من جملة أسباب وضع احاديث الرجعه قيام جماعة من الزنادقة المتظاهرين بالإسلام بنشر سلسلة من الأوهام والخرافات بصورة أحاديث موضوعة لأجل إفساد تعاليم الإسلام والترويج لمذاهبهم الباطلة،
ومن أولـئك الزنادقة
- عبد الكريم بن أبي العوجاء
وغلاة الشيعة
- وبيان بن سمعان ومحمد بن سعيد الشامي
وأضرابهم، الذين قاموا بوضع جملة من الحديث ليفسدوا به الإسلام، وينصروا به مذهبهم.
- كأمثال أبي الخطاب
- ، ويونس بن ظبيان،
- ويزيد الصائغ،
وقد قُتل عبد الكريم بن أبي العوجاء بسبب زندقته وصُلب في زمان المهدي بن المنصور
قال ابن عدي: لما أُخِذَ لتُضْرَبَ عُنُقُه، قال: وضعتُ فيكم أربعة آلاف حديثٍ أُحَرِّمُ فيها الحلال وأحلِّلُ الحرام!.
وكذلك قُتِلَ «بيان بن سمعان» في الزندقة، قتله خالد القسري وأحرقه بالنار.
وروى العقيلي عن حماد بن زيد قال:
وَضَعَتْ الزنادقةُ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة عشر ألف حديث، وروى عن عبد الله بن زيد المقري، أن رجلاً من الخوارج رجع عن بدعته فجعل يقول: «انظروا هذا الحديث عمن تأخذونه فإنا كنا إذا رأينا رأياً جعلنا له حديثاً!»
(الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 73 - 74، والمامقاني، مقباس الهداية، ص 53.).\
وذكر ابن خلِّكان في تاريخه: [... وقال أبو عبد الرحمن النَّسائي: الكذّابون المعروفون بوضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعةٌ:
ابن أبي يحيى بالمدينة، والواقدي ببغداد
، ومقاتل بن سليمان بخراسان،وأضاف ابن الجوزي عليهم أيضاً «أحمد ابن عبد الله الجويبارى» و«محمد بن عكاشة الكرماني» و«محمد بن تميم الفارابى»،
ومحمد بن سعيد ويُعْرَف بالمصلوب بالشام]
( ابن خلكان، وفيات الأعيان، ج 5 / ص 256. وابن الجوزي، الموضوعات، ج1/ص 48.).
وأسند إلى سهل بن السرى الحافظ أنه قال:
إن هؤلاء وضعوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرة آلاف حديث
(انظر: عبد الرحمن بن الجوزي، «الموضوعات»، ج1/ص 48.).
القارئ المحترم وبمطالعتكَ لتراجم رواة تلك الأحاديث أنه لا يوجد من بين جميع تلك الأحاديث حديثٌ صحيحٌ واحدٌ،
بل جميع تلك الأحاديث التي عددها 198 حديثاً -باستثناء ستة منها رتبتها (حسن)- هي اصطلاحاً من الأحاديث الضعيفة المردودة التي لا يمكن الاعتماد عليها إما لأن سندها ينتهي إلى رواة غلاة أو مجهولي الحال ومهملين، أو لأنها روايات مرسلة بلا سند أصلاً.
وحتى لو فرضنا أن جميع تلك الروايات صحيحةٌ فإنها لن تكون مقبولةً لإثبات هذا الموضوع لأن خبر الآحاد -كما قلنا مراراً - من الأدلة الظنية، وجواز العمل بالدليل الظني -على فرض ثبوته- منحصرٌ في المسائل الظنية أي المسائل التي يكفي فيها الدليل الظني، مثل الأحكام الفرعية العمليّة،
أما الأحكام القلبية والمسائل الاعتقادية والتي يعبِّر عنها العلماء بالأحكام العلمية واليقينية فإنها لما كان ثبوتها منوطاً بالعلم واليقين؛ لا يُعتبر فيها -بأي وجه من الوجوه- الدليلُ الظنيُّ كخبر الآحاد.
