-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
ارجوكم ساعدوني في الرد على صديقي الشيعي
السلام عليكم ....
صديقي كان سنيا و ارتد الى التشيع .. وتحولت صداقتنا الى مجرد سلام و كلمات عابرة ... في الفترة الأخيرة و صلني على الايميل عدد من المواضيع فيها شبهات حول أهل السنة من شخص سمى نفسه ساجد و لم اكن اهتم بها ... الى ان عرفت صدفة ان صديقي هو من يرسل هذه الرسائل في محاولة منه لإقناعي انه سار في الدرب الصحيح ... وانا لا املك المعرفة و العلم الكافي في الرد على هذه الأمور و لذلك اطلب منكم ان توافوني بالرد المناسب و المفصل عن كل ما ورد في هذه الرسائل لإني سأرد عليه برسالة شاملة نويت اسميها ( اقرأ الرد يا مرتد ) رجاءا ساعدوني باسرع وقت ممكم ... عسى ان يعود هذا الضال الى الطريق الصحيح
وهذه الرسائل الأربع
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
عائشة في حياة النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
وإذا ما بحثنا حياتها مع زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وجدنا الكثير من الذنوب والمعاصي فكانت كثيراً ما تتآمر مع حفصة على النبي حتّى اضطرّته إلى تحريم ما أحل الله له كما جاء ذلك في البخاري ومسلم وتظاهرتا عليه أيضاً كما أثبت ذلك كل الصحاح وكتب التفسير وقد ذكر الله الحادثتين في كتابه العزيز.
كما كانت الغيرة تسيطر على قلبها وعقلها فتتصرف بحضرة النبي تصرّفاً بغير احترام ولا أدب، فمرّة قالت للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما ذكر عندها خديجة: مالي ولخديجة إنها عجوز حمراء الشدقين أبدلك الله خيراً منها، فغضب لذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى اهتزّ شعره (1) ومرّة اُخرى بعث إحدى أمهات المؤمنين للنبي (وكان في بيتها) بصحفة فيها طعام كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يشتهيه، فكسّرت الصحفة أمامه بطعامها (2) وقالت للنبي مرة أخرى: أنت
____________
(1) صحيح البخاري: 4/231 باب تزويج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خديجة وكذلك صحيح مسلم.
(2) صحيح البخاري: 6/157 في باب الغيرة.
--------------------------------------------------------------------------------
الذي تزعم أنك نبي الله (1) ومرّة غضبت عنده فقالت له: اعدل وكان أبوها حاضراً فضربها حتى سال دمها (2) وبلغ بها الأمر من كثرة الغيرة أن تكذب على أسماء بنت النعمان لمّا زُفّت عرساً للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم، فقالت لها: أن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ليعجبُه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول له أعوذ بالله منك، وغرضها من وراء ذلك هو تطليق المرأة البريئة الساذجة والتي طلقها النبي بسبب هذه المقالة (3). وقد بلغ من سوء أدبها مع حضرة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلم، أنّه كان يصلّي وهي باسطة رجليها في قبلته فإذا سجد غمزها فقبضت رجليها وإذا قام أعادت بسطتها في قبلته (4).
وتآمرت هي وحفصة مرّة أخرى على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم حتى اعتزل نساءه بسببها لمدّة شهر كامل ينام على حصير (5). ولمّا نزل قول الله تعالى: «ترجي من تشاء منهنّ وتؤوي إليك من تشاء…» قالت للنبي في غير حياء: ما أرى ربّك إلا يسارع في هواك (6) وكانت عائشة إذا غضبت (وكثيراً ما كانت تغضب) تهجر اسم النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فلا تذكر اسم محمد وإنما تقول وربّ إبراهيم (7).
وقد أساءت عائشة إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كثيراً وجرّعته الغصص ولكن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم رؤوف رحيم، وأخلاقه عالية وصبره عميق، فكان كثيراً ما يقول لها: «ألبسك شيطانك يا عائشة» وكثيرا ما كان يأسى لتهديد الله لها ولحفصة بنت عمر، وكم من مرّة ينزل القرآن بسببها
____________
(1) إحياء علوم الدين للإمام الغزالي: 2/29 كتاب أدب النكاح.
(2) كنز العمّال: 7/116 وكذلك إحياء العلوم للغزالي.
(3) الطبقات الكبرى لابن سعد: 8/145. الإصابة لابن حجر: 4/233. تاريخ اليعقوبي: 2/69.
(4) صحيح البخاري: 1/101 باب الصلاة على الفراش.
(5) صحيح البخاري: 3/105 في باب الغرفة والعلية المشرفة من كتاب المظالم.
(6) صحيح البخاري: 6/24 و128 باب هل للمرأة ان تهب نفسها لأحدٍ. صحيح مسلم باب جواز هبة المرأة نوبتها لضرّتها.
(7) صحيح البخاري: 6/158 باب غيرة النساء ووجدهنّ.
--------------------------------------------------------------------------------
فقد قال تعالى لها ولحفصة: «وإن تنوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما» ، أي أنها زاغت وانحرفت عن الحق (1) وقوله: «إن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيراً» هو تهديد صريح من رب العزة لها ولحفصة التي كانت كثيراً ما تنصاع لها وتعمل بأوامرها. وقال الله لهما: «عسى ربّه إن طلّقكن أن يبدله أزواجاً خيراً منكنّ مسلمات مؤمنات» وهذه الآيات نزلت في عائشة وحفصة بشهادة عمر بن الخطاب كما جاء في البخاري (2). فدلّت هذه الآية لوحدها على وجود نساء مؤمنات في المسلمين خير من عائشة.
ومرّة بعثها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا أراد أن يخطب لنفسه شراف أخت دحية الكلبي، وطلب من عائشة أن تذهب وتنظر إليها ولما رجعت كانت الغيرة قد أكلت قلبها فسألها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما رأيت يا عائشة؟ فقالت: ما رأيت طائلاً! فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: لقد رأيت طائلاً، لقد رأيت خالاً تجدها اقشعرت منه ذوائبك. فقالت: يا رسول الله ما دونك سرّ، ومن يستطيع أن يكتمك (3).
وكل ما فعلته عائشة مع حضرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من مؤامرات كانت في أغلب الأحيان تجرّ معها حفصة بنت عمر والغريب أننا نجد تفاهماً وانسجاماً تامّاً بين المرأتين عائشة وحفصة كالانسجام والتفاهم بين أبويهما أبو بكر وعمر غير أنّه في النّساء كانت عائشة دائماً هي الجريئة والقوية وصاحبة المبادرة وهي التي كانت تجرّ حفصة بنت عمر وراءها في كل شيء. بينما كان أبوها أبو بكر ضعيفاً أمام عمر الذي كان هو الجريء والقوي وصاحب المبادرة في كل شيء ولقد رأينا في ما مرّ من الأبحاث أنّه حتّى في خلافته كان ابن الخطاب هو الحاكم الفعلي ـ وقد حدث بعض
____________
(1) صحيح البخاري: 3/106 باب الغرفة والعلية من كتاب المظالم.
(2) صحيح البخاري: 6/69 و71 باب وإذا أسرّ النبي إلى بعض أزواجه.
(3) طبقات ابن سعد: 8/115. كنز العمال: 6/294.
--------------------------------------------------------------------------------
المؤرخين أنّ عائشة لما همّت بالخروج إلى البصرة لمحاربة الإمام علي فيما سُمّي بحرب الجمل أرسلت إلى أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمهات المؤمنين تسألهن الخروج معها فلم يستجب لها منهن إلاّ حفصة بنت عمر التي تجهّزت وهمّت بالخروج معها لكن أخاها عبد الله بن عمر هو الذي منعها وعزم عليها فحطّت رحلها (1) ومن أجل ذلك كان الله سبحانه يتهدد عائشة وحفصة معاً في قوله: «وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيرا» وكذلك قوله: «إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما» ولقد ضرب الله لهما مثلاً خطيراً في سورة التحريم ليعلمهما وبقية المسلمين الذين يعتقدون بأنّ أم المؤمنين تدخل الجنّة بلا حساب ولا عقاب لأنها زوجة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم كلاّ، فقد أعلم الله عباده ذكوراً وإناثاً بأن مجرد الزوجية لا تضر ولا تنفع حتّى ولو كان الزوج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وإنما الذي ينفع ويضرُّ عند الله هو فقط أعمال الإنسان. قال تعالى: «ضرب الله مثلاً للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئاً وقيل أدخلا النار مع الدّاخلين» [التحريم: 10].
وضرب الله مثلاً للذين آمنوا امرأة فرعون إذا قالت: «رب ابن لي عندك بيتاً في الجنة ونجنّي من فرعون وعمله ونجّني من القوم الظالمين. ومريم ابنة عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت بكلمات ربّها وكتبه وكانت من القانتين» [التحريم: 11 ـ 12].
وبهذا يتبين لكل الناس بأن الزوجية والصّحبة وإن كانت فيهما فضائل كثيرة إلا أنهما لا يغنيان من عذاب الله إلاّ إذا اتسمتا بالأعمال الصالحة، وإلاّ فإن العذاب يكون مضاعفاً. لأن عدل الله سبحانه يقتضي أن لا يعذّب البعيد الذي لم يسمع الوحي كالقريب الذي ينزل القرآن في بيته والإنسان الذي عرف الحق فعانده كالجاهل الذي لم يعرف الحق.
____________
(1) ابن أبي الحديد شرح نهج البلاغة: 2/80.
--------------------------------------------------------------------------------
وإليك الآن أيها القارئ بعض رواياتها بشيء من التفصيل لكي تتعرف على شخصية هذه المرأة التي لعبت أكبر الأدوار في إبعاد علي عن الخلافة وحاربته بكل ما أوتيت من قوة ودهاء.
ولكي تعرف أيضاً بأنّ آية إذهاب الرجل والتطهير بعيدة عنها بعد السماء عن الأرض، وأنّ أهل السنة أكثرهم ضحايا الدسّ والتزوير فهم أتباع بني أمية من حيث لا يشعرون.
أم المؤمنين عائشة تشهد على نفسها
ولنستمع إلى عائشة تروي عن نفسها وكيف تفقدها الغيرة صوابها، فتتصرّف بحضرة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تصرفاً لا أخلاقياً، قالت: «بعثت صفية زوج النبي إلى رسول الله بطعام قد صنعته له، وهو عندي، فلما رأيت الجارية أخذتني رعدة حتّى أستقلّني أفكل، فضربت القصعة ورميت بها، قالت: فنظر إليّ رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلّم فعرفت الغضب في وجهه، فقتل: أعوذ برسول الله أن يلعنني اليوم، قالت، قال: أوِّلي، قلت وما كفّارته يا رسول الله؟ قال: طعام كطعامها وإناء كإنائها (1).
ومرة أخرى تروي عن نفسها، قالت: قلت للنبي حسبُك من صفيّة كذا وكذا، فقال لي النبي صلّى الله عليه وآله وسلم: لقد قلتِ كلمة لو مُزجتْ بماء البحر لمزجته (2).
سبحان الله! أين أم المؤمنين من الأخلاق وأبسط الحقوق التي فرضها الإسلام في تحريم الغيبة والنّميمة؟ ولا شكّ بأن قولها: «حسبك من صفية كذا وكذا»، وقول الرسول بأنها كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته بأنّ ما قالته عائشة في ضرّتها أمّ المؤمنين صفية أمرٌ عظيم. وخطبٌ جسيم.
____________
(1) مسند الإمام أحمد بن حنبل: 6/277. وسنن النسائي: 2/148.
(2) صحيح الترمذي وقد رواه عنه الزركشي في صفحة 73.
--------------------------------------------------------------------------------
وأعتقد بأنّ روّاة الحديث استفضعوها واستعظموها فأبدلوها بعبارة (كذا وكذا) كما هي عادتهم في مثل هذه القضايا.
وها هي عائشة أم المؤمنين تحكي مرة أخرى عن غيرتها من أمهات المؤمنين قالت: ما غرت على امرأة إلاّ دون ما غرت على مارية، وذلك أنها كانت جميلة جعدة وأعجب بها رسول الله، وكان أنزلها أول ما قدم بها في بيت حارثة بين النعمان، وفزعنا لها فجزعت، فحوّلها رسول الله إلى العالية فكان يختلف إليها هناك، فكان ذلك أشدّ علينا ثم رزقه الله الولد منها وحرمناه (1).
كما أنّ عائشة تعدت غيرتها دائرة مارية ضرّتها إلى إبراهيم المولود الرضيع البريء! قالت لما ولد إبراهيم جاء به رسول الله إليّ، فقال: أنظري إلى شبهه بي، فقلت: ما أرى شبهاً. فقال رسول الله: ألا ترين إلى بياضه ولحمه؟ قالت فقلت: من سقي ألبان الضّان إبيضّ وسمن (2).
وقد تعدّت غيرتها كل الحدود وفاقت كل تعبير عندما وصلت بها الظّنون والوساوس إلى الشك في رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فكانت كثيراً ما تتظاهر بالنّوم عندما يبات عندها رسول الله ولكنّها ترقب زوجها وتتحسّس مكانه في الظلام وتتعقّبه أين ما ذهب وإليك الرواية عن لسانها والتي: أخرجها مسلم في صحيحه والإمام أحمد في مسنده وغيرهم قالت: لمّا كانت ليلتي التي كان النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلاّ ريثما ظنّ أن قد رقدتُ فأخذ رداءه رويداً وانتعل رويداً وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويداً فجعلت درعي في رأسي
____________
(1) الطبقات الكبرى لأبن سعد: 8/212، أنساب الأشراف: 1/449، الإصابة في معرفة الصحابة للعسقلاني أخرجها في ترجمة مارية القبطية.
(2) الطبقات الكبرى لابن سعد: 1/37 ترجمة إبرايم بن النبي ـ وكذلك في أنساب الأشراف.
--------------------------------------------------------------------------------
واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرّات ثم انحرف فانحرفت فأسرع فاسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال: مالك يا عائش حشياً رابيهً؟ قالت فقلت: لا شيء قال: لتخبريني أو ليخبرني اللّطيف الخبير قالت قلت: يا رسول الله بأبي أنت واُمّي فأخبرته قال: فأنت السّواد الذي رأيت أمامي قلت: نعم، فلهدني في صدري لهدة أوجعتني ثم قال: أظننت أن يحيف الله عليك ورسوله… (1).
ومرة أخرى قالت فقدت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فظننت أنّه أتى بعض جواريه، فطلبته فإذا هو ساجد يقول: رب اغفر لي (2) وأخرى قالت: إن رسول الله خرج من عندي ليلاً، قالت: فغرت عليه، قالت فجاء فرأى ما أصنع فقال: مالك يا عائشة، أغرتِ؟ فقلت: ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك! فقال رسول الله: أفأخذك شيطانك… (3).
وهذه الرواية الأخيرة تدلّ دلالة واضحة على أنها عندما تغار تخرج عن أطوارها وتفعل أشياء غريبة كأن تكسّر الأواني أو تمزّق الملابس مثلاً. ولذلك تقول في هذه الرواية فلمّا جاء ورأى ما أصنع قال: أفأخذكِ شيطانكِ؟
ولا شك أنّ شيطان عائشة كان كثيراً ما يأخذها أو يلبسها وقد وجد لقلبها سبيلاً من طريق الغيرة وقد روي عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أنه قال: «الغيرة للرّجل إيمان وللمرأة كفرٌ». باعتبار أن الرّجل يغار على زوجته لأنّه لا يجوز شرعاً أن يشاركه فيها أحد ـ أما المرأة فليس من
____________
(1) صحيح مسلم: 3/64 باب ما يقال عند دخول القبور. مسند أحمد بن حنبل: 6/221.
(2) مسند الإمام أحمد: 6/147.
(3) مسند أحمد بن حنبل: 6/115.
--------------------------------------------------------------------------------
حقّها أن تغارٍ على زوجها لأنّ الله سبحانه أباح له الزواج بأكثر من واحدة، فالمرأة الصالحة المؤمنة التي أذعنت لأحكام الله سبحانه تتقبّل ضرّتها بنفس رياضية كما يقال اليوم وخصوصاً إذا كان زوجها عادلاً مستقيماً يخاف الله، فما بالك بسيّد الإنسانية ورمز الكمال والعدل والخلق العظيم؟ على أنّنا نجد تناقضاً واضحاً في خصوص حبّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لعائشة وما يقوله أهل السنّة والجماعة من أنّها كانت أحبّ نسائه إليه وأعزّهم لديه حتّى أنّهم يروون أنّ بع نسائه وهبْنَ نوبتهنّ لعائشة لمّا علمن بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبّها ولا يصبر عليها، فهل يمكن والحال هذه أن نجد مبرّراً وتفسيراً لغيرة عائشة المفرطة؟ والمفروض أن العكس هو الصحيح. أي أن تغار بقية أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من عائشة لشدّة حبه إياها وميله معها كما يروون ويزعمون، وإذا كانت هي المدلّلة عند الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم فما هو مبرّر الغيرة؟
والتاريخ لم يحدّث إلا بأحاديثها وكتب السيرة طافحة إلاّ بتمجيدها وأنها حبيبة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم المدلّلة التي كان لا يطيق فراقها.
واعتقد بأنّ كل ذلك من الأموّيين الذين أحبّوا عائشة وفضّلوها لمّا خدمت مصالحهم وروت لهم ما أحبّوا وحاربت عدّوُّهم علي بن أبي طالب.
وكما أعتقد بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكن يحبّها لما فعلته معه كما قدّمنا! وكيف يحبّ رسول الله من تكذب وتغتاب وتمشي بالنميمة وتشكّ في الله ورسوله وتظنّ منهما الحيف ـ كيف يحبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من تتجسّس عليه وتخرج من بيتها بدون إذنه لتعلم أين يذهب ـ كيف يحبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من تشتم زوجاته بحضرته ولو كنّ أمواتاً ـ كيف يحبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من تبغض إبنه إبراهيم وترمي أمّه مارية بالإفك (1) ـ كيف يحبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من تتدخّل بينه وبين زوجاته بالكذب مرّة وبإثارة الأحقاد أخرى وتتسبب في
____________
(1) يراجع في هذا الموضوع كتاب حديث الإفك للعلاّمة جعفر مرتضى العاملي.
--------------------------------------------------------------------------------
طلاقهنّ ـ كيف يحبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من تبغض إبنته الزهراء وتبغض أخاه وابن عمّه علي بن أبي طالب إلى درجة أنها لا تذكر إسمه ولا تطيب له نفساً بخير (1). كلّ هذا وأكثر في حياته صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّا بعد وفاته فحدّث ولا حرج.
وكل هذه الأفعال يمقُتها الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولا يحبّان فاعلها، لأنّ الله هو الحق ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم يمثل الحق، فلا يمكن له أن يُحب من كان على غير الحق.
وسوف نعرف خلال الأبحاث القادمة بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكن يحبّها، بل إنّه حذّر الأمة من فتنتها (2).
سألت بعض شيوخنا مرّة عن سبب حبّ النبي المفرط لعائشة بالذّات دون سواها؟ فأجابوني بأجوبة عديدة كلّها مزيّفة.
قال أحدهم: لأنها جميلة وصغيرة وهي البكر الوحيدة التي دخل بها ولم يشاركه فيها أحد سواه. وقال آخر: لأنها ابنة أبي بكر الصدّيق صاحبه في الغار.
وقال ثالث: لأنها حفظت عن رسول الله نصف الدّين فهي العالمة الفقيهة. وقال رابع: لأنّ جبرئيل جاءه بصورتها وكان لا يدخل على النبي إلاّ في بيتها.
