
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة الفاروق
يا جمال اين جواب يا اخي على سؤالي اين جوابي
عن السماء ؟
بسم الله الرحمن الرحيم.
و الصلاة و السلام على سيدنا محمد أشرف الخلق و المرسلين , و على آله و صحبه الطيبين الطاهرين.
س م ا: السَّمَاءُ يذكر ويؤنث وجمعه أَسْمِيَةٌ و سَمَوَاتٌ و السَّمَاء كل ما علاك فأظلك ومنه قيل لسقف البيت سماء والسماء المطر يقال ما زلنا نطأ السماء حتى أتيناكم و السًّمُوُّ الارتفاع والعلو ومنه سَمَوْتُ و سَمَيْتُ مثل عَلَوْتُ وعَلَيْتُ وسلوت وسليت عن ثعلب وفلان لا يسامى وقد علا من سَامَاهُ و تَسَامَوْا أي تباروا و السَمَاوَةُ موضع بالبادية ناحية العواصم و سَمَّيْتُ فلانا زيدا وسميته بزيد بمعنى و أسْمَيْتُهُ مثله فَتَسَمَّى به وهو سَمِيُّ فلان إذا وافق اسمه اسم فلان كما تقول هو كنية وقوله تعالى {هل تعلم له سميا} أي نظيرا يستحق مثل اسمه وقيل مساميا يساميه و الاسْمُ مشتق من سموت لأنه تنويه ورفعه وتقديره افع والذاهب منه الواو لأن حمعه أسْماءٌ وتصغيره سُمَيٌّ واختلف في تقدير أصله فقال بعضهم فِْل وقال بعضهم فُعْل و أسْمَاءٌ يكون جمعا لهما كجذع وأجذاع وقفل وأقفال وهذا لا تدرك صيغته إلا بالسمع وفيه أربع لغات ِاُسْمٌ بكسر الهمزة وضمها و ِمُمٌ بكسر السين وضمها و ِسُمٌ بكسر السين وضمها و سُمًا مضموم مقصور لغة خامسة وألفه ألف وصل وربما قطعها الشاعر للضرورة وجمع الأسماء أسَامٍ وحكى الفراء أعيذك بأسْمَاوَاتِ الله تعالى
سماء كل شيء: أعلاه، قال الشاعر في وصف فرس:
- 244 - وأحمر كالديباج أما سماؤه * فريا وأما أرضه فمحول
(البيت تقدم في مادة (أرض)، وهو في اللسان (سما) )
قال بعضهم: كل سماء بالإضافة إلى ما دونها فسماء، وبالإضافة إلى مافوقها فأرض إلا السماء العليا فإنها سماء بلا أرض، وحمل على هذا قوله: {الله الذي خلق سبع سموات ومن الأرض مثلهن} <الطلاق/12>، وسمي المطر سماء لخروجه منها، قال بعضهم: إنما سمي سماء ما لم يقع بالأرض اعتبارا بما تقدم، وسمي النبات سماء؛ إما لكونه من المطر الذي هو سماء؛ وإما لارتفاعه عن الأرض. والسماء المقابل للأرض مؤنثة، وقد تذكر، ويستعمل للواحد والجمع، لقوله: {ثم استوى إلى السماء فسواهن} <البقرة/29>، وقد يقال في جمعها: سموات. قال: {خلق السموات} <الزمر/ 5>، {قل من رب السموات} <المؤمنون/86>، وقال: {السماء منفطر به} <المزمل/18>، فذكر، وقال: {إذا السماء انشقت} <الانشقاق/1>، {إذا السماء انفطرت} <الانفطار/1>، فأنث، ووجه ذلك أنها كالنخل في الشجر، وما يجري مجراه من أسماء الجنس الذي يذكر ويؤنث، ويخبر عنه بلفظ الواحد والجمع، والسماء الذي هو المطر يذكر، ويجمع على أسمية. والسماوة الشخص العالي، قال الشاعر:
- 245 - سماوة الهلال حتى احقوقفا
(الرجز للعجاج، وهو في ديوانه ص 496؛ واللسان (سما). وقد تقدم برقم 119)
وسما لي (في اللسان: سما لي شخص فلان: ارتفع حتى استثبته) : شخص، وسما الفحل على الشول سماوة (قال ابن منظور: وسما الفحل سماوة: تطاول على شوله وسطا. اللسان (سما) ) لتخلله إياها، والأسم: ما يعرف به ذات الشيء، وأصله سمو، بدلالة قولهم: أسماء وسمي، وأصله من السمو وهو الذي به رفع ذكر المسمى فيعرف به، قال الله: {بسم الله} <الفاتحة/1>، وقال: {اركبوا فيها بسم الله مجريها} <هود/41>، {بسم الله الرحمن الرحيم} <النمل/ 30>، {وعلم آدم الأسماء} <البقرة/31>، أي: الألفاظ والمعاني مفرداتها ومركباتها. وبيان ذلك أن الاسم يستعمل على ضربين:
أحدهما: بحسب الوضع الاصطلاحي، وذلك هو في المخبر عنه نحو: رجل وفرس.
