وسورة ص فيها كلمات تمتاز بالصاد كفصل – مناص – خصم – الصالحات – الصافنات – وغيرها
وتسمية السور توقيفِّيٌ من رسول الله صلى الله عليه وسلم،
ولهذا نجِد
ثلاث سورة ليس فيها اسمها ( الفاتحة – الأنبياء – الإخلاص)
ثلاث سور تنتهي بأسمائها ( الماعون – المسد – الناس )
فلو كانت التسمية بألفاظ السورة لَلَزِم أن تُذكر لفظة الفاتحة في سورة الفاتحة.
والله أعلم
فصل
كتاب الله المعجز لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ولا يعتريه ملل ولا يُؤدِّي بصاحبه إلى الكلل ، ولا يشوبه الخلل ولله الحمد ورفع الزلل.
ففيه الآيات البينات والحكم البالغات والقصص الشيِّقة والمعاني اللائقة والحِكم القاطعة والأقوال الناصعة فسبحان منزِّلهِ ، والصلاة والسلام على قارئه وخير من أوحِيَ إليه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم..
وهذا الكتاب لا أدَّعي سبقه ولا كماله ولا بلاغه ولكنه توفيق من الله ، لفت نظري وفكري من تدبر آيات الله في كتابه ، وتناسق محتواه واشتمال السورة الواحدة على العبارات المترادفة التي قد تجدها في سورة آخرى لكنْ لكل سورة مجملٌ ومفصَّلٌ ، ومثال ذلك لفظ (تالله) القسم تجده في سورتي يوسف والنحل والأنبياء والشعراء ، وقد لا تجده في سورة أخرى.
يعني مثلا تجد في سور يوسف والنور والحجرات والبقرة في أواخر الآيات عليم حكيم ، لكن في سور الذاريات والأنعام والحجر نجدها حكيم عليم ، وهذا الترتيب لا يختلف داخل السورة الواحدة أبدًا بل يُحافظ على ترتيبه فلماذا هذا الاختلاف بين السورة والأخرى واتفاقه داخل السورة الواحدة ؟ أليس هذا دليلًا على حكمة بالغة من الله وأنه محفوظ بحفظ الله له ؟
فما السر في ذلك ؟ وهل هو لفظٌ عابرٌ ليس له سببٌ ولا حكمة ؟ حاش للهِ .
ولفظ حاشَ لله تقرأه في سورة يوسف وقد تعلم سرَّهُ أو لا تعلم بتوفيقٍ من اللهِ لبعض عباده الذين اختصَّهم بفضلٍ منه ورحمة.
اشتملت سورة البقرة على أحكام اليهود وفضائحهم وعصيانهم لربِّهِم وعذابهم ، وتطرقت سورة آل عمران لحال النصارى وافترائهم على الله الكذب بإدعاء الولد ، وجاءت سورة النساء فشملت الصنفين ، وفصَّلت سورة المائدة كثيرًا من أحوالهم وأحكامهم وتشنيع مقالاتهم وكذبهم على الله عز وجل.. بما لا يتسع المجال لذكره.
ونحن إن كنَّا نقرأ القرآن آناء الليل وأطراف النهار فلن نحيط بعمله جميعه ولن نقوم به (أي حق القيام) لأن الله قال : ( لا يكلف الله نفسا إلا وسعها ) وقد علم أن وسعنا ضعيف وقليل
وطالبنا الله بالقليل ووعدنا بالعطاء الكثير الجزيل في الجنان.
فنسأل الله الكريم أن ينفعنا بكتابه وبعمله ويهدينا سواء السبيل.
والله الموفق..
أحكام عامة..
جميع سور القرآن مرتبطة فيما بينهما ارتباطات وثيقة ، منها أسلوب الآيات فيما بين المكي فيما بعضه ، والمدني فيما بعضه (أي المكي يشبه المكي ، والمدني يشبه المدني)
- جميع سور القرآن كلام الله سواءً صفات الله أو أوامره ونواهيه ، وصفات الأنبياء وأحوالهم ، وتنزيه الله عن الشريك والولد ، وسائر أحكام المعاملات بين العباد وذكر المعاد والجنة والنار والملائكة والشياطين وصفات الإنسان وطُغيانه .