وأنت كما ترى أيها القارئ بأن كلّ هذه الدّعايات لا تقوم على دليل ولا يقبلها العقل والواقع، وسوف نأتي على نقضها بالأدلة، فإذا كان الرسول يحبّها لأنها جميلة وهي البكر والوحيدة التي دخل بها، فما الذي يمنعه من الزواج بالأبكار الجميلات اللآتي كن بارعات في الحسن والجمال وكنّ
____________
(1) صحيح البخاري: 3/135 باب هبة الرجل لامرأته من كتاب الهبة وفضلها.
(2) الطبقات الكبرى لابن سعد: 2/29.
(3) صحيح البخاري: 4/46 باب ما جاء في بيوت أزواج النبي من كتاب الجهاد والسير.
يتبع ...................
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
--------------------------------------------------------------------------------
مضرب الأمثال في القبائل العربية وكنّ رهن إشارته، على أنّ المؤرخين يذكرون غيرة عائشة من زينب بنت جحش ومن صفية بنت حيي ومن مارية القبطية لأنهن كنّ أجمل منها.
روى ابن سعد في طبقاته: 8/148 وابن كثير في تاريخه: 5/299 أنّ النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم تزوّج مليكة بنت كعب، وكانت تعرف بجمال بارع، فدخلت عليها عائشة، فقالت لها: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك، فاستعاذت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم فطلّقها فجاء قومها إلى النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم فقالوا: يا رسول الله إنّها صغيرة وإنها لا رأي لها، وإنها خُدعت فارتجِعْها، فأبى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وكان أبوها قد قُتل في يوم فتح مكة، قتله خالد بن الوليد بالخندمة.
وهذه الرواية تدلّنا بوضوح بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ما كان همّه من الزواج الصغر والجمال وإلاّ لما طلّق مليكة بنت كعب وهي صغيرة وبارعة في الجمال، كما تدلّنا هذه الرواية وأمثالها على الأساليب التي إتّبعتها عائشة في خداع المؤمنات البريئات وحرمانهن من الزواج برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، وقد سبق لها أن طلّقت أسماء بنت النّعمان لمّا غارت من جمالها وقالت لها: إن النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ليعجبه من المرأة إذا دخل عليها أن تقول له: أعوذ بالله منك. وهذه مليكة، تُثير فيها حساسية مقتل أبيها وأنّ قاتله هو رسول الله وتقول لها: أما تستحين أن تنكحي قاتل أبيك. فما كان جواب هذه المسكينة إلاّ أنها استعاذت من رسول الله! وما عساها أن تقول غير ذلك والناس لا يزالون حديثي عهد بالجاهلية الذين يأخذون بالثأر ويعيّرون من لا يثأر لأبيه؟
بقي أن نتساءل ويحق لنا أن نتساءل: لماذا يطلّق الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم هاتين المرأتين البريئتين واللّتين ذهبتا ضحية مكر وخداع عائشة لهنّ؟
--------------------------------------------------------------------------------
وقبل كل شيء لابدّ لنا أن نضع في حسابنا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم معصوم ولا يظلم أحداً ولا يفعل إلاّ الحق فلا بدّ أن يكون في تطليقهنّ حكمة يعلمها الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما ان عدم تطليق عائشة رغم أفعالها فيه أيضاً حكمة، ولعلّنا نقف على شيء منها في الأبحاث المقبلة.
أما بالنسبة للمرأة الأولى وهي أسماء بنت النعمان فقد ظهرت سذاجتها عندما انطلت عليها حيلة عائشة فأول كلمة قابلت بها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما مدّ يده إليها هي: «أعوذ بالله منك». ورغم جمالها البارع فلم يبقها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لبلاهتها يقول ابن سعد في طبقاته في: 8/145 وغيره عن ابن عبّاس: قال: «تزوج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أسماء بنت النعمان وكانت من أجمل أهل زمانها وأتمّه». ولعلّه صلّى الله عليه وآله وسلم؟ أراد أن يعلّمنا أنّ رجاحة العقل أولى من الجمال. فكم من امرأة جميلة جرّها غباؤها للفاحشة.
أمّا بالنسبة للمرأة الثانية وهي مليكة بنت كعب والتي عيّرتها عائشة بأن زوجها هو قاتل أبيها، فلم يرد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن تعيش هذه المسكينة (والتي هي صغيرة السنّ ولا رأي لها كما شهد بذلك قومها) على هواجس ومخاوف قد تُسبّب مصائب كبرى خصوصاً وأنّ عائشة سوف لن تتركها ترتاح مع رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. ولا شك أنّ هناك أسباباً أخرى يعلمها رسول الله وغابت عنّا.
والمهم أن نعرف بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يكن يجري وراء الجمال والشهوات الجسدية والجنسية كما يتوهّمه بعض الجاهلين وبعض المستشرقين الذين يقولون كان همّ محمّد هو النساء الحسناوات.
وقد رأينا كيف طلّق رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هاتين المرأتين رغم صغرهما وجمالهما فكانتا أجمل أهل زمانهما وأتمّه كما جاء
--------------------------------------------------------------------------------
في كتب التاريخ وكتب الحديث ـ فقول من يدّعي أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يحبّ عائشة لصغرها وجمالها مردود ولا يقبل.
أمّا القائلين بان حبّه إيّاها لأنها إبنة أبي بكر، فهذا غير صحيح، ولكن يمكننا أن نقول بأنّه تزوّجها من أجل أبي بكر، لأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تزوّج من عدّة قبائل زواجاً سيّاسياً لتأليف القلوب ولتسُود المودة والرحمة في تلك القبائل بدلاً من التنافر والتّباغض فقد تزوّج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأمّ حبيبة أخت معاوية وهي بنت أبي سفيان العدوّ الأول للنبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وذلك لأنّه لا يحقد وهو رحمة للعالمين، وقد تعدّى عطفه وحنانه القبائل العربية إلى مصاهرة اليهود والنصارى والأقباط ليقرّب أهل الأديان بعضهم من بعض.
وبالخصوص إذا عرفنا من خلال ما نقرأه في كتب السّيرة بأنّ أبا بكر هو الذي طلب من النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بأن يتزوج من ابنته عائشة، كما طلب عمر من النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بأن يتزوج إنته حفصة، وقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لأن قلبه يسع أهل الأرض كلّهم.
قال تعالى: «ولو كنت فظّاً غليظ القلب لانفضّوا من حولك» [آل عمران: 159].
وإذا رجعنا إلى الرواية التي روتها عائشة وقالت فيها بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم يلبث إلاّ ريثما ظنّ أن قد رقدت فأخذ رداءه رويداً وفتح الباب فخرج ثم أجافه، عرفنا كذب الزعم بأنه صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يصبر عنها (1).
وهذا الاستنتاج ليس استنتاجاً عفوياً ألّفه خيالي، كلاّ فإنّ له أدلّة في صحاح السنّة، فقد روى مسلم في صحيحه وغيره من صحاح أهل السنّة، أنّ عمر بن الخطاب قال: لمّا اعتزل نبي الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نساءه قال دخلت المسجد فإذا النّاس ينكتون بالحصى ويقولون طلّق رسول الله صلّى
____________
(1) صحيح مسلم: 3/64. ومسند الإمام أحمد: 6/221.
--------------------------------------------------------------------------------
الله عليه وسلّم نساءه وذلك قبل أن يؤمرن بالحجاب، فقال عمر: فقلت لأعلمنّ ذلك اليوم قال: فدخلت على عائشة فقلت:
يا بنت أبي بكر أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم، فقالت: مالي ومالك يا ابن الخطاب عليك بعيبتك! قال: فدخلت على حفصة بنت عمر فقلت لها: يا حفصة أقد بلغ من شأنك أن تؤذي رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، والله لقد علمت أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يحبّك، ولولا أنا لطلّقك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، فبكت أشدّ البكاء… الحديث (1).
إنّ هذه الرواية تدلّنا بوضوح لا يقبل الشكّ في أن زواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من حفصة بنت عمر لم يكن عن محبّة، ولكنّه لمصلحة سياسية اقتضتها الظروف.
وممّا يزيدنا يقيناً بصحّة ما ذهبنا إليه في هذا الاستنتاج أنّ عمر بن الخطاب يُقسمُ بالله بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يحبّ حفصة ويزيدنا عمر يقيناً جديداً بأنّ ابنته حفصة تعلم هي الأخرى هذه الحقيقة المؤلمة، إذ يقول لها: «والله لقد علمت بأنّ رسول الله لا يحبّك».
ثم لا يبقي لنا أدنى شكّ في أنّ الزواج منها كان لمصلحة سياسيّة عندما قال: «ولولا أنا لطّلقك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم».
فهذه الرواية تعطينا أيضاً فكرة على زواج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بعائشة بنت أبي بكر، وأنّه صبر وتحمّل كل أذاها من أجل أبي بكر أيضاً، وإلاّ فإنّ حفصة أولى بحبّ الرسول وتقديره، لأنّه لم يصدر منها ما يسيء للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عشر معشار ما فعلته عائشة بنت أبي بكر.
____________
(1) صحيح مسلم: 4/188 في باب الإيلاء واعتزال النّساء وتخييرهنّ وقوله تعالى: «وإن تظاهرا عليه» .
--------------------------------------------------------------------------------
وإذا بحثنا في الواقع العملي بقطع النّظر عن الروايات الموضوعة الّتي نمّقها بنو أميّة في فضائل عائشة لوجدنا أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان كثيراً ما يتأذّى منها وكثيراً ما يغضب عليها، وها نحن ننقل رواية واحدة أخرجها البخاري وكثير من المحدّثين من أهل السنّة، تعرب عن مدى النفور الذي كانت تشعر به أم المؤمنين عائشة من قبل زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.
أخرج البخاري في صحيحه في الجزء السابع في باب قول المريض إنّي وجع، أو وارأساه.
قال: سمعت القاسم بن محمد قال قالت عائشة: وا رأساه! فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم: «ذاك لو كان وأنا حيّ فأستغفر لك وأدعو لك» فقالت عائشة: واثكلياه، والله إنّي لأظنّك تحبّ موتي، ولو كان ذاك لظلت آخر يومك معرِّساً ببعض أزواجك (1).
فهل تدلّك هذه الرواية على حبّ النبيّ لعائشة؟؟
ونخلص بالأخير إلى أنّ بني أميّة وعلى رأسهم معاوية بن أبي سفيان، يبغضون رسول الله صلّى الله عليه وآله، ومنذ أن آلت إليهم الخلافة عملوا على تقليب الحقائق ظهراً على عقب، ورفعوا أقواماً إلى القمّة من المجد والعظمة بينما كانوا في حياة النبيّ أناساً عاديّين وليس لهم شان كبير، ووضعوا آخرين كانوا في قمة الشرف والعزّ أيام النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلم.
وأعتقد أنّ ميزانهم الوحيد في الرفع والوضع هو فقط عداؤهم الشديد وبغضهم اللاّمحدود لمحمد وأهل بيته علي وفاطمة والحسن والحسين، فكل شخص كان ضد الرسول صلّى الله عليه وآله وضد أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً رفعوا من شأنه واختلقوا له روايات
____________
(1) صحيح البخاري: 7/8 من كتاب المرضى والطبّ.
--------------------------------------------------------------------------------
وفضائل وقرّبوه وأعطوه المناصب والعطايا فأصبح يحظى بتقدير النّاس واحترامهم.
وكل شخص كان يحب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ويدافع عنه، عملوا على انتقاصه وخلق المعايب الكاذبة له واختلاق الروايات التي تنكر فضله وفضائله.
وهكذا أصبح عمر بن الخطاب الذي كان يعارضه في كل أوامره حتّى رماه بالهجر في أواخر أيام حياته صلّى الله عليه وآله وسلم. أصبح هذا الرجل هو قمّة الإسلام عند المسلمين زمن الدولة الأمويّة.
أمّا علي بن أبي طالب الذي كان منه بمنزلة هارون من موسى والذي يحبّ الله ورسوله ويُحبّه الله ورسولُه والذي هو ولي كلّ مؤمن أصبح يلعنُ على منابر المسلمين ثمانين عاماً.
وهكذا أصبحت عائشة الّتي جرّعت رسول الله الغصص وعصت أوامره كما عصت أمر ربّها، وحاربت وصيّ رسول الله وتسبّبت في أكبر فتنة عرفها المسلمون والتي قُتل فيها الآلف المسلمين، أصبحت هذه المرأة هي أشهر نساء الإسلام وعنها تؤخذ الأحكام ـ أمّا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين التي يغضب ربّ العزّة لغضبها ويرضى لرضاها، أصبحت نسياً منسيّاً ودفنت في الليل سرّاً بعد ما هددّوها بالحرق وعصروا على بطنها بالباب حتى أسقطت جنينها ولا أحد من المسلمين من أهل السنّة يعرف رواية واحدة تنقلها عن أبيها.
وهكذا أصبح يزيد بن معاوية وزياد بن أبيه وابن مرجانة وابن مروان والحجّاج وابن العاص وغيرهم من الفسّاق الملعونين بنص الكتاب على لسان نبي الله. نعم أصبح هؤلاء أمراء المؤمنين وولاّة أمورهم ـ أمّا الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنّة وريحانتا النبي من هذه الأمّة، والأئمة من
--------------------------------------------------------------------------------
عترة الرسول الذين هم أمان الأمة، أصبحوا مشرّدين مسجونين مقتولين مسمومين.
وهكذا أصبح أبو سفيان المنافق الذي ما وقعت حربٌ ضدّ الرّسول إلاّ وكان هو قائدها، أصبح محموداً مشكوراً حتّى قيل من دخل داره كان آمناً أمّا أبو طالب حامي النبي وكفيله والمدافع عنه بكل ما يملك، والذي قضى حياته مناوئاً لقومه وعشيرته من أجل دعوة ابن أخيه حتّى قضى ثلاث سنوات في الحصار مع النبيّ في شعب مكة وكتم إيمانه لمصلحة الإسلام أي لإبقاء بعض الجسور مفتوحة مع قريش فلا يؤذون المسلمين كما يريدون ـ وذلك كمؤمن آل فرعون الذي كتم إيمانه. أما هذا فكان جزاؤه ضحضاح من نار يضع فيها رجله فيغلي منها دماغه، وهكذا أصبح معاوية بن أبي سفيان الطليق بن الطّليق واللعين بن اللعين ومن كان يتلاعب بأحكام الله روسوله ولا يقيم لها وزناً ويقتل الصلحاء والأبرياء في سبيل الوصول إلى أهدافه الخسيسة ويسبّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم على مرأى ومسمع من المسلمين «1)، أصبح هذا الرّجل يسمّى كاتب الوحي ويقولون بأن الله إئتمن على وحيه جبرئيل ومحمداً ومعاوية وأصبح يوصف بأنه رجل الحكمة والسياسة والتدبير.
أما أبو ذر الغفاري الذي ما أقلّت الخضراء ولا أظلت الغبراء أصدق ذي لهجة منه، فأصبح صاحب فتنة يضربُ ويشرّد ويُنفى إلى الربذة وأمّا سلمان والمقداد وعمّار وحذيفة وكل الصحابة المخلصين الذين والوا عليّا وتشيّعوا له فقد لا قوا التعذيب والتشريد والقتل.
وهكذا أصبح أتباع مدرسة الخلفاء وأتباع معاوية وأصحاب المذاهب الذين أوجدتهم السلطة الجائرة، أصبحوا هم أهل السنّة والجماعة وهم
____________
(1) يقول الشاعر في هذا المعنى:
عاندوا «أحمد» وعادوا عليّاً * وتولّوا منافقاً وغويّاً وأسروا سبّ النبي نفاقاً * حين سبّوا جهراً أخاه عليّاً
--------------------------------------------------------------------------------
الذين يمثّلون الإسلام ومن خالفهم كان من الكافرين. ولو اقتدى بأئمة أهل البيت الطيبين الطاهرين.
أمّا أتباع مدرسة أهل البيت الذين اتّبعوا باب مدينة العلم وأول النّاس إسلاماً ومن كان الحق يدور معه حيث دار، وتشيّعوا لأهل البيت واتّبعوا الأئمة المعصومين، أصبحوا هم أهل البدعة والضلالة ومن خالفهم وحاربهم كان من المسلمين * فلا حول ولا قوة إلاّ بالله العلي العظيم وصدق الله إذ يقول:
«وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض قالوا إنما نحن مصلحون ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون وإذا قيل لهم آمنوا كما آمن الناس قالوا أنؤمن كما آمن السفهاء ألا إنهم هم السفهاء ولكن لا يعلمون» [البقرة: 13].
وإذا رجعنا إلى موضوع حبّ الرسول صلّى الله عليه وآله لعائشة لأنها حفظت عنه نصف الدّين وكان يقول خذوا نصف دينكم عن هذه الحميراء، فهذا حديث باطل لا أساس له من الصّحة ولا يستقيم مع ما روي عن عائشة من أحكام مضحكة مبكية يتنّزه عن ذكرها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم. ويكفينا مثلاً على ذلك قضية رضاعة الكبير التي كانت ترويها عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتي أخرجها مسلم في صحيحه ومالك في موطّأه والتي وافينا البحث فيها في كتابنا «لأكون مع الصادقين» فمن أراد التفصيل والوقوف على جلية الأمر فليراجعه.
ويكفي في هذه الرواية الشنيعة أن زوجات النبي كلّهن رفضن العمل بها وأنكرنها. وحتّى أنّ راويها بقي عامّاً كاملاً يتهيّب أن يذكرها لفظاعتها وقلّة حيائها.
وإذا ما رجعنا إلى صحيح البخاري في باب يقصر من الصّلاة إذا خرج من موضعه، قال: عن الزهريّ عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: الصلاة أوّل ما فُرضت ركعتان فأقرّت صلاة السّفر وأتمّت صلاة الحضر، قال الزهري: فقلت لعروة فما بال عائشة تتّم؟ قال: تأوّلت ما تأوّل عثمان ـ وأخرجها مسلم في صحيحه في باب صلاة المسافرين وقصرها وبعبارة أوضح ممّا في البخاري. قال عن الزهري عن عروة عن عائشة أنّ الصلاة أوّل ما فرضت ركعتين فأقرّت صلاة السفر وأتمّت صلاة الحضر، قال الزهري فقلت لعروة: ما بال عائشة تتمّ في السفر؟ قال: إنّها تأولت كما تأوّل عثمان.
إنّه التناقض الصريح، فهي التي تروي بأن صلاة المسافر فرضت ركعتين ولكنّها تخالف ما افترضه الله وعمل به رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وتتأوّل لتغيّر أحكام الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم إحياء لسنّة عثمان ولهذه الأسباب نجد كثيراً من الأحكام في صحاح أهل السنّة والجماعة ولكن لا يعملون بها لأنهم في أغلب الأحيان يأخذون بتأوّل أبي بكر وتأوّل عمر وتأوّل عثمان وتأوّل عائشة وتأوّل معاوية بن أبي سفيان وغيرهم من الصحابة.
فإذا كانت الحميراء التي يؤخذ عنها نصف الدّين تتأوّل في أحكام الله كيف تشاء، فلا أعتقد بأن زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يرضى منها هذا ويأمر النّاس بالاقتداء بها، على أنّه ورد في صحيح البخاري وصحاح أهل السنّة إشارة إلى أن في اتّباعها معصية لله، وسنُوافيك بذلك في أوانه إن شاء الله.