والثاني: بحسب الوضع الأولي.
ويقال ذلك للأنواع الثلاثة المخبر عنه، والخبر عنه، والرابط بينهما المسمى بالحرف، وهذا هو المراد بالآية؛ لأن آدم عليه السلام كما علم الاسم علم الفعل، والحرف، ولا يعرف الإنسان الاسم فيكون عارف لمسماه إذا عرض عليه المسمى، إلا إذا عرف ذاته. ألا ترى أنا لو علمنا أسامي أشياء بالهندية، أو بالرومية، ولم نعرف صورة ماله تلك الأسماء لم نعرف المسميات إذا شاهدناها بمعرفتنا الأسماء المجردة، بل كنا عارفين بأصوات مجردة، فثبت أن معرفة الأسماء لا تحصل إلا بمعرفة المسمى، وحصول صورته في الضمير، فإذا المراد بقوله: {وعلم آدم الأسماء كلها} <البقرة/ 31>، الأنواع الثلاثة من الكلام وصور المسميات في ذواتها، وقوله: {وما تعبدون من دونه إلا أسماء سميتموها} <يوسف/40>، فمعناه أن الأسماء التي تذكرونها ليس لها مسميات، وإنما هي أسماء على غير مسمى إذ كان حقيقة ما يعتقدون في الأصنام بحسب تلك الأسماء غير موجود فيها، وقوله: {وجعلوا لله شركاء قل سموهم} <الرعد/33>، فليس المراد أن يذكروا أساميها نحو اللات والعزى، وإنما المعنى إظهار تحقيق ما تدعونه إلها، وأنه هل يوجد معاني تلك الأسماء فيها، ولهذا قال بعده: {أم تنبؤنه بما لا يعلم في الأرض أم بظاهر من القول} <الرعد/33>، وقوله: {تبارك اسم ربك} <الرحمن/78>، أي: البركة والنعمة الفائضة في صفاته إذا اعتبرت، وذلك نحو: الكريم والعليم والباري، والرحمن الرحيم، وقال: {سبح اسم ربك الأعلى} <الأعلى/1>، {ولله الأسماء الحسنى} <الأعراف/180>، وقوله: {اسمه يحي لم نجعل له من قبل سميا} <مريم/7>، {ليسمون الملائكة تسمية الأنثى} <النجم/27>، أي: يقولون للملائكة بنات الله، وقوله: {هل تعلم له سميا} <مريم /65>، أي: نظيرا له يستحق اسمه، وموصوفا يستحق صفته على التحقيق، وليس المعنى هل تجد من يتسمى باسمه إذ كان كثير من أسمائه قد يطلق على غيره، لكن ليس معناه إذا استعمل فيه كما كان معناه إذا استعمل في غيره.
{هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاء فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (29) سورة البقرة.