فإذا علمتَ أن هذه الأخبار ضعيفةٌ ومردودةٌ سنداً؛ فمن المناسب الآن أن نعرضها على القرآن الكريم، لأن أقوى ميزان لمعرفة صحّة الحديث من سقمه -خاصة الأحاديث المتعلقة بالمسائل الاعتقادية- هو القرآن الكريم،
أي أن الحديث الذي يتضمن أحد الأحكام والمسائل الاعتقادية، إذا خالف متنه القرآن أو لم يوافق ما في القرآن؛ يجب طرحه،كما نص على ذلك المرحوم الشيخ الأنصاري الذي صرّح في كتابه «الرسائل»
-رغم اعتقاده بأن الخبر المتواتر نادر جداً في شريعة الإسلام- أن الأخبارَ الواردةَ عن الأئمة في وجوب طرح كل خبر يُخالف القرآن أو لا يوافق ما في القرآن في المسائل الاعتقادية أخبارٌ متواترةٌ، لذا نرجع الآن إلى القرآن الكريم لنرى ماذا يقوله عن موضوع «الرَّجْعَة»؟
والأدلة التي أقامها المجلسي والآخرون رغم أنها حسب الظاهر ثلاثة أدلة:
(الكتاب والخبر والإجماع)،
ولكن نظراً إلى أنهم إنما يستدلُّون بالآيات استناداً للروايات، خاصَّةً في هذا الموضوع حيث تمسّكوا بعدّة آيات فُسِّرت بواسطة بعض الروايات المنسوبة للأئمّة،
كما أنّ الإجماع المنقول شُعبةٌ من شعب خبر الآحاد وباصطلاح علماء الأصول هو خبرُ واحدٍ لُبِّـيٌّ؛
لذا يمكننا القول:
إن القائلين بالرجعة لا يملكون في الواقع إلا دليلاً واحداً ألا وهو (الأخبار والروايات) فحسب،
ولكن رغم ذلك سنتماشى معهم ونعالج كل واحد من أدلتهم بوصفه دليلاً مستقلاً فندرسه ونمحِّصه:
أمّا الأخبار، فيجمعها الأخبار التي نقلها المجلسي في المجلد الثالث عشر من «بحار الأنوار»
(هذا في الطبعة الحجرية القديمة للبحار، أما في طبعة بيروت الأحدث (نشر مؤسّسة الوفاء، عام 1404هـ) ذات ال 110 مجلدات، فأحاديث الرجعة تقع في المجلّد (53) منها، وقد أشرتُ في الحاشية إلى رقم كل حديث ورقم صفحته في هذه الطبعة البيروتية المنتشرة ليسهل على من أراد الرجوع إليها)
وعددها (198) رواية فسنستعرضها عن قريب ونمحّصها،
ولكن قبل ذلك نقول من الآن أنه ينبغي أن نعرف هل هذه الأخبار أخبار آحاد أم متواترة، وعلى فرض تواترها هل هي متواترة تواتراً لفظياً أم معنوياً، وإن كانت أخبار آحاد فهل هي صحيحة أم ضعيفة؟
وفي الموضوع التالي ان شاء الله سنقوم بتمحيص روايات الرجعة التي نقلها المجلسي في «بحار الأنوار»
ولكن السؤال هل تتفق الرجعه كما زعمت الشيعه الاثني عشريه مع القرآن الكريم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟
الرَّجْعَة» تخالف نصوص القرآن الكريم،
لنري إذا ثبتَ أن القرآن ينصُّ على أن الموتى لا يرجعون أبداً إلى الدنيا فإنّ كلّ حديث يخالف هذا الأمر هو -كما يقول الإمام جعفر بن محمد عليه السلام - زخرف وباطل.
1- يقول تعالى: ﴿ وَحَرَامٌ عَلَى قَرْيَةٍ أَهْلَكْنَاهَا أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ * حَتَّى إِذَا فُتِحَتْ يَأْجُوجُ وَمَأْجُوجُ وَهُمْ مِنْ كُلِّ حَدَبٍ يَنسِلُونَ ﴾[الأنبياء:95-96].
تدلُّ هذه الآية على أن الموتى لا يرجعون إلى الدنيا حتى يوم القيامة لأن فتح سدّ يأجوج ومأجوج، بقرينة الآية التي بعدها، وباتفاق جميع المفسرين الشيعة والسنة، هو من علامات القيامة،
خاصة طبقاً لقراءة ابن عباس وابن مسعود اللذَيْن قرأا (جَدْث) بمعنى القبر، بدلاً من (حَدَبٍ)، وأن ضمير (هم) قبلها يشير إلى كافة بني البشر،
مما يدلُّ على أن فتح يأجوج ومأجوج من علامات القيامة، فيكون معنى الآية الصريح: كل قرية أهلكناها يلزم أن لا تعود إلى الدنيا حتى قيام الساعة،
بعد فتح يأجوج ومأجوج وخروج الناس من قبورهم أي حتى قيام القيامة؛
وباختصار إن ما تفيده الآية هو أنّ سنّة اللهِ وما جرى من قضائه الحتميّ يقضيان بأن من يهلكهم اللهُ من أهل الدنيا لن يعودوا إليها مادامت الدنيا باقة، ولا تكون عودتهم إلا في نشأة الآخرة كي ينالوا جزاء أعمالهم.