وأمّا القائلون بأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يُحبّها لأن جبرئيل أتاه بصورتها قبل الزواج وأنّه لا يدخل عليه إلاّ في بيتها فهذه روايات تضحك المجانين ولست أدري أكانت الصورة التي جاء بها جبرئيل فوتوغرافية أم لوحة زيتية، على أنّ صحاح أهل السنّة يروون بأن أبا بكر بعث بعائشة إلى النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ومعها طبق من التمر لينظر إلهيا وهو الذي طلب من النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتزوج ابنته، فهل هناك داع لنزل جبرئيل بصورتها وهي تسكن على بعد بضع أمتار من مسكن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وأعتقد أن مارية
--------------------------------------------------------------------------------
القبطية التي كانت تسكن مصر وهي بعيدة عن رسول الله صلّى الله عليه وما كان أحد يتصور مجيئها، هي أولى بأن ينزل جبرئيل بصورتها ويبشّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّ الله سيرزقه منها إبراهيم.
ولكن هذه الروايات هي من وضع عائشة التي كانت لا تجد شيئاً تفتخر به على ضرّاتها إلاّ الأساطير التي يخلقها خيالها، أو أنها من وضع بني أمية على لسانها ليرفعوا من شأنها عند بسطاء العقول.
وأمّا أن جبرئيل كان لا يدخل على محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو مضطجع إلاّ في بيت عائشة فهي أقبح من الأولى والمعلوم من القرآن الكريم أنّ الله هدّدها عندما تظاهرت على رسوله، هدّدها بجبرئيل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهيراً.
فما أقوال شيوخنا وعلمائنا إلاّ ضربٌ من الظنّ والخيال وإنّ الظنّ لا يغني من الحق شيئاً ـ قل هل عندكم من علم فتخرجوه لنا إن تتّبعون إلاّ الظن وإن أنتم إلاّ تخرصون.
عائشة فيما بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
أمّا إذا درسنا حياة أمّ المؤمنين عائشة إبنة أبي بكر بعد لحوق زوجها بالرفيق الأعلى روحي له الفداء. وبعد ما خلاّ لها الجوّ وأصبح أبوها هو الخليفة والرئيس على الأمّة الإسلامية وأصبحت هي حينذاك المرأة الأولى في الدولة الإسلامية لأنّ زوجها رسول الله وأبوها هو خليفة رسول الله.
ولأنّها كما تعتقد هي أو توهم نفسها بأنها أفضل أزواج النّبي صلّى الله عليه وآله وسلم، لا لشيء إلاّ لأنّه تزوجها بكراً وما تزوج بكراً غيرها، وقد توفي عنها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي في عزّ شبابها وزهرة عمرها فكان عمرها يوم وفاة زوجها ثمانية عشر عاماً على أكثر التقادير وأشهر الروايات، ولم تعاشر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم سوى ستّ أو ثمان سنوات على اختلاف الرّواة قضت السنوات الأولى منها تعلب ألعاب
--------------------------------------------------------------------------------
الأطفال وهي زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وهي كما وصفتها بريرة جارية رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عندما قالت في عائشة «إنها جارية حديثة السنّ تنام عن العجين فتأتي الدّاجن فتأكله» (1).
نعم ثمانية عشر عاماً لفتاة بلغت سن المراهقة كما يقال اليوم وقضت نصف عمرها مع صاحب الرسالة وبين ضرّاتٍ يبلغ عددهن عشر أو تسع زوجات وهناك امرأة أخرى أغفلنا ذكرها في حياة عائشة وكانت أشدّ عليها من كل ضرّة لأن حب الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لها فاق التصور وهذه المرأة هي فاطمة الزهراء ربيبة عائشة إبنة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من خديجة وما أدراك ما خديجة الصدّيقة الكبرى التي سلّم عليها جبرئيل وبشرها ببيت لها في الجنّة لا صخب فيه ولا نصب (2).
والتي كان رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلّم لا يدع مناسبة تفوته إلاّ ويذكر خديجة فيتفطر كبد عائشة ويحترق قلبها غيرة فتثور ثائرتها وتخرج عن أطوارها فتشتم بما يحلو لها ولا تبال بعواطف زوجها ومشاعره. ولنستمع إليها تحدث عن نفسها بخصوص خديجة كما روى البخاري وأحمد والترمذي وابن ماجة قالت: ما غرت على امرأة لرسول الله كما غرت على خديجة (3) لكثرة ذكر رسول الله إياها وثنائه عليها، فقلت ما تذكر من عجوز من عجائز قريش، حمراء الشّدقين هلكت في الدّهر قد أبدلك الله خيراً منها، قالت: فتغيّر وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تغيّراً ما كنتُ أراه إلاّ عند نزول الوحي، وقال: لا ما أبدلني الله خيراً منها، قد آمنت بي إذ كفر بي النّاس، وصدّقتني إذ كذّبني الناس، وواستني بما لها إذ حرمني النّاس، ورزقني الله
____________
(1) صحيح البخاري: 3/156 باب تعديل النساء بعضهن بعضهاً.
(2) صحيح البخاري: 4/231. صحيح مسلم باب فضائل أم المؤمنين خديجة: 7/133.
(3) قد مرّ بنا سابقاً قولها ما غرت على امرأة كما غرت على صفية وقولها ما غرت على امرأة إلا دون ما غرت على مارية، لك الله يا عائشة فهل سلمت واحدة من أزواج النبي من غيرتك وأذيّتك؟
--------------------------------------------------------------------------------
عز وجلّ ولدها إذ حرمني أولاد النساء.
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
وليس هناك شك أنّ ردّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم يبطل دعوى من يقول بأن عائشة هي أحب وأفضل أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وأكيد أيضاً أن عائشة إزدادت غيرة وكرهاً لخديجة عندما قرّعها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بهذا التوبيح وأعلمها بأنّ ربّه لم يبدله خيراً من خديجة، ومرّة أخرى يعلّمنا رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بأنّه لا يميل مع الهوى ولا يحبّ الجمال والبكارة، لأن خديجة سلام الله عليها تزوجت قبلة مرّتين وكانت تكبره بخمسة عشرة عاماً، ومع ذلك فهو يحبّها ولا ينثني عن ذكرها، وهذا لعمري هو خُلق النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم الذي يحب في الله ويبغض في الله. وهناك فرق كبير بين هذه الرواية الحقيقة وتلك المزيّفة التي تدّعي بأن الرسول يميل إلى عائشة حتّى بعثن إليه نساؤه ينشدنه العدل في ابنة أبي قحافة.
وهل لنا أن نسأل أمّ المؤمنين عائشة التي ما رأت يوماً في حياتها السيدة خديجة ولا التقت بها كيف تقول عنها عجوز حمراء الشّدقين؟ وهل هذه هي أخلاق المؤمنة العادية الّتي يحرمُ عليها أن تغتاب غيرها إذا كان حيّاً؟ فما بالك بالميّت الذي أفضى إلى ربّه، فما بالك إذا كان ضحية الغيبة زوج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم والتي ينزل جبرئيل في بيتها ويبشّرها ببيت في الجنّة لا صخب فه ولا نصب (1).
وبالتأكيد أنّ ذلك البغض وتلك الغيرة التي تاجّجت في قلب عائشة من اجل خديجة لابدّ لها من فورة ومتنفّس وإلاّ انفجرت، فلم تجد عائشة أمامها إلاّ فاطمة إبنة خديجة ربيبتها والتي هي في سنّها أو تكبرها قليلاً على اختلاف الرّواة.
وبالتأكيد أيضاً أن ذلك الحبّ العميق من رسول الله صلّى الله عليه وآله
____________
(1) صحيح البخاري: 4/231. صحيح مسلم باب فضل خديجة أمّ المؤمنين.
--------------------------------------------------------------------------------
وسلم لخديجة تجسّد وقوي في ابنته ووحيدته فاطمة الزهراء، فهي الوحيدة التي عاشت مع أبيها تحمل في جنباتها أجمل الذكريات التي كان يحبّها رسول الله في خديجة فكان يسمّيها أمّ أبيها.
وزاد في غيرة عائشة أن ترى رسول الله يمجّد إبنته ويسمّيها سيدة نساء العالمين وسيدة نساء أهل الجنة (1) ثم يرزقه الله منها سيدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين فترى رسول اله صلّى الله عليه وآله وسلّم يذهب ويبات عند فاطمة ساهراً على تربية أحفاده ويقول: ولداي هذان ريحانتي من هذه الأمة ويحملهما على كتفيه فتزداد بذلك عائشة غيرة لأنها عقيم، ثم ازدادت الغيرة أكثر عندما شملت زوج فاطمة أبا الحسنين لا لشيء إلاّ لحبّ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم إيّاه وتقديمه على أبيها في كل المواقف، فلا شك أنّها كانت تعيش الأحداث.
وترى ان أبي طالب يفوز في كل مرّة على أبيها ويمضي بحب الرّسول صلّى الله عليه وآله وسلّم له وتفضيله وتقديمه على من سواه، فقد عرفت أن أبوها رجع مهزوماً في غزوة خيبر بمن معه من الجيوش وأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم تألّم لذلك وقال: لأعطين غداً الراية إلى رجل يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله كرّاراً ليس فراراً. وكان ذلك الرجل هو علي بن أبي طالب زوج فاطمة، ثم رجع علي بعد ما فتح خيبر بصفية بنت حيي التي تزوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونزلت على قلب عائشة كالصاعقة.
وقد عرفت أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بعث أبوها بسورة براءة ليبلّغها إلى الحجيج ولكنّه أرسل خلفه علي بن أبي طالب فأخذها منه ورجع أبوها يبكي ويسأل عن السبب فيجيبه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم: «إن الله أمرني أن لا يبلّغ عني إلاّ أنا أو أحد من أهل بيتي».
وقد عرفت أيضاً بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نصّب ابن عمّه علي خليفة
____________
(1) صحيح البخاري: 4/209 و7/142.
--------------------------------------------------------------------------------
المسلمين من بعده وأمر أصحابه وزوجاته بتهنئته بإمرة المؤمنين فجاءه أبوها في مقدمة النّاس يقول: بخ بخ لك يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كل مؤمن ومؤمنة.
وقد عرفت بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّر على أبيها شاباً صغيراً لا نبات بعارضيه عمره سبعة عشر عاماً وأمره بالسّير تحت قيادته والصلاة خلفه.
ولا شك بأنّ أم المؤمنين عائشة كانت تتفاعل مع هذه الأحداث فكانت تحمل في جنباتها همَّ أبيها والمنافسة على الخلافة والمؤامرة التي تدور عند رؤساء القبائل في قريش، فكانت تزداد بُغضاً وحنقاً على علي وفاطمة وتحاول بكل جهودها أن تتدخّل لتغيير الموقف لصالح أبيها بشتّى الوسائل كلّفها ذلك ما كلّفها ـ وقد رأيناها كيف أرسلت إلى أبيها على لسان زوجها تأمره ليصلّي بالنّاس عندما علمت بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أرسل خلف علي ليكلفّه بتلك المهمّة ولمّا علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتلك المؤامرة اضطرّ للخروج فأزاح أبا بكر عن موضعه وصلّى بالنّاس جالساً، وغضب على عائشة وقال لها إنّكنّ أنتنّ صويحبات يوسف (يقصد أن كيدها عظيم) (1).
والباحث في هذه القضية التي روتها عائشة بروايات مختلفة ومتضاربة يجد التناقض واضحاً وإلاّ فإنّ أباها عبّأه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في جيش وأمره بالخروج تحت قيادة أسامة بن زيد قبل تلك الصلاة بثلاثة أيام، ومن المعلوم بالضرورة أنّ قائد الجيش هو إمام الصلاة فأسامة هو إمام أبي بكر في تلك السرية، فلمّا أحسّت عائشة بتلك الإهانة وفهمت مقصود النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم منها خصوصاً وأنها تفطّنت بأنّ علي بن أبي طالب لم يعيّنه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك الجيش الذي عبّأ فيه وجوه المهاجرين
____________
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/197 ينقل ذلك عن الإمام علي.
--------------------------------------------------------------------------------
والأنصار والذين لهم في قريش زعامة ومكانة، وقد علمت من رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما علم أكثر أصحابه بأن أيّامه أصبحت معدودة ولعلّها كانت على رأي عمر بن الخطاب في أنّ رسول الله أصبح يهجر ولا يدري ما يفعل، فدفعتها غيرتها القاتلة أن تتصرّف بما تراه يرفع من شأن أبيها وقدره مقابل منافسه علي، ولكلّ ذلك أنكرت أن يكون النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أوصى لعلي ولذلك حاولت إقناع البسطاء من النّاس بأن رسول الله صلّى الله عليه آله وسلّم مات في حجرها بين سحرها ونحرها ـ ولذلك حدّثت بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم قال لها وهو مريض ادع لي أباك وأخاك لأكتب لهم كتاباً عسى أن يدّع مدّع وأبى الله ورسوله والمؤمنون إلاّ أبا بكر فهل من سائل يسألها: ما الذي منعها من دعوتهم؟
موقف عائشة ضد علي أمير المؤمنين
والباحث في موقفها تجاه أبي الحسن يجد أمراً عجيباً وغريباً. ولا يجد له تفسيراً إلاّ الغيرة والعداء لأهل بيت النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم وقد سجّل لها التاريخ كرهاً وبغضاً للإمام علي لم يعرف له مثيل وصل بها إلى حدّ أنّها لا تطيق ذكر إسمه (1) ولا تطيق رؤيته وعندما تسمع بأنّ الناس قد بايعوه بالخلافة بعد قتل عثمان، تقول: وددت لو أنّ السّماء انطبقت على الأرض قبل أن يليها ابن أبي طالب. وتعمل كل جهودها للإطاحة به وتقود ضدّه عسكراً جرّاراً لمحاربته، وعندما يأتيها خبر موته تسجد شكراً لله.
ألا تعجبون معي لأهل السنّة والجماعة الذين يروون في صحاحهم بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «يا علي لا يُحبّك إلاّ مؤمن ولا يبغضك إلاّ منافق» (2)، ثم يروون في صحاحهم ومسانيدهم وتواريخهم بأن عائشة تبغض الإمام علي ولا تطيق ذكر إسمه، أليس ذلك شهادة منهم على ماهية المرأة؟ كما يروي البخاري في صحيحه أن رسول الله صلّى الله
____________
(1) صحيح البخاري: 1/162 و3/135 و5/140.
(2) صحيح مسلم: 1/61. صحيح الترمذي: 5/306. سنن النسائي: 8/116.
--------------------------------------------------------------------------------
عليه وآله وسلّم قال: فاطمة بضعة منّي من أغضبها أغضبني ومن أغضبني فقد أغضب الله (1). ثم يروي البخاري نفسه بأن فاطمة ماتت وهي غاضبة على أبي بكر فلم تكلّمه حتى ماتت (2) ـ أليس ذلك شهادة منهم بأنّ الله ورسوله غاضبان على أبي بكر؟ فهذا ما يفهمه كلّ العقلاء، ولذلك أقول دائماً بأنّ الحق لا بدّ أن يظهر مهما ستره المُبطلون ومهما حاول أنصار الأمويين التمويه والتلفيق فإنّ حجة الله قائمة على عباده من يوم نزول القرآن إلى قيام الساعة والحمد لله رب العاليمن.
حدّث الإمام أحمد بن حنبل أنّ أبا بكر جاء مرّة واستأذن على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وقبل الدّخول سمع صوت عائشة عالياً وهي تقول للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم: «والله لقد عرفتُ أنّ علياً أحبّ إليك منّي ومن أبي تعيدها مرتين أو ثلاثاً…» الحديث (3).
وبلغ من أمر عائشة وبغضها للإمام علي، أنّها كانت تحاول دائماً إبعاده عن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ما استطاعت لذلك سبيلاً.
قال ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج. أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم استدني عليّاً فجاء حتّى قعد بينه وبينها وهما متلاصقان، فقالت له: أما وجدت مقعداً لكذا إلاّ فخذي.
وروي أيضاً أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ساير يوماً الإمام علي وأطال مناجاته، فجاءت عائشة وهي سائرة خلفهما حتى دخلت بينهما، وقالت لهما: فيم أنتما فقد أطلتما، فغضب لذلك رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم (4).
____________
(1) البخاري: 4/210.
(2) صحيح البخاري: 5/82 و8/3.
(3) الإمام أحمد في مسنده: 4/275.
(4) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 9/195.
--------------------------------------------------------------------------------
ويروي أيضاً أنها دخلت مرّة على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يناجي عليّاً فصرخت وقالت: مالي ولك يا بن أبي طالب؟ إنّ لي نوبة واحدة من رسول الله ـ فغضب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم.
وكم من مرّة أغضبت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بتصرّفاتها الناتجة عن الغيرة الشديدة وعن حدّة طبعها وكلامها اللاّذع.
وهل يرضى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسم على مؤمن أو مؤمنة ملأ قلبه كرهاً وبغضاً لابن عمّه وسيد عترته، الذي قال فيه «يحبّ الله ورسوله ويحبّه الله ورسوله» (1) وقال فيه «من أحبّ علياً فقد أحبّني ومن أبغض عليّاً فقد أبغضني» (2).
وقرن في بيُوتكنّ ولا تبرجن
أمر الله سبحانه نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بالاستقرار في بيوتهنّ وأن لا يخرجن متبرّجات وأمرهنّ بقراءة القرآن وإقامة الصّلاة وإيتاء الزكاة وإطاعة الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
وعمل نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، وكلّهن امتثلن أمر الله وأمر رسوله الذي نهاهنّ هو الآخر صلّى الله عليه وآله وسلّم قبل وفاته وحذّرهن بقوله: أيّتكن تركب الجمل وتنبحها كلاب الحوأب، كلّهن ما عدا عائشة فقد اخترقت كل الأوامر وسخرت من كل التحذيرات ويذكر المؤرخون أنّ حفصة بنت عمر أرادت الخروج معها ولكن أخاها عبد الله حذّرها وقرأ عليها الآية فرجعت عن عزمها، أما عائشة فقد ركبت الجمل ونبحتها كلاب الحوأب يقول طه حسين في كتابه الفتنة الكبرى: مرّت عائشة في طريقها بماء فنبحتها كلابه وسألت عن هذا الماء فقيل لها إنّه الحوأب، فجزعت جزعاً شديداً وقالت:
____________
(1) البخاري ومسلم في فضائل علي بن أبي طالب: 7/130.
(2) المستدرك للحاكم: 3/130 صحّحه على شرط الشيخين البخاري ومسلم وعشرات المصادر.
--------------------------------------------------------------------------------
ردّوني ردّوني، قد سمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول وعنده نساؤه: أيّتكنّ تنبحها كلاب الحوأب: وجاء عبد الله بن الزبير فتكلّف تهدئتها وجاءها بخمسين رجلاً من بني عامر يحلفون لها كذباً أنّ هذا الماء ليس بماء الحوأب.