{وَمَا تَكُونُ فِي شَأْنٍ وَمَا تَتْلُو مِنْهُ مِن قُرْآنٍ وَلاَ تَعْمَلُونَ مِنْ عَمَلٍ إِلاَّ كُنَّا عَلَيْكُمْ شُهُودًا إِذْ تُفِيضُونَ فِيهِ وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلاَ فِي السَّمَاء وَلاَ أَصْغَرَ مِن ذَلِكَ وَلا أَكْبَرَ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ} (61) سورة يونس.
{وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ} (16) سورة الحجر.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ} (16) سورة الأنبياء.
{وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} (32) سورة الأنبياء.
{تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاء بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُّنِيرًا} (61) سورة الفرقان.
{وَمَا أَنتُم بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاء وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ} (22) سورة العنكبوت.
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} (6) سورة الصافات.
{وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا بَاطِلًا ذَلِكَ ظَنُّ الَّذِينَ كَفَرُوا فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ كَفَرُوا مِنَ النَّارِ} (27) سورة ص.
{فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاء أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ} (12) سورة فصلت.
{وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْعَلِيمُ} (84) سورة الزخرف.
{أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ} (6) سورة ق.
{وَالسَّمَاء ذَاتِ الْحُبُكِ} (7) سورة الذاريات.
{وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ} (47) سورة الذاريات.
{وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُومًا لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ} (5) سورة الملك.
{وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاء فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا} (8) سورة الجن.
{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا } (27) سورة النازعات.
{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (212) سورة الشعراء.
من يتتبع الآيات القرآنية الكريمة التي تحدثت عن السماء , يجد بلا شك أن السماء أو السماوات , آية عظيمة .لا يمكن أن يكون خالقها غير الله العزيز الجبار .
لذلك تجد أن الله تعالى يذكرنا بخلق السموات و الأرض . و ينبهنا أنها أشد خلق من خلق الإنسان نفسه .رغم التعقيد الرهيب في خلق الإنسان .
{أَأَنتُمْ أَشَدُّ خَلْقًا أَمِ السَّمَاء بَنَاهَا } (27) سورة النازعات.
و قد خلقها الله خلقا شديدا محكما , و سواها من يوم خلقها .و حفظها من يوم خلقها .و لا يزال يحفظها إلى آخر أيام الدنيا .
{وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ} (32) سورة الأنبياء.
فحفظ السماء من طرف الله تعالى , لم ينقطع لحظة مذ خلقها .و كانت و ستظل سقفا محفظا .
فالسماء المادية هذه خلقها الله تعالى و سواها و أحكم خلقها .و هو الذي يمسكها بامره .و يحفظها .كما كان يحفظها مذ خلقها .و ما خلق الله السموات و الأرض لعبا أبدا .
بالنسبة للفهم الموروث , و الذي يوهم القارئ بأن الشياطين ترتقي في السماء , حتى تصل إلى الملإ الأعلى و تسترق السمع . فقد نتج هذا الفهم السطحي من خلط واضح بين معاني القرآن الكريم التي تؤخذ على حقيقة الكلمة .(( السماء المادية)) , و بين معاني الكلمة المجازية , و التي تتحدث عن السماء الروحية الإيمانية حيث يسمو الإنسان بإيمانه و بيقينه بالله تعالى , و بنور العلم و بنور الوحي .
و لما واجه الفكر التقليدي مأخذا حقيقيا في تسويغ هذه الصورة العبثية , راح بعض المفسرين يحاولون تبرير هذا التصور السطحي .فزعموا أن الشياطين هم من الجن .و أن رقيهم في السماء يكون , بركوبهم فوق بعضهم إلى أن يبلغوا الملأ الأعلى و هذا هراء لا دليل عليه للأسباب التالية :
-لا وجود للجن الشبحي , كما يتصوره البعض .و القرآن الكريم يفند هذا الفهم السطحي .لذلك لا دليل للقائلين بوجود الجن الشبحي أصلا .و ليس بوسعهم سوى تقديم تفسيرات خاطئة للقرآن الكريم , تتعارض مع آيات كثيرة من القرآن الكريم نفسه .