ولا يخفى أن هذا المعنى ينفي بكل صراحة «الرَّجْعَة»، وحتى أولئك الذين جعلوا هذه الآية دليلاً على إثبات «الرَّجْعَة» مثل: «علي بن إبراهيم القميّ» و«العلامة المجلسي» فسّروا هذه الآية على النحو الذي ذكرناه،
ولكن القائلين بالرجعة لما عجزوا عن الاستدلال بظاهر الآية ومنطوقها بل لم يتمكنوا من الاستدلال حتى بمفهومها
وقاموا حسب ظنهم بتدبيرٍ ماهرٍ فاستخرجوا بواسطة المفهوم المخالف للوصف في الآية ما يثبتون به مرادهم مع أن مفهوم الوصف، لاسيما المفهوم المخالف، لا حجّيّة له باتفاق العلماء.
أجل إن جميع المفسرين متفقون على تفسير الآية على النحو الذي ذكرناه، نهاية ما في الأمر أن كلاً منهم ذهب مذهباً في كيفية استفادته هذا المعنى من الآية طبقاً للقواعد اللغوية،
فبعضهم فسّر الآية طبقاً لما رُوي عن ابن عباس ورأي الكسائي والفرّاء والزجّاج الذين قالوا إنّ كلمة حرام هنا معناها «واجب»(تاج العروس، ج8/ص241. )،
كما جاء ذلك المعنى في قوله تعالى: ﴿ قُلْ تَعَالَوْا أَتْلُ مَا حَرَّمَ رَبُّكُمْ عَلَيْكُمْ أَلَّا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا ﴾[الأنعام:151]
إذْ من البديهي أن الله أوجب أن لا نشرك به، وقد استُعملت كلمة حرام في هذا المعنى أيضاً في أشعار العرب عصرَ الجاهلية كقول عبد الرحمن بن جمانة المحاربي الجاهلي:
وإن حراماً لا أرى الدهر باكياً *** على شجوة إلا بكيت على عمرو(تاج العروس، ج8/ص242. )
أي يجب أن لا أرى الدهر باكياً، كما أنه من الشائع في محاورات العرب استخدام مثل هذه الألفاظ التي لها معنيان متضادان.
وقال بعضهم أن كلمة حرام استُخدمت في معناها المعروف ذاته، ولكنها خبر لمبتدأ محذوف وقرؤوا «إنّ» في كلمة «إنهم» بالكسرة، أي حرام على قرية أهلكناها رجوعهم، إنهم لا يرجعون.
وبعضهم رغم تفسيره كلمة حرام بمعناها المشهور ذاته إلا أنه اعتبر حرف «لا» زائداً وذلك كحرف «لا» الذي جاء في قوله تعالى: ﴿ قَالَ مَا مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ ﴾[الأعراف:12]،
وبناء على ذلك فمعنى الآية «كل قرية أهلكنا أهلها حرام عليهم أن يعودوا ثانية».
ويؤيد هذا المعنى نهاية الآية التالية:
2- ﴿ أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ * وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ ﴾[يس:31-32].
اللطيفة في ذكر حرف «كَمْ» التكثيريّة قبل فعل «أهلكنا»
في الآية: إفهامنا أنه لما كان عدم عودة الأموات إلى الدنيا من النواميس الإلهية الحتمية؛
لذا فأنتم أيضاً ستكونون مثلهم، أي عندما ستموتون لن تعودوا إلى الدنيا، ولكنكم ستبعثون يوم القيامة لتنالوا جزاء أعمالكم،
لذا سنحضركم جميعاً لدينا يوم القيامة للحساب والجزاء، فهذه الآية كما هو ملاحظ تنفي «الرَّجْعَة» بصراحة،
ولذلك قال «الزمخشري» في تفسيره: [وهذا مما يردّ قول أهل الرجعة. ويحكى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قيل له: إن قوماً يزعمون أنّ علياً مبعوثٌ قبل يوم القيامة،
فقال: بئس القوم نحن إذن: نكحنا نساءه وقسمنا ميراثه](الزمخشري، تفسير الكشاف، ج2/ص251. ).