وأنا أعتقد بأنّ هذه الرّواية وضعت في زمن بني أميّة ليخفّفوا بها عن أم المؤمنين ثقل معصيتها ظنّاً منهم بأنّ أمّ المؤمنين أصبحت معذورة بعد أن خدعها ابن أختها عبد الله بن الزّبير وجاءها بخمسين رجلاً يحلفون بالله ويشهدون شهادة زوراً بأنّ الماء ليس هو ماء الحوأب. إنها سخافة هزيلة يريدون أن يموّهوا بمثل هذه الروايات على بسطاء العقول ويُقنعونهم بأنّ عائشة خدعت لأنها عندما مرّت بالماء وسمعت نباح الكلاب فسألت عن هذا الماء فقيل لها إنّه الحوأب فجزعت وقالت ردّوني ردّوني. فهل لهؤلاء الحمقى الذين وضعوا الرواية أن يلتمسوا لعائشة عذراً في معصيتها لأمر الله وما نزل من القرآن بوجوب الاستقرار في بيتها، أو يلتمسوا لها عذراً في معصيتها لأمر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بوجوب لزوم الحصير وعدم ركوب الجمل، قبل الوصول إلى نباح الكلاب في ماء الحوأب، وهل يجدون لأم المؤمنين عذراً بعدما رفضت نصيحة أم المؤمنين أمّ سلمة التي ذكرها المؤرخون إذ قالت لها: أتذكرين يوم أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ونحن معه حتى إذا هبط من قديد ذات الشمال فخلا بعلي يناجيه فأطال، فأردت أن تهجمي عليهما فنهيتك فعصيتني وهجمت عليهما، فما لبثت أن رجعت باكية، فقلت: ما شأنك؟ فقلت: أتيتهما وهما يتناجيان، فقلت لعلي: ليس لي من رسول الله إلاّ يوم من تسعة أيام أفما تدعني يا ابن أبي طالب ويومي، فأقبل رسول الله عليَّ وهم محمّر الوجه غضباً فقال: ارجعي وراءك والله لا يبغضه أحد من النّاس إلا وهو خارج من الإيمان، فرجعت نادمةً ساخطة، فقالت عائشة: نعم أذكر ذلك. قالت: وأذكّرك أيضاً كنت أنا وأنت مع رسول الله، فقال لنا: «أيتكنّ صاحبة الجمل الأدب تنبحها كلاب الحوأب
--------------------------------------------------------------------------------
فتكون ناكبة عن الصراط؟» فقلنا نعوذ بالله وبرسوله من ذلك فضرب على ظهرك وقال: «إيّاك أن تكونيها يا حميراء» قالت عائشة أذكر ذلك. فقالت أم سلمة: أتذكرين يوم جاء أبوك ومعه عمر، وقمنا إلى الحجاب، ودخلا يحدثانه فيما أراد إلى أن قالا: يا رسول الله، إنّا لا ندري أمد ما تصحبنا، فلو أعلمتنا من يستخلف علينا ليكون لنا بعدك مفزعاً فقال لهما: «أما أني قد أرى مكانه ولو فعلت لتفرقتم عنه كما تفرّق بنو إسرائيل عن هارون»، فسكتا ثم خرجا، فلما خرجا خرجنا إلى رسول الله فقلت له أنت وكنت أجرأ عليه منّا: يا رسول الله مَنْ كنت مستخلفاً عليهم؟ فقال: خاصف النّعل، فنزلنا فرأيناه عليّاً. فقلتِ يا رسول الله ما أرى إلاّ علياً. فقال: هو ذاك.
قالت عائشة: نعم أذكر ذلك، فقالت لها أم سلمة: فأي خروج تخرجين بعد هذا يا عائشة. فقالت: إنّما أخرج للإصلاح بين الناس (1) فنهتها أمّ سلمة عن الخروج بكلام شديد وقالت لها: إن عمود الإسلام لا يثأب بالنساء إن مال، ولا يَرْأبُ بهن إن صُدِعَ، حماديات النساء غض الأطراف، وخفر الأعراض، ما كنت قائلة لو أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم عارضك في بعض هذه الفلوات، ناصّة قلوصا من منهل إلى آخر؟ والله لو سرت سيرك هذا ثم قيل لي أدخلي الفردوس، لاستحييت أن ألقى محمّداً هاتكةً حجاباً ضربه عليّ (2)…
كما لم تقبل أمّ المؤمنين عائشة نصائح كثير من الصحابة المخلصين روى الطبري في تاريخ أن جارية بن قدامة السعدي قال لها: يا أمّ المؤمنين والله قتل عثمان ن عفان أهون من خروجك من بيتك على هذا الجمل الملعون عرضة للسّلاح، إنّه قد كان لك من الله سترٌ وحرمة فهتكت سِتْرَكِ
____________
(1) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/77.
(2) ابن قتيبة في كتابه المصنف في غريب الحديث وكذلك في الإمامة والسياسة.
--------------------------------------------------------------------------------
وأبحت حرمتك، إنه من يرى قتالك فإنه يرى قتلك إن كنت أتيتنا طائعة فارجعي إلى منزلك وإن أتيتنا مستكرهة فاستعيني بالنّاس (1).
أم المؤمنين هي القائدة
ذكر المؤرخون بأنها كانت هي القائدة العامة وهي التي تولّي وتعزل وتصدر الأوامر حتى أن طلحة والزبير اختلفا في إمامة الصلاة وأراد كلّ منهما أن يصلّي بالنّاس، فتدخّلت عائشة وعزلتهما معاً وأمّرت عبد الله بن الزبير ابن أختها أن يصلّي هو بالنّاس. وهي التي كانت ترسل الرّسل بكتبها التي بعثتها في كثير من البلدان تستنصرهم على علي بن أبي طالب وتثير فيهم حميّة الجاهلية.
حتّى عبّأتْ عشرين ألفاً أو أكثر من أوباش العرب وأهل الأطماع لقتال أمير المؤمنين والإطاحة به. وأثارتها فتنة عمياء قتل فيها خلق كثير باسم الدّفاع عن أمّ المؤمنين ونصرتها ويقول المؤرّخون أن أصحاب عائشة لمّا غدروا بعثمان بن حنيف والي البصرة وأسروه هو وسبعين من أصحابه الذين كانوا يحرسون بيت المال جاؤوا بهم إلى عائشة فأمرت بقتلهم فذبحوهم كما يذبح الغنم. وقيل كانوا أربعمائة رجل يقال أنهم أول قوم من المسلمين ضربت أعناقهم صبراً (2).
روى الشعبي عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه قال: لمّا قدم طلحة والزبير البصرة، تقلدت سيفي وأنا أريد نصرهما، فدخلت على عائشة فإذا هي تأمر وتنهي وإذا الأمر أمرها، فتذكرت حديثاً عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كنت سمعته يقول: «لن يفلح قوم تدبّر أمرهم امرأة» فانصرفت عنهم وأعتزلتهم.
كما أخرج البخاري عن أبي بكرة قوله: لقد نفعني الله بكلمة أيام
____________
(1) تاريخ الطبري: 6/482.
(2) الطبري في تاريخه: 5/178. وشرح النهج: 2/501 وغيرهم.
--------------------------------------------------------------------------------
الجمل، لمّا بلغ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أنّ فارساً ملّكوا ابنة كسرى قال: «لن يفلح قوم ولّوا أمرهم امرأة» (1).
ومن المواقف المُضحكة والمبكية في آنٍ واحدٍ أنّ عائشة أمّ المؤمنين تخرج من بيتها عاصية لله ولرسوله ثم تأمر الصّحابة بالاستقرار في بيوتهم، إنه حقّاً أمرٌ عجيب!!
فكيف وقع ذلك يا ترى؟
روى ابن أبي الحديد المعتزلي في شرح النهج وغيره من المؤرّخين أنّ عائشة كتبت ـ وهي في البصرة ـ إلى زيد بن صوحان العبدي رسالة تقول له فيها: من عائشة أم المؤمنين بنت أبي بكر الصديق، زوجة رسول الله، إلى ابنها الخالص زيد بن صوحان، أمّا بعد فأقم في بيتك وخذّل الناس عن أبن أبي طالب، وليبلغني عنك ما أحبّ إنك أوثق أهلي عندي والسّلام.
فأجابها هذا الرجل الصالح بما يلي: من زيد بن صوحان إلى عائشة بنت أبي بكر، أما بعد فإنّ الله أمركِ بأمر، وأمرنا بأمرٍ، أمرك أن تقرّي في بيتك، وأمرنا أن نجاهد، وقد أتاني كتابك تأمريني أن أصنع خلاف ما أمرني الله به، فأكون قد صنعت ما أمرك الله به، وصنعت أنت ما به أمرني، فأمرك عندي غير مطاع، وكتابك لا جواب له.
وبهذا يتبيّن لنا بأن عائشة لم تكتف بقيادة جيش الجمل فقط وإنّما طمحت في إمرة المؤمنين كافة في كل بقاع الأرض ولكلّ ذلك كانت هي التي تحكم طلحة والزبير اللذين كانا قد رشّحهما عمر للخلافة، ولكل ذلك أباحات لنفسها أن تراسل رؤساء القبائل والولاة وتطمعهم وتستنصرهم.
ولكلّ ذلك بلغت تلك المرتبة وتلك الشّهرة عند بني أمية فأصبحت هي المنظور إليها والمُهابة لديهم جميعاً والتي يُخشى سطوتها ومعارضتها
____________
(1) صحيح البخاري: 8/97 باب الفتن. والنسائي: 4/305. والمستدرك: 4/525.
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
--------------------------------------------------------------------------------
فإذا كان الأبطال والمشاهير من الشجعان يتخاذلون ويهربون من الصفِّ إزاء علي بن أبي طالب ولا يقفون أمامه فإنها وقفت وألّبتْ واستصرخت واستفزّت.
ومن أجل هذا حيرت العقول وأدهشت المؤرّخين الذين عرفوا مواقفها في حرب الجمل الصغرى قبل قدوم الإمام علي وفي حرب الجمل الكبرى بعد مجيء الإمام علي ودعوتها لكتاب الله فأبت وأصرّت على الحرب في عنادٍ لا يمكن تفسيره إلا إذا عرفنا عمق وشدة الغيرة والبغضاء التي تحملها أمّ المؤمنين لأبنائها المخلصين لله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
تحذير النّبي صلّى الله عليه وآله وسلّم من عائشة وفتنتها
لقد كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يدرك عمق وخطورة المؤامرة التي تدار حوله من جميع جوانبها، ولا شكّ بأنّه عرف ما للنساء من تأثير وفتنة على الرّجال، كما أدرك بأنّ كيدهن عظيم تكاد تزول منه الجبال، وعرف بالخصوص بأن زوجته عائشة هي المؤهلة لذلك الدور الخطير لما تحمله في نفسها من غيرة وبغض لخليفته علي خاصة، ولأهل بيته عامّة، كيف وقد عاش بنفسه أدواراً من مواقفها وعداوتها لهم، فكان يغضب حيناً ويتغير وجهه أحياناً، ويحاول إقناعهم في كل مرة بأنّ حبيب علي هو حبيب الله والذي يبغض عليّاً هو منافق يبغضه الله ـ ولكن هيهات لتلك الأحاديث أن تغوص في أعماق تلك النّفوس التي ما عرفتْ الحقّ حقّاً إلاّ لفائدتها وما عرفت الصّواب صواباً إلاّ إذا صدر عنها.
ولذلك وقف الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لمّا عرف بأنها هي الفتنة التي جعلها الله في هذه الأمة ليبتليها بها كما ابتلى سائر الأمم السّابقة. قال تعالى: «ألم أحسب الناس أن يتركوا أن يقولوا آمنّا وهم لا يفتنون» [العنكبوت: 2].
وقد حذّر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أمّته منها في مرّات
--------------------------------------------------------------------------------
متعدّدة حتى قام في يوم من الأيام واتّجه إلى بيتها وقال: ههنا الفتنة، ههنا الفتنة حيث يطلع قرن الشيطان، وقد أخرج البخاري في صحيحه في باب ما جاء في بيوت أزواج النبي: قال عن نافع عن عبد الله رضي الله عنه قال: قام النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم خطيباً فأشار نحو مسكن عائشة فقال: ههنا الفتنة ثلاثاً، من حيث يطلع قرن الشيطان (1).
كما أخرج مسلم في صحيحه أيضاً عن عكرمة بن عمّار عن سالم عن ابن عمر قال: خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم من بيت عائشة، فقال: رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان (2).
ولا عبرة بالزّيادة التي أضافوها بقولهم: يعني المشرق، فهي واضحة الوضع ليخفّفوا بها عن أم المؤمنين ويبعدوا هذه التهمة عنها.
وقد جاء في صحيح البخاري أيضاً: قال لما سار طلحة والزبير وعائشة إلى البصرة، بعث علي عمّار بن ياسر وحسن بن علي فقدما علينا الكوفة فصعدا المنبر فكان الحسن بن علي فوق المنبر في أعلاه وقام عمّار أسفل من الحسن فاجتمعنا إلهي فسمعت عماراً يقول: إن عائشة قد سارت إلى البصرة ووالله إنها لزوجة نبيّكم صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة، ولكن الله تبارك وتعالى ابتلاكم ليعلم إيّاه تطيعون أم هي (3).
الله أكبر فهذا الخبر يدلّ أيضاً أنّ طاعتها معصية لله وفي معصيتها هي والوقوف ضدّها طاعةً لله.
كما نلاحظ أيضاً في هذا الحديث أنّ الروّاة من بني أمية أضافوا عبارة والآخرة، في (أنها لزوجة نبيّكم في الدنيا والآخرة) ليموّهوا على العامّة بأنّ الله غفر لها كل ذنب اقترفته أدخلها جنّته وزوجها حبيبه رسول الله صلّى
____________
(1) صحيح البخاري: 4/46.
(2) صحيح مسلم: 8/181.
(3) صحيح البخاري: 8/97.
--------------------------------------------------------------------------------
الله عليه وآله وسلّم ـ وإلاّ من أين عَلِمَ عمّار بأنّها زوجته في الآخرة؟
وهذه هي أخر الحيل التي تفطّن لها الوضّاعون من الروّاة في عهد بني أميّة عندما يجدون حديثاً جرى على ألسنة النّاس فلا يمكنهم بعد نكرانه ولا تكذيبه فيعمدون إلى إضافة فقرة إليه أو كلمة أو تغيير بعض ألفاظه ليخفّفوا من حدّته أو يفقدوه المعنى المخصوص له، كما فعلوا ذلك بحديث، أنا مدينة العلم وعلي بابها الذي أضافوا وأبوا بكر أساسها وعمر حيطانها وعثمان سقفها.
وقد لا يخفى ذلك على الباحثين المنصفين فيبطلون تلك الزيادات التي تدلّ في أغلب الأحيان على سخافة عقول الوضّاعين وبُعدهم عن حكمة ونور الأحاديث النبويّة، فيلاحظون أنّ القول بأن أبا بكر أساسها، معناه أنّ علم رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كله من علم أبي بكر، وهذا كفر. كما أنّ القول بأنّ عمر حيطانها فمعناه بأنّ عمر يمنع الناس من الدخول للمدينة أعني يمنعهم من الوصول للعلم والقول بأن عثمان صفقها، فباطل بالضرورة لأنه ليس هناك مدينة مسقوفة وهو مستحيل. كما يلاحظون هنا بأنّ عماراً يقسم بالله على أنّ عائشة زوجة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في الدنيا والآخرة، وهو رجماً بالغيب فمن أين لعمّار أن يقسم على شيء يجهله؟ هل عنده آية من كتاب الله، أم هو عهد عهده إليه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم؟
فيبقى الحديث الصحيح هو إنّ عائشة قد سارت إلى البصرة، وإنها لزوجة نبيّكم، ولكنّ الله ابتلاكم بها ليعلم إيّاه تطيعون أم هي.
والحمد لله ربّ العالمين على أن جعل لنا عقولاً نميّز بها الحق من الباطل وأوضح لنا السبيل ثم ابتلانا بأشياء عديدة لتكون علينا حجّةً يوم الحساب.
--------------------------------------------------------------------------------
خاتمة البحث
والمهمّ في كل ما مرّ بنا من الأبحاث وإن كانت مختصرة أنّ عائشة بنت أبي بكر أمّ المؤمنين وزوجة رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم لم تكن معدودة من أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، والذين عصمهم الله من كلّ الذّنوب وطهّرهم من كل رجس فأصبحوا بعد ذلك معصومين.
ويكفي عائشة أنّها قضت آخر أيّام حياتها في بكاء ونحيب وحسرة وندامة، تذكر أعمالها فتفيض عيناها ولعلّ الله سبحانه يغفر لها خطاياها فهو وحده المطّلع على أسرار عباده والذي يعلم صدق نواياها، ويعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور. فلا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السّماء، وليس لنا ولا لأي أحدٍ من النّاس أن يَحكُم بالجنّة أو بالنّار على مخلوقاته فهذا تكلّف وتطفّلٌ على الله، قال تعالى: «لله ما في السماوات وما في الأرض وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذّب من يشاء والله على كل شيء قدير» [البقرة: 284].
وبهذا لا يمكن لنا أن نترضّى عليها ولا أن نلعنها ولكن لنا أن لا نقتدي بها ولا نبارك أعمالها، ونتحدّث بكل ذلك لتوضيح الحقيقة إلى النّاس، عسى أن يهتدوا لطريق الحق.
قال الإمام أمير المؤمنين عليه السلام: لا تكونوا سبّابين ولا لعّانين، ولكن قولوا: كان من فعلهم كذا وكذا لتكون أبلغ في الحجّة.
قول أهل الذكر بخصوص أهل البيت
يقول الإمام أمير المؤمنين عليه السلام وهو سيد العترة:
تالله لقد عَلِمتُ تبليغ الرسالات، وإتمام العدات وتمام الكلمات
--------------------------------------------------------------------------------
وعندنا أهل البيت أبواب الحكم وضياء الأمر (1).
أين الذين زعموا أنهم الرّاسخون في العلم دوننا، كذباً وبغياً علينا أن رفعنا الله ووضعهم، وأعطانا وحرمهم، وأدخلنا وأخرجهم، بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى، إنّ الأئمة من قريش غُرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الوّلاة من غيرهم (2).
نحن الشّعار والأصحاب، والخزنة والأبواب، لا تؤتى البيوت إلاّ من أبوابها فمن أتاها من غير أبوابها سمّي سارقاً. ثم يذكر أهل البيت فيقول: فيهم كرائم القرآن، وهم كنوز الرحمن، إن نطقوا صدقوا، وغن صمتوا لم يسبقوا (3).
هم عيش العلم وموت الجهل، يخبركم حلمهم عن علمهم، وصمتهم عن حكم منطقهم، لا يخالفون الحقُّ ولا يختلفون فيه، هم دعائم الإسلام وولائج الإعتصام، بهم عاد الحقُّ في نصابه، وانزاح الباطل عن مقامه وانقطع لسانه عن منبته عقلوا الدّين عقل وعايةٍ ورعاية، لا عقل سماع ورواية، فإنّ رواة العلم كثيرٌ ورعاته قليل (4).
عترته خير العتر وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشّجر نبتت في حرم وبسقت في كرم لها فروع طوال وثمرة لا تنال.
نحن شجرة النّبوة ، ومحطّ الرسالة، ومختلف الملائكة، ومعادن العلم، وينابيع الحكم، ناظرنا ومحبّنا ينتظر الرحمة، وعدوّنا ومبغضنا ينتظر السطوة (5).
____________
(1) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 283.
(2) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 314.
(3) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 330.
(4) نهج البلاغة شرح محمد عبده: 508.
(5) نهج البلاغة: 2/213.
--------------------------------------------------------------------------------
نحن النجباء، وأفرطنا أفراط الأنبياء، وحزبنا حزب الله عزّ وجلّ، والفئة الباغية حزب الشيطان، ومن سوّى بيننا وبين عدوّنا فليس منّا.
فأين تذهبون وأنّى تؤفكون؟ والأعلام قائمة والآيات واضحة، والمنار منصوبةٌ فأين يتاه بكم، بل كيف تعمهون وبينكم عترة نبيّكم وهم أزمّة الحقّ، وأعلام الدّين، وألسنة الصّدق، فأنزلوهم بأحسن منازل القرآن وردُوهم ورود الهيم العطاش.
أيها الناس خذوها من خاتم النبيين صلّى الله عليه وآله وسلم: إنّه يموت من مات منّا وليس بميّت، ويبلى من بلي منّا وليس ببال، فلا تقولوا بما لا تعرفون فإنّ أكثر الحقّ فيما تنكرون، واعذروا من لا حجة لكم عليه وأنا هو، ألم أعمل فيكم بالثقل الأكبر، وأترك فيكم الثقل الأصغر وركزت فيكم راية الإيمان (1).