- جميع السور المدنية ارتكزت على توفيق المسلمين ومعاملاتهم مع أنفسهم ومع أهل الكتاب من اليهود والنصارى.
وكذلك بعض السور المكية لكن قبل نزول الأحكام..
لم يختلف المسلمون فيما بينهم في حفظ الله من التبديل والتحويل ولكن اختلفوا في تأويل بعض الآيات والأحكام تبعًا للنصوص التي بين أيديهم (سُنًَّة النبي صلى الله عليه وسلم والأحاديث الشريفة) ، واختلاف المذاهب الأربعة والفرق المنتمية للإسلام في تأويل الأحكام .
- أول ست عشرة سورة فيها كلمة تحتوي مدًّا لازمًا :
مثال ذلك الفاتحة (الضالين)
البقرة (الضالين)
ال عمران (الم)
النساء (مضار)
المائدة (آمين)
الأنعام (آلذكرين)
الأعراف (المص)
الأنفال (شاقوا )
براءة (كافة)
يونس وهود ويوسف (الر)
الرعد (المر)
إبراهيم والحجر (الر)
النحل (دابة)
ثم تأتي سورة الإسراء فليس فيها كلمة تحتوي مدًّا لازما على رواية حفص عن عاصم.
سورة الفاتحة
ابتدأت السورة بما لا يُنازِعُها فيه اثنان من انَّها آية منها وهي بسم الله الرحمن الرحيم ،لافقد اختلف العلماء في كون البسملة من السورة (ما عدا الفاتحة) ولكل فريق من العلماء أدلَّتُهُ ولا مجال لذكرها ههنا.
الواضح من سورة الفاتحة انتهاء آياتها بحرفين اثنين وهما النون والميم ، والكلمات التي ذُكرت فيها هي ما ستكرر كثيرًا في القرآن في إثبات صفات القدير العليم ومنها (رب العالمين) و ( مالك يوم الدين)
لفظ الصراط المستقيم ورد كثيرا في باقي السور ، وهنا كانت الفاتحة الركيزة الأولى في طلب الهداية من الله في كل صلاة. ولا تصح صلاة بدونها ، وكذلك لن تهتدي أيها المسلم دون أن يهديك الله (ومن يضلل الله فما له من سبيل)
والصراط هو الإسلام وقيل القرآن وقيل الهداية للصواب وعمل الصالحات وقيل هداية الله وقيل الهداية ثم التثبيت عليها والإنابة والاستغفار والله أعلم
(صراط الذين أنعمت عليهم) من المسلمين (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)
المغضوب عليهم اليهود ، والنصارى هم الضالون كما ورد في حديث لا يحضرني.
قال ابن القيم في زاد المعاد "فأول السورة رحمة وأوسطها هداية وآخرها نعمة."
تكررت فيها كلمتي الرحمن الرحيم ، وذكر الله مرتين وذكر الصراط مرتين
سورة البقرة
هي أطول سورة مدنية ، وأول سورة نزلت في المدينة
في سورة البقرة العديد من الأوامر والنواهي ما إن تدبرته وجدت أنَّك كل مرة تقرأ فيها جديدا لم يخطر ببالك ولا في تلاوتك.
الموضوع : إجمال لجميع أركان الإسلام الشهادتين والصلاة والزكاة والحج والصوم ، (لم يذكروا جميعا إلَّا فيها) وتفصيل لأحكام الطلاق والرجعة والنكاح.
بداية السورة الم()ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين() الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون() هؤلاء المؤمنون هم نفسهم خُتمت بهم السورة آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون..
وهذا النظام البديع حيث تتشابه بداية السورة مع آخرها في المعاني والألفاظ سنجده يتكرر كثيرا..