و عليه ينبغي إثبات وجود الجن الشبحي أولا , ثم بحث قضية ركوبهم بعضهم بعضا و التجسس على الملأ الأعلى .
-كم طول و حجم الجني الواحد ؟.
-كم ينبغي من جني , حتى يصل آخرهم علوا للملإ الأعلى ؟.
-و هل لأولهم في الأرض قدرة على تحمل كل ذلك العبء؟
أسئلة تبقى دون إجابة عند المعتقدين هذا الإعتقاد السطحي .
نأتي لعلاقة الشياطين بالسماء , و هل التجسس عن الملأ الأعلى متاح لهم :
-بما أن الجن الشبحي لا وجود له .إلى حين إثبات العكس . يكون معنى الشياطين , غير ذلك المعنى السطحي الموروث .
بعبارة أوضح يصرف المعنى إلى شياطين البشر .الذي وقفوا حياتهم و أعمارهم لمحاربة الله و دينه و رسله .
{وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ } (112) سورة الأنعام.
-أما عن علاقتهم بالسماء , و إمكانية استراق السمع و التجسس على المشيئة الإلهية .فهذا ينفيه القرآن الكريم نفيا قاطعا , تاما
{إِنَّهُمْ عَنِ السَّمْعِ لَمَعْزُولُونَ} (212) سورة الشعراء.
و ورود كلمة السمع معرفة بالألف و اللام تفيد الإستغراق .فلا استثناء لأي نوع أو صنف من السمع مطلقا .
و لا يمكن استثناء فترة من الفترات , كان استراق السمع فيها ممكنا أبدا .
فالشياطين معزولون مذ خلق الله السموات و سيبقون كذلك إلى أن يرث الله الأرض و من عليها .
-أستراق السمع بهذا الفهم , يتصل حتما بعلم الغيب .و علم الغيب قد فصل فيه رب العباد قطعيا .فلا يمكن لأحد أن يطلع الغيب و مهما كان . إلا من ارتضى الله تعالى له ذلك .و هم عادة الرسل و الأنبياء و ليس الكفرة الفجرة و لا الشياطين الإنسية أو الخفية .
{مَّا كَانَ اللّهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى مَآ أَنتُمْ عَلَيْهِ حَتَّىَ يَمِيزَ الْخَبِيثَ مِنَ الطَّيِّبِ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ وَلَكِنَّ اللّهَ يَجْتَبِي مِن رُّسُلِهِ مَن يَشَاء فَآمِنُواْ بِاللّهِ وَرُسُلِهِ وَإِن تُؤْمِنُواْ وَتَتَّقُواْ فَلَكُمْ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (179) سورة آل عمران.
{عَالِمُ الْغَيْبِ فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا} (26) سورة الجن.
{إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا} (27) سورة الجن.
و لحكمة واضحة بينة لمن يتدبر كتاب الله , وردت هذه الآيات الكريمة في سورة الجن .حتى يتأكد المؤمن , أن تلك الكائنات الوهمية التي سيخلقها التفسير السطحي و أعني الجن , ليس في وسعها علم الغيب أبدا .
{إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ} (6) سورة الصافات{وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ} (7) سورة الصافات.
ننتهي هنا , إلى حقيقة استحالة حدوث هذا التصور الخرافي المفضي إلى تعارض صريح مع كتاب الله . فلو صح هذا التصور لكان هذا يتعارض مع إنفراد الله تعالى بعلم الغيب .مهما تضاءلت أو صغرت الأخبار التي يتوهم البعض أن الجن تنقلها للسحرة .
هذا فضلا عن تجاوزنا المعضلة الكبيرة في وجه الفكر التقليدي و هي عدم وجود دليل يثبت وجود الجن الشبحي .
الفهم السليم لاستراق السمع :
كلمة السماء تعني مجازا , سماء الوحي و العلم الصحيح الآتي من نور الله تعالى .حيث يسمو الإنسان بروحه و بإيمانه .و بعلمه .