انظروا أهل بيت نبيّكم فألزموا سمتهم وأتبعوا أثرهم فلن يخرجوكم من هدى، ولن يعيدوكم في ردى، فإن لبدوا فالبدوا، وإن نهضوا فانهضوا، ولا تسبقوهم فتضلّوا، ولا تتأخروا عنهم فتهلكوا (2).
هذه أقوال الإمام علي عليه السلام بخصوص العترة الطاهرة الذين أذهب الله عنهم الرّجس وطهّرهم تطهيراً.
ولو تتّبعنا أقوال الأئمة من بنيه عليهم السلام والذين خطوا في النّاس، أمثال الإمام الحسن، والإمام الحسين، وزين العابدين وجعفر الصّادق والإمام الرضا عليهم السلام أجمعين لوجدناهم يقولون نفس الكلام ويرمون نفس المرمى، ويرشدون الناس في كل عصر ومصر إلى كتاب الله وعترة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم لينقذوهم من الضّلالة ويدخلوهم في الهداية.
____________
(1) نهج البلاغة: 1/155.
(2) نهج البلاغة: 2/190.
--------------------------------------------------------------------------------
أضف إلى ذلك بأنّ التاريخ خير شاهد على عصمة أهل البيت فلم يسجّل لهم إلاّ العلم والتقوى والورع والزهد، والجود والكرم والحلم والمغفرة، وكل عمل يحبّه الله ورسوله صلّى الله عليه وآله وسلم.
كما أنّ التاريخ خير شاهد على أنّ الصالحين من هذه الأمّة والزهّاد من رجال الصوفية ومشايخ الطرق وأئمة المذاهب والمصلحين من العلماء القدامى والمعاصرين كلّ هؤلاء يقرّون بأفضليتهم وتقدّمهم علماً وعملاً وأخصّهم برسول الله قربى وشرفاً.
ولكل هذا فلا ينبغي لمسلم أن يخلط أهل البيت (الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً والذين أدخلهم الرسول معه تحت الكساء) بنساء النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم.
ألا ترى أنّ أئمة المحدّثين أمثال مسلم والبخاري والترمذي والإمام أحمد والنسائي وغيرهم عندما يخرجون أحاديث الفضائل في كتبهم وصحاحهم يفصلون فضائل أهل البيت عمّن سواهم من نساء النبيّ (1).
كما جاء في صحيح مسلم في باب فضائل عي بن أبي طالب قوله عن زيد بن أرقم أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال: «ألا وأنّي تارك فيكم الثقلين أحدهما كتاب الله عزّ وجلّ هو حبل الله من اتّبعه كان على الهدى ومن تركه كان على ضلالة» ثم قال «وأهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي أذكّركم الله في أهل بيتي» فقلنا من أهل بيته نساؤه؟ قال: «لا وأيمّ الله إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدّهر ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها، أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده (2).
كما جاءت شهادة البخاري ومسلم في أن عائشة من آل أبي بكر
____________
(1) صحيح مسلم: 7/130 وما بعدها.
(2) صحيح مسلم: 7/123 باب فضائل علي بن أبي طالب.
--------------------------------------------------------------------------------
وليست من آل النبي. في حادثة نزول آية التيمّم (1).
فلماذا هذا الإصرار من بعض المعاندين الذين يحاولون بكل ثمن إحياء الفتنة وتقليب الحقائق التي لا شكّ فيها.
فيسبّون الشيعة لا لشيء إلاّ لأنهم لا يعترفون لأمّ المؤمنين بهذه الفضيلة، فلماذا لا يسبّون صحاحهم وعلماءهم الذين أخرجوا نساء النبي بأجمعهن من أهل البيت. «يا أيها الذين آمنوا اتّقوا الله وقولوا قولاً سديداً، يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيماً» [الأحزاب: 71].
____________
(1) البخاري: 1/86. ومسلم: 1/191.
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
الرسالة الثانية :
أهل البيت عليهم السلام
يقول الله سبحانه وتعالى: «إنما يريد الله ليذهب
عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً» [الأحزاب: 33].
يقول أهل السنة والجماعة بأن هذه الآية نزت في نساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلم، ويستدلّون على ذلك بسياق ما قبلها وما بعدها من الآيات، وعلى حسب زعمهم فإنّ الله أذهب الرجس عن نساء النبي وطهّرهن تظهيراً.
ومنهم من يضيف إلى نساء النّبي علي وفاطمة والحسن والحسين، ولكنّ الواقع النقلي والعقلي والتاريخي يأبى هذا التفسير، لأن أهل السنة يروون في صحاحهم بأنّ الآية نزلت في خمسة وهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين،وأن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي خصّهم ونفسه الشريفة بهذه الآية الكريمة عندما أدخل عليّاً وفاطمة والحسنين معه تحت الكساء. وقال: اللهم هؤلاء أهلي فاذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً.
وقد أخرج ذلك من علماء أهل السنة جمع غفير أذكر منهم:
--------------------------------------------------------------------------------
1 ـ مسلم في صحيحه في باب فضائل أهل بيت النبي: 2/368.
2 ـ الترمذي في صحيحه: 5/30.
3 ـ مسند الإمام أحمد بن حنبل: 1/330:
4 ـ مستدرك الحاكم: 2/123.
5 ـ خصائص الإمام النسائي: 49.
6 ـ تلخيص الذهبي: 2/150.
7 ـ معجم الطبراني: 1/65.
8 ـ شواهد التنزيل للحاكم الحسكاني: 2/11.
9 ـ البخاري في التاريخ الكبير: 1/69.
10 ـ الإصابة لابن حجر العسقلاني: 2/502.
11 ـ تذكرة الخواص لابن الجوزي: 233.
12 ـ تفسير الفخر الرازي: 2/700.
13 ـ ينابيع المودة للقندوزي الحنفي: 107.
14 مناقب الخوارزمي: 23.
15 ـ السيرة الحلبية: 3/212.
16 ـ السيرة الدحلانية: 3/329.
17 ـ أسد الغابة لابن الأثير: 2/12.
18 ـ تفسير الطبري: 22/6.
19 ـ الدر المنثور للسيوطي: 5/198.
20 ـ تاريخ ابن عساكر: 1/185.
21 ـ تفسير الكشاف للزمخشري: 1/193.
22 ـ أحكام القرآن لابن عربي: 2/166.
23 ـ تفسير القرطبي: 14/182.
24 ـ الصواعق المحرقة لابن حجر: 85.
25 ـ الاستيعاب لابن عبد البر: 3/37.
--------------------------------------------------------------------------------
26 ـ العقد الفريد لابن عبد ربه: 4/311.
27 ـ منتخب كنز العمال: 5/96.
28 ـ مصابيح السنة للبغوي: 2/278.
29 ـ أسباب النزول للواحدي: 203.
تفسير ابن كثير: 3/483.
وغير هؤلاء من علماء أهل السنة والجماعة كثيرون لم نذكرهم واكتفينا في هذه العجالة بهذا القدر.
وإذا كان كل هؤلاء يعترفون بأنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم هو الذي بيّن المقصود من هذه الآية فما قيمة أقوال غيره من الصحابة أو التابعين أو المفسّرين الذين يريدون حمل معناها على غير ما يريده الله ورسوله، ابتغاء مرضاة معاوية وطمعاً في ما عنده.
كما أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أشار إليهم مرّة أخرى وخصّهم بأنهم هم أهل البيت لا غيرهم، وذلك عندما نزل قوله سبحانه وتعالى: «فقل تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم ثم نبتهل فنجعل لعنة الله على الكاذبين» [آل عمران: 61]. فدعا علياً وفاطمة وحسناً وحسيناً وقال هؤلاء أبناؤنا وأنفسنا ونساؤنا فهلمّوا أنفسكم وأبناءكم ونساءكم. وفي رواية مسلم «اللهم هؤلاء أهلي» (1).
وعلماء أهل السنّة والجماعة الذين ذكرتهم في المصادر السّابقة كلّهم يعترفون أيضاً بنزول هذه الآية في هؤلاء الخمسة المذكورين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
على أنّ أزواج النبي رضي الله تعالى عنهن عرفْن مقصود الآية
____________
(1) صحيح مسلم: 7/121. باب فضائل علي بن أبي طالب.
--------------------------------------------------------------------------------
الكريمة ولذلك لم تدّعي واحدة منهن أنّها من أهل البيت وعلى رأسهن أمّ سلمة وعائشة وقد روت كل واحدة منهنّ أن الآية خاصة برسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين وقد أخرج اعترافهن كل من مسلم والترمذي والحاكم والطبري والسيوطي والذهبي وابن الأثير وغيرهم.
أضف إلى كل ذلك أن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم، قد رفع هذا للّبس وهذا الإشكال لأنّه علم بأنّ المسلمين قد يرؤون القرآن ويحملون أهل البيت على سياق الآيات السابقة واللاّحقة والتي تحذّر نساء النبي، فبادر إلى تعليم الأمّة بمقصود آية إذهاب الرجل والتطهير عندما داوم طيلة ستة أشهر (بعد نزول الآية) على المرور بباب علي وفاطمة والحسنين قبل الشروع في إقامة الصلاة فيقول: «إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، قوموا إلى الصلاة يرحمكم الله» .
وقد أخرج هذه المبادرة التي فعلها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم الترمذي في صحيحه: 5/31 والحاكم في المستدرك: 3/158 والذهبي في تلخيصه ـ وأحمد بن حنبل في مسنده: 3/259 وابن الأثير في أسد الغابة: 5/521 والحسكاني في شواهد التنزيل: 2/11 والسيوطي في الدر المنثور: 5/199 والطبري في تفسيره: 22/6 والبلاذري في أنساب الأشراف: 2/104 وابن كثير في تفسيره: 3/483 والهيثمي في مجمع الزوائد: 9/168 وغيرهم.
وإذا أضفنا إلى كل هؤلاء أئمة أهل البيت وعلماء الشيعة الذين لا يشكّون في اختصاص محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين بهذه الآية الكريمة فلا تبقى بعد ذل أية قيمة لمن خالفهم من أعداء أهل البيت والمتشيعين لمعاوية وبني أميّة الذين يريدون ليطفؤوا نور الله بأفواههم والله متمّ نوره ولو كره الكافرون.
وقد كشف أولئك الذين يفسّرون الآية على غير تفسير النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم
--------------------------------------------------------------------------------
لها، بأنهم من المتزلّفين إلى الحكّام من الأمويين والعبّاسيين قديماً، وحديثاً بأنهم من النواصب الذين يبغضون عليّاً وإن تستروا بزي العلماء والفقهاء.
على أنّ العقل وحده يحكم بعدم شمول هذه الآية، أعني (إذهاب الرجس ـ والتطهير) لزوجات النبي صلّى الله عليه وآله وسلم.
1 ـ فإذا ما أخذنا على سبيل المثال أمّ المؤمنين عائشة التي تدّعي أنها أحبّ أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم إليه وأقربهم لديه حتّى أن باقي أزواج النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم غرن منها وبعثن للنبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ينشدنه العدل في ابنة أي قحافة كما قدّمنا، لم تتجرّأ، ولم يتجرّأ أحد من أنصارها ومحبّيها ولا من السّابقين أو من اللاّحقين أن يقول بأنّ عائشة كانت تحت الكساء يوم نزول الآية، فما أعظم محمد صلّى الله عليه وآله وسلّم في أقواله وأفعاله وما أعظم حكمته عندما حصر أهل بيته معه تحت الكساء حتى أن أمّ المؤمنين أمّ سمة زوجة النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أرادت الدخول معهم تحت الكساء وطلبت ذلك من زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ولكنّه منعها من ذلك وقال لها: «أنت إلى خير».
2 ـ ثم إنّ الآية بمفهومها الخاص والعام دالّ على العصمة. فإن إذهاب الرّجس يشمل كل الذّنوب والمعاصي والرّذائل صغيرها وكبيرها وخصوصاً إذا أضيف إليها تطهير من ربّ العزّة والجلالة، وإذا كان المسلمون يتطهرون بالماء والتراب طهارة جسدية لا تتعدّى ظاهر الجسم، فأهل البيت طهرهم الله طهارة روحية غسلت العقل والقلب والفؤاد فلم تترك لوساوس الشيطان ولا لارتكاب المعاصي مكانا.ً فأصبحت قلوبهم صافية نقية خالصة مخلصة لخالقها وبارئها في كل حركاتها وسكناتها.
3 ـ ولكلّ ذلك كان هؤلاء المطهّرون مثالاً للإنسانية جمعاء في الزهد والتقوى والإخلاص والعلم والحلم والشجاعة والمروءة والعفّة والنّزاهة والعُزوف عن الدنيا والقُرب منه جلّ وعلا ولم يسجّل التاريخ لواحد منهم معصية أو ذنباً طيلة حياته.
--------------------------------------------------------------------------------
وإذا كان الأمر كذلك، فلنعد إلى المثال الأول لزوجات النبي صلّى اله عليه وآله وسلّم وهي عائشة التي بلغت من المرتبة السّامية والمكانة العالية والشهرة الكبيرة ما لم تبلغه أيّة زوجة أخرى للنبي صلّى الله عليه وآله وسلم، لا ولا حتّى لو جمعنا فضائلهنّ بأجمعهنّ ما بلغنَ عشر معشار عائشة بنت أبي بكر، هذا ما يقوله أهل السنة فيها والذين يعتبرون أنّ نصف الدّين يؤخذ عنها وحدها.
وإذا ما تجرّدنا للحقيقة بدون تعصّب ولا انحياز، فهل من المعقول أن يحكم العقل بأنها مطهّرة من الذنوب والمعاصي؟ أم أنّ الله سبحانه رفع عنها حصانته المنيعة بعد موت زوجها رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلم؟ فلننظر معاً إلى الواقع.
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
الرسالة الثالثة :
الفصل الثاني
عن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
حول عصمة الرسول؟
يقولون بأن الرسول معصوم بالقرآن فقط وغيرذلك فهو يخطئ مثلنا فهنا سؤال يطرح؟ إذا كان الرسول كذلك والعياذ بالله فكيف تتبعون سنته وكيف تقولون على صحيح البخاري ومسلم بأنهم الأصح بعد القرآن الكريم؟
فإذا كان الرسول كذلك فما هي حجتكم وماهو دليلكم في ادّعائكم التمسك بكتاب الله وسنة نبيه مادامت هذه السنة عندكم غير معصومة ويمكن فيها الخطأ؟
وعلى هذا الأساس فامتمسك بالكتاب والسنة على حسب معتقداتكم لا يأمن من الضلالة، وخصوصاً إذا عرفنا بأن القرآن كلّه مفسر ومبيّن بالسنة النبوية. فما هي حجتكم في أن تفسيره وتبيانه لم يكن مخالفاً لكتاب الله تعالى؟
وأما الله عزوجل يقول عن رسوله خلاف ما يقولونه:
"والله يعصمك من الناس"[المائدة:67] وقال أيضاًَ" وماينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى"[النجم:3]"وماأتاكم الرسول فخذوه ومانهاكم عنه فانتهوا"[الحشر:7].
هذا دليل قوي بأن الرسول معصوم وليس كما يفترون عليه بأحاديثهم وإليك أخي القارئ أحاديثهم المخزية للنيل من شخصية رسول الله وعصمته والحط من قيمته ولاأريد التوسع في هذا الموضوع سوف أقتصر على مارواه البخاري ومسلم في صحيحيهما(روايات مخزية للطعن في النبي).
صحيح البخاري:
حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثنا الليث قال: حدثنا عقيل، عن ابن شهاب، عن عروة، عن عائشة:
أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن إلى المناصع، وهو صعيد أفلح، فكان عمر يقول للنبي صلى الله عليه وسلم: احجب نساءك، فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، فخرجت سودة بنت زمعة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ليلة من الليالي عشاء، وكانت امرأة طويلة، فناداها عمر: ألا قد عرفناك يا سودة، حرضا على أن ينزل الحجاب، فأنزل الله آية الحجاب.
حدثنا إسماعيل: حدثنا إبراهيم، عن صالح بن كيسان، عن ابن شهاب، عن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، عن محمد بن سعد، عن أبيه قال:
استأذن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعنده نسوة من قريش يسألنه ويستكثرنه، عالية أصواتهن على صوته، فلما استأذن عمر تبادرن الحجاب، فأذن له النبي صلى الله عليه وسلم فدخل والنبي صلى الله عليه وسلم يضحك، فقال: أضحك الله سنك يا رسول الله بأبي أنت وأمي؟ فقال: (عجبت من هؤلاء اللاتي كن عندي، لما سمعن صوتك تبادرن الحجاب). فقال: أنت أحق أن يهبن يا رسول الله، ثم أقبل عليهن فقال: يا عدوات أنفسهن، أتهبنني ولم تهبن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقلن: إنك أفظ وأغلظ من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إيه يا ابن الخطاب، والذي نفسي بيده، ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً إلا سلك فجاً غير فجك(.
- حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني وهب بن جرير حدثنا أبي قال: سمعت يونس يحدث عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال:
-لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال: هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب فقال عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله قال: فاختلف أهل البيت فاختصموا فمنهم من يقول يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال قربوا يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف وغم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قوموا عني فكان ابن عباس يقول: إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم.
حدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا وكيع عن مالك بن مغول، عن طلحة بن مصرف، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ أنه قال:
يوم الخميس! وما يوم الخميس! ثم جعل تسيل دموعه. حتى رأيت على خديه كأنها نظام اللؤلؤ. قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ائتوني بالكتف والدواة (أو اللوح والدواة) أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا) فقالوا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يهجر.
إلى غير ذلك من الروايات المخزية التي تحط من قيمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلّم وترفع من قيمة الصحابة ولكن عمر ضرب الرقم القياسي في هذا الصدد حتى رووا (أخزاهم الله) بأن رسول الله كان يشك في نبوته وذلك لحديث يروونه بأنه قال صلى الله عليه وآله وسلم:" ما أبطأ عني جبرئيل إلا وظننت أنه ينزل على عمر بن الخطاب".
وأيضاً يوم الخميس الذي سبق وفاة الرسول (ص) والذي سمّاه ابن عباس يوم الرزية، وذلك عندما أمر رسول الله (ص) الحاضرين أن يأتوه بالكتف والدواة ليكتب لهم كتاباً لن يضلوا بعده أبداً، نرى في ذلك اليوم أن عمر بن الخطاب هو الذي اعترض على رسول الله (ص) واتهمه بالهجر-أي الهذيان- والعياذ بالله، وقال:" حسبنا كتاب الله" وقد أخرج هذا الحديث البخاري ومسلم وابن ماجه والنسائي وأبو داوود والإمام أحمد وغيرهم من المؤرخين كثير.
حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي، عن قتادة قال: حدثنا أنس بن مالك قال:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يدور على نسائه في الساعة الواحدة، من الليل والنهار، وهن إحدى عشرة. قال: قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين.