بدأت بتفخيم أمر الكتاب العظيم ، ثم ثنَّت بذكر أوصاف المؤمنين ثم أوصاف الكافرين ثم صفات المنافقين وضربت لهم الأمثلة
وهناك ترابط في خُسران تجارة من باع آخرته بدنياه (فما ربحت تجارتهم) و (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) - أُولَـئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالآَخِرَةِ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ
ثلاثة آيات متتاليات ذكر فيها إنك أنت ، وتنتهي الثلاث الآيات بأسماء من أسماء الله عز وجل
(إِنَّكَ أَنتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) آية 129 – (إِنَّكَ أَنتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) آية 128 – (إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ) آية 129
- آيتان متشابهتان وتشتبهان كثيرا على الناس(وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ يُؤْخَذُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) آية 48 ثم آخر آية (وَاتَّقُواْ يَوْماً لاَّ تَجْزِي نَفْسٌ عَن نَّفْسٍ شَيْئاً وَلاَ يُقْبَلُ مِنْهَا عَدْلٌ وَلاَ تَنفَعُهَا شَفَاعَةٌ وَلاَ هُمْ يُنصَرُونَ) آية 123
وآية كما هي (يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُواْ نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ) آيتين 47 و 122
متشابهات : (ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية 56 (ثُمَّ عَفَوْنَا عَنكُمِ مِّن بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) آية 52
ثم عطف على الأمر بتوحيده لا شريك له وتعجيز المشركين بأن يأتوا بمثل هذا القرآن وإنهاء التحدِّي بـ (لن) تفعلوا ثم ذكر قصة آدم عليه السلام وهنا نكتة لطيفة وهي أنَّ آدم اول نبي لأهل الأرض فكذلك هو أول من ذُكِرَ في ترتيب السور بين الأنبياء
ثم ذكر حوار الملائكة مع الله عز وجل وهو دليل على جواز الاستفهام من الأمر إذا خَفِيَ الحكم منه
ثم ذكر ما حدث من إبليس وكيده وعداوته لآدم بعد رفضه للامتثال للسجود له ، وذكر الله عز وجل هبوط آدم إلى الأرض ، ثم عطف على ذكر بني إسرائيل بسبب ترابط الأحداث بينهم وبين سائر الأمَمِ ولأنَّهُم كانوا مُفضَّلينَ حينًا من الدهر فكذلك لمَّا كفروا وكذَّبوا وتولَّوْا غضب الله عليهم ولعنهم ورماهُم بالذِّلَّةِ والمسكنة
أمرنا الله بإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة كما أمر بني إسرائيل (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة واركعوا مع الراكعين – واستعينوا بالصبر والصلاة – وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا من أنفسكم من خير تجدوه عند الله )
ذُكِرَ إحياء الموتى في خمسة مواضع ، فصة البقرة (كذلك يحيي الله الموتى ) ، (وعُزير (فأماته الله مائة عام ثم بعثه) ، وقصة إبراهيم عليه السلام (فصرهن إليك ثم اجعل على كل جبل) ، وقصتان مع بني إسرائيل (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم ) والثانية (ثم بعثناكم من بعد موتكم)
آية (قالوا ادع لنا ربك يبين لها ما هي ) تكررت ثلاث مرات
والآية الأولى منها فيها ثلاث أحكام للنون الساكنة وهي مرتبةً الادغام فالاظهار فالإقلاب
إيمان اليهود لم يردعهم عن قتل الأنبياء وتكذيب الرسل (بئسما اشتروا به أنفسهم )
ذُكرت في هذه السورة طلب بني إسرائيل من موسى عليه السلام رؤية الله عز وجل ، وهذه أطول سورة في القرآن الكريم وهي مدنية ، لكن في أطول سورة مكية (الأعراف) طلب موسى عليه السلام رؤية الله.
(وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل لا تعبدون إلا الله) هي خبر بمعنى الأمر ، وهي عزيزة في القرآن الكريم ، أعني هذه الطريقة اللغوية وسنأتي عليها في سورة يونس عليه السلام
(قل بئسما يأمركم به إيمانكم –بئسما اشتروا به أنفسهم )
لفظة (ولما جاءهم) كذلك (فلما جاءهم) تكررت لأنها خطابٌ لأقوامٍ مضوا ولكنَّّ أحفادهم وهم أشباههم يُعاينون الوحيَ فيكفرون به وهم على دين آباءهم بل هم أشد كفرا
ذكر المشرق والغرب ثلاث مرات (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب – ولله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله – قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم) وذُكِرت رابعة (قال فإن الله يأتي بالشمس من المشرق فأت بها من المغرب)
توعَّد الله الكافرين بالعذاب ، وشدَّدَ على اليهود بطغيانهم وكفرهم وتبديل أحكام الله وأخذهم لبعضها وتركهم للبعض الآخر
ثم قرن ذلك بتكذيبهم للنبي لأنهم آمنوا بموسى وكفروا بمحمد صلى الله عليه وسلم ومنهم من كفر بعيسى ابن مريم
وذكر حال النصارى واليهود من الاختلاف (وقالت اليهود ليست النصارى على شيء)
ذكر أن من كان عدوا لأنبياء الله وملائكته فهو عدو لله ـ فكذلك من عادا أولياء الله فالله عدوه
آيان متتاليتان تنتهيان بنفس اللفظ (لو كانوا يعلمون) آيتان 102 - 103
عندما أوصى يعقوب بنيه قالوا نعبد آلهك وآله آبائك وذكروا اسماعيل بين الآباء رغم أنه عمهم وهذا تصديقه حديث النبي صلى الله عليه وسلم (العم صنو أبيه) وكذلك كيلا يُتوَّهَمَ أن اسماعيل لم يكن على نفس ملة إبراهيم وإسحاق ، لأن بني إسرائيل امتازوا بأوامر ونواهي فقد يظن البعض أن إسماعيل يختلف عن دين إسحاق فرفعوا هذا التوهم بذكر اسماعيل بين الآباء
والآية التي بعدها تؤكد ذلك
(وإذا قيل لهم اتبعوا ) ذكر أن آباءهم لا يعقلون ولا يهتدون ثم وصفهم بالصمم والعمى والبكم وأنهم لا يعقلون مرة أخرى في الآية التي تليها
متشابهات 1 (يا أيها الناس كلوا مما في الأرض حلالا طيبا ) – (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم )
متشابهات2 (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَـئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) آية 159 – (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللّهُ مِنَ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولَـئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آية 174
ربط الله التقوى في هذه السورة الكريمة بعدة أمور ، منها إنفاذ الوصية ومنها الصوم ومنها القصاص وآية (ليس البر) ، وتقوى الله في معاملة الأزواج وتقوى الله في الطلاق والرجعة وترك المهر عند الانفصال.
ترك الحلف بالله لغوًا ، وألَّا يمسكوا النساء ضرارًا في عدة الطلاق ، وفي رضاعة الولد من أمِّهِ ، ونفقة الرجل على مطلَّقَتِهِ
آية 233 ذكرت كلمة الحول (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلاَدَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ ) وكذلك آية 240 (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لِّأَزْوَاجِهِم مَّتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ)
والحول هو العام على لغة أهل الحجاز
وترك الربا ، وتقوى الله يوم القيامة أي قبل أن ياتي (وَاتَّقُواْ يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ) آية 281 رُوِيَ أنَّها آخر آية نزلت
وربط تقوى الله بكتابة الدين إلى أجلٍ مسمًّى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ) آية 282
النصر مع الصبر والدعاء والتقوى ، كما انتصرت بنو إسرائيل بجيش طالوت وداود عليه السلام على الفلسطيني جالوت وجنوده.
هذه الآية ذكرت جميع أركان الإيمان (لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ قِبَلَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَلَـكِنَّ الْبِرَّ مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَالْمَلآئِكَةِ وَالْكِتَابِ وَالنَّبِيِّينَ وَآتَى الْمَالَ عَلَى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَالسَّآئِلِينَ وَفِي الرِّقَابِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَالْمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إِذَا عَاهَدُواْ وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاء والضَّرَّاء وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَـئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) آية 177
وهذه الأركان مذكورة في حديث جبريل في صحيح مسلم والبخاري واللفظ له عند تفسير هذه الآية « 4777 » حدثنا إسحاق عن جرير عن أبي حيان عن أبي زرعة عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوما بارزا للناس إذ اتاه رجل يمشي فقال يا رسول الله ما الإيمان قال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله
ولقائه وتؤمن بالبعث الآخر قال يا رسول الله ما الإسلام قال الإسلام أن تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة المفروضة وتصوم رمضان قال يا رسول الله ما الإحسان قال الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكنترأه فإنه يراك قال يا رسول الله متى الساعة قال ماالمسئول عنها بأعلم من السائل ولكن سأحدثك عن أشراطها إذا
ولدت الأمة ربتها فذاك من أشراطها وإذا كان الحفاة العراة رؤوس الناس فذاك من أشراطها في خمس لا يعلمهن إلا الله إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام الآية ثم انصرف الرجل فقال ردوه علي فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئا فقال هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم
- هذه السورة الوحيدة التي ذُكر فيها الأمر بكتابة الدَّيْنِ ، ونُسِخَتْ فيها أحكام الصيام والعِدَّةِ لمن تُوفيَ عنها زوجها.
