الزملاء والزميلات الشيعة : تكلمنا في مداخلة سابقة عن أن آية " وورث سليمان داود " وبأنها تروي لكم من قبل مراجعكم وعلماؤكم ناقصة لكي يخدعونكم .
واليوم نتكلم معكم - بعون الله تعالي - عن الآية الأخري التي يستدل بها علماؤكم ومراجعكم علي ان الأنبياء يورثون وهي آية " يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " سورة مريم آية رقم ( 6) ...
وعلماء ومراجع الشيعة دائما يرددون هذه الآية " يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " كدليل آخر بجانب آية " وورث سليمان داود " علي أن الأنبياء يورثون الأموال والأراضي والأطيان فبالتالي فإن من حق السيدة فاطمة أن ترث أرض فدك وكلام أبو بكر الصديق حين قال بأنه سمع أن الرسول قال : " نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة" لا يؤخذ به بدليل أن الله تعالي قال في القرآن الكريم " يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " ...
فاسمحوا لي زملائي الشيعة وزميلاتي الشيعيات أن نأخذكم معا خطوة خطوة لكي نوضح لكم بأن المقصود هنا ميراث العلم والنبوة وليس ميراث المال والأراضي والثروة :
الخطوة الأولي : سأذكر لكم الآيات من سورة مريم من الآية الأولي إلي الآية السادسة لكي توضح لكم الصورة كاملة بإذن الله تعالي :" كهيعص (1) ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا (2) إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيًّا (3) قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْبًا وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيًّا (4) وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا (5) يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (6) .
الخطوة الثانية : آية " يرثني ويرث من آل يعقوب واجعله رب رضيا " هي الآية السادسة في سورة مريم ولو ذهبنا للآية التي قبلها وهي الآية الخامسة من سورة مريم لعرفنا لماذا طلب زكريا عليه السلام الولي .... فزكريا في الآية الخامسة يذكر السبب في قول زكريا لله تعالي ما يلي : " وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا" ... فدعونا نحلل الآية الخامسة فقرة فقرة :
الفقرة الأولي : قال زكريا عليه السلام : "وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي" أي أني خفت من يتولي بني إسرائيل من بعد موتي ... أي أن السبب الذي جعل زكريا يطلب وليا من الله تعالي بعد أن كبر ووهن عظمه واشتعل راسه شيبا هو أنه خاف من يتولي علي بني إسرائيل من بعده , فلم يذكر زكريا بأنه خاف علي أمواله وأطيانه وأراضيه من بعده وإنما خاف الموالي من ورائه أي من يتولي قومه من بعده هو فلم يذكر المال فجمع المال هو أموال وجمع المولي هو الموالي وهو خاف علي الموالي من بعده ولم يخف علي المال من بعده.
الفقرة الثانية في نفس الآية : قال زكريا : " وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا " ... أي أن زكريا عليه السلام كان سليما فلم يكن زكريا عقيما ولكن إمرأته هي العاقر فلو كان زكريا يريد مجرد ولدا لكي يرث أمواله لكان سهلا علي زكريا - بعون الله تعالي - أن يتزوج بإمرأة أخري لكي تنجب له الولد كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام عندما كانت السيدة سارة عاقرا تزوج من إمرأة أخري وهي السيدة هاجر وبطلب من سارة نفسها فانجبت له إسماعيل عليه السلام ... ولكن الحاصل هنا أن زكريا لم يرد ولدا لكي يرث ماله وإنما أراد وليا يتولي بني إسرائيل من بعد موته عليه السلام لذلك دعا الله تعالي بأن يهب له من لدنه وليا .
الفقرة الثالثة من نفس الآية : قال زكريا عليه السلام : " فهب لي من لدنك وليا " ولم يقل زكريا : " فهب لي من لدنك ولدا " ... فلو كان يريد ولدا لكي يرث أمواله لقال زكريا " فهب لي من لدنك ولدا " ولكن لكون زكريا كان يريد ولدا يتولي أمر بني إسرائيل قال زكريا : " فهب لي من لدنك وليا " وليس أي ولد وإنما ولي يتولي أمر بني إسرائيل وهذا ما حصل فعلا .