أنظر معي أيها المؤمن إلى هذه الرواية المخزية التي تصوّر لنا رسول الله(ص) على هذا النهم من الجماع فيجامع إحدى عشرة زوجة في ساعة واحدة ويجامعهنّ في الليل أو في النهار وبهذه السرعة ومن غير أن يغتسل من الأولى فيجامع الثانية بماء الأولى وما عليك أيها القارئ إلا أن تتصوّر وتتخيّل كيف يرتمي إنسان على زوجته كالحيوان بدون مقدمات ولا تهيئة وقد شاهدنا أنّه حتى عند الحيوانات تستغرق عملية الجماع مدة طويلة وتتطلب مقدمات وتهيأ فكيف بهذا الرسول العظيم يفعل مثل هذا؟ قاتلهم الله ولعنهم أنّى يؤفكون- ولأن العرب في ذلك العهد والرجال حتى في هذا العهد مازالوا يفتخرون بقوة الجماع ويعتبرون ذلك علامة الرجولة فوضعوا هذه القصة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. وحاشاه وهو الذي كان يقول:" لا ترتموا على نسائكم كالبهائم واجعلوا بينكم وبينهنّ رسولاً".
فبمثل هذه الروايات يتحامل أعداء الإسلام على النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويصفونه بأنه رجل يتهالك على الجنس والجماع وحبّ النساء إلى غير ذلك من التّهم.
وهل لنا أن نسأل أنس بن مالك راوي هذه القصة، من أخبره بها؟ من أعلمه أنّ رسول الله (ص) يجامع نساءه في ساعة واحدة وهن إحدى عشرة؟
هل النبي هو الذي حدّثه بذلك؟ فهل يليق بأحدنا أن يحدّث الناس على مجامعته لزوجته؟ أم أنّ زوجات النبي هنّ اللاتي حدّثنه بذلك؟ فهل يليق بالمرأة المسلمة أن تحكي للرجال عن جماع زوجها لها؟ أم أن أنس هو الذي تجسس على النبي وتتبع خلواته مع زوجاته وتفرج عليه من ثقوب الأبواب؟ أستغفر الله من همزات الشياطين ولعن الله الكذابين.
ولا أشك في أن الحكام الأمويين والعباسيين الذين اشتهروا بكثرة النساء الجواري هم الذين وضعوا مثل هذه القصة لتبرير أعمالهم.
حدثنا إسماعيل قال: حدثني مالك، عن عبد الرحمن بن القاسم، عن أبيه، عن عائشة رضي الله عنها، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، قالت:
خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره، حتى إذا كنا بالبيداء، أو بذات الجيش، انقطع عقد لي، فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه، وأقام الناس معه، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء، فأتى الناس إلى أبي بكر الصديق فقالوا: ألا ترى ما صنعت عائشة، أقامت برسول الله صلى الله عليه وسلم وبالناس، وليسوا على ماء، وليس معهم ماء؟ فجاء أبو بكر، ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضع رأسه على فخذي قد نام، فقال: حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس، وليسوا على ماء وليس معهم ماء. قالت عائشة: فعاتبني أبو بكر، وقال ما شاء الله أن يقول، وجعل يطعنني بيده في خاصرتي، ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء، فأنزل الله آية التيمم، فقال أسيد بن حضير: ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر. قالت: فبعثنا البعير الذي كنت عليه فإذا العقد تحته.
فهل يصدق مؤمن عرف الإسلام بأن رسول الله يتهاون في أمر الصلاة إلى هذه الدرجة ويحبس المسلمين وهم على غير ماء وليس عندهم ماء كل ذلك من أجل البحث على عقد زوجته الذي ضاع منها. ثم يترك المسلمين يتحسرون على الصلاة ويشتكون إلى أبي بكر، وهو يذهب فينام على فخذ زوجته ثم يستغرق في نوم لا يشعر معه بدخول أبي بكر وتوبيخه عائشة زوجته وطعنها في خاصرتها، وكيف يجوز لهذا الرسول أن يترك الناس يموجون من أجل الماء واقتراب وقت الصلاة وينام في حجر زوجته.
والمهم في كل هذه الأبحاث هو أن نعرف بأن المؤامرة ضد رسول الله(ص) كانت مؤامرة خسيسة ودنيئة تعمل على الإنتقاص من رسول الله(ص) وتحط من قيمته إلى درجة أن أحدنا اليوم( ورغم كل الفساد الذي عمّ البرّ والبحر) لا يرضى لنفسه مثل هذه المواقف والأفعال. فما بالنا بأعظم شخصية عرفها تاريخ البشرية والذي يشهد له رب العزة والجلالة بأنّه على خلق عظيم.
حدثني الحسن بن علي الحلواني وأبو بكر بن النضر وعبد بن حميد (قال عبد: حدثني. وقال الآخران: حدثنا) يعقوب بن إبراهيم بن سعد. حدثني أبي عن صالح، عن ابن شهاب. أخبرني محمد بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي. فأذن لها. فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. وأنا ساكتة. قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟" فقالت: بلى. قال "فأحبي هذه" قالت، فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت. وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء. فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة. فقالت فاطمة: والله! لا أكلمه فيها أبدا. قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب. وأتقى لله. وأصدق حديثا. وأوصل للرحم. وأعظم صدقة. وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى. ما عدا سورة من حد كانت فيها. تسرع منها الفيئة. قالت، فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها. على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. قالت ثم وقعت بي. فاستطالت علي. وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها. قالت فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر. قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم "إنها ابنة أبي بكر".
فما عساني أن أقول في هذه الرواية المنكرة التي تجعل رسول الله (ص) يميل مع هواه ولا يعدل بين زوجاته، وهو الذي جاء القرآن على لسانه" وإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم".
ثم كيف يأذن الرسول(ص) لابنته فاطمة سيدة النساء لتدخل عليه وهو على تلك الحالة مضطجع مع زوجته ولابس مرطها، فلا يجلس ولا يقوم ويبقى مضطجعاً حتى يقول، أي بنية: ألست تحبين ما أحب. وكذلك عندما تدخل عليه زوجته زينب وتطالبه بالعدل يبتسم ويقول إنها إبنة أبي بكر.
أنظر أيها القارئ الكريم إلى هذه المخازي التي يلصقونها برسول الله(ص) رمز العدالة والمساواة في حين أنهم يقولون مات العدل مع عمر بن الخطاب ويصورون رسول الله(ص) شخصاً مستهتراً بالقيم الأخلاقية فلا يعرف الحياء ولا المروءة- ولهذه الرواية نظائر كثيرة في صحاح السنّة والتي يقصد الرّواة من ورائها إبراز فضيلة لصحابي أو لعائشة بالذات لأنها ابنة أبي بكر، فينتقصون رسول الله(ص) من حيث يشعرون أو لا يشعرون- وكما قدمت في البحث، بأن هذه الروايات موضوعة للنيل من شخصية الرسول(ص).
صحيح مسلم:
حدثنا هارون بن معروف، وهارون بن سعيد الأيلي. قالا: حدثنا ابن وهب. أخبرني عياض بن عبدالله عن أبي الزبير، عن جابر بن عبدالله، عن أم كلثوم، عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم. قالت:
إن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يجامع أهله ثم يكسل. هل عليهما الغسل؟ وعائشة جالسة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إني لأفعل ذلك. أنا وهذه. ثم نغتسل.
وأترك لك أيها المؤمن أن تعلق بنفسك على هذه الرواية. فقد بلغ من تدليل الرسول(ص) لزوجته عائشة أن يحدث بجماعها الخاص والعام من الناس وكم لعائشة بنت أبي بكر من أمثال هذه الروايات التي فيها مس من كرامة الرسول والحطّ من قيمته، فمرة تروي بأنه يضع خدّه على خدها لتتفرج على رقص السودان ومرّة يحملها على كتفه ومرّة يتابق معها فتغلبه وينتظر الرسول(ص) حتى تسمن فيسابقها ويقول هذه بيتك، ومرة يستلقي على ظهره والنساء يضربن بالدفوف ومزمارة الشيطان في بيته فينتهرها أبو بكر.
حدثني الحسن بن علي الحلواني وأبو بكر بن النضر وعبد بن حميد (قال عبد: حدثني. وقال الآخران: حدثنا) يعقوب بن إبراهيم بن سعد. حدثني أبي عن صالح، عن ابن شهاب. أخبرني محمد بن عبدالرحمن بن الحارث بن هشام؛ أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت:
أرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاستأذنت عليه وهو مضطجع معي في مرطي. فأذن لها. فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. وأنا ساكتة. قالت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم "أي بنية! ألست تحبين ما أحب؟" فقالت: بلى. قال "فأحبي هذه" قالت، فقامت فاطمة حين سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فرجعت إلى أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرتهن بالذي قالت. وبالذي قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقلن لها: ما نراك أغنيت عنا من شيء. فارجعي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولي له: إن أزواجك ينشدنك العدل في ابنة أبي قحافة. فقالت فاطمة: والله! لا أكلمه فيها أبدا. قالت عائشة: فأرسل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش، زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وهي التي كانت تساميني منهن في المنزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. ولم أر امرأة قط خيرا في الدين من زينب. وأتقى لله. وأصدق حديثا. وأوصل للرحم. وأعظم صدقة. وأشد ابتذالا لنفسها في العمل الذي تصدق به، وتقرب به إلى الله تعالى. ما عدا سورة من حد كانت فيها. تسرع منها الفيئة. قالت، فاستأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع عائشة في مرطها. على الحالة التي دخلت فاطمة عليها وهو بها. فأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت: يا رسول الله! إن أزواجك أرسلنني إليك يسألنك العدل في ابنة أبي قحافة. قالت ثم وقعت بي. فاستطالت علي. وأنا أرقب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرقب طرفه، هل يأذن لي فيها. قالت فلم تبرح زينب حتى عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكره أن أنتصر. قالت فلما وقعت بها لم أنشبها حين أنحيت عليها. قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبسم "إنها ابنة أبي بكر".
حدثنا عبدالملك بن شعيب بن الليث بن سعد. حدثني أبي عن جدي. حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب، عن
يحيى بن سعيد بن العاص؛ أن سعيد بن العاص أخبره؛ أن عائشة، زوج النبي صلى الله عليه وسلم وعثمان حدثاه؛
أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه، لابس مرط عائشة. فأذن لأبي بكر وهو كذلك. فقضى إليه حاجته ثم انصرف. ثم استأذن عمر. فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته. ثم انصرف. قال عثمان: ثم استأذنت عليه فجلس. وقال لعائشة "اجمعي عليك ثيابك" فقضيت إليه حاجتي ثم انصرفت. فقالت عائشة: يا رسول الله! ما لي لم أرك فزعت لأبي بكر وعمر رضي الله عنهما كما فزعت لعثمان؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن عثمان رجل حي. وإني خشيت، إن أذنت له على تلك الحال، أن لا يبلغ إلي حاجته".
وهذه الرواية أيضاً هي الأخرى شبيهة بما أخرجه البخاري ومسلم في فضل عثمان بن عفان ومفادها بأنّ رسول الله كان كاشفاً على فخذيه فاستأذن أبو بكر فلم يغطّي رسول الله فخذيه وكذلك فعل مع عمر فلما استأذن عثمان غطّى رسول الله فخذيه وسوّى ثيابه ولمّا سألته عائشة عن ذلك قال لها: "ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكة"
وهنا شيء ملفت للإنتباه بأن الخلفاء الثلاثة أبو بكر وعمر وعثمان منعوا كتابة حديث النبي(ص) بل وحتى التحدث به.
فهذا أبو بكر يجمع الناس في خلافته ويقول لهم: إنكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشدّ اختلافاً فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئاً، فمن سألكم فقولوا: بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرّموا حرامه. (تذكرة الحفاظ للذهبي)
وهذا عمر مثل الذي قبله يقول عبد الرحمن بن عوف قال عمر بأن عمر بن الخطاب جمع الصحابة من الآفاق لمنعهم من التحدث بأحاديث رسول الله في الناس وقال لهم: أقيموا عندي ولاتفارقوني ماعشت، فما فارقوه حتى مات.( مستدرك الحاكم وكنز العمال.)
ثم أتى بعده عثمان فواصل المشوار وأعلن للناس كافة أنه" لايحل لأحد أن يروي حديثاً لم يسمع به على عهد أبي بكر ولا عهد عمر". (منتخب كنز العمال بهامش مسند أحمد)
ثم بعد هؤلاء جاء دور معاوية بن أبي سفيان لمّا اعتلى منصّة الخلافة صعد على المنبر وقال:" أيها الناس إياكم والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا حديثاً يذكر على عهد عمر".( الخطيب البغدادي شرف أصحاب الحديث).
ألم يفهم عمر وأبو بكر وعثمان بأن السنة النبوية هي تبيان للقرآن الكريم؟ أولم يقرؤا قوله سبحانه:" وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزّل إليهم" [النحل:4] أم أنه فهموا القرآن ما لم يفهمه
صاحب الرسالة الذي أنزل عليه القرآن؟
وهذا مايحاوله بعض المهوسين الذين يقولون بأن القرآن كثيراً ما ينزل موافقاً لآراء عمر، ومخالفاً لآراء النبي(ص) كبرت كلمة تخرج من أفواههم إنهم لا يفقهون.
وأنا لست بقادر على كشفها كلها أو الإحاطة بكل تفاصيلها وجوانبها ولكني أحاول بجهدي المتواضع أن أنزّه رسول الله (ص) من الروايات المخزية التي ألصقت بحضرته وأدافع عنه وعن عصمته، وأحاول إقناع المسلمين المثقفين والمتحررين بأنّ هذا الرسول الذي أرسله الله لهداية البشرية جميعاً وجعله قمراً وسراجاً منيراً هو أجلّ وأعظم وأسمى وأطهر وأنقى وأكمل إنسان خلقه الله تعالى فلا يمكن لنا أن نسكت على مثل هذه الروايات التي لم يقصد من ورائها إلا النيل من كرامته والحط من قيمته.
فلا ولن نرضى بهذه الروايات ولو اتفق عليها أهل السنة والجماعة وأخرجوها في صحاحهم ومسانيدهم، لا بل ولو اتفق عليها أهل الأرض كافة. فقوله سبحانه وتعالى:" وإنك لعلى خلق عظيم" هو القول الفصل والحكم الأصل وليس بعده إلا الأباطيل والأوهام.
وهذا هو قول الشيعة في سيد الأنام ومنقذ البشرية من العمى والضلال وقائدها إلى الأمن والسلام فاعتبروا يا أولي الألباب!.
قول الإمام علي عليه السلام في الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
حتّى أفضت كرامة الله سبحانه إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأخرجه من أفضل المعادن منبتاً وأعزّ الأرومات مغرساً. من الشجرة التي صدع منها أنبياءه وانتخب منها أمناءه، عترته خير العتر وأسرته خير الأسر وشجرته خير الشجر نبتت في حرم وبسقت في كرم، لها فروع طوال وثمرة لا تنال فهو إمام من اتقى وبصيرة من اهتدى، سراج لمع ضوءهوشهاب سطع نوره وزند برق لمعه سيرته القصد وسنته الرشد وكلامه الفصل وحكمه العدل، أرسله على حين فترة من الرسل وهفوة عن العمل وغباوة من الأمم.... فبالغ(ص) في النصيحة ومضى على الطريقة ودعا إلى الحكمة والموعظة الحسنة.... مستقره خير مستقر ومنبته أشرف منبت في معادن الكرامة ومماهد السلامة قد صرفت نحوه أفئدة الأبرار وثنيت إليه أزمة الأبصار دفن به الضغائن وأطفأ به الثوائر. ألّف به إخواناً وفرّق به أقرانا، أعزّ به الذّلة وأذل به العزة كلامه بيان وصمته لسان أرسله بحجة كافية، وموعظة شافية ودعوة متلافية، أظهر به الشرائع المجهولة وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة.
أرسله بالضياء وقدّمه في الإصطفاء فرتق به المفاتق وساور به المغال وذلّل به الصعوبة وسهّل به الحزونة حتى سرح الضلال عن يمين وشمال.
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
الرسالة الرابعة :
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف خلق الله وأعز المرسلين حبيبي قلوبنا وشفيع ذنوبنا أبي القاسم محمد وعلى آل بيته الطاهرين.
قال تعالى:" وادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن".
قال الإمام الصادق عليه السلام:" لاتكونوا سبابين ولا لعانين ولكن قولوا كان من فعلهم كذا وكذا لتكون أبلغ في الحجة".
مقدمة الكاتب:
أما بعد، فقد منّالله عليّ ببركة محمد وآله وهداني إلى معرفة الحق الذي ليس بعده إلا الضلال وهاني من الظلمات إلى النور والحمد لله الذي تركت العصبية وذهبت إلى الإنصاف لكي أعرف الحق مع من ودائماً الحق يعلو ولا يعلى عليه قال تعالى:" بل نقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق".(الأنبياء:18)
ومادام الله سبحانه وتعالى هو الذي يقذف بالحق على الباطل، فلا ولن أتردد أبداً في إظهار ماأؤمن بأنه الحق حتى يحكم الله بيني وبين أولئك المتعصبين الذين لا يعجبهم من الحق إلا ما ألفوه ولو كان باطلاً ولا ينكرون من الباطل إلا ما جهلوه ولو كان حقاًَ، ومع ذلك فإني أدعو الله لهم بالهداية والتوفيق فإنه هو الذي يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
وأنا أدعو كل مؤمن ومؤمنة بأن يقرؤا هذا الكتاب وأن ينصفوا ويبتعدوا عن العصبية لأن العصبية تؤدي إلى الهلاك.
وأطلبوا منهم أيضاً أن يقرؤا الكتاب بتمعن وبتفكر ويرجعوا المصادر.
مقدمة:
قال الله ذو الجلال والإكرام يأمر خاتم أنبيائه محمداً صلى الله عليه وآله وسلم: "قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ويغفرلكم ذنوبكم والله غفور رحيم، قل أطيعوا الله والرسول فإن تولوا فإن الله لا يحب الكافرين"
آل عمران:الآية( 31:32)
تفهمنا الآيتان المباركتان أنه من أراد محبة ربه سبحانه وغفرانه فعليه إتباع رسوله وإطاعته. هذا يعني أنه يجب علينا أن نتجنب كل مايخالف قول الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم. فإذا جاءنا حديث أو قول يقال لنا عنه إن رسول الله(ص) قال وجب علينا أن نتبين من صحته، حتى لا نقول على الله ما لا نعلم كما فعل الذين من قبلنا. وليس مبرراً أن نعتمد اعتماداً أعمى على غيرنا مقفلين بذلك قلوبنا جاعلين أصابعنا في آذاننا لأن لا نسمع غيرهم وكأن ملكاً نزل وأخبر أن الحق لا يأتي إلا من عند هؤلاء.
وكأنه تعالى شأنه لم يأمر في كتابه المبارك: ولا تقف ماليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤلا. (لا تقف أي تتبع)
نعم سنسأل كيف سمعتم وممن؟ فلنحذر التكاسل والتهاون ولنتدبر قوله سبحانه: "إذ نبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب وتقطعت بهم الأسباب" البقرة (166)
فلنحسن النظر والتفكر ولا نتبع أهوائنا ولا غيرنا تاركين عقولنا حتى لا يتبرؤوا منا يوم القيامة. ولا تنفعنا معذرتنا يومئذٍ. فلا عذر وقد أمرنا باستعمال السمع والبصر والفؤاد، فيهم الحق يدرك. فلنؤمن بما أنزل الله على رسوله ولنرفض ماخالفه أينما كان وجبت وجد.
المباحث الآتية إنما هي لمن يبغي الحق بعيداً عن التعصب والحمية ولا يستنكر ماذكرناه أنفاً في المقدمة.
محور المباحث هي الخلافات الموجودة بين المسلمين المعروفين بأهل السنة من جهة وبين المسلمين المعروفين بالشيعة من جهة أخرى، نريد من خلالها أن نستكشف بعض ما يتعلق بسنة رسول الله(ص)، حتى إذاعرفناها أو بعضاً منها أمكننا الحكم أي هي سنته ومن هم أهلها؟ وأي سنةٍ هي سنةغيره؟ وسنته إنما هي قوله ( ص) وفعله وتقريره.