أمر الله بكتابة الوصية
التخفيف على المسلمين في ليالي رمضان بحلِّ الجِماعِ ، وكذلك تحريم الرشوة للحكَّامِ
- بدأت الآيات في العفو والصفح (فَاعْفُواْ وَاصْفَحُواْ حَتَّى يَأْتِيَ اللّهُ بِأَمْرِهِ) آية 109 ثم أمر بالقتال (وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ..) آية 191
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أُوْلَـئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللّهِ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) آية 218 هنا فصل بين الإيمان والهجرة وهذا ليس فصل تفرقة ولكنه فصل تفضيل ، فالذين آمنوا وهاجروا معًا هم خيرٌ من الذين آمنوا ولم يهاجروا أو كما قال عز وجل (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح) سورة الحديد
وتناسبت الآية من (ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِّن رَّبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ) آية 178 مع (يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا) لأن رحمة الله في كل أمور الشريعة فالقصاص رحمة ، وعمل الطاعات رحمة والإيمان كله رحمة
- أول آيات الحج (إن الصفا والمروة ) ثم أوسطها الصوم ثم عادت للحج (الحج أشهر معلومات)
قلـ: لأن أشهر الحج تأتي بعد الصوم ثم يأتي الصوم العام المقبل فلم يذكره في القرآن لثبات النص وقلة أحكامة مقارنة بالحج وذكر القرآن الكريم بعض أحكام الحج والمشاعر والمواقف فيه
- الآيات التي تحدثت عن توجه المسلمين للمسجد الحرام الأولى أمر إيجاب ، والثانية أمر تثبيت والثالثة توكيد أنَّها قبلة الإسلام لا قبلة النصارى التي يزعمونها شرقًا ولا قبلة اليهود التي يزعمون أنها غربٌ كما قال عز وجل (لا شرقية ولا غربية)
- (وَمِنَ النَّاسِ مَن يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ)آية 204 ثم (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) آية 206 ( ثم (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاء مَرْضَاتِ اللّهِ وَاللّهُ رَؤُوفٌ بِالْعِبَادِ) آية 207
هذه الآيات الثلاث آخرها وزن فعال وكلاها تنتهي فساد مهاد بلاد والأولى تنتهي بفتحة والثانية بضمة والثالثة بكسرة ، فسبحان من كلامه أفصح من أي شعر وقصيد.
من آية 227 إلى 237 أحكام الطلاق والعدة والمتعة ( النفقة) ، وفيها آيتان تبدآن بـ وإذا طلقتم النساء ، وكذلك آيتان لا جناح عليكم والأخرى ولا جناح عليكم ،
وقال لهم نبيهم آيتان 247 - 248
اشتملت السورة على العديد من نهايات الآيات أعني الحروف منها حرف الميم والنون والدال والراء ، كذلك امتازت السورة بعدَّةِ الآيات التي تنتهي بأسماء الله العزيز الحكيم. وكل آية نهايتها اسم من أسمائه تبارك وتعالى لها دلالة لفظية ومعنوية في نفس الآية بدليل :
(وَإِنْ عَزَمُواْ الطَّلاَقَ فَإِنَّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) آية 227 أي سميع بأقوالهم حال رغبتهم في الطلاق سواء تكَّموا بذلك أو لا ، عليمٌ بحقيقة رجعتهم وطلاقهم وسببه ولو خفي على الناس.