لذلك فالمجالس التي يجلسه الناس للعلم و للإيمان و للتدبر تعد سماء روحية .فتحفهم الملائكة .كأنهم في السماء .
و منهم أولئك النفر من النصارى االنصارى المذكورين في سورة الجن .حيث يتضح من خلال السورة نفسها أنهم أناس كانوا يتناولون عقيدتهم بالبحث و بالتدبر .و لم يكونوا مستسلمين لكلام الكهنة و القساوسة .
و لم يكونوا يستسيغون زعمهم أن المسيح ابن مريم إله أو إبن إله .
و قد أدركوا الحق عندما سمعوا تلاوة القرآن الكريم , في صلاة جهرية للنبي الأكرم محمد-ص-.
و عرفوا أنه الحق المبين .و أن هذا القرآن و هذا النبي هما حرس للإيمان و للتوحيد .
و علموا أن الحق كل الحق فيما جاء به القرآن .و أنه لم تعد لهم حاجة باستماع كلام القساوسة و الكهنة .بل حكموا عليهم بالسفاهة .
لذلك نقٍا في سورة الجن على لسان هؤلاء النفر :
وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا (8) وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآَنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا (9) وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا (10)
و في هذه الآيات نفسها ما يفند أسطورة استراق السمع بالمعنى التقليدي .ذلك أن هؤلاء النفر , على فرض كونهم جنا شبحيا , يقرون أنهم لا يعلمون شيئا من مشيئة الله تعالى .(( , أنا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا )) .
الصور الملموسة لاستراق السمع بالمعنى الصحيح :
أعداء الأنبياء و أعداء التوحيد و أعداء الإسلام , لا يكلون و لا يملون من محاربة الله و رسله .و لكي تكون لهم مصداقية و لو ضئيلة في حربهم على الإسلام , يعتمدون أساليب مختلفة لتشكيك المسلمين في دينهم .
فينطلقون من معتقدات المسلمين اصلا .و يحاولون توظيف كل خطا و كل مدخل للشك لصالحهم .
فهم يسترقون السمع من كتب التفاسير , و من أي هفوة وجدوها .و يحاولون تضخيمها , لأجل تشكيك المؤمنين في دينهم .
و هو ما يفعله اللعين القمص زكريا بطرس .
حيث يختار بعض المواضيع , التي تاه فيها بعض المسلمين , و من ثم يحاول تنفير المسلمين في دينهم .
مثل : القول بالنسخ في القرآن الكريم .
-إنتشار الإسلام بالسيف .
-رضاع الكبير .
-زواج النبي الأكرم من أمنا عائشة رضي الله عنها .
إلى آخر الإفتراءات .
فيقيض الله لهؤلاء الشياطين شهاب علم من علماء المسلمين الأبرار .فيتناول كل ما قدمه من بهتان .و يرد عليه بالحجج العلمية الشرعية و العقلية .فيحرقه شهاب العلم المبين .
ألم يقل ربنا الكريم عن نبيه الصادق الأمين : {وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا} (46) سورة الأحزاب.
هذا كل ما في الأمر .و ليس فيه جن شبحي , و لا حاجة لتصور ألعاب بهلوانية يقوم بها الجن , حتى يرتقي بعضهم فوق بعض , و يتمكنوا من استراق اخبار المشيئة الإلهية .و كأنهم بذلك يتحدون الله تعالى و يثبتون أنهم يعلمون الغيب .
فضلا عن صحة القاعدة القائلة : ما بني على الباطل فهو باطل .
حيث أن التصور التقليدي لاستراق السمع يستند أساسا لوجود الجن الشبحي .و لم يتمكن التفكير التقليدي من إثبات وجود الجن الشبحي في لحظة من الزمن أبدا .
في الأخير يا سيد الفاروق .هذا فهمنا المنسجم مع كتاب الله القرآن المجيد .فلا يعلم الغيب إلا الله .و ما خلق الله تعالى السموات و الأرض لتلعب فيها الجن و تعبث .
و سبحان الله , و الحمد لله رب العرش العظيم .
المفضلات