فلنتجه الآن نحو البحث سائلين الله ربنا رب هذه الأمّة ورب الأمم كلها أن يهدينا لما أختلف فيه من الحق بإذنه وأن يوفق بيننا (إن يريد إصلاحاً يوفق الله بينهما).
الفصل الأول
عن الله عزوجل
هناك يطرح عدة إستفهامات؟؟؟ هل الله عزوجل له جسماً وهل نراه مثل مايقولون (السنة) أم أنه لا يدركه الأبصار وليس كمثله شيء.
نروي أحاديثهم بألسنتهم وبأقلامهم ماذا يقولون عن الله عزوجل في صحاحهم بأننا نراه في الجنة والنار وأن له جسم والعياذ بالله؟
صحيح مسلم:
حدثني سويد بن سعيد. قال: حدثني حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري؛ أن ناسا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا:
يا رسول الله! هل نري ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نعم". قال "هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة صحوا ليس معها سحاب؟ وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر صحوا ليس فيها سحاب؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال "ما تضارون في رؤية الله تبارك وتعالى يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما. إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: ليتبع كل أمة ما كانت تعبد. فلا يبقى أحد، كان يعبد غير الله سبحانه من الأصنام والأنصاب، إلا يتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله من بر وفاجر. وغبر أهل الكتاب. فيدعى اليهود فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزير بن الله. فيقال: كذبتم ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فماذا تبغون؟ قالوا: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار كأنها سراب يحطم بعضها بعضا. فيتساقطون في النار. ثم يدعى النصارى. فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح بن الله. فيقال لهم: كذبتم. ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد. فيقال لهم: ماذا تبغون؟ فيقولون: عطشنا. يا ربنا! فاسقنا. قال فيشار إليهم: ألا تردون؟ فيحشرون إلى جهنم كأنها سراب يحطم بعضها بعضا فيتساقطون في النار. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر، أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها. قال: فما تنتظرون؟ تتبع كل أمة ما كانت تعبد. قالوا: يا ربنا! فارقنا الناس في الدنيا أفقر ما كنا إليهم ولم نصاحبهم. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك . لا نشرك بالله شيئا (مرتين أو ثلاثا )حتى إن بعضهم ليكاد أن ينقلب . فيقول: هل بينكم وبينه آية فتعرفونه بها؟ فيقولون: نعم. فيكشف عن ساق. فلا يبقى من كان يسجد لله من تلقاء نفسه إلا أذن الله له بالسجود. ولا يبقى من كان يسجد اتقاء ورياء إلا جعل الله ظهره طبقة واحدة. كلما أراد أن يسجد خر على قفاه. ثم يرفعون رؤوسهم، وقد تحول في صورته التي رأوه فيها أول مرة. فقال: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. ثم يضرب الجسر على جهنم. وتحل الشفاعة. ويقولون: اللهم! سلم سلم". قيل: يا رسول الله! وما الجسر؟ قال "دحض مزلة. فيه خطاطيف وكلاليب وحسك. تكون بنجد فيها شويكة يقال لها السعدان. فيمر المؤمنون كطرف العين وكالبرق وكالريح وكالطير وكأجاود الخيل والركاب. فناج مسلم. ومخدوش مرسل. ومكدوس في نار جهنم. حتى إذا خلص المؤمنين من النار، فوالذي نفسي بيده! ما منكم من أحد بأشد من شدة لله، في استقصاء الحق، من المؤمنين لله يوم القيامة لإخوانهم الذين في النار. يقولون: ربنا! كانوا يصومون معنا ويصلون ويحجون. فيقال لهم: أخرجوا من عرفتم. فتحرم صورهم على النار. فيخرجون خلقا كثيرا قد أخذت النار إلى نصف ساقيه وإلى ركبتيه. ثم يقولون: ربنا! ما بقي فيها أحد ممن أمرتنا به. فيقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقا كثيرا. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها أحدا ممن أمرتنا. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال نصف دينار من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقا كثيرا. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها ممن أمرتنا أحدا. ثم يقول: ارجعوا. فمن وجدتم في قلبه مثقال ذرة من خير فأخرجوه. فيخرجون خلقا كثيرا. ثم يقولون: ربنا! لم نذر فيها خيرا".
حدثنا نصر بن علي الجهضمي، وأبو غسان المسمعي، وإسحاق بن إبراهيم. جميعا عن عبدالعزيز بن عبدالصمد. واللفظ لأبي غسان. قال: حدثنا أبو عبدالصمد. حدثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبدالله بن قيس، عن أبيه، عن النبي صلى الله عليه وسلم؛
قال "جنتان من فضة. آنيتهما وما فيهما. وجنتان من ذهب آنيتهما وما فيهما. وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبرياء على وجهه. في جنة عدن".
حدثنا عبيدالله بن عمر بن ميسرة. قال: حدثني عبدالرحمن بن مهدي. حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني، عن عبدالرحمن بن أبي ليلى، عن صهيب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
"إذا دخل أهل الجنة الجنة، قال يقول الله تبارك وتعالى: تريدون شيئا أزيدكم؟ فيقولون: ألم تبيض وجوهنا؟ ألم تدخلنا الجنة وتنجنا من النار. قال فيكشف الحجاب. فما أعطوا شيئا أحب إليهم من النظر إلى ربهم عز وجل".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة، بهذا الإسناد. وزاد: ثم تلا هذه الآية: {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} [10/يونس/ الآية-26].
حدثني زهير بن حرب. حدثنا يعقوب بن إبراهيم. حدثنا أبي عن ابن شهاب، عن عطاء بن يزيد الليثي؛ أن أبا هريرة أخبره؛ أن ناسا قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم:
يا رسول الله! هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "هل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال: "هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب؟" قالوا: لا. يا رسول الله! قال "فإنكم ترونه كذلك. يجمع الله الناس يوم القيامة. فيقول: من كان يعبد شيئا فليتبعه. فيتبع من كان يعبد الشمس الشمس. ويتبع من كان يعبد القمر القمر. ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت. وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها. فيأتيهم الله، تبارك وتعالى، في صورة غير صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: نعوذ بالله منك. هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا. فإذا جاء ربنا عرفناه. فيأتيهم الله تعالى في صورته التي يعرفون. فيقول: أنا ربكم. فيقولون: أنت ربنا. فيتبعونه. ويضرب الصراط بين ظهري جهنم. فأكون أنا وأمتي أول من يجيز. ولا يتكلم يومئذ إلا الرسل. ودعوى الرسل يومئذ: اللهم! سلم، سلم. وفي جهنم كلاليب مثل شوك السعدان. هل رأيتم السعدان؟" قالوا: نعم. يا رسول الله! قال: "فإنها مثل شوك السعدان. غير أنه لا يعلم ما قدر عظمها إلا الله. تخطف الناس بأعمالهم. فمنم المؤمن بقي بعمله. ومنهم المجازى حتى ينجى. حتى إذا فرغ الله من القضاء بين العباد، وأراد أن يخرج برحمته من أراد من أهل النار، أمر الملائكة أن يخرجوا من النار من كان لا يشرك بالله شيئا، ممن أراد الله تعالى أن يرحمه، ممن يقول: لا إله إلا الله. فيعرفونهم في النار. يعرفونهم بأثر السجود. تأكل النار من ابن آدم إلا أثر السجود. حرم الله على النار أن تأكل أثر السجود. فيخرجون من النار وقد امتحشوا. فيصب عليهم ماء الحياة. فينبتون منه كما تنبت الحبة في حميل السيل. ثم يفرغ الله تعالى من القضاء بين العباد. ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار. وهو آخر أهل الجنة دخولا الجنة. فيقول: أي رب! اصرف وجهي عن النار. فإنه قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها. فيدعو الله ما شاء الله أن يدعوه. ثم يقول الله تبارك وتعالى: هل عسيت إن فعلت ذلك بك أن تسأل غيره! فيقول: لا أسألك غيره. ويعطي ربه من عهود ومواثيق ما شاء الله. فيصرف الله وجهه عن النار. فإذا أقبل على الجنة ورآها سكت ما شاء الله أن يسكت. ثم يقول: أي رب! قدمني إلى باب الجنة. فيقول الله له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك لا تسألني غير الذي أعطيتك. ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب! ويدعو الله حتى يقول ل: فهل عسيت إن أعطيتك ذلك أن تسأل غيره! فيقول: لا. وعزتك! فيعطي ربه ما شاء الله من عهود ومواثيق. فيقدمه إلى باب الجنة. فإذا قام على باب الجنة انفهقت له الجنة. فرأى ما فيها من الخير والسرور. فيسكت ما شاء الله أن يسكت. ثم يقول: أي رب! أدخلني الجنة. فيقول الله تبارك وتعالى له: أليس قد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسأل غير ما أعطيت. ويلك يا ابن آدم! ما أغدرك! فيقول: أي رب! لا أكون أشقى خلقك. فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله تبارك وتعالى منه. فإذا ضحك الله منه، قال: ادخل الجنة. فإذا دخلها قال الله له: تمنه. فيسأل ربه ويتمنى. حتى إن الله ليذكره من كذا وكذا، حتى إذا انقطعت به الأماني. قال الله تعالى: ذلك لك ومثله معه".
صحيح البخاري:
حدثني محمد بن عبد العزيز: حدثنا أبو عمر حفص بن ميسرة، عن زيد بن أسلم، عن عطاء بن يسار، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:
أن أناسا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم، هل تضارون في رؤية الشمس بالظهيرة، ضوء ليس فيها سحاب). قالوا: لا، قال: (وهل تضارون في رؤية القمر ليلة البدر، ضوء ليس فيها سحاب). قالوا: لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ما تضارون في رؤية الله عز وجل يوم القيامة إلا كما تضارون في رؤية أحدهما، إذا كان يوم القيامة أذن مؤذن: تتبع كل أمة ما كانت تعبد، فلا يبقى من كان يعبد غير الله من الأصنام والأنصاب إلا يتساقطون في النار. حتى إذا لم يبقى إلا من كان يعبد الله، بر أو فاجر، وغبرات أهل الكتاب، فيدعى اليهود، فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد عزيرا ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فماذا تبغون؟ فقالوا: عطشنا ربنا فاسقنا، فيشار: ألا تردون؟ فيحشرون إلى النار، كأنها سراب يحطم بعضها بعضا، فيتساقطون في النار. ثم يدعى النصارى فيقال لهم: ما كنتم تعبدون؟ قالوا: كنا نعبد المسيح ابن الله، فيقال لهم: كذبتم، ما اتخذ الله من صاحبة ولا ولد، فيقال لهم: ما تبغون؟ فكذلك مثل الأول. حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله، من بر أو فاجر، أتاهم رب العالمين في أدنى صورة من التي رأوه فيها، فيقال: ماذا تنتظرون، تتبع كل أمة ما كانت تعبد، قالوا: فارقنا الناس في الدنيا على أفقر ما كنا إليهم لم نصاحبهم، ونحن ننتظر ربنا الذي كنا نعبد، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: لا نشرك بالله شيئا). مرتين أو ثلاثا.
حدثنا عبد الله بن أبي الأسود: حدثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمي: حدثنا أبو عمران الجوني، عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس، عن أبيه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
جنتان من فضة، آنيتهما وما فيهما، وجنتان من ذهب، آنيتهما وما فيهما، وما بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم إلا رداء الكبر، على وجهه في جنة عدن.
حدثنا أبو اليمان: أخبرنا شعيب، عن الزُهري: أخبرني سعيد وعطاء بن يزيد: أن أبا هريرة أخبرهما: عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وحدثني محمود: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن الزُهري، عن عطاء بن يزيد الليثي، عن أبي هريرة قال:
قال أناس: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ فقال: (هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب). قالوا: لا يا رسول الله، قال: (هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب). قالوا: لا يا رسول الله، قال: (فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك، يجمع الله الناس، فيقول: من كان يعبد شيئاً فليتَّبعه، فيتبع من كان يعبد الشمس، ويتبع من كان يعبد القمر، ويتَّبع من كان يعبد الطواغيت، وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها، فيأتيهم الله في غيرالصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: نعوذ بالله منك، هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا، فإذا أتانا ربنا عرفناه، فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون، فيقول: أنا ربكم، فيقولون: أنت ربنا فيتبعونه، ويضرب جسر جهنم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأكون أول من يجيز، ودعاء الرسل يومئذ: اللهم سلم سلم. وبه كلاليب مثل شوك السعدان، أما رأيتم شوك السعدان). قالوا: بلى يا رسول الله، قال: (فإنها مثل شوك السعدان، غير أنها لا يعلم قدر عظمها إلا الله، فتخطف الناس بأعمالهم، منهم الموبق بعمله ومنهم المخردل، ثم ينجو، حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده، وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج، ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله، أمر الملائكة أن يخرجوهم، فيعرفونهم بعلامة آثار السجود، وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود، فيخرجونهم قد امتحشوا، فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة، فينبتون نبات الحبة في حميل السيل، ويبقى رجل مقبل بوجهه على النار، فيقول: يا رب، قد قشبني ريحها، وأحرقني ذكاؤها، فاصرف وجهي عن النار، فلا يزال يدعو الله، فيقول: لعلك إن أعطيتك أن تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، فيصرف وجهه عن النار، ثم يقول بعد ذلك: يا رب قربني إلى باب الجنة، فيقول: أليس قد زعمت أن لا تسألني غيره، ويلك ابن آدم ما أغدرك، فلا يزال يدعو، فيقول: لعلي إن أعطيتك ذلك تسألني غيره، فيقول: لا وعزتك لا أسألك غيره، فيعطي الله من عهود ومواثيق أن لا يسأله غيره، فيقربه إلى باب الجنة، فإذا رأى ما فيها سكت ما شاء الله أن يسكت، ثم يقول: رب أدخلني الجنة، ثم يقول: أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره، ويلك يا ابن آدم ما أغدرك، فيقول: يا رب لا تجعلني أشقى خلقك، فلا يزال يدعو حتى يضحك، فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها، فإذا دخل فيها قيل: تمن من كذا، فيتمنى، ثم يقال له: تمن من كذا، فيتمنى، حتى تنقطع به الأماني، فيقول له: هذا لك ومثله معه.
حدثنا آدم: حدثنا شيبان، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة، عن عبد الله رضي الله عنه قال:
جاء حبر من الأحبار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا محمد، إنا نجد: أن الله يجعل السماوات على إصبع والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلائق على إصبع، فيقول أنا الملك، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت
نواجذه تصديقا لقول الحبر
حدثنا عبد الله بن محمد: حدثنا عبد الرزاق: أخبرنا معمر، عن همام، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:
تحاجت الجنة والنار، فقالت النار: أوثرت بالمتكبرين والمتجبرين، وقالت الجنة: ما لي لا يدخلني إلا ضعفاء الناس وسقطهم. قال الله تبارك وتعالى للجنة: أنت رحمتي أرحم بك من أشاء من عبادي، وقال للنار: إنما أنت عذابي أعذب بك من أشاء من عبادي، ولكل واحدة منهما ملؤها، فأما النار: فلا تمتلئ حتى يضع رجله فتقول: قط قط قط، فهنالك تمتلئ ويزوى بعضها إلى بعض، ولا يظلم الله عز وجل من خلقه أحدا، وأما الجنة: فإن الله عز وجل ينشئ لها خلقا
قال النووي: مذهب أهل السنة أن رؤية المؤمنين ربهم ممكنة. ثم قال: فقد تضافرت الأدلة من الكتاب والسنة وإجماع الصحابة وسلف الأمة على إثباتها في الآخرة للمؤمنين. قال العيني: روي في إثبات الرؤية حديث الباب وعن نحو عشرين صحابياً.
قال الله تعالى:"لا تدركه الأبصار"(الأنعام:103)."وليس كمثله شيء"(الشورى:11).ويقول لموسى لما طلب رؤيته:" لن تراني".(الأعراف:143).
-
عضو
الحالة :
رقم العضوية : 3923
تاريخ التسجيل : Jan 2009
المشاركات : 13
التقييم : 10
يقول الإمام علي عليه السلام في أول خطبة في نهج البلاغة :
"الحمد لله الذي لا يبلغ مدحته القائلون، ولا يحصي نعماءه العادون، ولايؤدي حقه المجتهدون، الذي لا يدركه بعد الهمم، ولايناله غوص الفطن، الذي ليس لصفته حدّ محدود ولا نعت موجود ولا وقت معدود ولا أجل ممدود. فطر الخلائق بقدرته، ونشر الرياح برحمته، ووتّد بالصخور ميدان أرضه. أول الدين معرفته، وكمال معرفته التصديق به، وكمال التصديق به توحيده، وكمال توحيده الإخلاص له، وكمال الإخلاص له نفي الصفات عنه، لشهادة كل صفة أنها غير الموصوف، وشهادة كل موصوف أنه غير الصفة.
فمن وصف الله فقد قرنه، ومن قرنه فقد ثنَّاه ومن ثنّاه فقد جزأه، ومن جزأه فقد جهله ، ومن جهله فقد أشار إليه، ومن أشار إليه فقد حدّه، ومن حدّه فقد عدّه، ومن قال: (فيم) فقد ضمّنه، ومن قال: (علام) فقد أخلى منه كائن لا عن حدث، موجود لا عن عدم، مع كل شيء لا بمقارنة وغير كل شيء لا بمزايلة، فاعل لا بمعنى الحركات والآلة بصير إذ لا منظور إليه من خلقه، متوحد إذ لا سكن يستأنس به ولا يستوحش لفقده. أنشأ الخلق إنشاء، وابتدأه ابتداء، بلا روية أجالها، ولا تجربة استفادها، ولا حركة أحدثها، ولا همامة نفس اضطرب فيها. أحال الأشياء لأوقاتها، ولأم بين مختلفاتها، وغرّز غرائزها، وألزمها أشباحها، عالماً بها قبل ابتدائها، محيطاً بحدودها وانتهائها، عارفاً بقرائنها وأحنائها. ثم أنشأ سبحانه فتق الأجواء، وشقّ الأرجاء وشكائك الهواء، فأجرى فيها ماء، متلاطماً تياره، متراكماً زخاره. حمله على متن الريح العاصفة، والزعزع القاصفة، فأمرها بردِّه، وسلطها على شدِّه، وقرنها إلى حدِّه،الهواء من تحتها فتيق،والماء من فوقها دفيق. ثم أنشأ سبحانه ريحاً اعتقم مهبّها، وأدام مرّبها، وأعصف مجراها، وأبعد منشاها، فأمرها بتصفيق الماء الزَّخَّار، وإثارة موج البحار. فمخضته مخض السِّقاء، وعصفت به عصفها بالفضاء. تردّ أوله غلى آخره، وساجيه إلى مائره. حتى عبَّ عبابه، ورمى بالزّبدركامه، فرفعه في هواء منفتق، وجوٍّ منفهق فسوى منه سبع سموات، جعل سفلاهن موجاً مكفوفاً، وعلياهنَّ سقفاً محفوظاً. وسمكاً مرفوعاً. بغير عمدٍ يدعمها، ولا دسار ينتظمها. ثم زيّنها بزينة الكواكب، وضياء الثواقب، وأجرى فيها سراجاً مستطيراً، وقمراً منيراً في فلكٍ دائر، وسقفٍ سائر، ورقيم مائر، ثمَّ فتق ما بين السموات العلا، فملأهنَّ أطوارا من ملائكته، منهم سجود لا يركعون، وركوع لا ينتصبون، وصافّون لا يتزايلون ومسبحون لا يسأمون. لا يغشاهم نوم العيون، ولا سهو العقول، ولا فترة الأبدان، ولا غفلة النسيان. ومنهم أمناء على وحيه، وألسنة إلى رسله، ومختلفون بقضائه وأمره. ومنهم الحفظة لعباده، والسدنة لأبواب جنانه. ومنهم الثابتة في الأرضين السفلى أقدامهم، والمارقة من السماء العليا أعناقهم، والخارجة من الأقطار أركانهم، والمناسبة لقوائم العرش أكتافهم. ناكسة دونه أبصارهم، متلفّعون تحته بأجنحتهم، مضروبة بينهم وبين من دونهم حجب العزّة وأستار القدرة.