- قلت : وآيات الطلاق فيها ألفاظ معلومة (واعلموا أن بما تعملون خبير) وإن الله بصير بما تعلمون
واتقوا الله وأعلموا أن الله بكل شيء عليم
( حقا على المتقين – حقا على المحسنين)
فهذه الآيات فحواها (محتوى) ذكر العلم وأن الله أعلم من عباده في كل شيء وختمها بـ (والله يعلم وأنتم لا تعلمون)
- شبه الله آمال الكافرين بماء المطر الذي ينزل على الصفوان (حجر أملس) فإذا هبَّت الريح ذهب المطر وترك الحجر كما هو لا يمسك التراب ولا الماء ، ولم يذكر الصفوان في غير هذه السورة
في بداية الآيات ذُكِرت الحجارة وفي أوسط السورة ذُكِر الصفوان فتنوعت أفكار الحجارة وتشابه أفعال الكافرين فيها
ذكرت السورة خمسة أصناف لا خوف ولا هم يحزنون
الأول: (نَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 62
الثاني: (بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 112
الثالث: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنّاً وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 262
الثالث: (الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُم بِاللَّيْلِ وَالنَّهَارِ سِرّاً وَعَلاَنِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 274
الرابع: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ) آية 277
قلت: يجمع بينهم الإيمان بالله والعمل الصالح ، والثالثة والرابعة ذكرا الإنفاق في سبيل الله
الخامس ذكر إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لأنها أفضل الأعمال في الإسلام
سورة آل عمران
الموضوع : تحدَّثت السورة عن مجادلة نصارى الهجر مع رسولنا صلى الله عليه وسلم
من فواتح السورة (ربنا لا تزغ قلوبنا ) وخواتيمها دعاء طويلٌ ربا آننا سمعنا مناديا..
(والله بصير بالعباد (مرتين ) – والله رؤوف بالعباد )
- تميزت بذكر الجنات التي تجري تحتها الأنهار في عدة آيات منها
(قُلْ أَؤُنَبِّئُكُم بِخَيْرٍ مِّن ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِندَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُّطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ) آية 15
(أُوْلَـئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ) آية 136
(لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْاْ رَبَّهُمْ لَهُمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِّنْ عِندِ اللّهِ وَمَا عِندَ اللّهِ خَيْرٌ لِّلأَبْرَارِ) آية 198
(وَلأُدْخِلَنَّهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ثَوَاباً مِّن عِندِ اللّهِ وَاللّهُ عِندَهُ حُسْنُ الثَّوَابِ) آية 195
فيها ولادة مريم عليها السلام وابنها المسيح عيسى ابن مريم ، ورزق زكريا بالولد بعد الكبر بقدرة الله عز وجل.
أسماء الله العزيز الحكيم (لا إله إلا هو العزيز الحكيم – كيف يشاء لا إله إلا هو العزيز الحكيم – وإن الله لهو العزيز الحكيم )
(ولتكن منكم أمة يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف – كنتم خير أمة أخرجت للناس ) ربط هنا بين كون الأمة خير أمة ، ووجود أمة ظاهرة قوية خيَّرة بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، متى فقد هذان فلا خير في الأمة ،
بل أضاف أهل الكتاب الذين آمنوا (ويأمرون بالمعروف ..)
فهذا دليل على أن الدين واحد لكن تختلف الشرائع ، فجميع الأديان أمرت بتوحيد الله وتصديق الرُسُلِ والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لأن بهما قوام الأمة وإصلاحها.
فصل
فيها تقابل (وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين ) فالتمحيص التطهير والتصفية من الذنب ، والمحق هو السحق أو الإهلاك والاستئصال
(ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوبَ عليهم أو يعذبهم) معطوفة على ما قبلها لفظة (أو) (ليقطع طرفا من الذين كفروا أو يكتبهم فينقلبوا خائبين)
فيها اسم الله الأعظم الله لا إله إلا هو الحي القيوم ، وفيها تكرار الشهادة لا إله إلا الله ، وفيها الأمر بفرض الحج ، (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا )
)وليبتلي الله مافي صدوركم وليمحص ما في قلوبكم) ...