وينقل ابن الأثير أيضاً في كتابه «الكامل في التاريخ» عن الحسن بن علي روايةً بمضمون الرواية السابقة ذاته فيقول:
[قال عمرو بن الأصم: قلت للحسن بن علي: إن هذه الشيعة تزعم أن علياً مبعوثٌ قبل القيامة!
فقال: كذب والله هؤلاء الشيعة، لو علمنا أنه مبعوث قبل القيامة ما زوجنا نساءه ولا قسمنا ماله]،
ويعقّب ابن الأثير على هذه الرواية بقوله:
[أما قوله: هذه الشيعة، فلا شك أنه يعني طائفة منها، فإن كل الشيعة لا تقول هذا إنما تقوله طائفة يسيرة منهم، ومن مشهوري هذه الطائفة: جابر بن يزيد الجعفي الكوفي، وقد انقرض القائلون بهذه المقاتلة فيما نعلمه.
ابن الأثير الجزري، الكامل في التاريخ، ج3/ص157. هذا وقد أخرجه الإمام أحمد في مسنده (1/ 148، وبرقم 1265 (ط.شاكر) وقال: إسناده صحيح) بسنده عن عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ قَالَ قُلْتُ لِلْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ إِنَّ الشِّيعَةَ يَزْعُمُونَ أَنَّ عَلِيًّا رضي الله عنه يَرْجِعُ! قَالَ: [كَذَبَ أُولَئِكَ الْكَذَّابُونَ، لَوْ عَلِمْنَا ذَاكَ مَا تَزَوَّجَ نِسَاؤُهُ وَلا قَسَمْنَا مِيرَاثَهُ]. وكذلك أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (ج3 /ص39) بسنده عن أبي إسحاق عن عمرو قال: قيل للحسن بن علي إن ناساً من شيعة أبي الحسن عليٍّ عليه السلام يزعمون أنه دابّة الأرض، وأنه سيبعث قبل يوم القيامة، فقال: [كذبوا، ليس أولئك شيعته أولئك أعداؤه، لو علمنا ذلك ما قسـمنا ميراثه ولا أنكحنا نسـاءه] (المترجم).
3- ﴿ وَقَالُوا مَا هِيَ إِلَّا حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا يُهْلِكُنَا إِلَّا الدَّهْرُ وَمَا لَهُمْ بِذَلِكَ مِنْ عِلْمٍ إِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ * وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾[الجاثية:24-26].
فهذه الآية تدل على أن «الرَّجْعَة» وعودة الأموات إلى الدنيا مخالفٌ للسنّة الإلهية وقضاء الله الحتمي، فإن قيل لما كانت الآية تنفي رجعة الكفار فقط فهي تخالف الأخبار التي تتضمن عودة الكفار ولا تخالف الأخبار والروايات التي تفيد رجعة الأئمّة والمؤمنين،
فنقول لو أن النبيّ الأكرم قال في جوابه على مقولة الكافرين ﴿ ائتوا بآبائنا إن كنتم صادقين ﴾:
إن آبائكم لن يرجعوا إلى الدنيا، لكان هناك محلٌ لذلك الإشكال، ولكن الإجابة كانت شاملة لجميع أفراد البشر
لأن قوله تعالى: ﴿ قُلِ اللَّهُ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يَجْمَعُكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ ﴾[الجاثية:26]،
صريح في بيان أحد النواميس الإلهية الكلية التي تعتبر جزءاً من نظام عالم الملك والملكوت وتشمل بلا شك جميع أفراد البشر،
ومثل ذلك كمن طلب من إدارة منظمة شيئاً ما فذكَّرَهُ رئيسُ الإدارة بأحد بنود التعاليم والمقررات العامة لنظام الإدارة المتعلق بسؤاله،
فجواب المدير وإن كان ظاهره متجهاً إلى الشخص السائل لكنه لما أحاله إلى المواد العامة لنظام الإدارة فإن كلامه في الحقيقة موجه إلى كل سائل أيضاً. ويؤيد ذلك الآية التالية:
4- ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ﴾[المؤمنون:99-100].
فهذه الآية صريحة في نفي رجعة الإنسان إلى الحياة الدنيا بعد موته وغنية عن التعليق.