لا يتوهمون ربّهم بالتصوير، ولا يجرون عليه صفات المصنوعين، ولا يحدّونه بالأماكن، ولا يشيرون إليه بالنظائر".
هل من المعقول أن رسول الله يقول كلام مخالف لكتاب الله حاشا للرسول الأعظم أن يفعل ذلك لأن رسول الله فيما يروى عنه قال:" إذا جاءكم الحديث عني فاعرضوه على كتاب الله فما وافق الكتاب فخذوه وما خالف كتاب الله فاضربوا به عرض الحائط".
إذن فاعتماداً على نصوص صحيحي مسلم والبخاري تكون عقيدة من يؤمن لهما إيماناً أعمى بلا قيد ولا شرط أن لله تبارك وتعالى جسماً وشكلاً يرى وكأنه إنسان يمشي وينزل، وهذا يعني أنه محدود تحدّه الأماكن وتحويه. وعلاوة على هذا ينسبون إليه ساقاً عليها علامة. سبحان الله وتعالى عما يصفون علواً كبيراً، لبيس كمثله شيء لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار كما أخبر وصدق ومن أصدق من الله قيلا ومن أصدق من الله حديثا؟ "قل صدق الله فاتبعوا ملة إبراهيم حنيفا".
ومادام أهل السنة والجماعة يثقون في البخاري ومسلم ويجعلون منهما أصحّ الكتب ومادام هؤلاء يعتمدون على أبي هريرة حتى أصبح عمدة المحدثين وأصبح عند أهل السنة والجماعة رواية الإسلام فلا يمكن والحال هذه أن يغيّر أهل السنة والجماعة عقيدتهم إلاّ أن يتحرروا من التقليد الأعمى، ورجعوا إلى الأئمة الهدى وعترة المصطفى وباب مدينة العلم الذي منه يؤتى.
وهذه الدعوة لا تختص بالكبار والشيوخ ولكن الشباب المثقف من أهل السنة والجماعة كذلك ومن واجبه أن يتحرر من التقليد الأعمى ويتبع الحجة والدليل والبرهان.
حول العدل الإلهي والجبر
صحيح البخاري:
حدثنا عبد العزيز بن عبد الله: حدثنا إبراهيم بن سعد، عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن: أن أبا هريرة قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (احتج آدم وموسى، فقال له موسى: أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة، فقال له آدم: أنت موسى الذي اصطفاك برسالاته وبكلامه، ثم تلومني على أمر قدر علي قبل أن أخلق). فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فحج آدم موسى). مرتين.
حدثنا الحسن بن الربيع، حدثنا أبو الأحوص، عن الأعمش، عن زيد بن وهب: قال عبد الله:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق، قال: (إن أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين يوما، ثم يكون علقة مثل ذلك، ثم يكون مضغة مثل ذلك، ثم يبعث الله ملكا فيؤمر بأربع كلمات، ويقال له: اكتب عمله، ورزقه، وأجله، وشقي أم سعيد، ثم ينفخ فيه الروح، فإن الرجل منكم ليعمل حتى ما يكون بينه وبين الجنة إلا ذراع، فيسبق عليه كتابه، فيعمل بعمل أهل النار. ويعمل حتى ما يكون بينه وبين النار إلا ذراع، فيسبق عليه الكتاب، فيعمل بعمل أهل الجنة).
حدثنا آدم: حدثنا شعبة: حدثنا يزيد الرِّشك قال: سمعت مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخِّير يحدِّث، عن عمران بن حصين قال:
قال رجل: يا رسول الله، أيعرف أهل الجنة من أهل النار؟ قال: (نعم). قال: فلم يعمل العاملون؟ قال: (كل يعمل لما خلق له، أو: لما ييسَّر له(.
صحيح مسلم:
حدثني محمد بن حاتم وإبراهيم بن دينار وابن أبي عمر المكي وأحمد بن عبدة الضبي. جميعا عن ابن عيينة (واللفظ لابن حاتم وابن دينار). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو، عن طاوس، قال: سمعت أبا هريرة يقول:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "احتج آدم وموسى. فقال موسى: يا آدم! أنت أبونا. خيبتنا وأخرجتنا من الجنة. فقال له آدم: أنت موسى. اصطفاك الله بكلامه، وخط لك بيده، أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؟" فقال النبي صلى الله عليه وسلم "فحج آدم موسى. فحج آدم موسى".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا أبو معاوية ووكيع. ح وحدثنا محمد بن عبدالله بن نمير الهمداني (واللفظ له). حدثنا أبي وأبو معاوية ووكيع. قالوا: حدثنا الأعمش عن زيد بن وهب، عن عبدالله قال:
حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو الصادق المصدوق "إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما. ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك. ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك. ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح. ويؤمر بأربع كلمات: بكتب رزقه، وأجله، وعمله، وشقي أو سعيد. فوالذي لا إله غيره! إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل النار. فيدخلها. وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار. حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع. فيسبق عليه الكتاب. فيعمل بعمل أهل الجنة. فيدخلها".
حدثنا عثمان بن أبي شيبة وإسحاق بن إبراهيم. كلاهما عن جرير بن عبدالحميد. ح وحدثنا إسحاق بن إبراهيم. أخبرنا عيسى بن يونس. ح وحدثني أبو سعيد الأشج. وحدثنا وكيع. ح وحدثناه عبيدالله بن معاذ. حدثنا أبي. حدثنا شعبة بن الحجاج. كلهم عن الأعمش، بهذا الإسناد. قال في حديث وكيع "إن خلق أحدكم يجمع في بطن أمه أربعين ليلة". وقال في حديث معاذ عن شعبة "أربعين ليلة أربعين يوما". وأما في حديث جرير وعيسى "أربعين يوما".
حدثنا محمد بن عبدالله بن نمير وزهير بن حرب (واللفظ لابن نمير). قالا: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، عن أبي الطفيل، عن حذيفة بن أسيد،
يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال "يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين، أو خمسة وأربعين ليلة. فيقول: يا رب! أشقي أو سعيد؟ فيكتبان. فيقول: أي رب! أذكر أو أنثى؟ فيكتبان. ويكتب عمله وأثره وأجله ورزقه. ثم تطوى الصحف. فلا يزاد فيها ولا ينقص".
حدثني أبو الطاهر، أحمد بن عمرو بن سرح. أخبرنا ابن وهب. أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي الزبير المكي؛ أن عامر بن واثلة حدثه؛ أنه سمع عبدالله بن مسعود يقول:
الشقي من شقي في بطن أمه والسعيد من وعظ بغيره. فأتى رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال له حذيفة بن أسيد الغفاري. فحدثه بذلك من قول ابن مسعود فقال: وكيف يشقى رجل بغير عمل؟ فقال له الرجل: أتعجب من ذلك؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا مر بالنطفة ثنتان وأربعون ليلة، بعث الله إليها ملكا. فصورها وخلق سمعها وبصرها وجلدها ولحمها وعظامها. ثم قال: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! أجله. فيقول ربك ما شاء ويكتب الملك. ثم يقول: يا رب! رزقه. فيقضي ربك ما شاء. ويكتب الملك. ثم يخرج الملك بالصحيفة في يده. فلا يزيد على ما أمر ولا ينقص".
حدثني محمد بن أحمد بن أبي خلف. حدثنا يحيى بن أبي بكير. حدثنا زهير، أبو خيثمة. حدثني عبدالله بن عطاء؛ أن عكرمة بن خالد حدثه؛ أن أبا الطفيل حدثه قال: دخلت على أبي سريحة، حذيفة بن أسيد الغفاري، فقال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين، يقول "إن النطفة تقع في الرحم أربعين ليلة. ثم يتصور عليها الملك". قال زهير: حسبته قال الذي يخلقها "فيقول: يا رب! أذكر أم أنثى؟ فيجعله الله ذكرا أو أنثى. ثم يقول: يا رب! أسوي أو غير سوي؟ فيجعله الله سويا أو غير سوي. ثم يقول: يا رب! ما رزقه؟ ما أجله؟ ما خلقه؟ ثم يجعله الله شقيا أو سعيدا".
حدثني أبو كامل، فضيل بن حسين الجحدري. حدثنا حماد بن زيد. حدثنا عبيدالله بن أبي بكر عن أنس بن مالك. ورفع الحديث أنه قال
"إن الله عز وجل قد وكل بالرحم ملكا. فيقول: أي رب! نطفة. أي رب! علقة. أي رب! مضغة. فإذا أراد الله أن يقضي خلقا قال قال الملك: أي رب! ذكر أم أنثى؟ شقي أم سعيد؟ فما الرزق؟ فما الأجل؟ فيكتب كذلك في بطن أمه".
حدثنا شيبان بن فروخ. حدثنا عبدالوارث. ح وحدثنا أبو بكر بن أبي شيبة وزهير بن حرب وإسحاق بن إبراهيم وابن نمير عن ابن علية. ح وحدثنا يحيى بن يحيى. أخبرنا جعفر بن سليمان. ح وحدثنا ابن المثنى. حدثنا محمد بن جعفر. حدثنا شعبة. كلهم عن يزيد الرشك، في هذا الإسناد. بمعنى حديث حماد. وفي حديث عبدالوارث. قال قلت: يا رسول الله!
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي. حدثنا عثمان بن عمر. حدثنا عزرة بن ثابت عن يحيى بن عقيل، عن يحيى بن يعمر، عن أبي الأسود الدئلي، قال:
قال لي عمران بن الحصين: أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى عليهم من قدر ما سبق؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقلت: بل شيء قضي عليهم، ومضى عليهم. قال فقال: أفلا يكون ظلما؟ قال: ففزعت من ذلك فزعا شديدا. وقلت: كل شيء خلق الله وملك يده. فلا يسأل عما يفعل وهم يسألون. فقال لي. يرحمك الله! إني لم أرد بما سألتك إلا لأحزر عقلك. إن رجلين من مزينة أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالا: يا رسول الله! أرأيت ما يعمل الناس اليوم، ويكدحون فيه، أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر قد سبق، أو فيما يستقبلون به مما أتاهم به نبيهم، وثبتت الحجة عليهم؟ فقال "لا. بل شيء قضي عليهم ومضى فيهم. وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل: {ونفس وما سواها* فألهمها فجورها وتقواها}" [91 /الشمس /7-و-8].
حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا عبدالعزيز (يعني ابن محمد) عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل الجنة، ثم يختم عمله بعمل أهل النار. وإن الرجل ليعمل الزمن الطويل بعمل أهل النار، ثم يختم له عمله بعمل أهل الجنة".
حدثنا قتيبة بن سعيد. حدثنا يعقوب (يعني ابن عبدالرحمن القاري) عن أبي حازم، عن سهل بن سعد الساعدي؛
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة، فيما يبدو للناس، وهو من أهل النار. وإن الرجل ليعمل عمل أهل النار، فيما يبدو للناس، وهو من أهل الجنة".
حدثني زهير بن حرب. حدثنا جرير عن العلاء بن المسيب، عن فضيل بن عمرو، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين، قالت:
توفي صبي. فقلت: طوبى له. عصفور من عصافير الجنة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أو لا تدرين أن الله خلق الجنة وخلق النار. فخلق لهذه أهلا، ولهذه أهلا".
حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة. حدثنا وكيع عن طلحة بن يحيى، عن عمته، عن عائشة بنت طلحة، عن عائشة أم المؤمنين قالت:
دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة صبي من الأنصار. فقلت: يا رسول الله! طوبى لهذا. عصفور من عصافير الجنة! لم يعمل السوء ولم يدركه. قال "أو غير ذلك، يا عائشة! إن الله خلق للجنة أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم. وخلق للنار أهلا. خلقهم لها وهم في أصلاب آبائهم".
عجباً ماهذا التناقض مع كتاب الله وما ظلم الله عزوجل لعباده إنسان الله عزوجل كاتب له النار فيضعه في النار وهو مؤمن بالله وإنسان الله كاتب له الجنة وهو إنسان كافر ياللعجب يا للظلم.
سبحانك ربنا وبحمدك تباركت وتعاليتعن هذا الظلم علواً كبيراً- فكيف نصدّق بهذه الأحاديث المناقضة لكتابك العزيز الذي قلت فيه وقولك الحق :" وقل الحق من ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر"(الكهف:23)
" لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي".(البقرة:256). "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" (الزلزلة:8). "إنما أنت مذّكر لست عليهم بمصيطر".(الغاشية:22). "إن الله لا يظلم الناس شيئاً ولكن أنفسهم يظلمون ".(يونس:44). "إن الله لا يظلم مثقال ذرة".(النساء:40). "ولا يظلم ربك أحداً".(الكهف:49). "وما ظلمهم الله ولكن أنفسهم يظلمون".(آل عمران:117). "فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون" (التوبة:70- العنكبوت:40-الروم:9). "وما ظلمناهم ولكن كانوا هم الظالمين".(الزخرف:76)."ذلك بما قدّمت أيديكم وأنّ الله ليس بظلام للعبيد".(الأنفال:51)." من عمل صالحاً فلنفسه ومن أساء فعليها وماربك بظلام للعبيد".(فصلت:46).
كيف نقبل هذه الروايات التي تصادم العقول السليمة وتصور لنا بأن سبحانه هو خالق جبار قوي قاهر وله أن يخلق عباده الضعفاء ليزجّ بهم في نار جهنم لا لشيء إلا لأنه يفعل مايشاء، وهل يسمّي العقلاء هذا الإله حكيماً أو رحيماً أو عادلاً؟
كيف لو تحدثنا مع المثقفين والعلماء من غير المسلمين وعرفوا بأنّ ربنا على هذه الصفات وأنّ ديننا قد حكم على الناس قبل ولاداتهم بالشقاء، فهل سيقبلون الإسلام ويدخلون في دين الله أفواجا؟؟
وهنا نذكر عدالة الله سبحانه في خلقه ورحمته بهم أنه لا يعذب إلا من بعث إليه رسولاً وأقام عليه الحجة قال تعالى:" من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه ومن ضلً فإنما يضل عليها ولاتزر وازرة وزر أخرى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا".(الإسراء:15).
هذه هي رحمة الله وليست هي التي موجودة في صحيحي البخاري ومسلم.
وأما قول الإمام علي عليه السلام:
" الحمد لله الذي بطن خفيات الأمور، ودلّت عليه أعلام الظهور. وامتنع على عين البصير. فلا عين من لم يره تنكره. ولا قلب من أثبته يبصره، سبق في العلوِّ فلا شيء أعلى منه، وقرب في الدنو فلا شيء أقرب منه. فلا استعلاؤه باعده عن شيء من خلقه، ولا قربه ساواهم في المكان به. لم يطلع العقول على تحديد صفته، ولم يحجبها عن واجب معرفته فهو الذي تشهد له أعلام الوجود على إقرار قلب ذي الجحود. تعالى الله عما يقول المشبّهون به والجاحدون له علواً كبيراً.
والحمد لله الذي لم يسبق له حال حالا فيكون أولاً قبل أن يكون آخراً. ويكون ظاهراً قبل أن يكون باطناً. كل مسمّى بالوحدة غيره قليل،وكل عزيز غيره ذليل. وكل قوي غيره ضعيف، وكل مالك غيره مملوك، وكل عالم غيره متعلم، وكل قادر غيره يقدر ويعجز، وكل سميع غيره يصمّ عن لطيف الأصوات ويصمّه كبيرها ويذهب عنه ما بعد منها، وكل بصيرغيره يعمى عن خفي الألوان ولطيف الأجسام، وكل ظاهر غيره باطن، وكل باطن غيره ظاهر. لم يخلق ما خلقه لتشديد سلطان ولا تخوّف من عواقب زمان، ولا استعانة على ندٍّ مثاور، ولا شريك مكائر ولا ضدّ منافر، ولكن خلائق مربوبون وعباد داخرون. لم يحلل في الأشياء فيقال هو فيها كائن. ولم ينأ عنها فيقال هو منها بائن. لم يؤده خلق ما ابتدأ ولا تدبير ما ذرأ، ولا وقف به عجز عمّا خلق، ولا ولجت عليه شبهة فيما قضى وقدّر. بل قضاء متقن وعلم محكم وأمر مبرم، المأمول مع النقم والمرهوب مع النعم. ليس لأوليته ابتداء ولا لأزليته انقضاء، هو الأول لم يزل والباقي بلا أجل. خرّت له الجباه ووحدته الشفاه، لا تقدّر الأوهام بالحدود والحركات، ولا بالجوارح والأدوات، والباطن لا يقال متى، ولا يضرب له أمد بحتى الظاهر لا يقال مما، والباطن لا يقال فيما، لا شبح فيتقضّى ولا محجوب فيحوى، تعالى الله عمّا ينحله المحدِّدون من صفات الأقدار ونهايات الأقطار وتأثّل المساكن وتمكًن الأماكن، فالحد لخلقه مضروب وإلى غيره منسوب. لم يخلق الأشياء من أصول أزلية ولا أوائل أبدية، بل خلق ما خلق فأقام حدّه، وصوًر ما صوّر فأحسن صورته ليس لشيء منه امتناع. ولا له بطاعة شيء انتفاع. علمه بالأموات الماضين كعلمه بالأحياء الباقين، وعلمه بما في السموات العلى كعلمه بما في الأرضين السفلى.
انتهت الرسائل ... ارجو منكم سرعة الرد و بالتفصيل اذا امكن و جزاكم الله خيرا
اخوكم محمود عقل \ لبنان
-
مدير عـــام
الحالة :
رقم العضوية : 1
تاريخ التسجيل : Feb 2007
الجنـس : رجل
المشاركات : 15,896
المذهب : سني
التقييم : 468




السلام عليكم
ما ارسله لك الاخ يحتاج لوقت كبير للرد على كل نقطه وسنرد عليها ان شاء الله لكن ماذا يريد صاحبك المتشيع او المترفض ان يقول هل يقول ان عائشة لا تستحق النبي ؟ او انها منافقة او ماذا ؟ ما الهدف من نقله هذا اوضح
«« توقيع عيسى الفاروق »»
إدارة المنتدى / عيسى الفاروق
للتواصل / 218914080614+
معلومات الموضوع
الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المواضيع المتشابهه
-
بواسطة مرسى الشاطئ في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
مشاركات: 6
آخر مشاركة: 07-10-2009, 08:13 PM
-
بواسطة عبدالقادر في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
مشاركات: 19
آخر مشاركة: 04-29-2009, 12:09 PM
-
بواسطة الاصيل في المنتدى حوار هادف مع المخالفين لأهل السنة والجماعة
مشاركات: 12
آخر مشاركة: 10-06-2008, 05:38 AM
الكلمات الدلالية لهذا الموضوع
ضوابط المشاركة
- لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
- لا تستطيع الرد على المواضيع
- لا تستطيع إرفاق ملفات
- لا تستطيع تعديل مشاركاتك
-
قوانين المنتدى

المفضلات