هناك ألفاظ متقاربة (والله خبير بما تعملون ) (والله بما تعملون خبير) وكذلك (والله بصير بما تعملون) (والله بما تعملون بصير)
وأيضًا (وعلى الله فليتوكل المؤمنون) (وعلى الله فليتوكل المتوكلون)
تطرقت السورة الكريمة لمواضيع شتى:
- تفنيد مزاعم اليهود في انتفاء العذاب
- تفنيد مزاعم النصارى في المسيح عليه السلام
- دعت السورة أهل الكتاب للإيمان برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وفضحت صفاتهم في خيانة العهد ، وتشتيت المسلمين
- ذكرت بعض صفات المنافقين والذين يُثبِّطون المسلمين عن القتال
- ذكرت غزوة أحُد وما حدث للمسلمين بعد مخالفة أوامر الرسول صلى الله عليه وسلم
- نهت عن الربا في وسط آيات سورة أحد كي ينتبه الناس لخطورة الأمر وأنَّها تُحبط الأعمال العظيمة كالجهاد في سبيل
- زادت عزيمة المسلمين على القتال (إن تكونوا تألمون)
- دعت للتفكر في خلق السموات والأرض
ذكرت ثلاث آيات متتاليات ختامها عذاب ثم على التوالي عظيم – أليم – مهين وتناسب كل وصف مع نوع المعصية فلمَّا سارعوا في الكفر كان عذابهم عظيمًا ، ولمَّا اشتروا الكفر بالإيمانِ كان عذابهم أليمًا ، ولمَّا زاد الله في خيراتهم (من الطيبات والنعم) أعقبهم عذابًا مهينًا ، ويُحتمل جمع أنواع العذاب لهم والله أعلم
والآيات : (وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظّاً فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ(176)إِنَّ الَّذِينَ اشْتَرَوُاْ الْكُفْرَ بِالإِيمَانِ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً وَلهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ(177) وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْماً وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ(178)
ثم ختمها بالأجر العظيم كما بدأها بالعذاب العظيم (مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَا أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاءُ فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ(179)
أخذ الله الميثاق على النبيين في اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم كما اخذ الميثاق على العلماء لتبيين العلم للناس (وَإِذْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّيْنَ لَمَا آتَيْتُكُم مِّن كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءكُمْ رَسُولٌ مُّصَدِّقٌ لِّمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُواْ أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُواْ وَأَنَاْ مَعَكُم مِّنَ الشَّاهِدِينَ) آية 81
جاء رجل الى ابن عباس فسأله عن غزوة أحد ، فقال هل تقرأ آل عمران ؟ قال نعم . قال ابن عباس: فاقرأ من العشرين بعد المائة إلى (إن الله غفور حليم) فهذه قصَّتُنا
- ذكر في الآية 111 (لن يضروكم إلا أذى ) ، ثم لمَّا ذكر (الذين قال لهم الناس ) فكأنَّما أنزل الطمأنينة لقلوب المؤمنين حتى رسخ في قلوبهم اليقين ، فلمَّا سمعوا مقالة الناس قالوا حسبنا الله ونعم الوكيل ، آية 173
بعدما ذكر أهل الكتاب المكذبين بالرسول صلى الله عليه وسلم ، ذكر صنفًا آخر (ليسوا سواء )
(وليمحِّص الذين آمنوا ويمحق الكافرين آية 141 – وليمحص ما في قلوبكم آية 154)
(فأثابكم غما بغم – ثم أنزل عليكم من بعد الغم ) آيتان 153 - 154
(يُخْفُونَ فِي أَنفُسِهِم مَّا لاَ يُبْدُونَ لَكَ يَقُولُونَ لَوْ كَانَ لَنَا مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ مَّا قُتِلْنَا هَاهُنَا – قُلْ إِن تُخْفُواْ مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأرْضِ وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) آيتان 154 و 29
شنَّع الله اليهود الذين يكتمون العلم (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) وهي عامة في كل من يكتم علمًا
آخر آية أمرت بالصبر والمرابطة في سبيل الله والثبات على الأمر .