لقد عرفنا إذن أن «الرَّجْعَة» تخالف نصوص القرآن الكريم،
ونتيجة لذلك فإن جميع الروايات التي تتضمن «الرَّجْعَة» هي -بتعبير الإمام جعفر بن محمد الصادق- زخرف وباطل، لأنها تخالف القرآن الكريم، ويجب طرحها جميعاً وأن يُضرب بها عرض الحائط.ولو فرضنا أنه لا توجد في القرآن الكريم آيةٌ واحدةٌ تخالف «الرَّجْعَة»،
فيكفي لردِّ روايات «الرَّجْعَة» أنه لا توجد في القرآن أية آية توافق هذا المعنى،
خلاصة هذا البحث:
إن الروايات التي نقلها المرحوم المجلسي في الجزء 13 من بحار الأنوار ضعيفةٌ من عدة وجوه فهي تتضمن مجموعة من الجمل والكلمات التي لا يجوز أبداً -طبقاً للموازين الشرعية التالية- أن نعتبرها من أحاديث الأئمة الأطهار:
1- بسبب ضعف سندها أو ضعف رواتها كما أثبتنا ذلك بالتفصيل، فضلاً عن أن معظمها يتضمن حكم الأئمة بعد المهدي وهو أمر يعارض الروايات الصحيحة الواردة بشأن المهدي، لذا فهي ساقط من الاعتبار.
2- بسبب معارضة متونها لنصوص القرآن الكريم.
3- بسبب عدم وجود آيات في القرآن الكريم توافق مضمون تلك الروايات.
4- وعلى فرض كون جميع تلك الروايات صحيحة ولا يخالف مضمونها نصوصَ القرآن الكريم؛ فإنها لما كانت أخبار آحاد فليست حجة في المسائل الاعتقادية.
ولِكُلِّ ما ذُكِرَ من الأسباب يجب أن نشطب بخط البطلان على جميع تلك الروايات وننزِّه الأئمّة الأطهار وفرقة الشيعة الإمامية من مثل تلك العقيدة الباطلة عديمة الأصل والأساس.
والآن نطالب القائلين بالرجعة بالإنصاف ونسألهم:
هل يمكن بناء عقيدة على أساس حفنة من أخبار الآحاد الضعيفة المخالفة للقرآن التي لا تقوى على إعطاء ظن ضعيف للإنسان،
مع أن العقائد طبقاً لدستور العقل والشرع لا بد أن تُبْنَي على العلم واليقين؟؟
خاصة أن الأمر يتعلق بعقيدة تخالف الأصل الثابت والسنة الإلهية التي لا تتبدل ولا تتغير في عالم الكون!
يا ربّ! بماذا سيجيبك يوم القيامة هؤلاء الأشخاص الذين يجمدون على مثل تلك الأخبار الموضوعة ويملؤون أدمغتهم بمثل تلك الخرافات،
والسؤال
لماذا نجد المراجع الشيعيه غير مهتمّين بالدين الذي هو الوسيلة الوحيدة لسعادتهم وفلاحهم، فلا يصرفون أدنى وقت للتحقيق بعقائده وفهم حقائقه؟
لماذا فقدوا موازين الإسلام إلى الحد الذي أصبح كل جاهل قادراً على أن يفرض كل خرافة ووهم؟
لماذا لا تزال
الشيعه تمارس التقليد الأعمى لكل ما ورثوه عن أسلافهم حتى ولو كانت عقائدهم أوهاماً باطلة لا أساس لها؟
سبحان الله!
لماذا نجد التقليد الجاهل حاكماً على الناس على نحو يجعل أذهانهم محلاً لكل عقيدة وهمية، رغم أن دينهم اهتم غاية الاهتمام بدعوة البشر للتفكير والتدبُّر, وفرضَ فرض عين على كل مسلم أن يجتهد ويحصِّل اليقين في أمور عقيدته؟
إنها لقصَّةٌ غريبةٌ حقاً!إن هؤلاء القوم عندما يلتزمون بالدين تجدهم يقلِّدون آباءَهم تقليداً أعمى، فإذا تخلوا عن الدين تجدهم يصبحون أتباعاً مقلِّدين لكل جاهل عديم الدين!
لا ندري إلى متى سيبقى هؤلاء القوم أسرى العبودية والتقليد، وكأنهم خلقوا للعبودية أساساً.
يا ربّ! رغم أنك قلت في كتابك: ﴿.. نَسُواْ اللهَ فَنَسِيَهُمْ... ﴾ (التوبة: 67)،
إلا أننا نتضرّع إلى قدرتك أن تهدي كل ضال
المفضلات