الفقرة الرابعة : كان من شأن الأنبياء أن يدعون الله تعالي بأن يرسل الأولياء والأنبياء والرسل للناس كما فعل سيدنا إبراهيم عليه السلام حين دعا لله تعالي قائلا : " رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ " البقرة 127 .
الخطوة الثانية : لو كان المقصود بآية ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) وراثة المال والأطيان والأراضي , فلماذا عندما استجاب الله تعالي لزكريا بأن رزقه يحي قال الله تعالي ليحي ما يلي : " يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا " ... أي يا يحي خذ الكتاب وهو ( التوارة قبل أن يبعث الله عيسي بالإنجيل ) بجد واجتهاد وبفهم وبالعمل بأوامره والابتعاد عن نواهيه .. فلو كان المقصود من خلق الله ليحي لكي يرث أموال أبيه زكريا لخاطبه الله تعالي بما يتناسب مع الهدف الذي خلقه الله تعالي من أجله وهو ورث أملاك أبيه بأن يعدل في ميراث أبيه أو بأن يصرف أموال إبيه بالحق ... الخ . ولكن لأن المقصود من خلق يحي هو أن يتولي أمر بني إسرائيل بما شرعه الله تعالي عليهم أمره الله تعالي بالإلتزام بالكتاب المقدس بقوة .
الخطوة الثالثة : من المعروف بأن يحي خلقه الله حصورا ... فيحي عليه السلام لم يتزوج النساء وبالتالي لم ينجب اي ولد .. فلو كان الهدف من خلق يحي هو أن يرث أموال أبيه زكريا , فمن ورث يحي بعد زكريا خاصة بأن يحي لم يتزوج وليس لديه أولاد ؟ فمعني هذا أن أموال زكريا راحت أيضا فما الفائدة من أن يرث يحي عليه السلام أموال زكريا ويحي نفسه لم يتزوج ولم ينجب أولاد يرثون ما ورثه يحي من أموال ابيه زكريا ... ... ولكن لأن زكريا دعا الله تعالي بأن يهب له وليا يتولي بني إسرائيل فوهبه الله تعالي يحي فلم يهم بأن يحي لم يتزوج ولم ينجب الأولاد لأن عيسي عليه السلام ( وهو أيضا لم يتزوج ولم ينجب الأولاد يرثون ما قد يرثه من أموال ) سوف يتولي أمر بني إسرائيل بعد يحي وبعد عيسي سيتولي محمد صلي الله عليه وسلم القيادة للعالم كافة بما فيهم بني إسرائيل حيث أن عيسي عليه السلام قال لبني إسرائيل ما يلي : " وإذ قال عيسى إبن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقاً لما بين يدي من التوراة ومبشراً برسولٍ يأتي من بعدي اسمه أحمد فَلَمَّا جَاءهُم بِالْبَيِّنَاتِ قَالُوا هَذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ " سورة الصف آية رقم 6 ... وبعد الرسول محمد صلي الله تعالي عليه وسلم سيتولي العلماء نشر الرسالة مصداقا للحديث الشريف : " ...... وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يُوَرِّثوا دينارًا ولا درهمًا، وإنما وَرَّثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر. ".
الخطوة الرابعة والأخيرة : لو كان معني قوله تعالي : " يرثني ويرث من آل يعقوب " وقوله تعالي " وورث سليمان داود " ميراث الأموال والأراضي والأطيان , فهل احتجت السيدة فاطمة بهذه الآيتين الكريمتين عندما أخبرها سيدنا أبا بكر بأنه سمع الرسول صلي الله عليه وسلم يقول ما يلي : " «نحن معاشر الأنبياء لا نورث، ما تركنا فهو صدقة» ... قائلة له ما يلي : " اتق الله يا ابا بكر فكيف تقول بأن الرسول صلي الله عليه وسلم قال هذا بأن نحن معاشر الأنبياء لا نورث والله تعالي قال ( وورث سليمان داود ) وقال ( يرثني ويرث من آل يعقوب ) " ؟ فهل احتجت السيدة فاطمة بهذه الآيتين أم أن علماؤكم ومراجعكم قد علموا ما تعلمه السيدة فاطمة ؟؟؟ نريد الدليل الصحيح بأن السيدة فاطمة احتجت بهذه الآيتين عندما منعها ابا بكر ارض فدك ...
انتظر الرد من الزملاء الشيعة دون اي سخرية ولا تحدي ولا تهكم بهم ...
المفضلات